حَدَّثَنَا ابْنُ حُمَيْدٍ ، قَالَ : حَدَّثَنَا سَلَمَةُ بْنُ الْفَضْلِ ، قَالَ : قَالَ مُحَمَّدُ بْنُ إِسْحَاقَ ، حَدَّثَنِي مُحَمَّدُ بْنُ جَعْفَرِ بْنِ الزُّبَيْرِ ، عَنْ عُرْوَةَ بْنِ الزُّبَيْرِ ، قَالَ : جَلَسَ عُمَيْرُ بْنُ وَهْبٍ الْجُمَحِيُّ ، مَعَ صَفْوَانَ بْنِ أُمَيَّةَ بَعْدَ مُصَابِ أَهْلِ بَدْرٍ مِنْ قُرَيْشٍ بِيَسِيرٍ فِي الْحِجْرِ ، وَكَانَ عُمَيْرُ بْنُ وَهْبٍ شَيْطَانًا مِنْ شَيَاطِينِ قُرَيْشٍ ، وَكَانَ مِمَّنْ يُؤْذِي رَسُولَ اللَّهِ ، صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ، وَأَصْحَابَهُ ، وَيَلْقَوْنَ مِنْهُ عَنَاءً وَهُمْ بِمَكَّةَ . وَكَانَ ابْنُهُ وَهْبُ بْنُ عُمَيْرٍ فِي أُسَارَى بَدْرٍ ، فَذَكَرَ أَصْحَابَ الْقَلِيبِ وَمُصَابَهُمْ ، فَقَالَ صَفْوَانُ : وَاللَّهِ ، إِنَّ فِي الْعَيْشِ خَيْرٌ بَعْدَهُمْ ، فَقَالَ عُمَيْرٌ : صَدَقْتَ وَاللَّهِ ، أَمَا وَاللَّهِ لَوْلَا دَيْنٌ عَلَيَّ لَيْسَ لَهُ عِنْدِي قَضَاءٌ ، وَعِيَالٌ أَخْشَى عَلَيْهِمُ الضَّيْعَةَ بَعْدِي ، لَرَكِبْتُ إِلَى مُحَمَّدٍ حَتَّى أَقْتُلَهُ ، فَإِنَّ لِي قِبَلَهُمْ عِلَّةً ابْنِي أَسِيرٌ فِي أَيْدِيهِمْ . فَاغْتَنَمَهَا صَفْوَانُ بْنُ أُمَيَّةَ ، فَقَالَ : عَلَيَّ دَيْنُكَ أَنَا أُقْضِيهِ عَنْكَ ، وَعِيَالُكَ مَعَ عِيَالِي أُوَاسِيهِمْ مَا بَقَوْا . لا يَسَعُنِي شَيْءٌ وَيُعْجَزُ عَنْهُمْ . قَالَ عُمَيْرٌ : فَاكْتُمْ عَلَيَّ شَأْنِي وَشَأْنَكَ . قَالَ : أَفْعَلُ . قَالَ ثُمَّ إِنَّ عُمَيْرًا أَمَرَ بِسَيْفِهِ فَشُحِذَ لَهُ وَسُمَّ ، ثُمَّ انْطَلَقَ حَتَّى قَدِمَ الْمَدِينَةَ ، فَبَيْنَا عُمَرُ بْنُ الْخَطَّابِ فِي نَفَرٍ مِنَ الْمُسْلِمِينَ فِي الْمَسْجِدِ ، يَتَحَدَّثُونَ عَنْ يَوْمِ بَدْرٍ ، وَيَذْكُرُونَ مَا أَكْرَمَهُمُ اللَّهُ ، عَزَّ وَجَلَّ ، بِهِ ، وَمَا أَرَاهُمْ فِي عَدُوِّهِمْ ، إِذْ نَظَرَ عُمَرُ إِلَى عُمَيْرِ بْنِ وَهْبٍ ، حِينَ أَنَاخَ بَعِيرَهُ عَلَى بَابِ الْمَسْجِدِ ، مُتَوَشِّحًا السَّيْفَ ، فَقَالَ : هَذَا الْكَلْبُ ، عَدُوُّ اللَّهِ ، عُمَيْرُ بْنُ وَهْبٍ ، مَا جَاءَ إِلَّا لِشَرٍّ ، وَهُوَ الَّذِي حَرَّشَ بَيْنَنَا ، وَحَزَرَنَا لِلْقَوْمِ يَوْمَ بَدْرٍ . ثُمَّ دَخَلَ عُمَرُ عَلَى رَسُولِ اللَّهِ ، صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ، فَقَالَ : يَا نَبِيَّ اللَّهِ ، هَذَا عَدُوُّ اللَّهِ ، عُمَيْرُ بْنُ وَهْبٍ ، قَدْ جَاءَ مُتَوَشِّحًا سَيْفَهُ . قَالَ : فَأَدْخِلْهُ عَلَيَّ . قَالَ : فَأَقْبَلَ عُمَرُ ، حَتَّى أَخَذَ بِحَمَّالَةِ سَيْفِهِ فِي عُنُقِهِ ، فَلَبَّبَهُ بِهَا . وَقَالَ لِرِجَالٍ مِمَّنْ كَانَ مَعَهُ مِنَ الأَنْصَارِ : ادْخُلُوا عَلَى رَسُولِ اللَّهِ ، صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ، فَاجْلِسُوا عِنْدَهُ ، وَاحْذَرُوا هَذَا الْخَبِيثَ عَلَيْهِ ، فَإِنَّهُ غَيْرُ مَأْمُونٍ . ثُمَّ دَخَلَ بِهِ عَلَى رَسُولِ اللَّهِ ، صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ، فَلَمَّا رَآهُ رَسُولُ اللَّهِ ، صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ، وَعُمَرُ آخِذٌ بِحَمَّالَةِ سَيْفِهِ ، قَالَ : أَرْسِلْهُ يَا عُمَرُ ، ادْنُ يَا عُمَيْرُ . فَدَنَا ، ثُمَّ قَالَ : أنْعمُوا صَبَاحًا ، وَكَانَتْ تَحِيَّةَ أَهْلِ الْجَاهِلِيَّةِ بَيْنَهُمْ ، فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ ، صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : قَدْ أَكْرَمَنَا اللَّهُ بِتَحِيَّةٍ خَيْرٍ مِنْ تَحِيَّتِكَ يَا عُمَيْرُ ، بِالسَّلَامِ ، تَحِيَّةِ أَهْلِ الْجَنَّةِ . قَالَ : أَمَا وَاللَّهِ يَا مُحَمَّدُ ، إِنْ كُنْتَ لَحَدِيثَ عَهْدٍ بِهَا ، قَالَ : مَا جَاءَ بِكَ يَا عُمَيْرُ ؟ قَالَ : جِئْتُ لِهَذَا الأَسِيرِ الَّذِي فِي أَيْدِيكُمْ ، فَأَحْسِنُوا فِيهِ ، قَالَ : فَمَا بَالُ السَّيْفِ فِي عُنُقِكَ ؟ قَالَ : قَبَحَّهَا اللَّهُ مِنْ سُيُوفٍ ، وَهَلْ أَغْنَتْ شَيْئًا ؟ قَالَ : اصْدُقْنِي بِالَّذِي جِئْتَ لَهُ ، قَالَ : مَا جِئْتُ إِلَّا لِذَلِكَ ، فَقَالَ : بَلَى قَعَدْتَ أَنْتَ وَصَفْوَانُ بْنُ أُمَيَّةَ فِي الْحِجْرِ ، فَذَكَرْتُمَا أَصْحَابَ الْقَلِيبِ مِنْ قُرَيْشٍ ، ثُمَّ قُلْتَ : لَوْلَا دَيْنٌ عَلَيَّ وَعِيَالِي لَخَرَجْتُ حَتَّى أَقْتُلَ مُحَمَّدًا . فَتَحَمَّلَ لَكَ صَفْوَانُ بِدَيْنِكَ وَعِيَالِكَ عَلَى أَنْ تَقْتُلَنِي لَهُ ، وَاللَّهُ ، عَزَّ وَجَلَّ ، حَائِلٌ بَيْنِي وَبَيْنَكَ ، فَقَالَ عُمَيْرٌ : أَشْهَدُ أَنَّكَ رَسُولُ اللَّهِ ، قَدْ كُنَّا يَا رَسُولَ اللَّهِ ، نُكَذِّبُكَ بِمَا كُنْتَ تَأْتِينَا بِهِ مِنْ خَبَرِ السَّمَاءِ وَمَا يُنَزَّلُ عَلَيْكَ مِنَ الْوَحْيِ ، وَهَذَا أَمْرٌ لَمْ يَحْضُرْهُ إِلَّا أَنَا وَصَفْوَانُ ، فَوَاللَّهِ إِنِّي لأَعْلَمُ مَا أَتَاكَ بِهِ إِلَّا اللَّهُ ، فَالْحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِي هَدَانِي للإِسْلَامِ ، وَسَاقَنِي هَذَا الْمسَاقَ ، ثُمَّ تَشَهَّدَ شَهَادَةَ الْحَقِّ ، فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ ، صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : فَقِّهُوا أَخَاكُمْ فِي دِينِهِ ، وَأَقْرِئُوهُ ، وَعَلِّمُوهُ الْقُرْآنَ ، وَأَطْلِقُوا لَهُ أَسِيرَهُ . قَالَ : فَفَعَلُوا . ثُمَّ قَالَ : يَا رَسُولَ اللَّهِ ، إِنِّي كُنْتُ جَاهِدًا فِي إِطْفَاءِ نُورِ اللَّهِ ، شَدِيدَ الأَذَى لِمَنْ كَانَ عَلَى دِينِ اللَّهِ ، وَإِنِّي أُحِبُّ أَنْ تَأْذَنَ لِي فَأَقْدَمُ مَكَّةَ ، فَأَدْعُوهُمْ إِلَى اللَّهِ وَإِلَى الإِسْلَامِ ، لَعَلَّ اللَّهَ أَنْ يَهْدِيَهُمْ ، وَإِلَّا آذَيْتُهُمْ فِي دِينِهِمْ كَمَا كُنْتُ أُؤْذِي أَصْحَابَكَ فِي دِينِهِمْ . قَالَ : فَأَذِنَ لَهُ رَسُولُ اللَّهِ ، صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ، فَلَحِقَ بِمَكَّةَ ، وَكَانَ صَفْوَانُ حِينَ خَرَجَ عُمَيْرُ بْنُ وَهْبٍ يَقُولُ لِقُرَيْشٍ : أَبْشِرُوا بِوَقْعَةٍ تَأْتِيكُمُ الآنَ فِي أَيَّامٍ تُنْسِيكُمْ وَقْعَةَ بَدْرٍ . وَكَانَ صَفْوَانُ يَسْأَلُ عَنْهُ الرُّكْبَانَ ، حَتَّى قَدِمَ رَاكِبٌ فَأَخْبَرَهُ بِإِسْلَامِهِ ، فَحَلَفَ أَلَّا يُكَلِّمَهُ أَبَدًا وَلَا يَنْفَعَهُ بِنَفْعٍ أَبَدًا ، فَلَمَّا قَدِمَ عُمَيْرٌ مَكَّةَ ، أَقَامَ بِهَا يَدْعُو إِلَى الإِسْلَامِ ، وَيُؤْذِي مَنْ خَالَفَهُ أَذًى شَدِيدًا ، فَأَسْلَمَ عَلَى يَدَيْهِ أُنَاسٌ كَثِيرٌ ، فَلَمَّا انْقَضَى أَمْرُ بَدْرٍ أَنْزَلَ اللَّهُ ، عَزَّ وَجَلَّ ، فِيهِ مِنَ الْقُرْآنِ الأَنْفَالَ بِأَسْرِهَا " .
الأسم | الشهرة | الرتبة |
عُرْوَةَ بْنِ الزُّبَيْرِ | عروة بن الزبير الأسدي / توفي في :94 | ثقة فقيه مشهور |
مُحَمَّدُ بْنُ جَعْفَرِ بْنِ الزُّبَيْرِ | محمد بن جعفرالأسدي / توفي في :113 | ثقة |
مُحَمَّدُ بْنُ إِسْحَاقَ | ابن إسحاق القرشي / توفي في :150 | صدوق مدلس |
سَلَمَةُ بْنُ الْفَضْلِ | سلمة بن الفضل الأنصاري | صدوق كثير الخطأ |
ابْنُ حُمَيْدٍ | محمد بن حميد التميمي / توفي في :248 | متروك الحديث |