حدثنا الزبير بن بكار ، قال : حدثنا عثامة بن عمرو السهمي ، قال : حدثني مسور بن عبد الملك اليربوعي ، عن أبيه ، عن سعيد بن المسيب ، قال : " بينا نحن عند مروان بن الحكم ، إذ دخل حاجبه ، فقال : هذا أبو خالد حكيم بن حزام ، قال : ائذن له ، فلما دخل حكيم بن حزام ، قال : مرحبا بك يا أبا خالد ، ادن ، فحال له مروان عن صدر المجلس ، حتى كان بينه وبين الوسادة ، ثم استقبله مروان ، فقال : حدثنا حديث بدر . قال : خرجنا حتى إذا نزلنا الجحفة ، رجعت قبيلة من قبائل قريش بأسرها ، فلم يشهد أحد من مشركيهم بدرا ، ثم خرجنا حتى نزلنا العدوة التي ذكرها الله ، عز وجل ، فجئت عتبة بن ربيعة ، فقلت : يا أبا الوليد ، هل لك أن تذهب بشرف هذا اليوم ما بقيت ؟ قال : أفعل ماذا ؟ قلت إنكم لا تطلبون من محمد إلا دم ابن الحضرمي ، وهو حليفك ، فتحمل ديته وترجع بالناس . فقال : أنت وذاك ، وأنا أتحمل بديته ، واذهب إلى ابن الحنظلية ، يعني : أبا جهل ، فقل له : هل لك أن ترجع اليوم بمن معك عن ابن عمك ؟ فجئته ، فإذا هو في جماعة من بين يديه ومن ورائه ، وإذا ابن الحضرمي واقف على رأسه وهو يقول : قد فسخت عقدي من عبد شمس وعقدي إلى بني مخزوم ، فقلت له : يقول لك عتبة بن ربيعة : هل لك أن ترجع اليوم عن ابن عمك بمن معك ؟ قال : أما وجد رسولا غيرك ؟ قلت : لا ، ولم أكن لأكون رسولا لغيره . قال حكيم : فخرجت مبادرا إلى عتبة ، لئلا يفوتني من الخبر شيء ، وعتبة متكئ على إيماء بن رحضة الغفاري ، وقد أهدى إلى المشركين عشر جزائر . فطلع أبو جهل والشر في وجهه ، فقال لعتبة : انتفخ سحرك . فقال له عتبة : ستعلم ، فسل أبو جهل سيفه ، فضرب به متن فرسه ، فقال إيماء بن رحضة : بئس الفأل هذا . فعند ذلك قامت الحرب . رجع الحديث إلى حديث ابن إسحاق ، ثم قام عتبة بن ربيعة خطيبا ، فقال : يا معشر قريش ، إنكم ، والله ، ما تصنعون بأن تلقوا محمدا وأصحابه شيئا . والله لئن أصبتموه لا يزال رجل ينظر في وجه رجل يكره النظر إليه ، قتل ابن عمه أو ابن خاله أو رجلا من عشيرته ، فارجعوا وخلوا بين محمد وبين سائر العرب ، فإن أصابوه فذاك الذي أردتم ، وإن كان غير ذلك ألفاكم ولم تعرضوا منه ما تريدون . قال حكيم : فانطلقت أؤم أبا جهل ، فوجدته قد نثل درعا له من جرابها ، فهو يهيئها ، فقلت : يا أبا الحكم ، إن عتبة قد أرسلني إليك بكذا وكذا ، للذي قال . فقال : انتفخ والله سحره حين رأى محمدا وأصحابه . كلا والله ، لا نرجع حتى يحكم الله بيننا وبين محمد وأصحابه ، وما بعتبة ما قال ، ولكنه قد رأى محمدا وأصحابه أكلة جزور ، وفيهم ابنه ، فقد تخوفكم عليه . ثم بعث إلى عامر بن الحضرمي ، فقال له : هذا حليفك يريد أن يرجع بالناس ، وقد رأيت ثأرك بعينك ، فقم ، فانشد خفرتك ، ومقتل أخيك . فقام عامر بن الحضرمي فاكتشف ، ثم