كَتَبَ إِلَيَّ السَّرِيُّ : عَنْ شُعَيْبٍ ، عَنْ سَيْفٍ ، عَنْ مُحَمَّدٍ ، وَطَلْحَةَ ، وَأَبِي حَارِثَةَ ، وَأَبِي عُثْمَانَ ، قَالُوا : كَتَبَ إِلَيَّ السَّرِيُّ : عَنْ شُعَيْبٍ ، عَنْ سَيْفٍ ، عَنْ مُحَمَّدٍ ، وَطَلْحَةَ ، وَأَبِي حَارِثَةَ ، وَأَبِي عُثْمَانَ ، قَالُوا : فَلَمَّا بُويِعَ النَّاسُ ، جَاءَ السَّابِقُ فَقَدِمَ بِالسَّلامَةِ ، فَأَخْبَرَهُمْ مِنَ الْمَوْسِمِ أَنَّهُمْ يُرِيدُونَ جَمِيعًا الْمِصْرِيِّينَ وَأَشْيَاعَهُمْ ، وَأَنَّهُمْ يُرِيدُونَ أَنْ يَجْمَعُوا ذَلِكَ إِلَى حَجِّهِمْ ، فَلَمَّا أَتَاهُمْ ذَلِكَ ، مَعَ مَا بَلَغَهُمْ مِنْ نُفُورِ أَهْلِ الأَمْصَارِ ، أَعْلَقَهُمُ الشَّيْطَانُ ، وَقَالُوا : لا يُخْرِجَنَّا مِمَّا وَقَعْنَا فِيهِ إِلا قَتْلُ هَذَا الرَّجُلِ ، فَيَشْتَغِلُ بِذَلِكَ النَّاسُ عَنَّا ، وَلَمْ يُبْقَ خَصْلَةٌ يَرْجُونَ بِهَا النَّجَاةَ إِلا قَتْلُهُ . فَرَامُوا الْبَابَ ، فَمَنَعَهُمْ مِنْ ذَلِكَ الْحَسَنُ ، وَابْنُ الزُّبَيْرِ ، وَمُحَمَّدُ بْنُ طَلْحَةَ ، وَمَرْوَانُ بْنُ الْحَكَمِ ، وَسَعِيدُ بْنُ الْعَاصِ ، وَمَنْ كَانَ مِنْ أَبْنَاءِ الصَّحَابَةِ أَقَامَ مَعَهُمْ وَاجْتَلَدُوا ، فَنَادَاهُمْ عُثْمَانُ : اللَّهَ اللَّهَ أَنْتُمْ فِي حِلٍّ مِنْ نُصْرَتِي . فَأَبَوْا فَفَتَحَ الْبَابَ ، وَخَرَجَ وَمَعَهُ التُّرْسُ وَالسَّيْفُ لِيُنَهْنِهَهُمْ ، فَلَمَّا رَأَوْهُ أَدْبَرَ الْمِصْرِيُّونَ ، وَرَكْبُهُمْ هَؤُلاءِ وَنَهْنَهَهُمْ فَتَرَاجَعُوا ، وَعَظُمَ عَلَى الْفَرِيقَيْنِ ، وَأَقْسَمَ عَلَى الصَّحَابَةِ لَيَدْخُلُنَّ ، فَأَبَوْا أَنْ يَنْصَرِفُوا فَدَخَلُوا ، فَأَغْلَقَ الْبَابَ دُونَ الْمِصْرِيِّينَ ، وَقَدْ كَانَ الْمُغِيرَةُ بْنُ الأَخْنَسِ بْنِ شَرِيقٍ فِيمَنْ حَجَّ ، ثُمَّ تَعَجَّلَ فِي نَفَرٍ حَجُّوا مَعَهُ ، فَأَدْرَكَ عُثْمَانَ قَبْلَ أَنْ يُقْتَلَ ، وَشَهِدَ الْمُنَاوَشَةَ ، وَدَخَلَ الدَّارَ فِيمَنْ دَخَلَ ، وَجَلَسَ عَلَى الْبَابِ مِنْ دَاخِلٍ ، وَقَالَ : مَا عُذْرُنَا عِنْدَ اللَّهِ إِنْ تَرَكْنَاكَ ، وَنَحْنُ نَسْتَطِيعُ أَلا نَدَعْهُمْ حَتَّى نَمُوتَ ؟ فَاتَّخَذَ عُثْمَانُ تِلَكَ الأَيَّامَ الْقُرْآنَ نَحْبًا ، يُصَلِّي وَعِنْدَهُ الْمُصْحَفُ ، فَإِذَا أَعْيَا جَلَسَ فَقَرَأَ فِيهِ ، وَكَانُوا يَرَوْنَ الْقِرَاءَةَ فِي الْمُصْحَفِ مِنَ الْعِبَادَةِ ، وَكَانَ الْقَوْمُ الَّذِينَ كَفْكَفَهُمْ بَيْنَهُ وَبَيْنَ الْبَابِ ، فَلَمَّا بَقِيَ الْمِصْرِيُّونَ لا يَمْنَعُهُمْ أَحَدٌ مِنَ الْبَابِ ، وَلا يَقْدِرُونَ عَلَى الدُّخُولِ ، جَاءُوا بِنَارٍ فَأَحْرَقُوا الْبَابَ وَالسَّقِيفَةَ ، فَتَأَجَّجَ الْبَابُ وَالسَّقِيفَةُ ، حَتَّى إِذَا احْتَرَقَ الْخَشَبُ خَرَّتِ السَّقِيفَةُ عَلَى الْبَابِ ، فَثَارَ أَهْلُ الدَّارِ ، وَعُثْمَانُ يُصَلِّي حَتَّى مَنَعُوهُمُ الدُّخُولَ ، وَكَانَ أَوَّلَ مَنْ بَرَزَ لَهُمُ الْمُغِيرَةُ بْنُ الأَخْنَسِ ، وَهُوَ يَرْتَجِزُ : قَدْ عَلِمَتْ جَارِيَةٌ عُطْبُول ذَاتُ وِشَاحٍ وَلَهَا جَدِيل أَنِّي بِنَصْلِ السَّيْفِ خَنْشَلِيل لأَمْنَعَنَّ مِنْكُمْ خَلِيلِي بِصَارِمٍ لَيْسَ بِذِي فُلُولِ وَخَرَجَ الْحَسَنُ بْنُ عَلِيٍّ ، وَهُوَ يَقُولُ : لا دِينُهُمْ دِينِي وَلا أَنَا مِنْهُمُ حَتَّى أَسِيرُ إِلَى طَمَارِ شَمَّامٍ وَخَرَجَ مُحَمَّدُ بْنُ طَلْحَةَ ، وَهُوَ يَقُولُ : أَنَا ابْنُ مَنْ حَامَى عَلَيْهِ بِأُحُد وَرَدَّ أَحْزَابًا عَلَى رَغْمِ مَعَد وَخَرَجَ سَعِيدُ بْنُ الْعَاصِ ، وَهُوَ يَقُولُ : صَبَرْنَا غَدَاةَ الدَّارِ وَالْمَوْتُ وَاقِبُ بِأَسْيَافِنَا دُونَ ابْنِ أَرْوَى نُضَارِبُ وَكُنَّا غَدَاةَ الرَّوْعِ فِي الدَّارِ نُصْرَةً نُشَافِهُهُمْ بِالضَّرْبِ وَالْمَوْتُ ثَاقِبُ فَكَانَ آخِرَ مَنْ خَرَجَ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ الزُّبَيْرِ ، أَمَرَهُ عُثْمَانُ أَنْ يَصِيرَ إِلَى أَبِيهِ فِي وَصِيَّةٍ بِمَا أَرَادَ ، وَأَمَرَهُ أَنْ يَأْتِيَ أَهْلَ الدَّارِ فَيَأْمُرُهُمْ بِالانْصِرَافِ إِلَى مَنَازِلِهْمِ ، فَخَرَجَ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ الزُّبَيْرِ آخِرَهُمْ ، فَمَا زَالَ يَدَّعِي بِهَا ، وَيُحَدِّثُ النَّاسَ عَنْ عُثْمَانَ بِآخِرِ مَا مَاتَ عَلَيْهِ . .
الأسم | الشهرة | الرتبة |