ذكر الخبر عن سبب عزل معاوية عبد الله بن عمرو بن غيلان وتوليته عبيد الله البصرة


تفسير

رقم الحديث : 1620

حَدَّثَنِي حَدَّثَنِي الْحَارِثُ ، قَالَ : حَدَّثَنَا ابْنُ سَعْدٍ ، قَالَ : حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عُمَرَ ، قَالَ : لَمَّا بُويِعَ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ الزُّبَيْرِ ، وَلَّى الْمَدِينَةَ عُبَيْدَةَ بْنَ الزُّبَيْرِ ، وَعَبْدَ الرَّحْمَنِ بْنَ جَحْدَمٍ الْفِهْرِيَّ مِصْرَ ، وَأَخْرَجَ بَنِي أُمَيَّةَ وَمَرْوَانَ بْنَ الْحَكَمِ إِلَى الشَّامِ ، وَعَبْدُ الْمَلِكِ يَوْمَئِذٍ ابْنُ ثَمَانٍ وَعِشْرِينَ ، فَلَمَّا قَدِمَ حُصَيْنُ بْنُ نُمَيْرٍ وَمَنْ مَعَهُ إِلَى الشَّامِ أَخْبَرَ مَرْوَانَ بِمَا خَلَفَ عَلَيْهِ ابْنَ الزُّبَيْرِ ، وَأَنَّهُ دَعَاهُ إِلَى الْبَيْعَةِ ، فَأَبَى ، فَقَالَ لَهُ وَلِبَنِي أُمَيَّةَ : نَحْنُ نَرَاكُمْ فِي اخْتِلاطٍ شَدِيدٍ ، فَأَقِيمُوا أَمْرَكُمْ قَبْلَ أَنْ يَدْخُلَ عَلَيْكُمْ شَامَكُمْ ، فَتَكُونَ فِتْنَةً عَمْيَاءَ صَمَّاءَ ، فَكَانَ مِنْ رَأْيِ مَرْوَانَ أَنْ يَرْحَلَ ، فَيَنْطَلِقَ إِلَى ابْنِ الزُّبَيْرِ فَيُبَايِعَهُ ، فَقَدِمَ عُبَيْدُ اللَّهِ بْنُ زِيَادٍ وَاجْتَمَعَتْ عِنْدَهُ بَنُو أُمَيَّةَ ، وَكَانَ قَدْ بَلَغَ عُبَيْدَ اللَّهِ مَا يُرِيدُ مَرْوَانَ ، فَقَالَ لَهُ : اسْتَحْيَيْتُ لَكَ مِمَّا تُرِيدُ ، أَنْتَ كَبِيرُ قُرَيْشٍ وَسَيِّدُهَا تَصْنَعُ مَا تَصْنَعُهُ ! فَقَالَ : مَا فَاتَ شَيْءٌ بَعْدُ ، فَقَامَ مَعَهُ بَنُو أُمَيَّةَ وَمَوَالِيهِمْ ، وَتَجَمَّعَ إِلَيْهِ أَهْلُ الْيَمَنِ ، فَسَارَ وَهُوَ يَقُولُ : مَا فَاتَ شَيْءٌ بَعْدُ ، فَقَدِمَ دِمَشْقَ وَمَنْ مَعَهُ ، وَالضَّحَّاكُ بْنُ قَيْسٍ الْفِهْرِيُّ قَدْ بَايَعَهُ أَهْلُ دِمَشْقَ عَلَى أَنْ يُصَلِّيَ بِهِمْ ، وَيُقِيمَ لَهُمْ أَمْرَهُمْ حَتَّى يَجْتَمِعَ أَمْرُ أُمَّةِ مُحَمَّدٍ . وَأَمَّا عَوَانَةُ فَإِنَّهُ قَالَ : فِيمَا ذَكَرَ هِشَامٌ عَنْهُ : إِنَّ يَزِيدَ بْنَ مُعَاوِيَةَ لَمَّا مَاتَ وَابْنُهُ مُعَاوِيَةُ مِنْ بَعْدِهِ ، وَكَانَ مُعَاوِيَةُ بْنُ يَزِيدَ بْنِ مُعَاوِيَةَ ، فِيمَا بَلَغَنِي ، أَمَرَ بَعْدَ وِلايَتِهِ فَنُودِيَ بِالشَّامِ : الصَّلاةُ جَامِعَةٌ ، فَحَمِدَ اللَّهَ وَأَثْنَى عَلَيْهِ ، ثُمَّ قَالَ : أَمَّا بَعْدُ ؛ فَإِنِّي قَدْ نَظَرْتُ فِي أَمْرِكُمْ فَضَعُفْتُ عَنْهُ ، فَابْتَغَيْتُ لَكُمْ رَجُلا مِثْلَ عُمَرَ بْنِ الْخَطَّابِ ، رَحْمَةُ اللَّهِ عَلَيْهِ ، حِينَ فَزِعَ إِلَيْهِ أَبُو بَكْرٍ ، فَلَمْ أَجِدْهُ فَابْتَغَيْتُ لَكُمْ سِتَّةً فِي الشُّورَى مِثْلَ سِتَّةَ عُمَرَ ، فَلَمْ أَجِدْهَا فَأَنْتُمْ أَوْلَى بِأَمْرِكُمْ ، فَاخْتَارُوا لَهُ مَنْ أَحْبَبْتُمْ ، ثُمَّ دَخَلَ مَنْزِلَهُ وَلَمْ يَخْرُجْ إِلَى النَّاسِ ، وَتَغَيَّبَ حَتَّى مَاتَ ، فَقَالَ بَعْضُ النَّاسِ : دُسَّ إِلَيْهِ فَسُقِيَ سُمًّا ، وَقَالَ بَعْضُهُمْ : طُعِنَ . رَجَعَ الْحَدِيثُ إِلَى حَدِيثِ عَوَانَةَ : ثُمَّ قَدِمَ عُبَيْدُ اللَّهِ بْنُ زِيَادٍ دِمَشْقَ وَعَلَيْهَا الضَّحَّاكُ بْنُ قَيْسٍ الْفِهْرِيُّ ، فَثَارَ زُفَرُ بْنُ الْحَارِثِ الْكِلابِيُّ بِقِنَّسْرِينَ يُبَايِعُ لِعَبْدِ اللَّهِ بْنِ الزُّبَيْرِ ، وَبَايَعَ النُّعْمَانُ بْنُ بَشِيرٍ الأَنْصَارِيُّ بِحِمْصَ لابْنِ الزُّبَيْرِ ، وَكَانَ حَسَّانُ بْنُ مَالِكِ بْنِ بَحْدَلٍ الْكَلْبِيُّ بِفِلَسْطِينَ عَامِلا لِمُعَاوِيَةَ بْنِ أَبِي سُفْيَانَ ، ثُمَّ ليزيدَ بْنِ مُعَاوِيَةَ بَعْدَهُ ، وَكَانَ يَهْوَى هَوَى بَنِي أُمَيَّةَ ، وَكَانَ سَيِّدَ أَهْلِ فِلَسْطِينَ ، فَدَعَا حَسَّانُ بْنُ مَالِكِ بْنِ بَحْدَلٍ الْكَلْبِيُّ رَوْحَ بْنَ زِنْبَاعٍ الْجُذَامِيَّ ، فَقَالَ : إِنِّي مُسْتَخْلِفُكَ عَلَى فِلَسْطِينَ ، وَأَدْخُلَ هَذَا الْحَيَّ مِنْ لَخْمٍ وَجُذَامٍ ، وَلَسْتَ بِدُونِ رَجُلٍ إِذْ كُنْتَ عَلَيْهِمْ قَاتَلْتَ بِمَنْ مَعَكَ مِنْ قَوْمِكَ ، وَخَرَجَ حَسَّانُ بْنُ مَالِكٍ إِلَى الأُرْدُنِّ ، وَاسْتَخْلَفَ رَوْحَ بْنَ زِنْبَاعٍ عَلَى فِلَسْطِينَ ، فَثَارَ نَاتِلُ بْنُ قَيْسٍ بِرَوْحِ بْنِ زِنْبَاعٍ ، فَأَخْرَجَهُ فَاسْتَوْلَى عَلَى فِلَسْطِينَ ، وَبَايَعَ لابْنِ الزُّبَيْرِ ، وَقَدْ كَانَ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ الزُّبَيْرِ كَتَبَ إِلَى عَامِلِهِ بِالْمَدِينَةِ : أَنْ يَنْفِيَ بَنِي أُمَيَّةَ مِنَ الْمَدِينَةِ ، فَنُفُوا بِعِيَالاتِهِمْ وَنِسَائِهِمْ إِلَى الشَّامِ ، فَقَدِمَتْ بَنُو أُمَيَّةَ دِمَشْقَ وَفِيهَا مَرْوَانُ بْنُ الْحَكَمِ ، فَكَانَ النَّاسُ فَرِيقَيْنِ : حَسَّانُ بْنُ مَالِكٍ بِالأُرْدُنِّ يَهْوَى هَوَى بَنِي أُمَيَّةَ وَيَدْعُو إِلَيْهِمْ . وَالضَّحَّاكُ بْنُ قَيْسٍ الْفِهْرِيُّ بِدِمَشْقَ يَهْوَى هَوَى عَبْدِ اللَّهِ بْنِ الزُّبَيْرِ وَيَدْعُو إِلَيْهِ ، قَالَ : فَقَامَ حَسَّانُ بْنُ مَالِكٍ بِالأُرْدُنِّ فَقَالَ : يَا أَهْلَ الأُرْدُنِّ ، مَا شَهَادَتُكُمْ عَلَى ابْنِ الزُّبَيْرِ وَعَلَى قَتْلَى أَهْلِ الْحَرَّةِ ؟ قَالُوا : نَشْهَدُ أَنَّ ابْنَ الزُّبَيْرِ مُنَافِقٌ ، وَأَنَّ قَتْلَى أَهْلِ الْحَرَّةِ فِي النَّارِ ، قَالَ : فَمَا شَهَادَتُكُمْ عَلَى يَزِيدَ بْنِ مُعَاوِيَةَ وَقَتْلاكُمْ بِالْحَرَّةِ ؟ قَالُوا : نَشْهَدُ أَنَّ يَزِيدَ عَلَى الْحَقِّ ، وَأَنَّ قَتْلانَا فِي الْجَنَّةِ ، قَالَ : وَأَنَا أَشْهَدُ لَئِنْ كَانَ دِينُ يَزِيدَ بْنِ مُعَاوِيَةَ وَهُوَ حَيٌّ حَقًّا يَوْمَئِذٍ ، إِنَّهُ الْيَوْمَ وَشِيعَتَهُ عَلَى حَقٍّ ، وَإِنْ كَانَ ابْنُ الزُّبَيْرِ يَوْمَئِذٍ وَشِيعُتُهُ عَلَى بَاطِلٍ ، إِنَّهُ الْيَوْمَ عَلَى بَاطِلٍ وَشِيعَتَهُ ، قَالُوا لَهُ : قَدْ صَدَقْتَ ، نَحْنُ نُبَايِعُكَ عَلَى أَنْ نُقَاتِلَ مَنْ خَالَفَكَ مِنَ النَّاسِ وَأَطَاعَ ابْنَ الزُّبَيْرِ ، عَلَى أَنْ تُجَنِّبْنَا هَذَيْنِ الْغُلامَيْنِ ، فَإِنَّا نَكْرَهُ ذَلِكَ ، يَعْنُونَ : ابْنَيْ يَزِيدَ بْنِ مُعَاوِيَةَ عَبْدَ اللَّهِ وَخَالِدًا ، فَإِنَّهُمَا حَدِيثَةٌ أَسْنَانُهُمَا ، وَنَحْنُ نَكْرَهُ أَنْ يَأْتِيَنَا النَّاسُ بِشَيْخٍ ، وَنَأْتِيَهُمْ بِصَبِيٍّ ، وَقَدْ كَانَ الضَّحَّاكُ بْنُ قَيْسٍ بِدِمَشْقَ يَهْوَى هَوَى ابْنِ الزُّبَيْرِ ، وَكَانَ يَمْنَعُهُ مِنْ إِظْهَارِ ذَلِكَ أَنَّ بَنِي أُمَيَّةَ كَانُوا بِحَضْرَتِهِ ، وَكَانَ يَعْمَلُ فِي ذَلِكَ سِرًّا ، فَبَلَغَ ذَلِكَ حَسَّانَ بْنَ مَالِكِ بْنِ بَحْدَلٍ ، فَكَتَبَ إِلَى الضَّحَّاكِ كِتَابًا يُعَظِّمُ فِيهِ حَقَّ بَنِي أُمَيَّةَ وَيَذْكُرُ الطَّاعَةَ وَالْجَمَاعَةَ ، وَحُسْنَ بَلاءِ بَنِي أُمَيَّةَ عِنْدَهُ وَصَنِيعَهُمْ إِلَيْهِ ، وَيَدْعُوهُ إِلَى طَاعَتِهِمْ ، وَيَذْكُرُ ابْنَ الزُّبَيْرِ وَيَقَعُ فِيهِ وَيَشْتُمُهُ ، وَيَذْكُرُ أَنَّهُ مُنَافِقٌ قَدْ خَلَعَ خَلِيفَتَيْنِ ، وَأَمَرَهُ أَنْ يَقْرَأَ كِتَابَهُ عَلَى النَّاسِ ، وَدَعَا رَجُلا مِنْ كَلْبٍ ، يُدْعَى : نَاغِضَةَ ، فَسَرَّحَ بِالْكِتَابِ مَعَهُ إِلَى الضَّحَّاكِ بْنِ قَيْسٍ ، وَكَتَبَ حَسَّانُ بْنُ مَالِكٍ نُسْخَةَ ذَلِكَ الْكِتَابِ وَدَفَعَهُ إِلَى نَاغِضَةَ ، وَقَالَ : إِنْ قَرَأَ الضَّحَّاكُ كِتَابِي عَلَى النَّاسِ وَإِلا فَقُمْ فَاقْرَأْ هَذَا الْكِتَابَ عَلَى النَّاسِ ، وَكَتَبَ حَسَّانٌ إِلَى بَنِي أُمَيَّةَ يَأْمُرُهُمْ أَنْ يَحْضُرُوا ذَلِكَ ، فَقَدِمَ نَاغِضَةُ بِالْكِتَابِ عَلَى الضَّحَّاكِ فَدَفَعَهُ إِلَيْهِ وَدَفَعَ كِتَابَ بَنِي أُمَيَّةَ إِلَيْهِمْ ، فَلَمَّا كَانَ يَوْمُ الْجُمُعَةِ صَعِدَ الضَّحَّاكُ الْمِنْبَرَ فَقَامَ إِلَيْهِ نَاغِضَةُ ، فَقَالَ : أَصْلَحَ اللَّهُ الأَمِيرَ ، ادْعُ بِكِتَابِ حَسَّانٍ ، فَاقْرَأْهُ عَلَى النَّاسِ ، فَقَالَ لَهُ الضَّحَّاكُ : اجْلِسْ ، فَجَلَسَ ، ثُمَّ قَامَ إِلَيْهِ الثَّانِيَةَ ، فَقَالَ لَهُ : اجْلِسْ ، ثُمَّ قَامَ إِلَيْهِ الثَّالِثَةَ ، فَقَالَ لَهُ : اجْلِسْ ، فَلَمَّا رَآهُ نَاغِضَةُ لا يَفْعَلْ أَخْرَجَ الْكِتَابَ الَّذِي مَعَهُ فَقَرَأَهُ عَلَى النَّاسِ ، فَقَامَ الْوَلِيدُ بْنُ عُتْبَةَ بْنِ أَبِي سُفْيَانَ فَصَدَّقَ حَسَّانًا ، وَكَذَّبَ ابْنَ الزُّبَيْرِ وَشَتَمَهُ ، وَقَامَ يَزِيدُ بْنُ أَبِي النَّمَسِ الْغَسَّانِيُّ فَصَدَّقَ مَقَالَةَ حَسَّانٍ وَكِتَابَهُ وَشَتَمَ ابْنَ الزُّبَيْرِ ، وَقَامَ سُفْيَانُ بْنُ الأَبْرَدِ الْكَلْبِيُّ فَصَدَّقَ مَقَالَةَ حَسَّانٍ وَكِتَابَهُ وَشَتَمَ ابْنَ الزُّبَيْرِ ، وَقَامَ عَمْرُو بْنُ يَزِيدَ الْحَكَمِيُّ فَشَتَمَ حَسَّانًا وَأَثْنَى عَلَى ابْنِ الزُّبَيْرِ ، وَاضْطَرَبَ النَّاسُ تَبَعًا لَهُمْ ، ثُمَّ أَمَرَ الضَّحَّاكُ بِالْوَلِيدِ بْنِ عُتْبَةَ ، وَيَزِيدَ بْنِ أَبِي النَّمَسِ ، وَسُفْيَانَ بْنِ الأَبْرَدِ ، الَّذِينَ كَانُوا صَدَّقُوا