ذكر الخبر عن قتله وكيف قتل


تفسير

رقم الحديث : 1448

قَالَ مُحَمَّدٌ : فَحَدَّثَنِي ابْنُ أَبِي سَبْرَةَ ، عَن عَبْدِ الْمَجِيدِ بْنِ سُهَيْلٍ ، عَنْ عِكْرِمَةَ ، قَالَ : قَالَ قَالَ مُحَمَّدٌ : فَحَدَّثَنِي ابْنُ أَبِي سَبْرَةَ ، عَن عَبْدِ الْمَجِيدِ بْنِ سُهَيْلٍ ، عَنْ عِكْرِمَةَ ، قَالَ : قَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ : قَالَ لِي عُثْمَانُ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ : إِنِّي قَدِ اسْتَعْمَلْتُ خَالِدَ بْنَ الْعَاصِ بْنِ هِشَامٍ عَلَى مَكَّةَ ، وَقَدْ بَلَغَ أَهْلُ مَكَّةَ مَا صَنَعَ النَّاسُ ، فَأَنَا خَائِفٌ أَنْ يَمْنَعُوهُ الْمَوْقِفَ فَيَأْبَى ، فَيُقَاتِلْهُمْ فِي حَرَمِ اللَّهِ جَلَّ وَعَزَّ وَأَمْنِهِ ، وَإِنَّ قَوْمًا جَاءُوا مِنْ كُلِّ فَجٍّ عَمِيقٍ { 27 } لِيَشْهَدُوا مَنَافِعَ لَهُمْ سورة الحج آية 27-28 فَرَأَيْتُ أَنْ أُوَلِّيَكَ أَمْرَ الْمَوْسِمِ . وَكَتَبَ مَعَهُ إِلَى أَهْلِ الْمَوْسِمِ بِكِتَابٍ ، يَسْأَلُهُمْ أَنْ يَأْخُذُوا لَهُ بِالْحَقِّ مِمَّنْ حَصَرَهُ ، فَخَرَجَ ابْنُ عَبَّاسٍ ، فَمَرَّ بِعَائِشَةَ فِي الصُّلْصُلِ ، فَقَالَتْ : يَابْنَ عَبَّاسٍ أَنْشُدُكَ اللَّهَ ، فَإِنَّكَ قَدْ أُعْطِيتَ لِسَانًا إِزْعِيلا ، أَنْ تُخَذِّلَ عَنْ هَذَا الرَّجُلِ ، وَأَنْ تُشَكِّكَ فِيهِ النَّاسَ ، فَقَدْ بَانَتْ لَهُمْ بَصَائِرُهُمْ وَأَنْهَجَتْ ، وَرَفَعَتْ لَهُمُ الْمَنَارَ ، وَتَحَلَّبُوا مِنَ الْبِلْدَانِ لأَمْرٍ قَدْ جَمَّ ، وَقَدْ رَأَيْتُ طَلْحَةَ بْنَ عُبَيْدِ اللَّهِ قَدِ اتَّخَذَ عَلَى بُيُوتِ الأَمْوَالِ وَالْخَزَائِنِ مَفَاتِيحَ ، فَإِنْ يَلِ يَسِرْ بِسِيرَةِ ابْنِ عَمِّهِ أَبِي بَكْرٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ . قَالَ : قُلْتُ : يَا أُمَّهْ لَوْ حَدَثَ بِالرَّجُلِ حَدَثٌ ، مَا فَزِعَ النَّاسُ إِلا إِلَى صَاحِبِنَا . فَقَالَتْ : إِيهًا عَنْكَ ، إِنِّي لَسْتُ أُرِيدُ مُكَابَرَتَكَ وَلا مُجَادَلَتَكَ " . قَالَ ابْنُ أَبِي سَبْرَةَ ، فَأَخْبَرَنِي عَبْدُ الْمَجِيدِ بْنُ سُهَيْلٍ : أَنَّهُ انْتَسَخَ رِسَالَةَ عُثْمَانَ الَّتِي كَتَبَ بِهَا مِنْ عِكْرِمَةَ ، فَإِذَا فِيهَا : بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ ، مِنْ عَبْدِ اللَّهِ عُثْمَانَ أَمِيرِ الْمُؤْمِنِينَ إِلَى الْمُؤْمِنِينَ وَالْمُسْلِمِينَ ، سَلامٌ عَلَيْكُمْ ، فَإِنِّي أَحْمَدُ اللَّهَ إِلَيْكُمْ ، الَّذِي لا إِلَهَ إِلا هُوَ ، أَمَّا بَعْدُ ، فَإِنِّي أُذَكِّرُكُمْ بِاللَّهِ جَلَّ وَعَزَّ الَّذِي أَنْعَمَ عَلَيْكُمْ ، وَعَلَّمَكُمُ الإِسْلامَ ، وَهَدَاكُمْ مِنَ الضَّلالَةِ ، وَأَنْقَذَكُمْ مِنَ الْكُفْرِ ، وَأَرَاكُمُ الْبَيِّنَاتِ ، وَأَوْسَعَ عَلَيْكُمْ مِنَ الرِّزْقِ ، وَنَصَرَكُمْ عَلَى الْعَدُوِّ ، وَأَسْبَغَ عَلَيْكُمْ نِعَمَهُ ، فَإِنَّ اللَّهَ عَزَّ وَجَلَّ ، يَقُولُ وَقَوْلُهُ الْحَقُّ : وَإِنْ تَعُدُّوا نِعْمَتَ اللَّهِ لا تُحْصُوهَا إِنَّ الإِنْسَانَ لَظَلُومٌ كَفَّارٌ سورة إبراهيم آية 34 ، وَقَالَ عَزَّ وَجَلَّ : يَأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ حَقَّ تُقَاتِهِ وَلا تَمُوتُنَّ إِلا وَأَنْتُمْ مُسْلِمُونَ { 102 } وَاعْتَصِمُوا بِحَبْلِ اللَّهِ جَمِيعًا سورة آل عمران آية 102-103 ، إِلَى قَوْلِهِ : لَهُمْ عَذَابٌ عَظِيمٌ سورة آل عمران آية 105 ، وَقَالَ وَقَوْلُهُ الْحَقُّ : يَأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اذْكُرُوا نِعْمَتَ اللَّهِ عَلَيْكُمْ سورة المائدة آية 11 ، وَمِيثَاقَهُ الَّذِي وَاثَقَكُمْ بِهِ إِذْ قُلْتُمْ سَمِعْنَا وَأَطَعْنَا سورة المائدة آية 7 ، وَقَالَ وَقَوْلُهُ الْحَقُّ : يَأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِنْ جَاءَكُمْ فَاسِقٌ بِنَبَإٍ ، إِلَى قَوْلِهِ : فَضْلا مِنَ اللَّهِ وَنِعْمَةً وَاللَّهُ عَلِيمٌ حَكِيمٌ سورة الحجرات آية 6 - 8 ، وَقَوْلُهُ عَزَّ وَجَلَّ : إِنَّ الَّذِينَ يَشْتَرُونَ بِعَهْدِ اللَّهِ وَأَيْمَانِهِمْ ثَمَنًا قَلِيلا ، إِلَى : وَلَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ سورة آل عمران آية 77 ، وَقَالَ وَقَوْلُهُ الْحَقُّ : فَاتَّقُوا اللَّهَ مَا اسْتَطَعْتُمْ ، إِلَى : فَأُولَئِكَ هُمُ الْمُفْلِحُونَ سورة التغابن آية 16 ، وَقَالَ وَقَوْلُهُ الْحَقُّ : وَلا تَنْقُضُوا الأَيْمَانَ بَعْدَ تَوْكِيدِهَا ، إِلَى قَوْلِهِ : وَلَنَجْزِيَنَّ الَّذِينَ صَبَرُوا أَجْرَهُمْ بِأَحْسَنِ مَا كَانُوا يَعْمَلُونَ سورة النحل آية 91 - 96 ، وَقَالَ وَقَوْلُهُ الْحَقُّ : أَطِيعُوا اللَّهَ وَأَطِيعُوا الرَّسُولَ وَأُولِي الأَمْرِ مِنْكُمْ ، إِلَى قَوْلِهِ : وَأَحْسَنُ تَأْوِيلا سورة النساء آية 59 ، وَقَالَ وَقَوْلُهُ الْحَقُّ : وَعَدَ اللَّهُ الَّذِينَ آمَنُوا مِنْكُمْ وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ ، إِلَى قَوْلِهِ : وَمَنْ كَفَرَ بَعْدَ ذَلِكَ فَأُولَئِكَ هُمُ الْفَاسِقُونَ سورة النور آية 55 ، وَقَالَ وَقَوْلُهُ الْحَقُّ : إِنَّ الَّذِينَ يُبَايِعُونَكَ إِنَّمَا يُبَايِعُونَ اللَّهَ ، إِلَى : فَسَيُؤْتِيهِ أَجْرًا عَظِيمًا سورة الفتح آية 10 أَمَّا بَعْدُ ، فَإِنَّ اللَّهَ جَلَّ وَعَزَّ رَضِيَ لَكُمُ السَّمْعَ وَالطَّاعَةَ وَالْجَمَاعَةَ ، وَحَذَّرَكُمُ الْمَعْصِيَةَ وَالْفُرْقَةَ وَالاخْتِلافَ ، وَنَبَّأَكُمْ مَا قَدْ فَعَلَهُ الَّذِينَ مِنْ قَبْلِكُمْ ، وَتَقَدَّمَ إِلَيْكُمْ فِيهِ ، لِيَكُونَ لَهُ الْحُجَّةُ عَلَيْكُمْ إِنْ عَصَيْتُمُوهُ ، فَاقْبَلُوا نَصِيحَةَ اللَّهِ جَلَّ وَعَزَّ ، وَاحْذَرُوا عَذَابَهُ ، فَإِنَّكُمْ لَنْ تَجِدُوا أُمَّةً هَلَكَتْ إِلا مِنْ بَعْدِ أَنْ تَخْتَلِفَ ، إِلا أَنْ يَكُونَ لَهَا رَأْسٌ يَجْمَعُهَا ، وَمَتَى مَا تَفْعَلُوا ذَلِكَ لا تُقِيمُوا الصَّلاةَ جَمِيعًا ، وَسَلَّطَ عَلَيْكُمْ عَدُوَّكُمْ ، وَيَسْتَحِلُّ بَعْضُكُمْ حُرُمَ بَعْضٍ ، وَمَتَى يُفْعَلُ ذَلِكَ لا يَقُمْ لِلَّهِ سُبْحَانَهُ دِينٌ ، وَتَكُونُوا شِيَعًا ، وَقَدْ قَالَ اللَّهُ جَلَّ وَعَزَّ لِرَسُولِهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : إِنَّ الَّذِينَ فَرَّقُوا دِينَهُمْ وَكَانُوا شِيَعًا لَسْتَ مِنْهُمْ فِي شَيْءٍ إِنَّمَا أَمْرُهُمْ إِلَى اللَّهِ ثُمَّ يُنَبِّئُهُمْ بِمَا كَانُوا يَفْعَلُونَ سورة الأنعام آية 159 ، وَإِنِّي أُوصِيكُمْ بِمَا أَوْصَاكُمُ اللَّهُ ، وَأُحُذِّرُكُمْ عَذَابَهُ ، فَإِنَّ شُعَيْبًا صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ، قَالَ لِقَوْمِهِ : وَيَا قَوْمِ لا يَجْرِمَنَّكُمْ شِقَاقِي أَنْ يُصِيبَكُمْ مِثْلُ مَا أَصَابَ قَوْمَ نُوحٍ ، إِلَى قَوْلِهِ : رَحِيمٌ وَدُودٌ سورة هود آية 89 - 90 ، أَمَّا بَعْدُ ، فَإِنَّ أَقْوَامًا مِمَّنْ كَانَ يَقُولُ فِي هَذَا الْحَدِيثِ ، أَظْهَرُوا لِلنَّاسِ أَنَّمَا يَدْعُونَ إِلَى كِتَابِ اللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ وَالْحَقِّ ، وَلا يُرِيدُونَ الدُّنْيَا ، وَلا مُنَازَعَةً فِيهَا ، فَلَمَّا عُرِضَ عَلَيْهِمُ الْحَقُّ إِذَا النَّاسُ فِي ذَلِكَ شَتَّى ، مِنْهُمْ آخِذٌ لِلْحَقِّ ، وَنَازِعُ عَنْهُ حِينَ يُعْطَاهُ ، وَمِنْهُمْ تَارِكٌ لِلْحَقِّ ، وَنَازِلٌ عَنْهُ فِي الأَمْرِ ، يُرِيدُ أَنْ يَبْتَزَّهُ بِغَيْرِ الْحَقِّ ، طَالَ عَلَيْهِمْ عُمُرِي ، وَرَاثَ عَلَيْهِمْ أَمَلُهُمُ الإِمْرَة ، فَاسْتَعْجَلُوا الْقَدَرَ ، وَقَدْ كَتَبُوا إِلَيْكُمْ أَنَّهُمْ قَدْ رَجَعُوا بِالَّذِي أَعْطَيْتُهُمْ ، وَلا أَعْلَمُ أَنِّي تَرَكْتُ مِنَ الَّذِي عَاهَدْتُهُمْ عَلَيْهِ شَيْئًا ، كَانُوا زَعَمُوا أَنَّهُمْ يَطْلُبُونَ الْحُدُودَ ، فَقُلْتُ : أَقِيمُوهَا عَلَى مَنْ عَلِمْتُمْ تَعَدَّاهَا فِي إِحْدَى ، أَقِيمُوهَا عَلَى مَنْ ظَلَمَكُمْ مِنْ قَرِيبٍ أَوْ بَعِيدٍ . قَالُوا : كِتَابَ اللَّهِ يُتْلَى . فَقُلْتُ : فَلْيَتْلُهُ مِنْ تَلاهُ ، غَيْرُ غَالٍّ فِيهِ بِغَيْرِ مَا أَنْزَلَ اللَّهُ فِي الْكِتَابِ . وَقَالُوا : الْمَحْرُومُ يُرْزَقُ ، وَالْمَالُ يُوفَى لِيُسْتَنَّ فِيهِ السُّنَّةَ الْحَسَنَةَ ، وَلا يُعْتَدَى فِي الْخُمُسِ ، وَلا فِي الصَّدَقَةِ ، وَيُؤَمَّرُ ذُو الْقُوَّةِ وَالأَمَانَةِ ، وَتُرَدُّ مَظَالِمُ النَّاسِ إِلَى أَهْلِهَا ، فَرَضِيتُ بِذَلِكَ ، وَاصْطَبَرْتُ لَهُ ، وَجِئْتُ نِسْوَةَ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ حَتَّى كَلَّمْتُهُنَّ ، فَقُلْتُ : مَا تَأْمُرْنَنِي ؟ فَقُلْنَ : تُؤَمِّرُ عَمْرَو بْنَ الْعَاصِ ، وَعَبْدَ اللَّهِ بْنَ قَيْسٍ ، وَتَدَعُ مُعَاوِيَةَ فَإِنَّمَا أَمَّرَهُ أَمِيرٌ قَبْلَكَ ، فَإِنَّهُ مُصْلِحٌ لأَرْضِهِ ، رَاضٍ بِهِ جُنْدَهُ ، وَارْدُدْ عَمْرًا فَإِنَّ جُنْدَهُ رَاضُونَ بِهِ ، وَأَمِّرْهُ فَلْيُصْلِحْ أَرْضَهُ ، فَكُلُّ ذَلِكَ فَعَلْتُ ، وَإِنَّهُ اعْتُدِيَ عَلَيَّ بَعْدَ ذَلِكَ ، وَعْدًا عَلَى الْحَقِّ ، كَتَبْتُ إِلَيْكُمْ ، وَأَصْحَابِي الَّذِينَ زَعَمُوا فِي الأَمْرِ اسْتَعْجَلُوا الْقَدَرَ ، وَمَنَعُوا مِنِّي الصَّلاةَ ، وَحَالُوا بَيْنِي وَبَيْنَ الْمَسْجِدِ ، وَابْتَزُّوا مَا قَدَرُوا عَلَيْهِ بِالْمَدِينَةِ ، كَتَبْتُ إِلَيْكُمْ كِتَابِي