صرخ : واعمراه واعمراه . فحميت الحرب ، وحقب أمر الناس ، واستوثقوا على ما هم عليه من الشر ، وأفسد على الناس الرأي الذي دعاهم إليه عتبة بن ربيعة ، فلما بلغ عتبة بن ربيعة قول أبي جهل ، انتفخ سحره ، قال : سيعلم المصفر استه من انتفخ سحره ، أنا أم هو . ثم التمس بيضة يدخلها في رأسه ، فما وجد في الجيش بيضة تسعه من عظم هامته ، فلما رأى ذلك اعتجر على رأسه ببرد له ، وقد خرج الأسود بن عبد الأسد المخزومي ، وكان رجلا شرسا سيئ الخلق ، فقال : أعاهد الله لأشربن من حوضهم ، ولأهدمنه ، أو لأموتن دونه . فلما خرج ، خرج له حمزة بن عبد المطلب ، فلما التقيا ضربه حمزة ، فأطن قدمه بنصف ساقه ، وهو دون الحوض . فوقع على ظهره تشخب رجله دما نحو أصحابه ، ثم حبا إلى الحوض حتى اقتحم فيه ، يريد ، زعم ، أن يبر يمينه . واتبعه حمزة ، فضربه حتى قتله في الحوض ، ثم خرج بعده عتبة بن ربيعة بين أخيه شيبة بن ربيعة ، وابنه الوليد بن عتبة ، حتى إذا فصل من الصف دعا إلى المبارزة ، فخرج إليه فتية من الأنصار ، ثلاثة نفر ، منهم : عوف ومعوذ ابنا الحارث وأمهما عفراء ورجل آخر ، يقال له : عبد الله بن رواحة ، فقالوا : من أنتم ؟ قالوا : رهط من الأنصار . فقالوا : ما لنا بكم حاجة . ثم نادى مناديهم : يا محمد ، أخرج إلينا أكفاءنا من قومنا . فقال رسول الله ، صلى الله عليه وسلم : قم يا حمزة بن عبد المطلب ، قم يا عبيدة بن الحارث ، قم يا علي بن أبي طالب . فلما قاموا ودنوا منهم ، قالوا : من أنتم ؟ قال عبيدة : عبيدة ، وقال حمزة : حمزة ، وقال علي : علي ، قالوا : نعم ، أكفاء كرام ، فبارز عبيدة بن الحارث ، وكان أسن القوم ، عتبة بن ربيعة ، وبارز حمزة شيبة بن ربيعة ، وبارز علي الوليد بن عتبة . فأما حمزة ، فلم يمهل شيبة أن قتله ، وأما علي فلم يمهل الوليد أن قتله ، واختلف عبيدة وعتبة بينهما ضربتين ، كلاهما أثبت صاحبه ، وكر حمزة وعلي بأسيافهما على عتبة ، فذففا عليه فقتلاه ، واحتملا صاحبهما عبيدة ، فجاءا به إلى أصحابه ، وقد قطعت رجله فمخها يسيل . فلما أتوا بعبيدة إلى رسول الله ، صلى الله عليه وسلم ، قال : ألست شهيدا يا رسول الله ؟ قال : بلى ، فقال عبيدة : لو كان أبو طالب حيا ، لعلم أني أحق بما قال منه ، حيث يقول : ونسلمه حتى نصرع حوله ونذهل عن أبنائنا والحلائل .
الأسم | الشهرة | الرتبة |
أبو خالد حكيم بن حزام | حكيم بن حزام القرشي | صحابي |
سعيد بن المسيب | سعيد بن المسيب القرشي | أحد العلماء الأثبات الفقهاء الكبار |
أبيه | عبد الرحمن بن سعيد القرشي / ولد في :29 / توفي في :109 | ثقة |
مسور بن عبد الملك اليربوعي | المسور بن عبد الملك المخزومي | مقبول |
عثامة بن عمرو السهمي | عثامة بن عمرو السهمي | مجهول الحال |
الزبير بن بكار | الزبير بن بكار الأسدي | ثقة |