ثم كانت سنة اثنتي عشرة من الهجرة


تفسير

رقم الحديث : 1009

كَتَبَ إِلَيَّ السَّرِيُّ : عَنْ شُعَيْبٍ ، عَنْ سَيْفٍ ، عَنِ الصَّعْبِ بْنِ عَطِيَّةَ بْنِ بِلالٍ ، عَنْ سَهْمِ بْنِ مِنْجَابٍ ، عَنْ مِنْجَابِ بْنِ رَاشِدٍ ، قَالَ : كَتَبَ إِلَيَّ السَّرِيُّ : عَنْ شُعَيْبٍ ، عَنْ سَيْفٍ ، عَنِ الصَّعْبِ بْنِ عَطِيَّةَ بْنِ بِلالٍ ، عَنْ سَهْمِ بْنِ مِنْجَابٍ ، عَنْ مِنْجَابِ بْنِ رَاشِدٍ ، قَالَ : " بَعَثَ أَبُو بَكْرٍ الْعَلاءَ بْنَ الْحَضْرَمِيِّ عَلَى قِتَالِ أَهْلِ الرِّدَّةِ بِالْبَحْرَيْنِ ، فَلَمَّا أَقْبَلَ إِلَيْهَا فَكَانَ بِحِيَالِ الْيَمَامَةِ لَحِقَ بِهِ ثُمَامَةُ بْنُ أَثَالٍ فِي مُسْلِمَةِ بَنِي حَنِيفَةَ مِنْ بَنِي سُحَيْمٍ وَمِنْ أَهْلِ الْقُرَى مِنْ سَائِرِ بَنِي حَنِيفَةَ ، وَكَانَ مُتَلَدِّدًا ، وَقَدْ أَلْحَقَ عِكْرِمَةَ بِعُمَانَ ثُمَّ مَهْرَةَ ، وَأَمَرَ شُرَحْبِيلَ بِالْمقَامِ حَيْثُ انْتَهَى إِلَى أَنْ يَأْتِيَهُ أَمْرُ أَبِي بَكْرٍ ، ثُمَّ يُغَاوِرُ هُوَ وَعَمْرُو بْنُ الْعَاصِ أَهْلَ الرِّدَّةِ مِنْ قُضَاعَةَ . فَأَمَّا عَمْرُو بْنُ الْعَاصِ فَكَانَ يُغَاوِرُ سَعْدًا وَبليا وأمر هذا بكلب ولفها ، فَلَمَّا دَنَا مِنَّا وَنَحْنُ فِي عُلْيَا الْبِلادِ لَمْ يَكُنْ أَحَدٌ لَهُ فَرَسٌ مِنَ الرَّبَابِ وَعَمْرو بن تَمِيمٍ إِلا جنبه ثُمَّ اسْتَقْبَلَهُ . فَأَمَّا بَنُو حَنْظَلَةَ ؛ فَإِنَّهُمْ قَدَّمُوا رِجْلا وَأَخَّرُوا أُخْرَى ، وَكَانَ مَالِكُ بْنُ نُوَيْرَةَ فِي الْبِطَاحِ وَمَعَهُ جُمُوعٌ يُسَاجِلُنَا وَنُسَاجِلُهُ ، وَكَانَ وَكِيعُ بْنُ مَالِكٍ فِي الْقَرْعَاءِ مَعَهُ جُمُوعٌ يُسَاجِلُ عَمْرًا وَعَمْرٌو يُسَاجِلُهُ . وَأَمَّا سَعْدُ بْنُ زَيْدِ مَنَاةَ ؛ فَإِنَّهُمْ كَانُوا فِرْقَتَيْنِ ، فَأَمَّا عَوْفٌ وَالأَبْنَاءُ ؛ فَإِنَّهُمْ أَطَاعُوا الزِّبْرَقَانَ بْنَ بَدْرٍ فَثَبَتُوا عَلَى إِسْلامِهِمْ وَتَمُّوا وَذَبُّوا عَنْهُ ، وَأَمَّا الْمَقَاعِسُ وَالْبُطُونُ ؛ فَإِنَّهُمَا أَصَاحَا وَلَمْ يُتَابِعَا إِلا مَا كَانَ مِنْ قَيْسِ بْنِ عَاصِمٍ ، فَإِنَّهُ قَسَّمَ الصَّدَقَاتَ الَّتِي كَانَتِ اجْتَمَعَتْ إِلَيْهِ فِي الْمَقَاعِسِ وَالْبُطُونِ حِينَ شَخَصَ الزِّبْرِقَانُ بِصَدَقَاتِ عَوْفٍ وَالأَبْنَاءِ ، فَكَانَتْ عَوْفٌ وَالأَبْنَاءُ مَشَاغِيلٌ بِالْمَقَاعِسِ وَالْبُطُونِ . فَلَمَّا رَأَى قَيْسُ بْنُ عَاصِمٍ مَا صَنَعَتِ الربابُ وَعَمْرٌو مِنْ تَلَقِّي الْعَلاءِ نَدَمَ عَلَى مَا كَانَ فرط مِنْهُ ، فَتَلَقَّى الْعَلاءُ بِإِعْدَادِ مَا كَانَ قسم مِنَ الصَّدَقَاتِ ، وَنَزَعَ عَنْ أَمْرِهِ الَّذِي كَانَ هَمَّ بِهِ ، وَاسْتَاقَ حَتَّى أَبْلَغَهَا إِيَّاهُ وَخَرَجَ مَعَهُ إِلَى قِتَالِ أَهْلِ الْبَحْرَيْنِ ، وَقَالَ فِي ذَلِكَ شِعْرًا ، كَمَا قَالَ الزِّبْرِقَانُ فِي صَدَقَتِهِ حِينَ أَبْلَغَهَا أَبَا بَكْرٍ ، وَكَانَ الَّذِي قَالَ الزِّبْرِقَانُ فِي ذَلِكَ : وَفَيْتُ بِأَذْوَادِ الرَّسُولِ وَقَدْ أَبَتْ سُعَاةٌ فَلَمْ يَرْدُدْ بَعِيرًا مُجِيرُهَا مَعًا وَمَنَعْنَاهَا مِنَ النَّاسِ كُلِّهِمْ تُرَامِي الأَعَادِي عِنْدَنَا مَا يُضِيرُهَا فَأَدَّيْتُهَا كَيْ لا أَخُونَ بِذِمَّتِي مَحَانِيقَ لَمْ تُدْرَسْ لِرَكْبٍ ظُهُورُهَا أَرَدْتُ بِهَا التَّقْوَى وَمَجْدَ حَدِيثِهَا إِذَا عُصْبَة سامى قبيلي فَخُورُهَا وَإِنِّي لَمِنْ حَيٍّ إِذَا عُدَّ سَعْيُهُمْ يَرَى الْفَخْرَ مِنْهَا حَيُّهَا وَقُبُورُهَا أَصَاغِرُهُمْ لَمْ يَضْرَعُوا وَكِبَارُهُمْ رَزَانٌ مَرَاسِيهَا عِفَافٌ صُدُورُهَا وَمِنْ رَهْطِ كَنادِ تَوَفَّيْتُ ذِمَّتِي وَلَمْ يَثْنِ سَيْفِي نَبْحُهَا وَهَرِيرُهَا وَلِلَّهِ ملك قَدْ دَخَلْتُ وَفَارِسٍ طَعَنْتُ إِذَا مَا الْخَيْلِ شَدَّ مُغِيرُهَا فَفَرَّجْتُ أُولاهَا بِنَجْلاءِ ثَرَّةٍ بِحَيْثُ الَّذِي يَرْجُو الْحَيَاةَ يُضِيرُهَا وَمَشْهَدِ صِدْقٍ قَدْ شَهِدْتُ فَلَمْ أَكُنْ بِهِ خَامِلا وَالْيَوْمُ يُثْنَى مَصِيرُهَا أَرَى رَهْبَةَ الأَعْدَاءِ مِنِّي جَرَاءَةً وَيَبْكِي إِذَا مَا النَّفْسُ يُوحَى ضَمِيرُهَا وَقَالَ قَيْسٌ عِنْدَ اسْتِقْبَالِ الْعَلاءِ بِالصَّدَقَةِ : أَلا أَبْلِغَا عَنِّي قُرَيْشًا رِسَالَةً إِذَا مَا أَتَتْهَا بَيِّنَاتُ الْوَدَائِعِ حَبَوْتُ بِهَا فِي الدَّهْرِ أَعْرَاضَ منقر وَأَيْئَسْت مِنْهَا كل أطلس طامع وجدت أبي والخال كانا بنجوة بقاع فلم يحلل بها من أدافع فَأَكْرَمَهُ الْعَلاءُ وَخَرَجَ مَعَ الْعَلاءِ بْنِ عَمْرٍو وَسَعْدٍ الرَّبَّابِ مِثْلَ عَسْكَرِهِ ، وَسَلَكَ بِنَا الدَّهْنَاءَ حَتَّى إِذَا كُنَّا فِي بُحْبُوحَتِهَا وَالْحَنانَاتِ وَالْعَزَّافَاتِ عَنْ يَمِينِهِ وَشِمَالِهِ ، وَأَرَادَ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ أَنْ يُرِيَنَا آيَاتِهِ ، نَزَلَ وَأَمَرَ النَّاسَ بِالنُّزُولِ ، فَنَفَرَتِ الإِبِلُ فِي جَوْفِ اللَّيْلِ ، فَمَا بَقِيَ عِنْدَنَا بَعِيرٌ وَلا زَادٌ وَلا مَزَادٌ وَلا بِنَاءٌ إِلا ذَهَبَ عَلَيْهَا فِي عَرَضِ الرَّمْلِ ، وَذَلِكَ حِينَ نَزَلَ النَّاسُ وَقَبْلَ أَنْ يَحُطُّوا . فَمَا عَلِمْتُ جَمْعًا هَجَمَ عَلَيْهِمْ مِنَ الْغَمِّ مَا هَجَمَ عَلَيْنَا ، وَأَوْصَى بَعْضُنَا إِلَى بَعْضٍ ، وَنَادَى مُنَادِي الْعَلاءِ : اجْتَمِعُوا فَاجْتَمَعْنَا إِلَيْهِ . فَقَالَ : مَا هَذَا الَّذِي ظَهَرَ فِيكُمْ وَغَلَبَ عَلَيْكُمْ ؟ فَقَالَ النَّاسُ : وَكَيْفَ نُلامُ وَنَحْنُ إِنْ بَلَغْنَا غَدًا لَمْ تَحْمِ شَمْسُهُ حَتَّى نَصِيرَ حَدِيثًا ؟ فَقَالَ : أَيُّهَا النَّاسُ لا تُرَاعُوا ، أَلَسْتُمْ مُسْلِمِينَ ؟ أَلَسْتُمْ فِي سَبِيلِ اللَّهِ ؟ أَلَسْتُمْ أَنْصَارَ اللَّهِ ؟ قَالُوا : بَلَى . قَالَ فَأَبْشِرُوا فَوَاللَّهِ لا يَخْذُلُ اللَّهُ مَنْ كَانَ فِي مِثْلِ حَالِكُمْ . وَنَادَى الْمُنَادِي بِصَلاةِ الصُّبْحِ حِينَ طَلَعَ الْفَجْرُ فَصَلَّى بِنَا ، وَمِنَّا الْمُتَيَمِّمُ وَمِنَّا مَنْ لَمْ يَزَلْ عَلَى طُهُورِهِ ، فَلَمَّا قَضَى صَلاتَهُ جَثَا لِرُكْبَتَيْهِ ، وَجَثَا النَّاسُ ، فَنَصَبَ فِي الدُّعَاءِ وَنَصَبُوا مَعَهُ ، فَلَمَعَ لَهُمْ سَرَابُ الشَّمْسِ فَالْتَفَتَ إِلَى الصَّفِّ ، فَقَالَ رَائِدٌ يَنْظُرُ : مَا هَذَا ؟ فَفَعَلَ ، ثُمَّ رَجَعَ ، فَقَالَ : سَرَابٌ ، فَأَقْبَلَ عَلَى الدُّعَاءِ ، ثُمَّ لَمَعَ لَهُمْ آخَرُ فَكَذَلِكَ ، ثُمَّ لَمَعَ لَهُمْ آخَرُ ، فَقَالَ : مَاءٌ . فَقَامَ وَقَامَ النَّاسُ فَمَشَيْنَا إِلَيْهِ حَتَّى نَزَلْنَا عَلَيْهِ ، فَشَرِبْنَا وَاغْتَسَلْنَا . فَمَا تَعَالَى النَّهَارُ حَتَّى أَقْبَلَتِ الإِبِلُ تكرد مِنْ كُلِّ وَجْهٍ ، فَأَنَاخَتْ إِلَيْنَا فَقَامَ كُلُّ رَجُلٍ إِلَى ظَهْرِهِ فَأَخَذَهُ فَمَا فَقَدْنَا سَلكًا ، فَأَرْوَيْنَاهَا وَأَسْقَيْنَاهَا العللَ بَعْدَ النَّهْلِ وَتَرَوَّيْنَا ثُمَّ تَرَوَّحْنَا ، وَكَانَ أَبُو هُرَيْرَةَ رَفِيقِي ، فَلَمَّا غِبْنَا عَنْ ذَلِكَ الْمَكَانِ ، قَالَ لِي : كَيْفَ عِلْمُكَ بِمَوْضِعِ ذَلِكَ الْمَاءِ ؟ قُلْتُ : أَنَا مَنْ أَهْدِي الْعَرَبَ بِهَذِهِ الْبِلادِ . قَالَ : فَكُنْ مَعِي حَتَّى تُقِيمَنِي عَلَيْهِ . فَكَرَرْتُ بِهِ فَأَتَيْتُ بِهِ عَلَى ذَلِكَ الْمَكَانِ بِعَيْنِهِ ، فَإِذَا هُوَ لا غَدِيرَ بِهِ وَلا أَثَرَ لِلْمَاءِ ، فَقُلْتُ لَهُ : وَاللَّهُ لَوْلا أَنِّي لا أَرَى الْغَدِيرَ لأَخْبَرْتُكَ أَنَّ هَذَا هُوَ الْمَكَانُ ، وَمَا رَأَيْتُ بِهَذَا الْمَكَانِ مَاءً نَاقِعًا قَبْلَ الْيَوْمِ وَإِذَا إِدَاوَةٌ مَمْلُوءَةٌ . فَقَالَ : يَا أَبَا سَهْمٍ هَذَا وَاللَّهِ الْمَكَانُ وَلِهَذَا رَجَعْتُ وَرَجَعْتُ بِكَ ، وَمَلأتُ إِدَاوَتِي ثُمَّ وَضَعْتُهَا عَلَى شَفِيرِهِ ، فَقُلْتُ : إِنْ كَانَ مَنًّا مِنَ الْمَنِّ وَكَانَتْ آيَةً ؛ عَرَفْتُهَا ، وَإِنْ كَانَ غِيَاثًا ؛ عَرَفْتُهُ ، فَإِذًا مَنٌّ مِنَ المَنِّ ، فَحَمَدَ اللَّهَ ، ثُمَّ سِرْنَا حَتَّى نَنْزِلَ هَجَرَ . قَالَ : فَأَرْسَلَ الْعَلاءُ إِلَى الْجَارُودِ وَرَجُلٍ آخَرَ أَنِ انْضَمَّا فِي عَبْدِ الْقَيْسِ حَتَّى تَنْزِلا عَلَى الْحَطمِ مِمَّا يَلِيكُمَا ، وَخَرَجَ هُوَ فِيمَنْ جَاءَ مَعَهُ وَفِيمَنْ قَدِمَ عَلَيْهِ حَتَّى يَنْزِلَ عَلَيْهِ مِمَّا يَلِي هَجَرَ ، وَتَجَمَّعَ الْمُشْرِكُونَ كُلُّهُمْ إِلَى الْحطمِ إِلا أَهْلَ دَارِينَ ، وَتَجَمَّعَ الْمُسْلِمُونَ كُلُّهُمْ إِلَى الْعَلاءِ بْنِ الْحَضْرَمِيِّ وَخَنْدَقَ الْمُسْلِمُونَ وَالْمُشْرِكُونَ ، وَكَانُوا يَتَرَاوَحُونَ الْقِتَالَ وَيَرْجِعُونَ إِلَى خَنْدَقِهِمْ ، فَكَانُوا كَذَلِكَ شَهْرًا فَبَيْنَا النَّاسُ لَيْلَةً إِذْ سَمِعَ الْمُسْلِمُونَ فِي عَسْكَرِ الْمُشْرِكِينَ ضَوْضَاءً شَدِيدَةً كَأَنَّهَا ضَوْضَاءُ هَزِيمَةٍ أَوْ قِتَالٍ ، فَقَالَ الْعَلاءُ : مَنْ يَأْتِيَنَا بِخَبَرِ الْقَوْمِ ؟ فَقَالَ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ حذفٍ : أَنَا آتِيكُمْ بِخَبَرِ الْقَوْمِ وَكَانَتْ أُمُّهُ عِجْلِيَّةً ، فَخَرَجَ حَتَّى إِذَا دَنَا مِنْ خَنْدَقِهِمْ أَخَذُوهُ ، فَقَالُوا لَهُ : مَنْ أَنْتَ ؟ فَانْتَسَبَ لَهُمْ وَجَعَلَ يُنَادِي يَا أَبْجَرَاهُ ، فَجَاءَ أَبْجَرُ بْنُ بُجَيْرٍ فَعَرَفَهُ ، فَقَالَ : مَا شَأْنُكَ ؟ فَقَالَ : لا أَضِيعَنَّ اللَّيْلَةَ بَيْنَ اللَّهَازِمِ عَلامَ أُقْتَلُ وَحَوْلِي عَسَاكِرُ مِنْ عِجْلٍ وَتَيْمِ اللاتِ وَقَيْسٍ وَعَنْزَةَ ؟ أَيَتَلاعَبُ بِي الحطمُ وَنِزَاعُ الْقَبَائِلِ وَأَنْتُمْ شُهُودٌ ؟ فَتَخَلَّصَهُ ، وَقَالَ : وَاللَّهِ إِنِّي لأَظُنُّكَ بِئْسَ ابْنُ الأُخْتِ لأَخْوَالِكَ اللَّيْلَةَ ، فَقَالَ : دَعْنِي مِنْ هَذَا وَأَطْعِمْنِي ؛ فَإِنِّي قَدْ مِتُّ جُوعًا ، فَقَرَّبَ لَهُ طَعَامًا فَأَكَلَ ، ثُمَّ قَالَ : زَوِّدْنِي وَاحْمِلْنِي وَجَوِّزْنِي ، انْطَلِقْ إِلَى طَيَّتِي . وَيَقُولُ ذَلِكَ لِرَجُلٍ قَدْ غَلَبَ عَلَيْهِ الشَّرَابُ ، فَفَعَلَ وَحَمَلَهُ عَلَى بَعِيرٍ وَزَوَّدَهُ وَجَوَّزَهُ ، وَخَرَجَ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ حذفٍ حَتَّى دَخَلَ عَسْكَرَ الْمُسْلِمِينَ فَأَخْبَرَهُمْ أَنَّ الْقَوْمَ سُكَارَى ، فَخَرَجَ الْمُسْلِمُونَ عَلَيْهِمْ حَتَّى اقْتَحَمُوا عَلَيْهِمْ عَسْكَرَهُمْ ، فَوَضَعُوا السُّيُوفَ فِيهِمْ حَيْثُ شَاءُوا ، وَاقْتَحَمُوا الْخَنْدَقَ هُرَّابا ؛ فَمُتَرَدٌّ ، وَنَاجٍ ، وَدَهِشٌ وَمَقْتُولٌ أَوْ مَأْسُورٌ ، وَاسْتَوْلَى الْمُسْلِمُونَ عَلَى مَا فِي الْعَسْكَرِ لَمْ يُفْلِتْ رَجُلٌ إِلا بِمَا عَلَيْهِ . فَأَمَّا أَبْجَرُ ؛ فَأَفْلَتَ ، وَأَمَّا الْحطمُ ؛ فَإِنَّهُ بَعِلَ وَدَهِشَ وَطَارَ فُؤَادُهُ . فَقَامَ إِلَى فَرَسِهِ ، وَالْمُسْلِمُونَ خِلالُهُمْ يَجُوسُونَهُمْ ، لِيَرْكَبَهُ ، فَلَمَّا وَضَعَ رِجْلَهُ فِي الرِّكَابِ انْقَطَعَ بِهِ ، فَمَرَّ بِهِ عَفِيفُ بْنُ الْمُنْذِرِ أَحَدُ بَنِي عَمْرِو بْنِ تَمِيمٍ وَالحطمُ يَسْتَغِيثُ ، وَيَقُولُ : أَلا رَجُلٌ مِنْ بَنِي قَيْسِ بْنِ ثَعْلَبَةَ يَعْقِلُنِي ؟ فَرَفَعَ صَوْتَهُ فَعَرَفَ صَوْتَهُ ، فَقَالَ أَبُو ضُبَيْعَةَ : قَالَ : نَعَمْ . قَالَ : أَعْطِنِي رِجْلَكَ أُعْقِلَكَ ، فَأَعْطَاهُ رِجْلَهُ يَعْقِلَهُ فَنَفَحَهَا فَأَطَنَّهَا مِنَ الْفَخِذِ وتَرَكَهُ . فَقَالَ : أَجْهِزْ عَلَيَّ ، فَقَالَ ، إِنِّي أُحِبُّ أَلا تَمُوتَ حَتَّى أمضكَ ، وَكَانَ مَعَ عَفِيفٍ عِدَّةٌ مِنْ وَلَدِ أَبِيهِ فَأُصِيبُوا ليلتئذ ، وَجَعَلَ الحطمُ لا يَمُرُّ بِهِ فِي اللَّيْلِ أَحَدٌ مِنَ الْمُسْلِمِينَ ، إِلا قَالَ : هَلْ لَكَ فِي الْحطمِ أَنْ تَقْتُلَهُ ؟ وَيَقُولُ ذَاكَ لِمَنْ لا يَعْرِفُهُ ، حَتَّى مَرَّ بِهِ قَيْسُ بْنُ عَاصِمٍ ، فَقَالَ لَهُ ذَلِكَ ، فَمَالَ عَلَيْهِ فَقَتَلَهُ . فَلَمَّا رَأَى فَخِذَهُ نَادِرَةً ، قَالَ : وَاسَوْأَتَاهُ لَوْ عَلِمْتُ الَّذِي بِهِ لَمْ أُحَرِّكْهُ . وَخَرَجَ الْمُسْلِمُونَ بَعْدَ مَا أَحْرَزُوا الْخَنْدَقَ عَلَى الْقَوْمِ يَطْلُبُونَهُمْ فاتَّبَعُوهُمْ ، فَلَحِقَ قَيْسُ بْنُ عَاصِمٍ أَبْجَرَ ، وَكَانَ فَرَسُ أَبْجَرَ أَقْوَى مِنْ فَرَسِ قَيْسٍ فَلَمَّا خَشِيَ أَنْ يَفُوتَهُ طَعَنَهُ فِي الْعُرْقُوبِ ، فَقَطَعَ الْعَصَبَ وَسَلمَ النَّسَا فَكَانَتْ رَادَّةً ، وَقَالَ عَفِيفُ بْنُ الْمُنْذِرِ : فَإِنْ يَرْقَإِ الْعُرْقُوبُ لا يَرْقَإِ النَّسَا وَمَا كُلُّ مَنْ يَهْوَى بِذَلِكَ عَالِمُ أَلَمْ تَرَ أَنَّا قَدْ فَلَلْنَا حُمَاتَهُمْ بِأَسْرَةِ عَمْرٍو وَالرَّبَابُ الأَكَارِمُ وَأَسَرَ عَفِيفُ بْنُ الْمُنْذِرِ الْغَرُورَ بْنَ سُوَيْدٍ فَكَلَّمَتْهُ الرَّبَابُ فِيهِ ، وَكَانَ أَبُوهُ ابْنُ أُخْتِ التَّيْمِ وَسَأَلُوهُ أَنْ يُجِيرَهُ ، فَقَالَ لِلْعَلاءِ : إِنِّي قَدْ أَجَرْتُ هَذَا . قَالَ : وَمَنْ هَذَا ؟ قَالَ : الْغَرُورُ . قَالَ : أَنْتَ غَرَرْتَ هَؤُلاءِ ؟ قَالَ : أَيُّهَا الْمَلِكُ إِنِّي لَسْتُ بِالْغَرُورِ وَلَكِنِّي الْمَغْرُورُ . قَالَ : أَسْلِمْ فَأَسْلَمَ ، وَبَقِيَ بِهَجَرَ وَكَانَ اسْمُهُ الْغَرُورُ ، وَلَيْسَ بِلَقَبٍ ، . وَقَتَلَ عَفِيفٌ الْمُنْذِرَ بْنَ سُوَيْدِ بْنِ الْمُنْذِرِ أَخَا الْغَرُورِ لأُمِّهِ ، وَأَصْبَحَ الْعَلاءُ فَقَسَّمَ الأَنْفَالَ وَنَفَّل رِجَالا مِنْ أَهْلِ الْبَلاءِ ثِيَابًا ، فَكَانَ فِيمَنْ نُفِلَ عَفِيفُ بْنُ الْمُنْذِرِ وَقَيْسُ بْنُ عَاصِمٍ وَثُمَامَةُ بْنُ أُثَالٍ . فَأَمَّا ثُمَامَةُ ؛ فَنُفِلَ ثِيَابًا فِيهَا خَمِيصَةٌ ذَاتُ أَعْلامٍ ، كَانَ الْحطمُ يُبَاهِي فِيهَا . وَبَاع الثِّيَابَ وَقَصَدَ عَظم الفلال لدارين فَرَكِبُوا فِيهَا السفن ، وَرَجَعَ الآخَرُونَ إِلَى بِلادِ قَوْمِهِمْ . فَكَتَبَ الْعَلاءُ بْنُ الْحَضْرَمِيِّ إِلَى مَنْ أَقَامَ عَلَى إِسْلامِهِ مِنْ بَكْرِ بْنِ وَائِلٍ فِيهِمْ ، وَأَرْسَلَ إِلَى عُتَيْبَةَ بْنِ النَّهَّاسِ وَإِلَى عَامِرِ بْنِ عَبْدِ الأَسْوَدِ بِلُزُومِ مَا هُمْ عَلَيْهِ وَالْقُعُودِ لأَهْلِ الرِّدَّةِ بِكُلِّ سَبِيلٍ ، وَأَمَرَ مِسْمَعًا بِمُبَادَرَتِهِمْ وَأَرْسَلَ إِلَى خصفةَ التَّمِيمِيِّ وَالْمُثَنَّى بْنِ حَارِثَةَ الشَّيْبَانِيِّ ، فَأَقَامُوا لأُولَئِكَ بِالطَّرِيقِ ، فَمِنْهُمْ مَنْ أَنَابَ ، فَقَبِلُوا مِنْهُ وَاشْتَمَلُوا عَلَيْهِ ، وَمِنْهُمْ مَنْ أَبَى ، وَلَج فمنع مِنَ الرُّجُوعِ فَرَجَعُوا عَوْدهمْ عَلَى بَدْئِهِمْ حَتَّى عَبَرُوا إِلَى دَارِينَ ، فَجَمَعَهُمُ اللَّهُ بِهَا وَقَالَ فِي ذَلِكَ رَجُلٌ مِنْ بَنِي ضُبَيْعَةَ بْنِ عِجْلٍ يُدْعَى : وَهْبًا يُعَيِّرُ مَنِ ارْتَدَّ مِنْ بَكْرِ بْنِ وَائِلٍ : أَلَمْ تَرَ أَنَّ اللَّهَ يَسْبُكُ خَلْقَهُ فَيَخْبُثُ أَقْوَامٌ وَيَصْفُو مَعْشَرُ لَحَى اللَّهُ أَقْوَامًا أُصِيبُوا بِخَنْعَةٍ أَصَابَهُمْ زَيْدُ الضَّلال وَمَعْمَرُ وَلَمْ يَزَلِ الْعَلاءُ مُقِيمًا فِي عَسْكَرِ الْمُشْرِكِينَ حَتَّى رَجَعَتْ إِلَيْهِ الْكُتُبُ مِنْ عِنْدِ مَنْ كَانَ كَتَبَ إِلَيْهِ مِنْ بَكْرِ بْنِ وَائِلٍ ، وَبَلَغَهُ عَنْهُمُ الْقِيَامُ بِأَمْرِ اللَّهِ وَالْغَضَبُ لِدِينِهِ ، فَلَمَّا جَاءَهُ عَنْهُمْ مِنْ ذَلِكَ مَا كَانَ يَشْتَهِي ، أَيْقَنَ أَنَّهُ لَنْ يُؤْتَى مِنْ خَلْفِهِ بِشَيْءٍ يَكْرَهُهُ عَلَى أَحَدٍ مِنْ أَهْلِ الْبَحْرَيْنِ . وَنَدَبَ النَّاسَ إِلَى دَارِينَ ثُمَّ جَمَعَهُمْ فَخَطَبَهُمْ ، وَقَالَ : إِنَّ اللَّهَ قَدْ جَمَعَ لَكُمْ أَحْزَابَ الشَّيَاطِينِ وَشَرَدَ الْحَرْبَ فِي هَذَا الْبَحْرِ ، وَقَدْ أَرَاكُمْ مِنْ آيَاتِهِ فِي الْبَرِّ لِتَعْتَبِرُوا بِهَا فِي الْبَحْرِ ، فَانْهَضُوا إِلَى عَدُوِّكُمْ ثُمَّ اسْتَعْرِضُوا الْبَحْرَ إِلَيْهِمْ ؛ فَإِنَّ اللَّهَ قَدْ جَمَعَهُمْ . فَقَالُوا : نَفْعَلُ وَلا نَهَابُ وَاللَّهِ بَعْدَ الدَّهْنَاءِ هَوْلا مَا بَقِينَا . فَارْتَحَلَ وَارْتَحَلُوا حَتَّى إِذَا أَتَى سَاحِلَ الْبَحْرِ اقْتَحَمُوا عَلَى الصَّاهِلِ وَالْجَامِلِ وَالشَّاحِجِ وَالنَّاهِقِ وَالرَّاكِبِ وَالرَّاجِلِ ، وَدَعَا وَدَعَوْا ، وَكَانَ دُعَاؤُهُ ، وَدُعَاؤُهُمْ : يَا أَرْحَمَ الرَّاحِمِينَ ، يَا كَرِيمُ يَا حَلِيمُ ، يَا أَحَدُ ، يَا صَمَدُ ، يَا حَيُّ يَا مُحْيِيَ الْمَوْتَى ، يَا حَيُّ يَا قَيُّومُ ، لا إِلَهَ إِلا أَنْتَ يَا رَبَّنَا . فَأَجَازُوا ذَلِكَ الْخَلِيجَ بِإِذْنِ اللَّهِ جَمِيعًا يَمْشُونَ عَلَى مِثْلِ رَمْلَةٍ مَيْثَاءَ فَوْقَهَا مَاءٌ يَغْمُرُ أَخْفَافَ الإِبِلِ ، وَإِنَّ مَا بَيْنَ السَّاحِلِ وَدَارِينَ مَسِيرَةُ يَوْمٍ وَلَيْلَةٍ لِسُفُنِ الْبَحْرِ فِي بَعْضِ الْحَالاتِ ، فَالْتَقُوا بِهَا وَاقْتَتَلُوا قِتَالا شَدِيدًا ، فَمَا تَرَكُوا بِهَا مَخْبَرًا