مَقَالَةَ حَسَّانٍ ، وَشَتَمُوا ابْنَ الزُّبَيْرِ فَحُبِسُوا ، وَجَالَ النَّاسُ بَعْضُهُمْ فِي بَعْضٍ ، وَوَثَبَتْ كَلْبٌ عَلَى عَمْرِو بْنِ يَزِيدَ الْحَكَمِيِّ فَضَرَبُوهُ وَحَرَّقُوهُ بِالنَّارِ وَخَرَّقُوا ثِيَابَهُ ، وَقَامَ خَالِدُ بْنُ يَزِيدَ بْنِ مُعَاوِيَةَ فَصَعِدَ مِرْقَاتَيْنِ مِنَ الْمِنْبَرِ ، وَهُوَ يَوْمَئِذٍ غُلامٌ ، وَالضَّحَّاكُ بْنُ قَيْسٍ عَلَى الْمِنْبَرِ ، فَتَكَلَّمَ خَالِدُ بْنُ يَزِيدَ بِكَلامٍ أَوْجَزَ فِيهِ ، لَمْ يُسْمَعْ مِثْلُهُ ، وَسَكَنَ النَّاسُ وَنَزَلَ الضَّحَّاكُ فَصَلَّى بِالنَّاسِ الْجُمُعَةَ ، ثُمَّ دَخَلَ فَجَاءَتْ كَلْبٌ ، فَأَخْرَجُوا سُفْيَانَ بْنَ الأَبْرَدِ ، وَجَاءَتْ غَسَّانُ فَأَخْرَجُوا يَزِيدَ بْنَ أَبِي النَّمَسِ ، فَقَالَ الْوَلِيدُ بْنُ عُتْبَةَ : لَوْ كُنْتُ مِنْ كَلْبٍ أَوْ غَسَّانَ أُخْرِجْتُ ، قَالَ : فَجَاءَ ابْنَا يَزِيدَ بْنِ مُعَاوِيَةَ ؛ خَالِدٌ وَعَبْدُ اللَّهِ ، مَعَهُمَا أَخْوَالُهُمَا مِنْ كَلْبٍ ، فَأَخْرَجُوهُ مِنَ السِّجْنِ ، فَكَانَ ذَلِكَ الْيَوْمَ يُسَمِّيهِ أَهْلُ الشَّامِ : يَوْمَ جَيْرُونَ الأَوَّلِ ، وَأَقَامَ النَّاسُ بِدِمَشْقَ وَخَرَجَ الضَّحَّاكُ إِلَى مَسْجِدِ دِمَشْقَ فَجَلَسَ فِيهِ ، فَذَكَرَ يَزِيدَ بْنَ مُعَاوِيَةَ فَوَقَعَ فِيهِ ، فَقَامَ إِلَيْهِ شَابٌّ مِنْ كَلْبٍ بِعَصًا مَعَهُ ، فَضَرَبَهُ بِهَا وَالنَّاسُ جُلُوسٌ فِي الْحَلَقِ ، مُتَقَلِّدِي السُّيُوفِ ، فَقَامَ بَعْضُهُمْ إِلَى بَعْضٍ فِي الْمَسْجِدِ فَاقْتَتَلُوا ؛ قَيْسٌ تَدْعُو إِلَى ابْنِ الزُّبَيْرِ وَنُصْرَةِ الضَّحَّاكِ ، وَكَلْبٌ تَدْعُو إِلَى بَنِي أُمَيَّةَ ، ثُمَّ إِلَى خَالِدِ بْنِ يَزِيدَ وَيَتَعَصَّبُونَ لِيَزِيدَ ، وَدَخَلَ الضَّحَّاكُ دَارَ الإِمَارَةِ ، وَأَصْبَحَ النَّاسُ فَلَمْ يَخْرُجْ إِلَى صَلاةِ الْفَجْرِ ، وَكَانَ مِنَ الأَجْنَادِ نَاسٌ يَهْوَوْنَ هَوَى بَنِي أُمَيَّةَ ، وَنَاسٌ يَهْوَوْنَ هَوَى ابْنِ الزُّبَيْرِ ، فَبَعَثَ الضَّحَّاكُ إِلَى بَنِي أُمَيَّةَ فَدَخَلُوا عَلَيْهِ مِنَ الْغَدِ ، فَاعْتَذَرَ إِلَيْهِمْ وَذَكَرَ حُسْنَ بَلائِهِمْ عِنْدَ مَوَالِيهِ وَعِنْدَهُ ، وَأَنَّهُ لَيْسَ يُرِيدُ شَيْئًا يَكْرَهُونَهُ ، قَالَ : فَتَكْتُبُونَ إِلَى حَسَّانٍ وَنَكْتُبُ ، فَيَسِيرُ مِنَ الأُرْدُنِّ حَتَّى يَنْزِلَ الْجَابِيَةَ ، وَنَسِيرُ نَحْنُ وَأَنْتُمْ حَتَّى نُوَافِيَهُ بِهَا ، فَنُبَايِعَ لِرَجُلٍ مِنْكُمْ ، فَرَضِيَتْ بِذَلِكَ بَنُو أُمَيَّةَ وَكَتَبُوا إِلَى حَسَّانٍ ، وَكَتَبَ إِلَيْهِ الضَّحَّاكُ ، وَخَرَجَ النَّاسُ وَخَرَجَتْ بَنُو أُمَيَّةَ وَاسْتُقْبِلَتِ الرَّايَاتُ وَتَوَجَّهُوا يُرِيدُونَ الْجَابِيَةَ ، فَجَاءَ ثَوْرُ بْنُ مَعْنِ بْنِ يَزِيدَ بْنِ الأَخْنَسِ السُّلَمِيُّ إِلَى الضَّحَّاكِ ، فَقَالَ : دَعَوْتَنَا إِلَى طَاعَةِ ابْنِ الزُّبَيْرِ فَبَايَعْنَاكَ عَلَى ذَلِكَ ، وَأَنْتَ تَسِيرُ إِلَى هَذَا الأَعْرَابِيِّ مِنْ كَلْبٍ تَسْتَخْلِفُ ابْنَ أَخِيهِ خَالِدَ بْنَ يَزِيدَ ! فَقَالَ لَهُ الضَّحَّاكُ : فَمَا الرَّأْيُ ؟ قَالَ : الرَّأْيُ أَنْ نُظْهِرَ مَا كُنَّا نُسِرُّ ، وَنَدْعُو إِلَى طَاعَةِ ابْنِ الزُّبَيْرِ وَنُقَاتِلُ عَلَيْهَا ، فَمَالَ الضَّحَّاكُ بِمَنْ مَعَهُ مِنَ النَّاسِ فَعَطَفَهُمْ ، ثُمَّ أَقْبَلَ يَسِيرُ حَتَّى نَزَلَ بِمَرْجِ رَاهِطٍ ، وَاخْتُلِفَ فِي الْوَقْعَةِ الَّتِي كَانَتْ بِمَرْجِ رَاهِطٍ بَيْنَ الضَّحَّاكِ بْنِ قَيْسٍ وَمَرْوَانَ بْنِ الْحَكَمِ ، فَقَالَ مُحَمَّدُ بْنُ عُمَرَ الْوَاقِدِيُّ : بُويِعَ مَرْوَانُ بْنُ الْحَكَمِ فِي الْمُحَرَّمِ سَنَةَ خَمْسٍ وَسِتِّينَ ، وَكَانَ مَرْوَانُ بِالشَّامِ لا يُحَدِّثُ نَفْسَهُ بِهَذَا الأَمْرِ حَتَّى أَطْمَعَهُ فِيهِ عُبَيْدُ اللَّهِ بْنُ زِيَادٍ حِينَ قَدِمَ عَلَيْهِ مِنَ الْعِرَاقِ ، فَقَالَ لَهُ : أَنْتَ كَبِيرُ قُرَيْشٍ وَرَئِيسُهَا يَلِي عَلَيْكَ الضَّحَّاكُ بْنُ قَيْسٍ ! فَذَلِكَ حِينَ كَانَ مَا كَانَ ، فَخَرَجَ إِلَى الضَّحَّاكِ فِي جَيْشٍ فَقَتَلَهُمْ مَرْوَانُ ، وَالضَّحَّاكُ يَوْمَئِذٍ فِي طَاعَةِ ابْنِ الزُّبَيْرِ ، وَقُتِلَتْ قَيْسٌ بِمَرْجِ رَاهِطٍ مَقْتَلَةً لَمْ يُقْتَلْ مِثْلَهَا فِي مَوْطِنٍ قَطُّ . .

الرواه :

الأسم الرتبة
عَبْدُ اللَّهِ بْنُ الزُّبَيْرِ

صحابي

ابْنُ سَعْدٍ

مجهول الحال

Whoops, looks like something went wrong.