بعثة علي بن ابي طالب من ذي قار ابنه الحسن وعمار بن ياسر ليستنفرا له اهل الكوفة


تفسير

رقم الحديث : 1507

كَتَبَ إِلَيَّ السَّرِيُّ : عَنْ شُعَيْبٍ ، عَنْ سَيْفٍ ، عَنْ مُحَمَّدٍ ، وَطَلْحَةَ ، قَالا : كَتَبَ إِلَيَّ السَّرِيُّ : عَنْ شُعَيْبٍ ، عَنْ سَيْفٍ ، عَنْ مُحَمَّدٍ ، وَطَلْحَةَ ، قَالا : لَمَّا جَاءَتْ وُفُودُ أَهْلِ الْبَصْرَةِ إِلَى أَهْلِ الْكُوفَةِ ، وَرَجَعَ الْقَعْقَاعُ مِنْ عِنْدِ أُمِّ الْمُؤْمِنِينَ وَطَلْحَةَ وَالزُّبَيْرِ بِمِثْلِ رَأْيِهِمْ ، جَمَعَ عَلِيٌّ النَّاسَ ، ثُمَّ قَامَ عَلَى الْغَرَائِرِ ، فَحَمِدَ اللَّهَ عَزَّ وَجَلَّ وَأَثْنَى عَلَيْهِ ، وَصَلَّى عَلَى النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ، وَذَكَرَ الْجَاهِلِيَّةَ وَشَقَاءَهَا ، وَالإِسْلامَ وَالسَّعَادَةَ ، وَإِنْعَامِ اللَّهِ عَلَى الأُمَّةِ بِالْجَمَاعَةِ بِالْخَلِيفَةِ بَعْدَ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ، ثُمَّ الَّذِي يَلِيهِ ، ثُمَّ حَدَثَ هَذَا الْحَدَثُ ، الَّذِي جَرَّهُ عَلَى هَذِهِ الأُمَّةِ أَقْوَامٌ طَلَبُوا هَذِهِ الدُّنْيَا ، حَسَدُوا مَنْ أَفَاءَهَا اللَّهُ عَلَيْهِ عَلَى الْفَضِيلَةِ ، وَأَرَادُوا رَدَّ الأَشْيَاءَ عَلَى أَدْبَارِهَا ، وَاللَّهُ بَالِغٌ أَمْرَهُ وَمُصِيبٌ مَا أَرَادَ ، أَلا وَإِنِّي رَاحِلٌ غَدًا فَارْتَحِلُوا ، أَلا وَلا يَرْتَحِلَنَّ غَدًا أَحَدٌ أَعَانَ عَلَى عُثْمَانَ رضي الله عنه بِشَيْءٍ ، فِي شَيْءٍ مِنْ أُمُورِ النَّاسِ ، وَلْيُغْنِ السُّفَهَاءُ عَنِّي أَنْفُسَهُمْ . فَاجْتَمَعَ نَفَرٌ ، مِنْهُمْ : عِلْبَاءُ بْنُ الْهَيْثَمِ ، وَعَدِيُّ بْنُ حَاتِمٍ ، وَسَالِمُ بْنُ ثَعْلَبَةَ الْعَبْسِيُّ ، وَشُرَيْحُ بْنُ أَوْفَى بْنِ ضُبَيْعَةَ ، وَالأَشْتَرُ فِي عِدَّةٍ مِمَّنْ سَارَ إِلَى عُثْمَانَ ، وَرَضِيَ بِسَيْرِ مَنْ سَارَ ، وَجَامَعَهُمُ الْمِصْرِيُّونَ : ابْنُ السَّوْدَاءِ ، وَخَالِدُ بْنُ مُلْجِمٍ . وَتَشَاوَرُوا ، فَقَالُوا : مَا الرَّأْيُ وَهَذَا وَاللَّهِ عَلِيٌّ ، وَهُوَ أَبْصَرُ النَّاسِ بِكِتَابِ اللَّهِ ، وَأَقْرَبُ مِمَّنْ يَطْلُبُ قَتَلَةَ عُثْمَانَ ، وَأَقْرَبُهُمْ إِلَى الْعَمَلِ بِذَلِكَ ، وَهُوَ يَقُولُ مَا يَقُولُ ، وَلَمْ يَنْفِرْ إِلَيْهِ إِلا هُمْ وَالْقَلِيلُ مِنْ غَيْرِهِمْ ، فَكَيْفَ بِهِ إِذَا شَامَ الْقَوْمَ وَشَامُوهُ ، وَإِذَا رَأَوْا قِلَّتَنَا فِي كَثْرَتِهِمْ ، أَنْتُمْ وَاللَّهِ تُرَادُونَ ، وَمَا أَنْتُمْ بِأَنْجَى مِنْ شَيْءٍ . فَقَالَ الأَشْتَرُ : أَمَّا طَلْحَةُ وَالزُّبَيْرُ فَقَدْ عَرَفْنَا أَمْرَهُمَا ، وَأَمَّا عَلِيٌّ فَلَمْ نَعْرِفْ أَمْرَهُ حَتَّى كَانَ الْيَوْمُ ، وَرَأْيُ النَّاسِ فِينَا ، وَاللَّهُ وَاحِدٌ ، وَإِنْ يَصْطَلِحُوا وَعَلِيٌّ فَعَلَى دِمَائِنَا ، فَهَلُمُّوا فَلْنَتَوَاثَبَ عَلَى عَلِيٍّ فَنُلْحِقَهُ بِعُثْمَانَ ، فَتَعُودَ فِتْنَةً يُرْضَى مِنَّا فِيهَا بِالسُّكُونِ . فَقَالَ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ السَّوْدَاءِ : بِئْسَ الرَّأْيُ رَأَيْتَ ، أَنْتُمْ يَا قَتَلَةَ عُثْمَانَ مِنْ أَهْلِ الْكُوفَةِ بِذِي قَارٍ أَلْفَانِ وَخَمْسُ مِائَةٍ ، أَوْ نَحْوٌ مِنْ سِتِّ مِائَةٍ ، وَهَذَا ابْنُ الْحَنْظَلِيَّةِ وَأَصْحَابُهُ فِي خَمْسَةِ آلافٍ بِالأَشْوَاقِ ، إِلَى أَنْ يَجِدُوا إِلَى قِتَالِكُمْ سَبِيلا فَارْقَأْ عَلَى ظلعك . وَقَالَ عِلْبَاءُ بْنُ الْهَيْثَمِ : انْصَرِفُوا بِنَا عَنْهُمْ وَدَعُوهُمْ ، فَإِنْ قَلُّوا كَانَ أَقْوَى لِعَدُوِّهِمْ عَلَيْهِمْ ، وَإِنْ كَثُرُوا كَانَ أَحْرَى أَنْ يَصْطَلِحُوا عَلَيْكُمْ ، دَعُوهُمْ وَارْجِعُوا فَتَعَلَّقُوا بِبَلَدٍ مِنَ الْبُلْدَانِ ، حَتَّى يَأْتِيَكُمْ فِيهِ مَنْ تَتَّقُونَ بِهِ ، وَامْتَنِعُوا مِنَ النَّاسِ . فَقَالَ ابْنُ السَّوْدَاءِ : بِئْسَ مَا رَأَيْتَ ، وَدَّ وَاللَّهِ النَّاسُ أَنَّكُمْ عَلَى جَدِيلَةٍ ، وَلَمْ تَكُونُوا مَعَ أَقْوَامٍ براء ، وَلَوْ كَانَ ذَلِكَ الَّذِي تَقُولُ لَتَخَطَّفَكُمْ كُلُّ شَيْءٍ . فَقَالَ عَدِيُّ بْنُ حَاتِمٍ : وَاللَّهِ مَا رَضِيتُ وَلا كَرِهْتُ ، وَلَقَدْ عَجِبْتُ مِنْ تَرَدُّدِ مَنْ تَرَدَّدَ عَنْ قَتْلِهِ فِي خَوْضِ الْحَدِيثِ ، فَأَمَّا إِذْ وَقَعَ مَا وَقَعَ ، وَنَزَلَ مِنَ النَّاسِ بِهَذِهِ الْمَنْزِلَةِ ، فَإِنَّ لَنَا عَتَادًا مِنْ خُيُولٍ وَسِلاحٍ مَحْمُودًا ، فَإِنْ أَقْدَمْتُمْ أَقْدَمْنَا ، وَإِنْ أَمْسَكْتُمْ أَحْجَمْنَا . فَقَالَ ابْنُ السَّوْدَاءِ : أَحْسَنْتَ . وَقَالَ سَالمُ بْنُ ثَعْلَبَةَ : مَنْ كَانَ أَرَادَ بِمَا أَتَى الدُّنْيَا ، فَإِنِّي لَمْ أُرِدْ ذَلِكَ ، وَاللَّهِ لَئِنْ لَقِيتُهُمْ غَدًا لا أَرْجِعُ إِلَى بَيْتِي ، وَلَئِنْ طَالَ بَقَائِي إِذَا أَنَا لاقَيْتُهُمْ ، لا يَزِدْ عَلَى جَزْرِ جَزُورٍ ، وَأَحْلِفُ بِاللَّهِ إِنَّكُمْ لَتَفْرِقُونَ السُّيُوفَ ، فَرْقَ قَوْمٍ لا تَصِيرُ أُمُورُهُمْ إلا إِلَى السَّيْفِ . فَقَالَ ابْنُ السَّوْدَاءِ : قَدْ قَالَ قَوْلا . وَقَالَ شُرَيْحُ بْنُ أَوْفَى : أَبْرِمُوا أُمُورَكُمْ قَبْلَ أَنْ تَخْرُجُوا ، وَلا تُؤَخِّرُوا أَمْرًا يَنْبَغِي لَكُمْ تَعْجِيلُهُ ، وَلا تُعَجِّلُوا أَمْرًا يَنْبَغِي لَكُمْ تَأْخِيرُهُ ، فَإِنَّا عِنْدَ النَّاسِ بِشَرِّ الْمَنَازِلِ ، فَلا أَدْرِي مَا النَّاسُ صَانِعُونَ غَدًا ، إِذَا مَا هُمُ الْتَقَوْا . تَكَلَّمَ ابْنُ السَّوْدَاءِ ، فَقَالَ : يَا قَوْمُ إِنَّ عِزَّكُمْ فِي خُلْطَةِ النَّاسِ فَصَانِعُوهُمْ ، وَإِذَا الْتَقَى النَّاسُ غَدًا فَأَنْشِبُوا الْقِتَالَ ، وَلا تُفَرِّغُوهُمْ لِلنَّظَرِ ، فَإِذَا مَنْ أَنْتُمْ مَعَهُ لا يَجِدُ بُدًّا مِنْ أَنْ يَمْتَنِعَ ، ويشغل اللَّهُ عَلِيًّا وَطَلْحَةَ وَالزُّبَيْرَ ، وَمَنْ رَأَى رَأْيَهُمْ عَمَّا تَكْرَهُونَ . فَأَبْصِرُوا الرَّأْيَ ، وَتَفَرَّقُوا عَلَيْهِ ، وَالنَّاسُ لا يَشْعُرُونَ ، وَأَصْبَحَ عَلِيٌّ عَلَى ظَهْرٍ ، فَمَضَى وَمَضَى النَّاسُ ، حَتَّى إِذَا انْتَهَى إِلَى عَبْدِ الْقَيْسِ ، نَزَلَ بِهِمْ وَبِمَنْ خَرَجَ مِنْ أَهْلِ الْكُوفَةِ ، وَهُمْ أَمَامَ ذَلِكَ ، ثُمَّ ارْتَحَلَ حَتَّى نَزَلَ عَلَى أَهْلِ الْكُوفَةِ وَهُمْ أَمَامَ ذَلِكَ ، وَالنَّاسُ مُتَلاحِقُونَ بِهِ وَقَدْ قَطَعَهُمْ ، وَلَمَّا بَلَغَ أَهْلَ الْبَصْرَةِ رَأْيُهُمْ ، وَنَزَلَ عَلِيٌّ بِحَيْثُ نَزَلَ ، قَامَ أَبُو الْجَرْبَاءِ إِلَى الزُّبَيْرِ بْنِ الْعَوَّامِ ، فَقَالَ : إِنَّ الرَّأْيَ أَنْ تَبْعَثَ الآنَ أَلْفَ فَارِسٍ ، فَيُمَسُّوا هَذَا الرَّجُلَ وَيُصَبِّحُوهُ قَبْلَ أَنْ يُوَافِيَ أَصْحَابَهُ . فَقَالَ الزُّبَيْرُ : يَا أَبَا الْجَرْبَاءِ إِنَّا لَنَعْرِفُ أُمُورَ الْحَرْبِ ، وَلَكِنَّهُمْ أَهْلُ دَعْوَتِنَا ، وَهَذَا أَمْرٌ حَدَثَ فِي أَشْيَاءَ لَمْ تَكُنْ قَبْلَ الْيَوْمِ ، هَذَا أَمْرٌ مَنْ لَمْ يَلْقَ اللَّهَ عَزَّ وَجَلَّ فِيهِ بِعُذْرٍ ، انْقَطَعَ عُذْرُهُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ ، وَمَعَ ذَلِكَ إِنَّهُ قَدْ فَارَقَنَا وَافِدُهُمْ عَلَى أَمْرٍ ، وَأَنَا أَرْجُو أَنْ يَتِمَّ لَنَا الصُّلْحُ ، فَأَبْشِرُوا وَاصْبِرُوا . وَأَقْبَلَ صَبْرَةُ بْنُ شَيْمَانَ ، فَقَالَ : يَا طَلْحَةُ يَا زُبَيْرُ انْتَهِزَا بِنَا هَذَا الرَّجُلَ ، فَإِنَّ الرَّأْيَ فِي الْحَرْبِ خَيْرٌ مِنَ الشِّدَّةِ . فَقَالا : يَا صَبْرَةُ إِنَّا وَهُمْ مُسْلِمُونَ ، وَهَذَا أَمْرٌ لَمْ يَكُنْ قَبْلَ الْيَوْمِ ، فَيَنْزِلُ فِيهِ قُرْآنٌ ، أَوْ يَكُونُ فِيهِ مِنْ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ سُنَّةٌ ، إِنَّمَا هُوَ حَدَثٌ ، وَقَدْ زَعَمَ قَوْمٌ أَنَّهُ لا يَنْبَغِي تَحْرِيكُهُ الْيَوْمَ ، وَهُمْ عَلِيٌّ وَمَنْ مَعَهُ ، فَقُلْنَا نَحْنُ : لا يَنْبَغِي لَنَا أَنْ نَتْرُكَهُ الْيَوْمَ وَلا نُؤَخِّرَهُ . فَقَالَ عَلِيٌّ : هَذَا الَّذِي نَدْعُوكُمْ إِلَيْهِ مِنْ إِقْرَارِ هَؤُلاءِ الْقَوْمِ شَرٌّ ، وَهُوَ خَيْرٌ مِنْ شَرٍّ مِنْهُ ، وَهُوَ كَأَمْرٍ لا يُدْرَكُ ، وَقَدْ كَادَ أَنْ يَبِينَ لَنَا ، وَقَدْ جَاءَتِ الأَحْكَامُ بَيْنَ الْمُسْلِمِينَ ، بِإِيثَارِ أَعَمِّهَا مَنْفَعَةً وَأَحْوَطِهَا . وَأَقْبَلَ كَعْبُ بْنُ سُورٍ ، فَقَالَ : مَا تَنْتَظِرُونَ يَا قَوْمُ بَعْدُ تُورِدُكُمْ أَوَائِلَهُمْ ؟ اقْطَعُوا هَذَا الْعُنُقَ مِنْ هَؤُلاءِ ، فَقَالُوا : يَا كَعْبُ إِنَّ هَذَا أَمْرٌ بَيْنَنَا وَبَيْنَ إِخْوَانِنَا ، وَهُوَ أَمْرٌ مُلْتَبِسٌ ، لا وَاللَّهِ مَا أَخَذَ أَصْحَابُ مُحَمَّدٍ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مُذْ بَعَثَ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ نَبِيَّهُ طَرِيقًا إِلا عَلِمُوا أَيْنَ مَوَاقِعُ أَقْدَامِهِمْ ، حَتَّى حَدَثَ هَذَا ، فَإِنَّهُمْ لا يَدْرُونَ أَمُقْبِلُونَ هُمْ أَمْ مُدْبِرُونَ ، إِنَّ الشَّيْءَ يَحْسُنُ عِنْدَنَا الْيَوْمَ ، وَيَقْبُحُ عِنْدَ إِخْوَانِنَا ، فَإِذَا كَانَ مِنَ الْغَدِ قَبُحَ عِنْدَنَا وَحَسُنَ عِنْدَهُمْ ، وَإِنَّا لَنَحْتَجُّ عَلَيْهِمْ بِالْحُجَّةِ فَلا يَرَوْنَهَا حُجَّةً ، ثُمَّ يَحْتَجُّونَ بِهَا عَلَى أَمْثَالِهَا ، وَنَحْنُ نَرْجُو الصُّلْحَ ، إِنْ أَجَابُوا إِلَيْهِ وَتَمُّوا ، وَإِلا فَإِنَّ آخِرَ الدَّوَاءِ الْكَيُّ . وَقَامَ إِلَى عَلِيِّ بْنِ أَبِي طَالِبٍ أَقْوَامٌ مِنْ أَهْلِ الْكُوفَةِ يَسْأَلُونَهُ عَنْ إِقْدَامِهِمْ عَلَى الْقَوْمِ ، فَقَامَ إِلَيْهِ فِيمَنْ قَامَ الأَعْوَرُ بْنُ بَنَّانٍ الْمِنْقَرِيُّ ، فَقَالَ لَهُ عَلِيٌّ : عَلَى الإِصْلاحِ وَإِطْفَاءِ النَّائِرَةِ ، لَعَلَّ اللَّهَ يَجْمَعُ شَمْلَ هَذِهِ الأُمَّةِ بِنَا ، وَيَضَعُ حَرْبَهُمْ ، وَقَدْ أَجَابُونِي . قَالَ : فَإِنْ لَمْ يُجِيبُونَا ؟ قَالَ : تَرَكْنَاهُمْ مَا تَرَكُونَا . قَالَ : فَإِنْ لَمْ يَتْرُكُونَا ؟ قَالَ : دَفَعْنَاهُمْ عَنْ أَنْفُسِنَا . قَالَ : فَهَلْ لَهُمْ مِثْلُ مَا عَلَيْهِمْ مِنْ هَذَا ؟ قَالَ : نَعَمْ . وَقَامَ إِلَيْهِ أَبُو سَلامَةَ الدَّالانِيُّ ، فَقَالَ : أَتَرَى لِهَؤُلاءِ الْقَوْمِ حُجَّةً فِيمَا طَلَبُوا مِنْ هَذَا الدَّمِ ، إِنْ كَانُوا أَرَادُوا اللَّهَ عَزَّ وَجَلَّ بِذَلِكَ ؟ قَالَ : نَعَمْ . قَالَ : فَتَرَى لَكَ حُجَّةً بِتَأْخِيرِكَ ذَلِكَ ؟ قَالَ : نَعَمْ إِنَّ الشَّيْءَ إِذَا كَانَ لا يُدْرَكُ فَالْحُكْمُ فِيهِ أَحْوَطُهُ وَأَعَمُّهُ نَفْعًا . قَالَ : فَمَا حَالُنَا وَحَالُكُمْ إِنِ ابْتُلِينَا غَدًا ؟ قَالَ : إِنِّي لأَرْجُو أَلا يُقْتَلَ أَحَدٌ نَقَّى قَلْبَهُ لِلَّهِ مِنَّا وَمِنْهُمْ ، إِلا أَدْخَلَهُ اللَّهُ الْجَنَّةَ . وَقَامَ إِلَيْهِ مَالِكُ بْنُ حَبِيبٍ ، فَقَالَ مَا أَنْتَ صَانِعٌ إِذَا لَقِيتَ هَؤُلاءِ الْقَوْمَ ؟ قَالَ : قَدْ بَانَ لَنَا وَلَهُمْ ، أَنَّ الإِصْلاحَ الْكَفُّ عَنْ هَذَا الأَمْرِ ، فَإِنْ بَايَعُونَا فَذَلِكَ ، فَإِنْ أَبَوْا وَأَبَيْنَا إِلا الْقِتَالَ ، فَصَدْعٌ لا يَلْتَئِمُ . قَالَ : فَإِنِ ابْتُلِينَا فَمَا بَالُ قَتْلانَا . قَالَ : مَنْ أَرَادَ اللَّهَ عَزَّ وَجَلَّ نَفَعَهُ ذَلِكَ ، وَكَانَ نَجَاءَهُ . وَقَامَ عَلِيٌّ فَخَطَبَ النَّاسَ فَحَمِدَ اللَّهَ وَأَثْنَى عَلَيْهِ ، وَقَالَ : يَأَيُّهَا النَّاسُ امْلُكُوا أَنْفُسَكُمْ ، أَوْ كُفُّوا أَيْدِيَكُمْ وَأَلْسِنَتَكُمْ عَنْ هَؤُلاءِ الْقَوْمِ ، فَإِنَّهُمْ إِخْوَانُكُمْ وَاصْبِرُوا عَلَى مَا يَأْتِيكُمْ ، وَإِيَّاكُمْ أَنْ تَسْبِقُونَا فَإِنَّ الْمَخْصُومَ غَدًا مَنْ خُصِمَ الْيَوْمَ . ثُمَّ ارْتَحَلَ وَأَقْدَمَ ، وَدَفَعَ تَعْبِيتَهُ الَّتِي قَدِمَ فِيهَا ، حَتَّى إِذَا أَطَلَّ عَلَى الْقَوْمِ ، بَعَثَ إِلَيْهِمْ حَكِيمَ بْنَ سَلامَةَ وَمَالِكَ بْنَ حَبِيبٍ : إِنْ كُنْتُمْ عَلَى مَا فَارَقْتُمْ عَلَيْهِ الْقَعْقَاعَ بْنَ عَمْرٍو ، فَكُفُّوا وَأَقِرُّونَا ، نَنْزِلُ وَنَنْظُرُ فِي هَذَا الأَمْرِ . فَخَرَجَ إِلَيْهِ الأَحْنَفُ بْنُ قَيْسٍ وَبَنُو سَعْدٍ مُشَمِّرِينَ ، قَدْ مَنَعُوا حُرْقُوصَ بْنَ زُهَيْرٍ ، وَلا يَرَوْنَ الْقِتَالَ مَعَ عَلِيِّ بْنِ أَبِي طَالِبٍ ، فَقَالَ : يَا عَلِيُّ ، إِنَّ قَوْمَنَا بِالْبَصْرَةِ يَزْعُمُونَ أَنَّكَ إِنْ ظَهَرْتَ عَلَيْهِمْ غَدًا ، إِنَّكَ تَقْتُلُ رِجَالَهُمْ ، وَتُسْبِي نِسَاءَهُمْ . فَقَالَ : مَا مِثْلِي يُخَافُ هَذَا مِنْهُ ، وَهَلْ يَحِلُّ هَذَا إِلا مِمَّنْ تَوَلَّى وَكَفَرَ ، أَلَمْ تَسْمَعْ إِلَى قَوْلِ اللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ : لَسْتَ عَلَيْهِمْ بِمُسَيْطِرٍ { 22 } إِلا مَنْ تَوَلَّى وَكَفَرَ { 23 } سورة الغاشية آية 22-23 وَهُمْ قَوْمٌ مُسْلِمُونَ ، هَلْ أَنْتَ مُغْنٍ عَنِّي قَوْمَكَ ؟ قَالَ : نَعَمْ ، وَاخْتَرْ مِنِّي وَاحِدَةً مِنْ ثِنْتَيْنِ : إِمَّا أَنْ أَكُونَ آتِيكَ فَأَكُونَ مَعَكَ بِنَفْسِي ، وَإِمَّا أَنْ أَكُفَّ عَنْكَ عَشَرَةَ آلافِ سَيْفٍ . فَرَجَعَ إِلَى النَّاسِ ، فَدَعَاهُمْ إِلَى الْقُعُودِ ، وَقَدْ بَدَأَ ، فَقَالَ : يَا لِخِنْدَفٍ . فَأَجَابَهُ نَاسٌ ، ثُمَّ نَادَى : يَا لِتَمِيمٍ . فَأَجَابَهُ نَاسٌ ، ثُمَّ نَادَى : يَا لِسَعْدٍ . فَلَمْ يَبْقَ سَعْدِيٌّ إِلا أَجَابَهُ ، فَاعْتَزَلَ بِهِمْ ، ثُمَّ نَظَرَ مَا يَصْنَعُ النَّاسُ ، فَلَمَّا وَقَعَ الْقِتَالُ وَظَفَرَ عَلِيٌّ جَاءُوا وَافِرِينَ ، فَدَخَلُوا فِيمَا دَخَلَ فِيهِ النَّاسُ . .

الرواه :

الأسم الرتبة

Whoops, looks like something went wrong.