وَسَبُوا الذَّرَارِيَ وَاسْتَاقُوا الأَمْوَالَ ، فَبَلَغَ نَفَلُ الْفَارِسِ سِتَّةَ آلافٍ وَالرَّاجِلِ أَلْفَيْنِ ، قَطَعُوا لَيْلَهُمْ وَسَارُوا يَوْمَهُمْ ، فَلَمَّا فَرَغُوا رَجَعُوا عَوْدَهُمْ عَلَى بَدْئِهِمْ حَتَّى عَبَرُوا ، وَفِي ذَلِكَ يَقُولُ عَفِيفُ بْنُ الْمُنْذِرِ : أَلَمْ تَرَ أَنَّ اللَّهَ ذَلَّلَ بَحْرَهُ وَأَنْزَلَ بِالْكُفَّارِ إِحْدَى الْجَلائِلِ دَعَوْنَا الَّذِي شَقَّ الْبِحَارَ فَجَاءَنَا بِأَعْجَبَ مِنْ فَلْقِ الْبِحَارِ الأَوَائِلِ وَلَمَّا رَجَعَ الْعَلاءُ إِلَى الْبَحْرَيْنِ وَضَرَبَ الإِسْلامُ فِيهَا بِجِرَانِهِ ، وَعَزَّ الإِسْلامُ وَأَهْلُهُ ، وَذُلَّ الشِّرْكُ وَأَهْلُهُ ، أَقْبَلَ الَّذِينَ فِي قُلُوبِهِمْ مَا فِيهَا عَلَى الإِرْجَافِ ، فَأَرْجَفَ مُرْجِفُونَ ، وَقَالُوا : هَاذَاكَ مَفْرُوقٌ قَدْ جَمَعَ رَهْطَهُ شَيْبَانَ وَتَغْلِبَ وَالنَّمِرَ ، فَقَالَ لَهُمْ أَقْوَامٌ منِ الْمُسْلِمِينَ : إِذَا تَشْغَلُهُمْ عَنَّا اللَّهَازِمُ ، وَاللَّهَازِمُ يَوْمَئِذٍ قَدِ اسْتُجْمِعَ أَمْرُهُمْ عَلَى نَصْرِ الْعَلاءِ وَطَابَقُوا ، وَقَالَ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ حَذفٍ فِي ذَلِكَ : لا تُوعِدُونَا بِمَفْرُوقٍ وَأُسْرَتِهِ إِنْ يَأْتِنَا يَلْقَ فِينَا سُنَّةَ الْحَطَمِ وَإِنَّ ذَا الْحَيِّ مِنْ بَكْرٍ وَإِنْ كَثُرُوا لأُمَّةٌ دَاخِلُونَ النَّارَ فِي أُمَمِ فَالنَّخْلُ ظَاهِرُهُ خَيْلٌ وَبَاطِنُهُ خَيْلٌ تَكَدَّسَ بِالْفِتْيَانِ فِي النَّعَمِ وَأَقْفَلَ الْعَلاءُ بْنُ الْحَضْرَمِيِّ النَّاسَ فَرَجَعَ النَّاسُ إِلا مَنْ أَحَبَّ الْمُقَامِ ، فَقَفَلْنَا وَقَفَلَ ثُمَامَةُ بْنُ أُثَالٍ ، حَتَّى إِذَا كُنَّا عَلَى مَاءٍ لِبَنِي قَيْسِ بْنِ ثَعْلَبَةَ فَرَأَوْا ثُمَامَةَ وَرَأَوْا خَمِيصَةَ الْحَطمِ عَلَيْهِ ، دَسُّوا لَهُ رَجُلا ، وَقَالُوا : سَلْهُ عَنْهَا كَيْفَ صَارَتْ لَهُ ؟ وَعَنِ الْحطمِ أَهُوَ قَتَلَهُ أَوْ غَيْرُهُ ؟ فَأَتَاهُ فَسَأَلَهُ عَنْهَا ، فَقَالَ : نُفِّلْتُهَا . قَالَ : أَأَنْتَ قَتَلْتَ الْحطمَ ؟ قَالَ : لا ، وَلَوَدِدْتُ أَنِّي كُنْتُ قَتَلْتُهُ . قَالَ : فَمَا بَالُ هَذِهِ الْخَمِيصَةِ مَعَكَ ؟ قَالَ : أَلَمْ أُخْبِرْكَ ؟ فَرَجَعَ إِلَيْهِمْ فَأَخْبَرَهُمْ فَتَجَمَّعُوا لَهُ ثُمَّ أَتَوْهُ فَاحْتَوَشُوهُ ، فَقَالَ : مَا لَكُمْ ؟ قَالُوا : أَنْتَ قَاتِلُ الحطمَ . قَالَ : كَذَبْتُمْ ، لَسْتُ بِقَاتِلِهِ وَلَكِنِّي نُفِّلْتُهَا . قَالُوا : هَلْ يُنَفَّلُ إِلا الْقَاتِلُ ؟ قَالَ : إِنَّهَا لَمْ تَكُنْ عَلَيْهِ إِنَّمَا وُجِدَتْ فِي رَحْلِهِ . قَالُوا : كَذَبْتَ فَأَصَابُوهُ . قَالَ : وَكَانَ مَعَ الْمُسْلِمِينَ رَاهِبٌ فِي هَجَرَ فَأَسْلَمَ يَوْمَئِذٍ ، فَقِيلَ : مَا دَعَاكَ إِلَى الإِسْلامِ ؟ قَالَ : ثَلاثَةُ أَشْيَاءَ ، خَشِيتُ أَنْ يَمْسَخَنِي اللَّهُ بَعْدَهَا إِنْ أَنَا لَمْ أَفْعَلْ : فَيْضٌ فِي الرِّمَالِ ، وَتَمْهِيدُ أَثْبَاجِ الْبِحَارِ ، وَدُعَاءٌ سَمِعْتُهُ فِي عَسْكَرِهِمْ فِي الْهَوَاءِ مِنَ السَّحَرِ . قَالُوا : وَمَا هُوَ ؟ قَالَ : اللَّهُمَّ أَنْتَ الرَّحْمَنُ الرَّحِيمُ لا إِلَهَ غَيْرُكَ ، وَالْبَدِيعُ لَيْسَ قَبْلِكَ شَيْءٌ ، وَالدَّائِمُ غَيْرُ الْغَافِلِ ، وَالْحَيُّ الَّذِي لا يَمُوتُ ، وَخَالِقُ مَا يَرَى وَمَا لا يَرَى ، وَكُلُّ يَوْمٍ أَنْتَ فِي شَأْنٍ ، وَعَلِمْتَ اللَّهُمَّ كُلَّ شَيْءٍ بِغَيْرِ تَعَلُّمٍ ، فَعَلِمْتَ أَنَّ الْقَوْمَ لَمْ يُعَانُوا بِالْمَلائِكَةِ إِلا وَهُمْ عَلَى أَمْرِ اللَّهِ ، فَلَقَدْ كَانَ أَصْحَابُ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَسْمَعُونَ مِنْ ذَلِكَ الْهجري بعد ، وَكَتَبَ الْعَلاءُ إِلَى أَبِي بَكْرٍ : أَمَّا بَعْدُ ، فَإِنَّ اللَّهَ تَبَارَكَ وَتَعَالَى فَجَّرَ لَنَا الدَّهْنَاءَ فَيْضًا لا تُرَى غَوَارِبُهُ ، وَأَرَانَا آيَةً وَعِبْرَةً بَعْدَ غَمٍّ وَكَرْبِ ، لِنَحْمَدِ اللَّهَ وَنُمَجِّدْهُ ، فَادْعُ اللَّهُ وَاسْتَنْصِرْهُ لِجُنُودِهِ وَأَعْوَانِ دِينِهِ ، فَحَمَدَ أَبُو بَكْرٍ اللَّهَ وَدَعَاهُ ، وَقَالَ : مَا زَالَتِ الْعَرَبُ فِيمَا تُحَدِّثُ عَنْ بُلْدَانِهَا ، يَقُولُونَ : إِنَّ لُقْمَانَ حِينَ سُئِلَ عَنِ الدَّهْنَاءِ أَيَحْتَفُرُونَهَا أَوْ يَدَعُونَهَا ؟ نَهَاهُمْ ، وَقَالَ : لا تبلغها الأرشية ، وَلَمْ تقر الْعُيُونُ ، وَأَنَّ شَأْنَ هَذَا الْفَيْضِ مِنْ عَظِيمِ الآيَاتِ ، وَمَا سَمِعْنَا بِهِ فِي أُمَّةٍ قَبْلَهَا ، اللَّهُمَّ اخْلِفْ مُحَمَّدًا صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِينَا . ثُمَّ كَتَبَ إِلَيْهِ الْعَلاءُ بِهَزِيمَةِ أَهْلِ الْخَنْدَقِ وَقَتْلِ الحطمِ ، قَتَلَهُ زَيْدٌ وَمِسْمَعٌ . أَمَّا بَعْدُ ، فَإِنَّ اللَّهَ تَبَارَكَ اسْمُهُ سَلَبَ عَدُوَّنَا عُقُولَهُمْ ، وَأَذْهَبَ رِيحَهُمْ بِشَرَابٍ أَصَابُوهُ مِنَ النَّهَارِ ، فَاقْتَحَمْنَا عَلَيْهِمْ خَنْدَقَهُمْ فَوَجَدْنَاهُمْ سُكَارَى ، فَقَتَلْنَاهُمْ إِلا الشَّرِيدَ ، وَقَدْ قَتَلَ اللَّهُ الْحطمَ . فَكَتَبَ إِلَيْهِ أَبُو بَكْرٍ : أَمَّا بَعْدُ ، فَإِنْ بَلَغَكَ عَنْ بَنِي شَيْبَانَ بْنِ ثَعْلَبَةَ تَمَامٌ عَلَى مَا بَلَغَكَ وَخَاضَ فِيهِ الْمُرْجِفُونَ ، فَابْعَثْ إِلَيْهِمْ جُنْدًا فَأَوْطِئْهُمْ وَشَرِّدْ بِهِمْ مِنْ خَلْفِهِمْ ، فَلَمْ يَجْتَمِعُوا وَلَمْ يَصر ذَلِكَ مِنْ أَرْجَافِهِمْ إِلَى شَيْءٍ .

الرواه :

الأسم الرتبة

Whoops, looks like something went wrong.