هَذَا وَهُمْ يُخَيِّرُونَنِي إِحْدَى ثَلاثٍ : إِمَّا يُقِيدُونَنِي بِكُلِّ رَجُلٍ أَصَبْتُهُ خَطَأً أَوْ صَوَابًا غَيْرَ مَتْرُوكٍ مِنْهُ شَيْءٌ ، وَإِمَّا أَعْتَزِلُ الأَمْرَ ، فَيُؤَمِّرُونَ آخَرَ غَيْرِي ، وَإِمَّا يُرْسِلُونَ إِلَى مَنْ أَطَاعَهُمْ مِنَ الأَجْنَادِ وَأَهْلِ الْمَدِينَةِ ، فَيَتَبَرَّءُونَ مِنَ الَّذِي جَعَلَ اللَّهُ سُبْحَانَهُ لِي عَلَيْهِم مِنَ السَّمْعِ وَالطَّاعَةِ ، فَقُلْتُ لَهُمْ : أَمَّا إِقَادَتِي مِنْ نَفْسِي ، فَقَدْ كَانَ مِنْ قَبْلِي خُلَفَاءُ تُخْطِئُ وَتُصِيبُ ، فَلَمْ يُسْتَقَدْ مِنْ أَحَدٍ مِنْهُمْ ، وَقَدْ عَلِمْتُ أَنَّمَا يُرِيدُونَ نَفْسِي ، وَأَمَّا أَنْ أَتَبَرَّأَ مِنَ الإِمَارَةِ ، فَأَنْ يُكَلِّبُونِي أَحَبُّ إِلَيَّ مِنْ أَنْ أَتَبَرَّأَ مِنْ عَمَلِ اللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ وَخِلافَتِهِ ، وَأَمَّا قَوْلُكُمْ : يُرْسِلُونَ إِلَى الأَجْنَادِ وَأَهْلِ الْمَدِينَةِ فَيَتَبَرَّءُونَ مِنْ طَاعَتِي ، فَلَسْتُ عَلَيْكُمْ بِوَكِيلٍ ، وَلَمْ أَكُنِ اسْتَكْرَهْتُهُمْ مَنْ قَبْلُ عَلَى السَّمْعِ وَالطَّاعَةِ ، وَلَكِنْ أَتَوْهَا طَائِعِينَ ، يَبْتَغُونَ مَرْضَاةَ اللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ ، وَإِصْلاحَ ذَاتِ الْبَيْنِ ، وَمَنْ يَكُنْ مِنْكُمْ إِنَّمَا يَبْتَغِي الدُّنْيَا ، فَلَيْسَ بِنَائِلٍ مِنْهَا إِلا مَا كَتَبَ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ لَهُ ، وَمَنْ يَكُنْ إِنَّمَا يُرِيدُ وَجْهَ اللَّهِ ، وَالدَّارَ الآخِرَةَ ، وَصَلاحَ الأُمَّةِ ، وَابْتِغَاءَ مَرْضَاةِ اللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ ، وَالسُّنَّةَ الْحَسَنَةَ الَّتِي اسْتَنَّ بِهَا رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ، وَالْخَلِيفَتَانِ مِنْ بَعْدِهِ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا ، فَإِنَّمَا يُجْزِي بِذَلِكُمُ اللَّهُ ، وَلَيْسَ بِيَدِي جَزَاؤُكُمْ ، وَلَوْ أَعْطَيْتُكُمُ الدُّنْيَا كُلَّهَا ، لَمْ يَكُنْ فِي ذَلِكَ ثَمَنٌ لِدِينِكُمْ ، وَلَمْ يُغْنِ عَنْكُمْ شَيْئًا ، فَاتَّقُوا اللَّهَ ، وَاحْتَسِبُوا مَا عِنْدَهُ ، فَمَنْ يَرْضَ بِالنُّكْثِ مِنْكُمْ ، فَإِنِّي لا أَرْضَاهُ لَهُ ، وَلا يَرْضَى اللَّهُ سُبْحَانَهُ أَنْ تَنْكُثُوا عَهْدَهُ ، وَأَمَّا الَّذِي يُخْبِرُونَنِي فَإِنَّمَا كُلَّهُ النَّزْعُ وَالتَّأْمِيرُ ، فَمَلَكْتُ نَفْسِي وَمَنْ مَعِي ، وَنَظَرْتُ حُكْمَ اللَّهِ ، وَتَغْيِيرَ النِّعْمَةِ مِنَ اللَّهِ سُبْحَانَهُ ، وَكَرِهْتُ سُنَّةَ السُّوءِ ، وَشِقَاقَ الأُمَّةِ ، وَسَفْكَ الدِّمَاءِ ، فَإِنِّي أَنْشُدُكُمْ بِاللَّهِ وَالإِسْلامِ أَلا تَأْخُذُوا إِلا الْحَقَّ ، وَتُعْطَوْهُ مِنِّي ، وَتَرْكَ الْبَغْيِ عَلَى أَهْلِهِ ، وَخُذُوا بَيْنَنَا بِالْعَدْلِ كَمَا أَمَرَكُمُ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ ، فَإِنِّي أَنْشُدُكُمُ اللَّهَ سُبْحَانَهُ ، الَّذِي جَعَلَ عَلَيْكُمُ الْعَهْدَ وَالْمُؤَازَرَةَ فِي أَمْرِ اللَّهِ ، فَإِنَّ اللَّهَ سُبْحَانَهُ ، قَالَ وَقَوْلُهُ الْحَقُّ : وَأَوْفُوا بِالْعَهْدِ إِنَّ الْعَهْدَ كَانَ مَسْئُولا سورة الإسراء آية 34 ، فَإِنَّ هَذِهِ مَعْذِرَةٌ إِلَى اللَّهِ ، وَلَعَلَّكُمْ تَذْكُرُونَ ، أَمَّا بَعْدُ ، فَإِنِّي لا أُبَرِّئُ نَفْسِي إِنَّ النَّفْسَ لأَمَّارَةٌ بِالسُّوءِ إِلا مَا رَحِمَ رَبِّيَ إِنَّ رَبِّي غَفُورٌ رَحِيمٌ سورة يوسف آية 53 ، وَإِنْ عَاقَبْتُ أَقْوَامًا فَمَا أَبْتَغِي بِذَلِكَ إِلا الْخَيْرَ ، وَإِنِّي أَتُوبُ إِلَى اللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ كُلَّ عَمَلٍ عَمِلْتُهُ ، وَأَسْتَغْفِرُهُ ، إِنَّهُ لا يَغْفِرُ الذُّنُوبَ إِلا هُوَ ، إِنَّ رَحْمَةَ رَبِّي وَسِعَتْ كُلَّ شَيْءٍ ، إِنَّهُ لا يَقْنَطُ مِنْ رَحْمَةِ اللَّهِ إِلا الْقَوْمَ الضَّالُّونَ ، وَإِنَّهُ يَقْبَلُ التَّوْبَةَ عَنْ عِبَادِهِ ، وَيَعْفُو عَنِ السَّيِّئَاتِ وَيَعْلَمُ مَا يَفْعَلُونَ ، وَأَنَا أَسْأَلُ اللَّهَ عَزَّ وَجَلَّ : أَنْ يَغْفِرَ لِي وَلَكُمْ ، وَأَنْ يُؤَلِّفَ قُلُوبَ هَذِهِ الأُمَّةِ عَلَى الْخَيْرِ ، وَيُكَرِّهَ إِلَيْهَا الْفِسْقَ ، وَالسَّلامُ عَلَيْكُمْ وَرَحْمَةُ اللَّهِ وَبَرَكَاتُهُ ، أَيُّهَا الْمُؤْمِنُونَ وَالْمُسْلِمُونَ . قَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ : فَقَرَأْتُ هَذَا الْكِتَابَ عَلَيْهِمْ ، قَبْلَ التَّرْوِيَةِ بِمَكَّةَ بِيَوْمٍ . .

الرواه :

الأسم الرتبة
ابْنُ عَبَّاسٍ

صحابي