ثم كانت السنة الثانية من الهجرة


تفسير

رقم الحديث : 525

حَدَّثَنَا عَلِيُّ بْنُ نَصْرِ بْنِ عَلِيٍّ ، وَعَبْدُ الْوَارِثِ بْنُ عَبْدِ الصَّمَدِ بْنِ عَبْدِ الْوَارِثِ ، قَالَ عَلِيٌّ : حَدَّثَنَا عَبْدُ الصَّمَدِ بْنُ عَبْدِ الْوَارِثِ ، وَقَالَ عَبْدُ الْوَارِثِ : حَدَّثَنِي أَبِي ، قَالَ : حَدَّثَنَا أَبَانٌ الْعَطَّارُ ، قَالَ : حَدَّثَنَا هِشَامُ بْنُ عُرْوَةَ ، عَنْ عُرْوَةَ ، أَنَّهُ كَتَبَ إِلَى عَبْدِ الْمَلِكِ بْنِ مَرْوَانَ : " أَمَّا بَعْدُ ، فَإِنَّكَ كَتَبْتَ إِلَيَّ فِي أَبِي سُفْيَانَ ومخرجِهِ ، تَسْأَلَنِي كَيْفَ كَانَ شَأْنُهُ . كَانَ مِنْ شَأْنِهِ أَنَّ : أَبَا سُفْيَانَ بْنَ حَرْبٍ أَقْبَلَ مِنَ الشَّامِ فِي قَرِيبٍ مِنْ سَبْعِينَ رَاكِبًا مِنْ قَبَائِلِ قُرَيْشٍ كُلِّهَا ، كَانُوا تُجَّارًا بِالشَّامِ ، فَأَقْبَلُوا جَمِيعًا مَعَهُمْ أَمْوَالُهُمْ وَتِجَارَتُهُمْ ، فَذُكِرُوا لِرَسُولِ اللَّهِ ، صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ، وَأَصْحَابِهِ ، وَقَدْ كَانَتِ الْحَرْبُ بَيْنَهُمْ ، قَبْلَ ذَلِكَ ، فَقُتِلَتْ قَتْلَى ، وَقُتِلَ ابْنُ الْحَضْرَمِيِّ فِي نَاسٍ بِنَخْلَةٍ ، وَأُسِرَتْ أُسَارَى مِنْ قُرَيْشٍ ، فِيهِمْ بَعْضُ بَنِي الْمُغِيرَةِ ، وَفِيهِمُ ابْنُ كَيْسَانَ ، مَوْلَاهُمْ ، أَصَابَهُمْ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ جَحْشٍ ، وَوَاقِدٌ ، حَلِيفُ بَنِي عَدِيِّ بْنِ كَعْبٍ ، فِي نَاسٍ مِنْ أَصْحَابِ رَسُولِ اللَّهِ ، صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ، بَعَثَهُمْ مَعَ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ جَحْشٍ . وَكَانَتْ تِلْكَ الْوَقْعَةُ هَاجَتِ الْحَرْبَ بَيْنَ رَسُولِ اللَّهِ ، صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ، وَبَيْنَ قُرَيْشٍ ، وَأَوَّلَ مَا أَصَابَ بِهِ بَعْضُهُمْ بَعْضًا مِنَ الْحَرْبِ ، وَذَلِكَ قَبْلَ مَخْرَجِ أَبِي سُفْيَانَ وَأَصْحَابِهِ إِلَى الشَّامِ ، ثُمَّ إِنَّ أَبَا سُفْيَانَ أَقْبَلَ بَعْدَ ذَلِكَ وَمَنْ مَعَهُ مِنْ رُكْبَانِ قُرَيْشٍ ، مُقْبِلِينَ مِنَ الشَّامِ ، فَسَلَكُوا طَرِيقَ السَّاحِلِ ، فَلَمَّا سَمِعَ بِهِمْ رَسُولُ اللَّهِ ، صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ، نَدَبَ أَصْحَابَهُ ، وَحَدَّثَهُمْ بِمَا مَعَهُمْ مِنَ الأَمْوَالِ ، وَبِقِلَّةِ عَدَدِهِمْ فَخَرَجُوا لا يُرِيدُونَ إِلَّا أَبَا سُفْيَانَ وَالرَّكْبَ مَعَهُ لا يَرَوْنَهَا إِلَّا غَنِيمَةً لَهُمْ ، لا يَظُنُّونَ أَنْ يَكُونَ كَبِيرُ قِتَالٍ إِذَا لَقُوهُمْ ، وَهِيَ الَّتِي أَنْزَلَ اللَّهُ ، عَزَّ وَجَلَّ ، فِيهَا وَتَوَدُّونَ أَنَّ غَيْرَ ذَاتِ الشَّوْكَةِ تَكُونُ لَكُمْ سورة الأنفال آية 7 ، فَلَمَّا سَمِعَ أَبُو سُفْيَانَ أَنَّ أَصْحَابَ رَسُولِ اللَّهِ ، صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ، مُعْتَرِضُونَ لَهُ ، بَعَثَ إِلَى قُرَيْشٍ : إِنَّ مُحَمَّدًا وَأَصْحَابَهُ مُعْتَرِضُونَ لَكُمْ ، فَأَجِيرُوا تِجَارَتَكُمْ . فَلَمَّا أَتَى قُرَيْشًا الْخَبَرُ ، وَفِي عِيرِ أَبِي سُفْيَانَ مِنْ بُطُونِ كَعْبِ بْنِ لُؤَيٍّ كُلِّهَا نَفَرَ لَهَا أَهْلُ مَكَّةَ ، وَهِيَ نَفْرَةُ بَنِي كَعْبِ بْنِ لُؤَيٍّ ، لَيْسَ فِيهَا مِنْ بَنِي عَامِرٍ أَحَدٌ ، إِلَّا مَا كَانَ مِنْ بَنِي مَالِكِ بْنِ حِسْلٍ ، وَلَمْ يَسْمَعْ بِنَفْرَةِ قُرَيْشٍ رَسُولُ اللَّهِ ، صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ، وَلَا أَصْحَابُهُ ، حَتَّى قَدِمَ النَّبِيُّ ، صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ، بَدْرًا . وَكَان طَرِيقُ رُكْبَانِ قُرَيْشٍ مَنْ أَخَذَ مِنْهُمْ طَرِيقَ السَّاحِلِ إِلَى الشَّامِ ، فَخَفَضَ أَبُو سُفْيَانَ عَنْ بَدْرٍ ، وَلَزِمَ طَرِيقَ السَّاحِلِ ، وَخَافَ الرَّصْدَ عَلَى بَدْرٍ . وَسَارَ النَّبِيُّ ، صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ، حَتَّى عَرَّسَ قَرِيبًا مِنْ بَدْرٍ ، وَبَعَثَ النَّبِيُّ ، صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ، الزُّبَيْرَ بْنَ الْعَوَّامِ فِي عِصَابَةٍ مِنْ أَصْحَابِهِ إِلَى مَاءِ بَدْرٍ ، وَلَيْسُوا يَحْسَبُونَ أَنَّ قُرَيْشًا خَرَجَتْ لَهُمْ . فَبَيْنَا النَّبِيُّ ، صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ، قَائِمٌ يُصَلِّي ، إِذْ وَرَدَ بَعْضُ رَوَايَا قُرَيْشٍ مَاءَ بَدْرٍ ، وَفِيمَنْ وَرَدَ مِنَ الرَّوَايَا غُلَامٌ لِبَنِي الْحَجَّاجِ أَسْوَدُ ، فَأَخَذَهُ النَّفَرُ الَّذِينَ بَعَثَهُمْ رَسُولُ اللَّهِ ، صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ، مَعَ الزُّبَيْرِ ، إِلَى الْمَاءِ ، وَأَفْلَتَ بَعْضُ أَصْحَابِ الْعَبْدِ نَحْوَ قُرَيْشٍ ، فَأَقْبَلُوا بِهِ حَتَّى أَتَوْا بِهِ رَسُولَ اللَّهِ ، صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ، وَهُوَ فِي مُعَرَّسِهِ ، فَسَأَلُوهُ عَنْ أَبِي سُفْيَانَ وَأَصْحَابِهِ ، لا يَحْسِبُونَ إِلَّا أَنَّهُ مَعَهُمْ ، فَطَفِقَ الْعَبْدُ يُحَدِّثُهُمْ عَنْ قُرَيْشٍ وَمَنْ خَرَجَ مِنْهَا ، وَعَنْ رُءُوسِهِمْ وَيَصْدُقُهُمُ الْخَبَرَ ، وَهُمْ أَكْرَهُ شَيْءٍ إِلَيْهِمُ الْخَبَرُ الَّذِي يُخْبِرُهُمْ ، وَإِنَّمَا يَطْلُبُونَ حِينَئِذٍ بِالرَّكْبِ : أَبَا سُفْيَانَ وَأَصْحَابَهُ ، وَالنَّبِيُّ ، صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ، يُصَلِّي ، يَرْكَعُ وَيَسْجُدُ ، يَرَى وَيَسْمَعُ مَا يُصْنَعُ بِالْعَبْدِ . فَطَفِقُوا إِذَا ذَكَرَ لَهُمْ أَنَّهَا قُرَيْشٌ جَاءَتْهُمْ ضَرَبُوهُ وَكَذَّبُوهُ ، وَقَالُوا : إِنَّمَا تَكْتُمُنَا أَبَا سُفْيَانَ وَأَصْحَابَهُ . فَجَعَلَ الْعَبْدُ إِذَا أَذْلَقُوهُ بِالضَّرْبِ وَسَأَلُوهُ عَنْ أَبِي سُفْيَانَ وَأَصْحَابِهِ ، وَلَيْسَ لَهُ بِهِمْ عِلْمٌ ، إِنَّمَا هُوَ مِنْ رَوَايَا قُرَيْشٍ ، قَالَ : نَعَمْ هَذَا أَبُو سُفْيَانَ ، وَالرَّكْبُ حِينَئِذٍ أَسْفَلَ مِنْهُمْ . قَالَ اللَّهُ ، عَزَّ وَجَلَّ : إِذْ أَنْتُمْ بِالْعُدْوَةِ الدُّنْيَا وَهُمْ بِالْعُدْوَةِ الْقُصْوَى وَالرَّكْبُ أَسْفَلَ مِنْكُمْ حَتَّى بَلَغَ أَمْرًا كَانَ مَفْعُولا سورة الأنفال آية 42 ، فَطَفِقُوا إِذَا قَالَ لَهُمُ الْعَبْدُ : هَذِهِ قُرَيْشٌ قَدْ أَتَتْكُمْ ، ضَرَبُوهُ ، وَإِذَا قَالَ لَهُمْ : هَذَا أَبُو سُفْيَانَ ، تَرَكُوهُ . فَلَمَّا رَأَى صَنِيعَهُمُ النَّبِيُّ ، صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ، انْصَرَفَ مِنْ صَلَاتِهِ وَقَدْ سَمِعَ الَّذِي أَخْبَرَهُمْ ، فَزَعَمُوا أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ ، صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ، قَالَ : وَالَّذِي نَفْسِي بِيَدِهِ إِنَّكُمْ لَتَضْرِبُونَهُ إِذَا صَدَقَ ، وَتَتْرُكُونَهُ إِذَا كَذَبَ . قَالُوا : فَإِنَّهُ يُحَدِّثُنَا أَنَّ قُرَيْشًا قَدْ جَاءَتْ ، قَالَ : فَإِنَّهُ قَدْ صَدَقَ ، قَدْ خَرَجَتْ قُرَيْشٌ تُجِيرُ رِكَابَهَا . فَدَعَا الْغُلَامَ ، فَسَأَلَهُ ، فَأَخْبَرَهُ بِقُرَيْشٍ ، وَقَالَ : لا عِلْمَ لِي بِأَبِي سُفْيَانَ . فَسَأَلَهُ : كَمِ الْقَوْمُ ؟ فَقَالَ : لا أَدْرِي وَاللَّهِ ، هُمْ كَثِيرٌ عَدَدُهُمْ . فَزَعَمُوا أَنَّ النَّبِيَّ ، صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ، قَالَ : مَنْ أَطْعَمَهُمْ أَوَّلَ مِنْ أَمْسِ ؟ فَسَمَّى رَجُلًا أَطْعَمَهُمْ ، فَقَالَ : كَمْ جَزَائِرَ نَحَرَ لَهُمْ ؟ قَالَ : تِسْعَ جَزَائِرَ ، قَالَ : فَمَنْ أَطْعَمَهُمْ أَمْسِ ؟ فَسَمَّى رَجُلًا ، فَقَالَ : كَمْ نَحَرَ لَهُمْ ؟ قَالَ : عَشْرَ جَزَائِرَ ، فَزَعَمُوا أَنَّ النَّبِيَّ ، صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ، قَالَ : الْقَوْمُ مَا بَيْنَ التِّسْعِ مِائَةٍ إِلَى الأَلْفِ ، فَكَانَ نَفْرَةُ قُرَيْشٍ يَوْمَئِذٍ خَمْسِينَ وَتِسْعَ مِائَةٍ . فَانْطَلَقَ النَّبِيُّ ، صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ، فَنَزَلَ الْمَاءَ ، وَمَلأَ الْحِيَاضَ ، وَصَفَّ عَلَيْهَا أَصْحَابَهُ ، حَتَّى قَدِمَ عَلَيْهِ الْقَوْمُ . فَلَمَّا وَرَدَ رَسُولُ اللَّهِ ، صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ، بَدْرًا ، قَالَ : هَذِهِ مَصَارِعُهُمْ ، فَوَجَدُوا النَّبِيَّ ، صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ، قَدْ سَبَقَهُمْ إِلَيْهِ ، وَنَزَلَ عَلَيْهِ . فَلَمَّا طَلَعُوا عَلَيْهِ زَعَمُوا أَنَّ النَّبِيَّ ، صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ، قَالَ : هَذِهِ قُرَيْشٌ قَدْ جَاءَتْ بِجَلَبَتِهَا وَفَخْرِهَا تُحَادُّكُ وَتُكَذِّبُ رَسُولَكَ ، اللَّهُمَّ إِنِّي أَسْأَلُكَ مَا وَعَدْتَنِي . فَلَمَّا أَقْبَلُوا اسْتَقْبَلَهُمْ ، فَحَثَا فِي وُجُوهِهِمُ التُّرَابَ ، فَهَزَمَهُمُ اللَّهُ . وَكَانُوا قَبْلَ أَنْ يَلْقَاهُمُ النَّبِيُّ ، صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ، قَدْ جَاءَهُمْ رَاكِبٌ مِنْ أَبِي سُفْيَانَ وَالرَّكْبِ الَّذِينَ مَعَهُ : أَنِ ارْجِعُوا ، وَالرَّكْبُ الَّذِينَ يَأْمُرُونَ قُرَيْشًا بِالرَّجْعَةِ بِالْجُحْفَةِ ، فَقَالُوا : وَاللَّهِ لا نَرْجِعُ حَتَّى نَنْزِلَ بَدْرًا ، فَنُقِيمَ بِهِ ثَلاثَ لَيَالٍ وَيَرَانَا مَنْ غَشِيَنَا مِنْ أَهْلِ الْحِجَازِ ، فَإِنَّهُ لَنْ يَرَانَا أَحَدٌ مِنَ الْعَرَبِ وَمَا جَمَعْنَا ، فَيُقَاتِلُنَا وَهُمُ الَّذِينَ قَالَ اللَّهُ ، عَزَّ وَجَلَّ : كَالَّذِينَ خَرَجُوا مِنْ دِيَارِهِمْ بَطَرًا وَرِئَاءَ النَّاسِ سورة الأنفال آية 47 ، فَالْتَقَوْا هُمْ وَالنَّبِيُّ ، صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ، فَفَتَحَ اللَّهُ عَلَى رَسُولِهِ ، وَأَخْزَى أَئِمَّةَ الْكُفْرِ ، وَشَفَى صُدُورَ الْمُسْلِمِينَ مِنْهُمْ " .

الرواه :

الأسم الرتبة
عُرْوَةَ

ثقة فقيه مشهور

هِشَامُ بْنُ عُرْوَةَ

ثقة إمام في الحديث

أَبَانٌ الْعَطَّارُ

ثقة

عَبْدُ الصَّمَدِ بْنُ عَبْدِ الْوَارِثِ

ثقة

وَعَبْدُ الْوَارِثِ بْنُ عَبْدِ الصَّمَدِ بْنِ عَبْدِ الْوَارِثِ

ثقة

عَلِيُّ بْنُ نَصْرِ بْنِ عَلِيٍّ

ثقة حافظ

Whoops, looks like something went wrong.