حَدَّثَنَا ابْنُ حُمَيْدٍ ، قَالَ : حَدَّثَنَا سَلَمَةُ ، عَنِ ابْنِ إِسْحَاقَ ، عَنِ الزُّهْرِيِّ ، عَنْ سَعِيدِ بْنِ الْمُسَيِّبِ ، قَالَ : " لَمَّا انْصَرَفَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مِنْ خَيْبَرَ وَكَانَ بِبَعْضِ الطَّرِيقِ ، قَالَ : مِنْ آخِرِ اللَّيْلِ : " مَنْ رَجُلٌ يَحْفَظُ عَلَيْنَا الْفَجْرَ لَعَلَّنَا نَنَامُ ؟ " فَقَالَ بِلالٌ : أَنَا يَا رَسُولَ اللَّهِ أَحْفَظُ لَكَ . فَنَزَلَ رَسُولُ اللَّهِ ، صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ، وَنَزَلَ النَّاسُ فَنَامُوا ، وَقَامَ بِلالٌ يُصَلِّي ، فَصَلَّى مَا شَاءَ اللَّهُ أَنْ يُصَلِّيَ ثُمَّ اسْتَنَدَ إِلَى بَعِيرِهِ وَاسْتَقَبَلَ الْفَجْرَ يَرْمُقُهُ ، فَغَلَبَتْهُ عَيْنُهُ ، فَنَامَ ، فَلَمْ يُوقِظْهُمْ إِلا مَسُّ الشَّمْسِ . وَكَانَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَوَّلَ أَصْحَابِهِ هَبَّ مِنْ نَوْمِهِ ، فَقَالَ : مَاذَا صَنَعْتَ بِنَا يَا بِلالُ ؟ فَقَالَ : يَا رَسُولَ اللَّهِ ، أَخَذَ بِنَفْسِي الَّذِي أَخَذَ بِنَفْسِكَ . قَالَ : صَدَقْتَ . ثُمَّ اقْتَادَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ غَيْرَ كَثِيرٍ ثُمَّ أَنَاخَ فَتَوَضَّأَ وَتَوَضَّأَ النَّاسُ ، ثُمَّ أَمَرَ بِلالا فَأَقَامَ الصَّلاةَ ، فَصَلَّى بِالنَّاسِ ، فَلَمَّا سَلَّمَ أَقْبَلَ عَلَى النَّاسِ ، فَقَالَ : إِذَا نَسِيتُمُ الصَّلاةَ فَصَلُّوهَا إِذَا ذَكَرْتُمُوهَا ؛ فَإِنَّ اللَّهَ عَزَّ وَجَلَّ ، يَقُولُ : وَأَقِمِ الصَّلاةَ لِذِكْرِي سورة طه آية 14 " قَالَ ابْنُ إِسْحَاقَ : وَكَانَ فَتْحُ خَيْبَرَ فِي صَفَرٍ ، قَالَ : وَشَهِدَ مَعَ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ نِسَاءٌ مِنْ نِسَاءِ الْمُسْلِمِينَ ، فَرَضَخَ لَهُنَّ رَسُولُ اللَّهِ مِنَ الْفَيْءِ وَلَمْ يَضْرِبْ لَهُمْ بِسَهْمٍ . قَالَ : وَلَمَّا فُتِحَتْ خَيْبَرُ ، قَالَ الْحَجَّاجُ بْنُ عِلاطٍ السُّلَمِيُّ ثُمَّ الْبَهْزِيُّ لِرَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : يَا رَسُولَ اللَّهِ ، إِنَّ لِي مَالا بِمَكَّةَ عِنْدَ صَاحِبَتِي أُمِّ شَيْبَةَ بِنْتِ أَبِي طَلْحَةَ ، وَكَانَتْ عِنْدَهُ لَهُ مِنْ مُعَرِّضِ بْنِ الْحَجَّاجِ وَمَالٌ مُفْتَرِقٌ فِي تُجَّارِ أَهْلِ مَكَّةَ ، فَأْذَنْ لِي يَا رَسُولَ اللَّهِ . فَأَذِنَ لَهُ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ، ثُمَّ قَالَ : إِنَّهُ لا بُدَّ لِي مِنْ أَنْ أَقُولَ . قَالَ : قُلْ . قَالَ الْحَجَّاجُ : فَخَرَجْتُ حَتَّى إِذَا قَدِمْتُ مَكَّةَ ، فَوَجَدْتُ بِثَنِيَّةِ الْبَيْضَاءِ رِجَالا مِنْ قُرَيْشٍ يَتَسَمَّعُونَ الأَخْبَارَ وَيَسْأَلُونَ عَنْ أَمْرِ رَسُولِ اللَّهِ ، وَقَدْ بَلَغَهُمْ أَنَّهُ قَدْ سَارَ إِلَى خَيْبَرَ وَقَدْ عَرَفُوا أَنَّهَا قَرْيَةُ الْحِجَازِ رِيفًا وَمَنْبَعَةً وَرِجَالا فَهُمْ يَتَحَسَّسُونَ الأَخْبَارَ ، فَلَمَّا رَأَوْنِي ، قَالُوا : الْحَجَّاجُ بْنُ عِلاطٍ ، وَلَمْ يَكُونُوا عَلِمُوا بِإِسْلامِي عِنْدَهُ ، وَاللَّهِ ، الْخَبَرَ أَخْبِرْنَا بِأَمْرِ مُحَمَّدٍ ، فَإِنَّهُ قَدْ بَلَغَنَا أَنَّ الْقَاطِعَ قَدْ سَارَ إِلَى خَيْبَرَ وَهِيَ بَلْدَةُ يَهُودَ وَرِيفُ الْحِجَازِ ، قَالَ : قُلْتُ : قَدْ بَلَغَنِي ذَلِكَ ، وَعِنْدِي مِنَ الْخَبَرِ مَا يَسُرُّكُمْ ، قَالَ : فَالْتَاطُوا بِجَنْبَيْ نَاقَتِي ، يَقُولُونَ : إِيهِ يَا حَجَّاجُ ، قَالَ : قُلْتُ : هُزِمُوا هَزِيمَةً لَمْ تَسْمَعُوا بِمِثْلِهَا قَطُّ ، وَقُتِلَ أَصْحَابُهُ قَتْلا لَمْ تَسْمَعُوا بِمِثْلِهِ قَطُّ ، وَأُسِرَ مُحَمَّدٌ أَسْرًا ، وَقَالُوا : لَنْ نَقْتُلَهُ حَتَّى نَبْعَثَ بِهِ إِلَى مَكَّةَ فَيَقْتُلُوهُ بَيْنَ أَظْهُرِهِمْ بِمَنْ كَانَ أَصَابَ مِنْ رِجَالِهِمْ . قَالَ : فَقَامُوا فَصَاحُوا بِمَكَّةَ ، وَقَالُوا : قَدْ جَاءَكُمُ الْخَبَرُ ، وَهَذَا مُحَمَّدٌ ، إِنَّمَا تَنْتَظِرُونَ أَنْ يُقْدَمَ بِهِ عَلَيْكُمْ فَيُقْتَلَ بَيْنَ أَظْهُرِكُمْ ، قَالَ : قُلْتُ : أَعِينُونِي عَلَى جَمْعِ مَالِي بِمَكَّةَ عَلَى غُرَمَائِي ، فَإِنِّي أُرِيدُ أَنْ أَقْدُمَ خَيْبَرَ فَأُصِيبَ مِنْ فَلِّ مُحَمَّدٍ وَأَصْحَابِهِ قَبْلَ أَنْ يَسْبِقَنِي التُّجَّارُ إِلَى مَا هُنَالِكَ ، قَالَ : فَقَامُوا ، فَجَمَعُوا مَالِي كَأَحَثِّ جَمْعٍ سَمِعْتُ بِهِ ، فَجِئْتُ صَاحِبَتِي ، فَقُلْتُ : مَالِي ، وَقَدْ كَانَ لِي عِنْدَهَا مَالٌ مَوْضُوعٌ لَعَلِّي أَلْحَقُ بِخَيْبَرَ فَأُصِيبُ مِنْ فُرَصِ الْبَيْعِ قَبْلَ أَنْ يَسْبِقَنِي إِلَيْهِ التُّجَّارُ ، فَلَمَّا سَمِعَ الْعَبَّاسُ بْنُ عَبْدِ الْمُطَّلِبِ الْخَبَرَ وَجَاءَهُ عَنِّي ، أَقْبَلَ حَتَّى وَقَفَ إِلَى جَنْبِي وَأَنَا فِي خَيْمَةٍ مِنْ خِيَامِ التُّجَّارِ ، فَقَالَ : يَا حَجَّاجُ ، مَا هَذَا الَّذِي جِئْتَ بِهِ ؟ قَالَ : قُلْتُ : وَهَلْ عِنْدَكَ حِفْظٌ لِمَا وَضَعْتُ عِنْدَكَ ؟ قَالَ : نَعَمْ . قُلْتُ : فَاسْتَأْخِرْ عَنِّي حَتَّى أَلْقَاكَ عَلَى خَلاءٍ ، فَإِنِّي فِي جَمْعِ مَالِي كَمَا تَرَى . فَانْصَرِفْ عَنِّي حَتَّى إِذَا فَرَغْتُ مِنْ جَمْعِ كُلِّ شَيْءٍ كَانَ لِي بِمَكَّةَ ، وَأَجْمَعْتُ الْخُرُوجَ لَقِيتُ الْعَبَّاسَ ، فَقُلْتُ : احْفَظْ عَلَيَّ حَدِيثِي يَا أَبَا الْفَضْلِ ، فَإِنِّي أَخْشَى الطَّلَبَ ثَلاثًا ثُمَّ قُلْ مَا شِئْتَ ، قَالَ : أَفْعَلُ . قَالَ : قُلْتُ : فَإِنِّي وَاللَّهِ لَقَدْ تَرَكْتُ ابْنَ أَخِيكَ عَرُوسًا عَلَى ابْنَةِ مَلِكِهِمْ يَعْنِي صَفِيَّةَ بِنْتَ حُيَيِّ بْنِ أَخْطَبَ ، وَلَقَدِ افْتَتَحَ خَيْبَرَ وَانْتَثَلَ مَا فِيهَا وَصَارَتْ لَهُ وَلأَصْحَابِهِ . قَالَ : مَا تَقُولُ يَا حَجَّاجُ ؟ قَالَ : قُلْتُ : إِي وَاللَّهِ فَاكْتُمْ عَلَيَّ وَلَقَدْ أَسْلَمْتُ وَمَا جِئْتُ إِلا لآخُذَ مَالِي فَرَقًا مِنْ أَنْ أُغْلَبَ عَلَيْهِ ، فَإِذَا مَضَتْ ثَلاثٌ ، فَأَظْهِرْ أَمْرَكَ ، فَهُوَ وَاللَّهِ عَلَى مَا تُحِبُّ . قَالَ : حَتَّى إِذَا كَانَ الْيَوْمُ الثَّالِثُ ، لَبِسَ الْعَبَّاسُ حُلَّةً لَهُ ، وَتَخَلَّقَ ، وَأَخَذَ عَصَاهُ ، ثُمَّ خَرَجَ حَتَّى أَتَى الْكَعْبَةَ فَطَافَ بِهَا ، فَلَمَّا رَأَوْهُ ، قَالُوا : يَا أَبَا الْفَضْلِ ، هَذَا وَاللَّهِ التَّجَلُّدُ لِحَرِّ الْمُصِيبَةِ . قَالَ : كَلا وَالَّذِي حَلَفْتُمْ بِهِ لَقَدِ افْتَتَحَ مُحَمَّدٌ خَيْبَرَ وَتُرِكَ عَرُوسًا عَلَى ابْنَةِ مَلِكِهِمْ ، وَأَحْرَزَ أَمْوَالَهَا وَمَا فِيهَا فَأَصْبَحَتْ لَهُ وَلأَصْحَابِهِ . قَالُوا : مَنْ جَاءَكَ بِهَذَا الْخَبَرِ ؟ قَالَ : الَّذِي جَاءَكُمْ بِمَا جَاءَكُمْ بِهِ ، لَقَدْ دَخَلَ عَلَيْكُمْ مُسْلِمًا وَأَخَذَ مَالَهُ وَانْطَلَقَ لِيَلْحَقَ بِرَسُولِ اللَّهِ وَأَصْحَابِهِ فَيَكُونَ مَعَهُ . قَالُوا : يَالَعِبَادِ اللَّهِ ! أَفْلَتَ عَدُوُّ اللَّهِ ، أَمَا وَاللَّهِ لَوْ عَلِمْنَا لَكَانَ لَنَا وَلَهُ شَأْنٌ ، وَلَمْ يَنْشَبُوا أَنْ جَاءَهُمُ الْخَبَرُ بِذَلِكَ .
الأسم | الشهرة | الرتبة |
سَعِيدِ بْنِ الْمُسَيِّبِ | سعيد بن المسيب القرشي | أحد العلماء الأثبات الفقهاء الكبار |
الزُّهْرِيِّ | محمد بن شهاب الزهري / ولد في :52 / توفي في :124 | الفقيه الحافظ متفق على جلالته وإتقانه |
ابْنِ إِسْحَاقَ | ابن إسحاق القرشي / توفي في :150 | صدوق مدلس |
سَلَمَةُ | سلمة بن الفضل الأنصاري | صدوق كثير الخطأ |
ابْنُ حُمَيْدٍ | محمد بن حميد التميمي / توفي في :248 | متروك الحديث |