حَدَّثَنَا الْحَارِثُ ، قَالَ : حَدَّثَنَا ابْنُ سَعْدٍ ، قَالَ : حَدَّثَنِي هِشَامٌ ، قَالَ : أَخْبَرَنِي أَبِي ، عَنْ أَبِي صَالِحٍ ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ ، قَالَ : وَلَدَ متوشلخُ لمكَ وَنَفَرًا مَعَهُ ، وَإِلَيْهِ الْوَصِيَّةُ فَوَلَدَ لَمكُ نُوحًا ، وَكَانَ لِلمكَ يَوْمَ وُلِدَ نُوحٌ اثْنَتَانِ وَثَمَانُونَ سَنَةً ، وَلَمْ يَكُنْ أَحَدٌ فِي ذَلِكَ الزَّمَانُ يَنْهَى عَنْ مُنْكَرٍ ، فَبَعَثَ اللَّهُ إِلَيْهِمْ نُوحًا ، وَهُوَ ابْنُ أَرْبَعِ مِائَةِ سَنَةٍ وَثَمَانِينَ سَنَةً ، ثُمَّ دَعَاهُمْ فِي نُبُوَّتِهِ مِائَةً وَعِشْرِينَ سَنَةً ، ثُمَّ أَمَرَهُ بِصِنَاعَةِ السَّفِينَةِ فَصَنَعَهَا وَرَكِبَهَا وَهُوَ ابْنُ سِتِّ مِائَةِ سَنَةٍ ، وَغَرِقَ مَنْ غَرِقَ ، ثُمَّ مَكَثَ بَعْدَ السَّفِينَةِ ثَلاثَ مِائَةِ سَنَةٍ وَخَمْسِينَ سَنَةً ، وَأَمَّا عُلَمَاءُ الْفُرْسِ : فَإِنَّهُمْ قَالُوا : مَلَكَ بَعْدَ طهمورت جم الشيذَ ، وَالشِّيذُ مَعْنَاهُ عِنْدَهُمُ : الشُّعَاعُ ، لَقَّبُوهُ بِذَلِكَ , فِيمَا زَعَمُوا , لِجَمَالِهِ وَهُوَ جمُ بْنُ ويونجهانَ وَهُوَ أَخُو طمهورت ، وَقِيلَ : إِنَّهُ مَلَكَ الأَقَالِيمَ السَّبْعَةَ كُلَّهَا ، وَسُخِّرَ لَهُ مَا فِيهَا مِنَ الْجِنِّ وَالإِنْسِ ، وَعُقِدَ عَلَى رَأْسِهِ التَّاجُ ، وَقَالَ حِينَ قَعَدَ فِي مُلْكِهِ : إِنَّ اللَّهَ تَبَارَكَ وَتَعَالَى قَدْ أَكْمَلَ بَهَاءَنَا وَأَحْسَنَ تَأْيِيدَنَا وَسَنُوسِعُ رَعِيَّتَنَا خَيْرًا ، وَإِنَّهُ ابْتَدَعَ صَنْعَةَ السُّيُوفِ ، وَالسِّلاحِ وَدَلَّ عَلَى صَنْعَةِ الإِبْرِيسمِ وَالْقَزِّ وَغَيْرِهِ مِمَّا يَغْزِلُ ، فَأَمَرَ بِنَسْجِ الثِّيَابِ وَصَبْغِهَا وَنَحْتِ السُّرُوجِ وَالأَكُفِّ وَتَذْلِيلِ الدَّوَابِّ بِهَا ، وَذَكَرَ بَعْضُهُمْ إِنَّهُ تَوَارَى بَعْدَ مَا مَضَى مِنْ مُلْكِهِ سِتُّ مِائَةِ سَنَةٍ وَسِتُّ عَشَرَةَ سَنَةً وَسِتَّةُ أَشْهُرٍ ، فَخَلَتِ الْبِلادُ مِنْهُ سَنَةً ، وَأَنَّهُ أَمَرَ لِمُضِيِّ سَنَةٍ مِنْ مُلْكِهِ إِلَى سَنَةِ خَمْسٍ مِنْهُ بِصَنْعَةِ السُّيُوفِ وَالدُّرُوعِ وَالْبِيضِ وَسَائِرِ صُنُوفِ الأَسْلِحَةِ ، وَآلَةِ الصُّنَّاعِ مِنَ الْحَدِيدِ وَمِنْ سَنَةِ خَمْسِينَ مِنْ مُلْكِهِ إِلَى سَنَةِ مِائَةٍ بِغَزْلِ الإِبْرِيسمِ وَالْقَزِّ وَالْقُطْنِ وَالْكَتَّانِ وَكُلِّ مَا يُسْتَطَاعُ غَزْلُهُ وَحِيَاكَةِ ذَلِكَ ، وَصِبْغَتِهِ أَلْوَانًا وَتَقْطِيعِهِ أَنْوَاعًا وَلُبْسِهِ , وَمِنْ سَنَةِ مِائَةٍ إِلَى سَنَةِ خَمْسِينَ وَمِائَةٍ ، صَنَّفَ النَّاسَ أَرْبَعَ طَبَقَاتٍ : طَبَقَةَ مُقَاتِلَةٍ وَطَبَقَةُ فُقَهَاءٍ , وَطَبَقَةَ كُتَّابٍ , وَصُنَّاعًا وَحَرَّاثِينَ ، وَاتَّخَذَ طَبَقَةً مِنْهُمْ خَدَمًا ، وَأَمَرَ كُلَّ طَبَقَةٍ مِنْ تِلْكَ الطَّبَقَاتِ ، بِلُزُومِ الْعَمَلِ الَّذِي أَلْزَمَهَا إِيَّاهُ وَمِنْ سَنَةِ مِائَةٍ وَخَمْسِينَ إِلَى سَنَةِ خَمْسِينَ وَمِائَتَيْنِ ، حَارَبَ الشَّيَاطِينَ وَالْجِنَّ وَأَثْخَنَهُمْ وَأَذَلَّهُمْ وَسُخِّرُوا لَهُ وَانْقَادُوا لأَمْرِهِ ، وَمِنْ سَنَةِ خَمْسِينَ وَمِائَتَيْنِ إِلَى سَنَةِ سِتِّ عَشْرَةَ وَثَلاثِ مِائَةٍ ، وَكَّلَ الشَّيَاطِينَ بِقَطْعِ الْحِجَارَةَ وَالصُّخُورَ مِنَ الْجِبَالِ ، وَعَمَلِ الرُّخَامِ وَالْجَصِّ وَالْكِلْسِ وَالْبِنَاءِ بِذَلِكَ وَبِالطِّينِ الْبنيَانِ وَالْحَمَّامَاتِ ، وَصَنْعَةِ النُّورَةِ وَالنَّقْلِ مِنَ الْبِحَارِ وَالْجِبَالِ ، وَالْمَعَادِنِ وَالْفلَوَاتِ ، كُلُّ مَا يَنْتَفِعُ بِهِ النَّاسُ ، وَالذَّهَبِ وَالْفِضَّةِ وَسَائِرِ مَا يُذَابُ مِنَ الْجَوَاهِرِ وَأَنْوَاعِ الطِّيبِ وَالأَدْوِيَةِ ، فَنَفَذُوا فِي كُلِّ ذَلِكَ لأَمْرِهِ ، ثُمَّ أَمَرَ فَصُنِعَتْ لَهُ عَجَلَةٌ مِنْ زُجَاجٍ ، فَصَفَّدَ فِيهَا الشَّيَاطِينَ وَرَكِبَهَا وَأَقْبَلَ عَلَيْهَا فِي الْهَوَاءِ مِنْ بَلَدِهِ مِنْ دنباونْدَ إِلَى بَابِلَ فِي يَوْمٍ وَاحِدٍ ، وَذَلِكَ يَوْمَ هرمزَ روزفروردين ماه ، فَاتَّخَذَ النَّاسُ لِلأُعْجُوبَةِ الَّتِي رَأَوْا مِنْ إِجْرَائِهِ مَا أَجْرَى عَلَى تِلْكَ الْحَالِ نوروذ , وَأَمَرَهُمْ بِاتِّخَاذِ ذَلِكَ الْيَوْمِ وَخَمْسَةِ أَيَّامٍ بَعْدَهُ عِيدًا وَالتَّنَعُّمِ وَالتَّلَذُّذِ فِيهَا ، وَكَتَبَ إِلَى النَّاسِ الْيَوْمَ السَّادِسَ وَهُوَ خرداذروز يُخْبِرُهُمْ أَنَّهُ قَدْ سَارَ فِيهِمْ بِسِيرَةٍ ارْتَضَاهَا اللَّهُ ، فَكَانَ مِنْ جَزَائِهِ إِيَّاهُ عَلَيْهَا أَنْ جَنَّبَهُمُ الْحَرَّ وَالْبَرْدَ وَالأَسْقَامَ وَالْهَرَمَ وَالْحَسَدَ ، فَمَكَثَ النَّاسُ ثَلاثَ مِائَةِ سَنَةٍ بَعْدَ الثَّلاثِ مِائَةِ وَالسِّتَّ عَشَرَةَ سَنَةً الَّتِي خَلَتْ مِنْ مُلْكِهِ لا يُصِيبُهُمْ شَيْءٌ ، مِمَّا ذَكَرَ أَنَّ اللَّهَ عَزَّ وَجَلَّ جَنَّبَهُمْ إِيَّاهُ ، ثُمَّ إِنَّ جما بَطَرَ بَعْدَ ذَلِكَ نِعْمَةَ اللَّهِ عِنْدَهُ ، وَجَمَعَ الْجِنَّ وَالإِنْسَ فَأَخْبَرَهُمْ أَنَّهُ وَلِيُّهُمْ وَمَالِكُهُمْ وَالدَّافِعُ بِقُوَّتِهِ عَنْهُمُ الأَسْقَامَ وَالْهَرَمَ وَالْمَوْتَ , وَجَحَدَ إِحْسَانَ اللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ إِلَيْهِ ، وَتَمَادَى فِي غَيِّهِ فَلَمْ يَحْرِ أَحَدٌ مِمَّنْ حَضَرَهُ لَهُ جَوَابًا ، وَفَقَدَ مَكَانَهُ بَهَاءَهُ وَغرهُ ، وَتَخَلَّتْ عَنْهُ الْمَلائِكَةُ الَّذِينَ كَانَ اللَّهُ أَمَرَهُمْ بِسِيَاسَةِ أَمْرِهِ ، فَأَحَسَّ بِذَلِكَ بيوارسبُ الَّذِي يُسَمَّى الضَّحَّاكَ , فَابْتَدَرَ إِلَى جمٍّ لِيَنْهَشَهُ فَهَرَبَ مِنْهُ ، ثُمَّ ظَفَرَ بِهِ بيوارسبُ بَعْدَ ذَلِكَ ، فَامْتَلَخَ أَمْعَاءَهُ وَاشْتَرَطَهَا وَنَشَرَهُ بِمِنْشَارٍ ، وَقَالَ بَعْضُ عُلَمَاءِ الْفُرْسِ إِنَّ جمًّا لَمْ يَزَلْ مَحْمُودَ السِّيرَةِ إِلَى أَنْ بَقِيَ مِنْ مُلْكِهِ مِائَةُ سَنَةٍ ، فَخَلَّطَ حِينَئِذٍ وَادَّعَى الرُّبُوبِيَّةَ , فَلَمَّا فَعَلَ ذَلِكَ اضْطَرَبَ عَلَيْهِ أَمْرُهُ , وَوَثَبَ عَلَيْهِ أَخُوهُ اسفتورُ , وَطَلَبَهُ لِيَقْتُلَهُ ، فَتَوَارَى عَنْهُ وَكَانَ فِي تَوَارِيهِ مَلِكًا يَنْتَقِلُ مِنْ مَوْضِعٍ إِلَى مَوْضِعٍ ، ثُمَّ خَرَجَ عَلَيْهِ بيوارسبُ فَغَلَبَهُ عَلَى مُلْكِهِ وَنَشَرَهُ بِالْمِنْشَارِ ، وَزَعَمَ بَعْضُهُمْ أَنَّ مُلْكَ جمٍّ كَانَ سَبْعَ مِائَةِ سَنَةٍ وَسِتَّ عَشْرَةَ سَنَةً ، وَأَرْبَعَةَ أَشْهُرٍ وَعِشْرِينَ يَوْمًا .
الأسم | الشهرة | الرتبة |
ابْنِ عَبَّاسٍ | عبد الله بن العباس القرشي / توفي في :68 | صحابي |