قَالَ قَالَ أَبُو جَعْفَرٍ وَأَمَّا أَبُو زَيْدٍ فَحَدَّثَنِي ، عَنْ عَلِيِّ بْنِ مُحَمَّدٍ بِالإِسْنَادِ الَّذِي قَدْ ذَكَرْتُ قَبْلُ : أَنَّ أَبَا بَكْرٍ رَحِمَهُ اللَّهُ وَجَّهَ بَعْدَ خُرُوجِ يَزِيدَ بْنِ أَبِي سُفْيَانَ مُتَوَجِّهًا إِلَى الشَّامِ بِأَيَّامٍ ، شُرَحْبِيلَ بْنَ حَسَنَةَ ، قَالَ : وَهُوَ شُرَحْبِيلُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ الْمُطَاعِ بْنِ عَمْرِو مِنْ كِنْدَةَ وَيُقَالُ مِنَ الأَزْدِ ، فَسَارَ فِي سَبْعَةِ آلافٍ ، ثُمَّ أَبَا عُبَيْدَةَ بْنَ الْجَرَّاحِ فِي سَبْعَةِ آلافٍ . فَنَزَلَ يَزِيدُ الْبَلْقَاءَ ، وَنَزَلَ شُرَحْبِيلُ الأُرْدُنَّ ، وَيُقَالُ : بُصْرَى ، وَنَزَلَ أَبُو عُبَيْدَةَ الْجَابِيَةَ ، ثُمَّ أَمَدَّهُمْ بِعَمْرِو بْنِ الْعَاصِ ، فَنَزَلَ بِغَمْرِ الْعَرَبَاتِ ، ثُمَّ رَغَّبَ النَّاسَ فِي الْجِهَادِ ، فَكَانُوا يَأْتُونَ الْمَدِينَةَ فَيُوَجِّهُهُمْ أَبُو بَكْرٍ إِلَى الشَّامِ ، فَمُنْهُمْ مَنْ يَصِيرُ مَعَ أَبِي عُبَيْدَةَ ، وَمِنْهُمْ مَنْ يَصِيرُ مَعَ يَزِيدَ ، يَصِيرُ كُلُّ قَوْمٍ مَعَ مَنْ أَحَبُّوا . قَالُوا : فَأَوَّلُ صُلْحٍ كَانَ بِالشَّامِ صُلْحُ مَآبٍ ، وَهِيَ فُسْطَاطٌ لَيْسَتْ بِمَدِينَةٍ ، مَرَّ أَبُو عُبَيْدَةَ بِهِمْ فِي طَرِيقِهِ ، وَهِيَ قَرْيَةٌ مِنَ الْبَلْقَاءِ فَقَاتَلُوهُ ، ثُمَّ سَأَلُوهُ الصُّلْحَ فَصَالَحَهُمْ . وَاجْتَمَعَ الرُّومُ جَمْعًا بِالْعَرْبَةِ مِنْ أَرْضِ فِلَسْطِينَ ، فَوَجَّهَ إِلَيْهِمْ يَزِيدُ بْنُ أَبِي سُفْيَانَ أَبَا أُمَامَةَ الْبَاهِلِيَّ ، فَفَضَّ ذَلِكَ الْجَمْعَ . قَالُوا : فَأَوَّلُ حَرْبٍ كَانَتْ بِالشَّامِ بَعْدَ سَرِيَّةِ أُسَامَةَ بِالْعَرْبَةِ ، ثُمَّ أَتَوُا الدَّاثِنَةَ وَيُقَالُ الدَّاثِنَ ، فَهَزَمَهُمْ أَبُو أُمَامَةَ الْبَاهِلِيُّ وَقَتَلَ بِطْرِيقًا مِنْهُمْ . ثُمَّ كَانَتْ مَرْجَ الصُّفَّرِ اسْتُشْهِدَ فِيهَا خَالِدُ بْنُ سَعِيدِ بْنِ الْعَاصِ ، أَتَاهُمْ أدرنجَارُ فِي أَرْبَعَةِ آلافٍ وَهُمْ غَارُونَ ، فَاسْتُشْهِدَ خَالِدٌ وَعِدَّةٌ مِنَ الْمُسْلِمِينَ . قَالَ أَبُو جَعْفَرٍ : وَقِيلَ إِنَّ الْمَقْتُولَ فِي هَذِهِ الْغَزْوَةِ كان ابْنًا لِخَالِدِ بْنِ سَعِيدٍ ، وَإِنَّ خَالِدًا انْحَازَ حِينَ قُتِلَ ابْنُهُ ، فَوَجَّهَ أَبُو بَكْرٍ خَالِدَ بْنَ الْوَلِيدِ أَمِيرًا عَلَى الأُمَرَاءِ الَّذِينَ بِالشَّامِ ضَمَّهُمْ إِلَيْهِ . فَشَخَصَ خَالِدٌ مِنَ الْحِيرَةِ فِي رَبِيعٍ الآخِرِ سَنَةَ ثَلاثَ عَشْرَةَ فِي ثَمَانِ مِائَةٍ ، وَيُقَالُ : فِي خَمْسِ مِائَةٍ ، وَاسْتَخْلَفَ عَلَى عَمَلِهِ الْمُثَنَّى بْنَ حَارِثَةَ فَلَقِيَهُ عَدُوٌّ بِصَنْدُودَاءَ ، فَظَفَرَ بِهِمْ وَخَلَّفَ بِهَا ابْنَ حَرَامٍ الأَنْصَارِيَّ . وَلَقِيَ جَمْعًا بِالْمُصَيَّخِ وَالْحَصِيدِ عَلَيْهِمْ رَبِيعَةُ بْنُ بُجَيْرٍ التَّغْلِبِيُّ ، فَهَزَمَهُمْ ، وَسَبَى ، وَغَنِمَ ، وَسَارَ فَفَوز مِنْ قُرَاقِرَ إِلَى سَوَى ، فَأَغَارَ عَلَى أَهْلِ سَوَى ، وَاكْتَسَحَ أَمْوَالَهُمْ ، وَقَتَلَ حُرْقُوصَ بْنَ النُّعْمَانِ الْبَهْرَانِيَّ ، ثُمَّ أَتَى أَرْكَ فَصَالَحُوهُ ، وَأَتَى تَدْمُرَ فَتَحَصَّنُوا ثُمَّ صَالَحُوهُ ، ثُمَّ أَتَى الْقَرْيَتَيْنِ ، فَقَاتَلَهُمْ ، فَظَفَرَ بِهِمْ وَغَنِمَ ، وَأَتَى حُوَارِينَ فَقَاتَلَهُمْ فَهَزَمَهُمْ ، وَقَتَلَ وَسَبَى ، وَأَتَى قَصَمَ فَصَالَحَهُ بَنُو مَشْجَعَةَ مِنْ قُضَاعَةَ ، وَأَتَى مَرْجَ رَاهِطٍ فَأَغَارَ عَلَى غَسَّانَ فِي يَوْمِ فِصْحِهِمْ فَقَتَلَ وَسَبَى ، وَوَجَّهَ بُسْرَ بْنَ أَبِي أَرْطَاةَ ، وَحَبِيبَ بْنَ مَسْلَمَةَ إِلَى الْغَوْطَةِ ، فَأَتَوْا كَنِيسَةً فَسَبَوُا الرِّجَالَ وَالنِّسَاءَ ، وَسَاقُوا الْعِيَالَ إِلَى خَالِدٍ . قَالَ : فَوَافَى خَالِدًا كِتَابُ أَبِي بَكْرٍ بِالْحِيرَةِ مُنْصَرَفَهُ مِنْ حَجِّهِ : أَنْ سِرْ حَتَّى تَأْتِيَ جُمُوعَ الْمُسْلِمِينَ بِالْيَرْمُوكِ ، فَإِنَّهُمْ قَدْ شُجُوا وَأَشْجَوْا ، وَإِيَّاكَ أَنْ تَعُودَ لِمِثْلِ مَا فَعَلْتَ ، فَإِنَّهُ لَمْ يَشْجُ الْجُمُوعَ مِنَ النَّاسِ بِعَوْنِ اللَّهِ شَجْيُكَ ، وَلَمْ يَنْزَعِ الشَّجْيَ مِنَ النَّاسِ نَزْعُكَ ، فَلْيَهْنِئْكَ أَبَا سُلَيْمَانَ النِّيَّةُ وَالْحَظْوَةُ ، فَأَتْمِمْ يُتْمِمِ اللَّهُ لَكَ ، وَلا يَدْخُلَنَّكَ عُجْبٌ فَتَخْسَرَ وَتُخْذَلَ ، وَإِيَّاكَ أَنْ تَدُلَّ بِعَمَلٍ ، فَإِنَّ اللَّهَ عَزَّ وَجَلَّ لَهُ الْمَنُّ ، وَهُوَ وَلِيُّ الْجَزَاءِ . .
الأسم | الشهرة | الرتبة |