وَأَمَّا الْوَاقِدِيُّ ، فَإِنَّهُ زَعَمَ أَنَّ عَبْدَ اللَّهِ بْنَ مُحَمَّدٍ حَدَّثَهُ ، عَنْ أَبِيهِ ، قَالَ : لَمَّا كَانَتْ سَنَةَ أَرْبَعٍ وَثَلاثِينَ ، كَتَبَ أَصْحَابُ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بَعْضُهُمْ إِلَى بَعْضٍ : أَنْ أَقْدِمُوا فَإِنْ كُنْتُمْ تُرِيدُونَ الْجِهَادَ ، فَعِنْدَنَا الْجِهَادُ ، وَكَثُرَ النَّاسُ عَلَى عُثْمَانَ ، وَنَالُوا مِنْهُ أَقْبَحَ مَا نِيلَ مِنْ أَحَدٍ ، وأَصْحَابُ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَرَوْنَ وَيَسْمَعُونَ ، لَيْسَ فِيهِمْ أَحَدٌ يَنْهَى وَلا يَذُبُّ ، إِلا نُفَيْرٌ مِنْهُمْ : زَيْدُ بْنُ ثَابِتٍ ، وَأَبُو أُسَيْدٍ السَّاعِدِيُّ ، وَكَعْبُ بْنُ مَالِكٍ ، وَحَسَّانُ بْنُ ثَابِتٍ ، فَاجْتَمَعَ النَّاسُ وَكَلَّمُوا عَلِيَّ بْنَ أَبِي طَالِبٍ ، فَدَخَلَ عَلَى عُثْمَانَ ، فَقَالَ : النَّاسُ وَرَائِي ، وَقَدْ كَلَّمُونِي فِيكَ ، وَاللَّهِ مَا أَدْرِي مَا أَقُولُ لَكَ ، وَمَا أَعْرِفُ شَيْئًا تَجْهَلُهُ ، وَلا أَدُلُّكَ عَلَى أَمْرٍ لا تَعْرِفُهُ ، إِنَّكَ لَتَعْلَمُ مَا نَعْلَمُ ، مَا سَبَقْنَاكَ إِلَى شَيْءٍ فَنُخْبِرَكَ عَنْهُ ، وَلا خَلَوْنَا بِشَيْءٍ فَنِبْلِغَكَهُ ، وَمَا خُصِصْنَا بِأَمْرٍ دُونَكَ ، وَقَدْ رَأَيْتَ وَسَمِعْتَ ، وَصَحِبْتَ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ، وَنِلْتَ صِهْرَهُ ، وَمَا ابْنُ أَبِي قُحَافَةَ بِأَوْلَى بِعَمَلِ الْحَقِّ مِنْكَ ، وَلا ابْنُ الْخَطَّابِ بِأَوْلَى بِشَيْءٍ مِنَ الْخَيْرِ مِنْكَ ، وَإِنَّكَ أَقْرَبُ إِلَى رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ رَحِمًا ، وَلَقَدْ نِلْتَ مِنْ صِهْرِ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مَا لَمْ يَنَالا ، وَلا سَبَقَاكَ إِلَى شَيْءٍ ، فَاللَّهَ اللَّهَ فِي نَفْسِكَ ، فَإِنَّكَ وَاللَّهِ مَا تُبْصِرُ مِنْ عَمَى ، وَلا تَعْلَمُ مِنْ جَهْلٍ ، وَإِنَّ الطَّرِيقَ لَوَاضِحٌ بَيِّنٌ ، وَإِنَّ أَعْلامَ الدِّينِ لَقَائِمَةٌ ، تَعَلَّمْ يَا عُثْمَانُ أَنَّ أَفْضَلَ عِبَادِ اللَّهِ عِنْدَ اللَّهِ إِمَامٌ عَادِلٌ ، هُدِيَ وَهَدَى فَأَقَامَ سُنَّةً مَعْلُومَةً ، وَأَمَاتَ بِدْعَةً مَتْرُوكَةً ، فَوَاللَّهِ إِنَّ كُلا لَبِيِّنٌ ، وَإِنَّ السُّنَنَ لَقَائِمَةٌ لَهَا أَعْلامٌ ، وَإِنَّ الْبِدَعَ لَقَائِمَةٌ لَهَا أَعْلامٌ ، وَإِنَّ شَرَّ النَّاسِ عِنْدَ اللَّهِ إِمَامٌ جَائِرٌ ، ضَلَّ وَضُلَّ بِهِ ، فَأَمَاتَ سُنَّةً مَعْلُومَةً ، وَأَحْيَا بِدْعَةً مَتْرُوكَةً ، وَإِنِّي سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُولُ : " يُؤْتَى يَوْمَ الْقِيَامَةِ بِالإِمَامِ الْجَائِرِ ، وَلَيْسَ مَعَهُ نَصِيرٌ ، وَلا عَاذِرٌ ، فَيُلْقَى فِي جَهَنَّمَ ، فَيَدُورُ فِي جَهَنَّمَ كَمَا تَدُورُ الرَّحَا ، ثُمَّ يَرْتَطِمُ فِي غَمْرَةِ جَهَنَّمَ " , وَإِنِّي أُحَذِّرُكَ اللَّهَ ، وَأُحَذِّرُكَ سَطْوَتَهُ وَنَقَمَاتِهِ ، فَإِنَّ عَذَابَهُ شَدِيدٌ أَلِيمٌ ، وَأُحَذِّرُكَ أَنْ تَكُونَ إِمَامَ هَذِهِ الأُمَّةِ الْمُقْتُولُ ، فَإِنَّهُ يُقَالُ : يُقْتَلُ فِي هَذِهِ الأُمَّةِ إِمَامٌ ، فَيَفْتَحُ عَلَيْهَا الْقَتْلُ وَالْقِتَالُ إِلَى يَوْمِ الْقِيَامَةِ ، وَتُلْبَسُ أُمُورُهَا عَلَيْهَا ، وَيَتْرُكُهُمْ شِيَعًا فَلا يُبْصِرُونَ الْحَقَّ لِعُلُوِّ الْبَاطِلِ ، يَمُوجُونَ فِيهَا مَوْجًا ، وَيَمْرِجُونَ فِيهَا مَرَجًا . فَقَالَ عُثْمَانُ : قَدْ وَاللَّهِ عَلِمْتُ ، لَيَقُولُنَّ الَّذِي قُلْتَ ، أَمَا وَاللَّهِ لَوْ كُنْتَ مَكَانِي مَا عَنَّفْتُكَ ، وَلا أَسْلَمْتُكَ ، وَلا عِبْتُ عَلَيْكَ ، وَلا جِئْتُ مُنْكَرًا إِنْ وَصَلْتَ رَحِمًا ، وَسَدَدْتَ خُلَّةً ، وَآوَيْتَ ضَائِعًا ، وَوَلَّيْتَ شَبِيهًا بِمَنْ كَانَ عُمَرُ يُوَلِّي ، أَنْشُدُكَ اللَّهَ يَا عَلِيُّ ، هَلْ تَعْلَمُ أَنَّ الْمُغِيرَةَ بْنَ شُعْبَةَ لَيْسَ هُنَاكَ ؟ قَالَ : نَعَمْ . قَالَ : فَتَعْلَمُ أَنَّ عُمَرَ وَلاهُ ؟ قَالَ : نَعَمْ . قَالَ : فَلِمَ تَلُومُنِي أَنْ وَلَّيْتُ ابْنَ عَامِرٍ فِي رَحِمِهِ وَقَرَابَتِهِ ؟ قَالَ عَلِيٌّ : سَأُخْبِرُكَ ، إِنَّ عُمَرَ بْنَ الْخَطَّابِ كَانَ كُلُّ مَنْ وَلَّى ، فَإِنَّمَا يَطَأُ عَلَى صِمَاخِهِ ، إِنْ بَلَغَهُ عَنْهُ حَرْفٌ جَلَبَهُ ، ثُمَّ بَلَغَ بِهِ أَقْصَى الْغَايَةِ ، وَأَنْتَ لا تَفْعَلُ ضَعُفْتَ ، وَرَفَقْتَ عَلَى أَقْرِبَائِكَ ، قَالَ عُثْمَانُ : هُمْ أَقْرِبَاؤُكَ أَيْضًا ! فَقَالَ عَلِيٌّ : لَعَمْرِي إِنَّ رَحِمَهُمْ مِنِّي لَقَرِيبَةٌ ، وَلَكِنِ الْفَضْلَ فِي غَيْرِهِمْ ، قَالَ عُثْمَانُ : هَلْ تَعْلَمْ أَنَّ عُمَرَ وَلَّى مُعَاوِيَةَ خِلافَتَهُ كُلَّهَا ؟ فَقَدْ وَلَّيْتُهُ . فَقَالَ عَلِيٌّ : أُنْشُدُكَ اللَّهَ ، هَلْ تَعْلَمُ أَنَّ مُعَاوِيَةَ كَانَ أَخْوَفَ مِنْ عُمَرَ ، مِنْ يَرْفَأَ غُلامِ عُمَرَ مِنْهُ ؟ قَالَ : نَعَمْ . قَالَ عَلِيٌّ : فَإِنَّ مُعَاوِيَةَ يَقْتَطِعُ الأُمُورَ دُونَكَ ، وَأَنْتَ تَعْلَمُهَا ، فَيَقُولُ لِلنَّاسِ هَذَا أَمْرُ عُثْمَانَ فَيَبْلُغُكَ ، وَلا تُغَيِّرُ عَلَى مُعَاوِيَةَ ، ثُمَّ خَرَجَ عَلِيٌّ مِنْ عِنْدِهِ ، وَخَرَجَ عُثْمَانُ عَلَى أَثَرِهِ ، فَجَلَسَ عَلَى الْمِنْبَرِ ، فَقَالَ : أَمَّا بَعْدُ ، فَإِنَّ لِكُلِّ شَيْءٍ آفَّةٍ ، وَلِكُلِّ أَمْرٍ عَاهَةً ، وَإِنَّ آفَّةَ هَذِهِ الأُمَّةِ وَعَاهَةَ هَذِهِ النِّعْمَةِ عَيَّابُونَ طَعَّانُونَ ، يَرُونَكُمْ مَا تُحِبُّونَ ، وَيُسِرُّونَ مَا تَكْرَهُونَ ، يَقُولُونَ لَكُمْ وَتَقُولُونَ ، أَمْثَالُ النَّعَامِ يَتْبَعُونَ أَوَّلَ نَاعِقٍ ، أَحَبُّ مَوَارِدِهَا إِلَيْهَا الْبَعِيدُ ، لا يَشْرَبُونَ إِلا نَغَصًا ، وَلا يَرِدُونَ إِلا عَكِرًا ، لا يَقُومُ لَهُمْ رَائِدٌ ، وَقَدْ أَعْيَتْهُمُ الأُمُورُ ، وَتَعَذَّرَتْ عَلَيْهِمُ الْمَكَاسِبُ ، أَلا فَقَدْ وَاللَّهِ عِبْتُمْ عَلَيَّ بِمَا أَقْرَرْتُمْ لابْنِ الْخَطَّابِ بِمِثْلِهِ ، وَلَكِنَّهُ وَطِئَكُمْ بِرِجْلِهِ ، وَضَرَبَكُمْ بِيَدِهِ ، وَقَمَعَكُمْ بِلِسَانِهِ فَدِنْتُمْ لَهُ عَلَى مَا أَحْبَبْتُمْ أَوْ كَرِهْتُمْ ، وَلِنْتُ لَكُمْ ، وَأَوْطَأْتُ لَكُمْ كَتِفِي ، وَكَفَّفْتُ يَدِي وَلِسَانِي عَنْكُمْ فَاجْتَرَأْتُمْ عَلَيَّ ، أَمَا وَاللَّهِ لأَنَا أَعَزُّ نَفَرًا ، وَأَقْرَبُ نَاصِرًا ، وَأَكْثَرُ عَدَدًا ، وَأَقْمَنُ إِنْ قُلْتُ هَلُمَّ أُتِيَ إِلَيَّ ، وَلَقَدْ أَعْدَدْتُ لَكُمْ أَقْرَانَكُمْ ، وَأَفْضَلْتُ عَلَيْكُمْ فُضُولا ، وَكَشَّرْتُ لَكُمْ عَنْ نَابِي ، وَأَخْرَجْتُمْ مِنِّي خُلُقًا لَمْ أَكُنْ أُحْسِنُهُ ، وَمَنْطِقَا لَمْ أَنْطِقْ بِهِ ، فَكُفُّوا عَلَيْكُمْ أَلْسِنَتَكُمْ ، وَطَعْنَكُمْ وَعَيْبَكُمْ عَلَى وُلاتِكُمْ ، فَإِنِّي قَدْ كَفَفْتُ عَنْكُمْ مَنْ لَوْ كَانَ هُوَ الَّذِي يُكَلِّمُكُمْ ، لَرَضِيتُمْ مِنْهُ بِدُونِ مَنْطِقِي هَذَا ، أَلا فَمَا تَفْقِدُونَ مِنْ حَقِّكُمْ ، وَاللَّهِ مَا قَصَّرْتُ فِي بُلُوغِ مَا كَانَ يَبْلُغُ مَنْ كَانَ قَبْلِي ، وَمَنْ لَمْ تَكُونُوا تَخْتَلِفُونَ عَلَيْهِ فَضْلَ فَضْلٍ مِنْ مَالٍ ، فَمَا لِي لا أَصْنَعُ فِي الْفَضْلِ مَا أُرِيدُ ، فَلِمَ كُنْتُ إِمَامًا . فَقَامَ مَرْوَانُ بْنُ الْحَكَمِ ، فَقَالَ : إِنْ شِئْتُمْ حَكَّمْنَا وَاللَّهِ بَيْنَنَا وَبَيْنَكُمُ السَّيْفَ نَحْنُ وَاللَّهِ ، وَأَنْتُمْ كَمَا قَالَ الشَّاعِرُ : فَرَشْنَا لَكُمْ أَعْرَاضَنَا فَنَبَتْ بِكُمْ مَعَارِسُكُمْ تَبْنُونَ فِي دِمْنِ الثَّرَى فَقَالَ عُثْمَانُ : اسْكُتْ لا سُكِّتَّ ، دَعْنِي وَأَصْحَابِي ، مَا مَنْطِقُكَ فِي هَذَا أَلَمْ أَتَقَدَّمْ إِلَيْكَ أَلا تَنْطِقَ ؟ فَسَكَتَ مَرْوَانُ ، وَنَزَلَ عُثْمَانُ . وَفِي هَذِهِ السَّنَةِ مَاتَ أَبُو عَبْسِ بْنُ جَبْرٍ بِالْمَدِينَةِ وَهُوَ بَدْرِيٌّ ، وَمَاتَ أَيْضًا مِسْطَحُ بْنُ أُثَاثَةَ ، وَعَاقِلُ بْنُ أَبِي الْبُكَيْرِ مِنْ بَنِي سَعْدِ بْنِ لَيْثٍ حَلِيفٌ لِبَنِي عَدِيٍّ ، وَهُمَا بَدْرِيَّانِ ، وَحَجَّ بِالنَّاسِ فِي هَذِهِ السَّنَةِ عُثْمَانُ بْنُ عَفَّانَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ . .
الأسم | الشهرة | الرتبة |
أَبِيهِ | عبد الله بن مسلم الزهري | ثقة |
عَبْدَ اللَّهِ بْنَ مُحَمَّدٍ | محمد بن عبد الله الزهري / توفي في :152 | صدوق له أوهام |
الْوَاقِدِيُّ | محمد بن عمر الواقدي / ولد في :130 / توفي في :207 | ضعيف الحديث |