بعثة علي بن ابي طالب من ذي قار ابنه الحسن وعمار بن ياسر ليستنفرا له اهل الكوفة


تفسير

رقم الحديث : 1550

قَالَ أَبُو مِخْنَفٍ : حَدَّثَنِي عَبْدُ الْمَلِكِ بْنُ أَبِي حُرَّةَ الْحَنَفِيُّ : قَالَ أَبُو مِخْنَفٍ : حَدَّثَنِي عَبْدُ الْمَلِكِ بْنُ أَبِي حُرَّةَ الْحَنَفِيُّ : أَنَّ عَلِيًّا ، قَالَ : هَذَا يَوْمٌ نُصِرْتُمْ فِيهِ بِالْحَمِيَّةِ . وَجَاءَ النَّاسُ حَتَّى أَتَوْا عَسْكَرَهُمْ ، فَمَكَثَ عَلِيٌّ يَوْمَيْنِ لا يُرْسِلُ إِلَى مُعَاوِيَةَ أَحَدًا ، وَلا يُرْسِلُ إِلَيْهِ مُعَاوِيَةَ ، ثُمَّ إِنَّ عَلِيًّا دَعَا بَشِيرَ بْنَ عَمْرِو بْنِ مِحْصَنٍ الأَنْصَارِيَّ ، وَسَعِيدَ بْنَ قَيْسٍ الْهَمْدَانِيَّ ، وَشَبَثَ بْنَ رِبْعِيٍّ التَّمِيمِيَّ ، فَقَالَ : ائْتُوا هَذَا الرَّجُلَ ، فَادْعُوهُ إِلَى اللَّهِ وَإِلَى الطَّاعَةِ وَالْجَمَاعَةِ . فَقَالَ لَهُ شَبَثُ بْنُ رِبْعِيٍّ . يَا أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ ، أَلا تُطْمِعَهُ فِي سُلْطَانٍ تُوَلِّيَهُ إِيَّاهُ ، وَمَنْزِلَةٍ يَكُونُ لَهُ بِهَا أَثَرَةٌ عِنْدَكَ إِنْ هُوَ بَايَعَكَ ؟ فَقَالَ عَلِيٌّ : ائْتُوهُ فَالْقَوْهُ ، وَاحْتَجُّوا عَلَيْهِ ، وَانْظُرُوا مَا رَأْيهُ . وَهَذَا فِي أَوَّلِ ذِي الْحِجَّةِ ، فَأَتَوْهُ وَدَخَلُوا عَلَيْهِ ، فَحَمِدَ اللَّهَ وَأَثْنَى عَلَيْهِ أَبُو عَمْرَةَ بَشِيرُ بْنُ عَمْرٍو ، وَقَالَ : يَا مُعَاوِيَةُ ، إِنَّ الدُّنْيَا عَنْكَ زَائِلَةٌ ، وَإِنَّكَ رَاجِعٌ إِلَى الآخِرَةِ ، وَإِنَّ اللَّهَ عَزَّ وَجَلَّ مُحَاسِبُكَ بِعَمِلِكَ ، وَجَازِيكَ بِمَا قَدَّمَتْ يَدَاكَ ، وَإِنِّي أَنْشُدُكَ اللَّهَ عَزَّ وَجَلَّ أَنْ تُفَرِّقَ جَمَاعَةَ هَذِهِ الأُمَّةِ ، وَأَنْ تَسْفِكَ دِمَاءَهَا بَيْنَهَا . فَقَطَعَ عَلَيْهِ الْكَلامَ ، وَقَالَ : هَلا أَوْصَيْتَ بِذَلِكَ صَاحِبَكَ . فَقَالَ أَبُو عَمْرَةَ : إِنَّ صَاحِبِي لَيْسَ مِثْلَكَ ، إِنَّ صَاحِبِي أَحَقُّ الْبَرِيَّةِ كُلِّهَا بِهَذَا الأَمْرِ ، فِي الْفَضْلِ وَالدِّينِ وَالسَّابِقَةِ فِي الإِسْلامِ ، وَالْقَرَابَةِ مِنَ الرَّسُولِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ، قَالَ : فَيَقُولُ : مَاذَا ؟ قَالَ : يَأْمُرُكَ بِتَقْوَى اللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ ، وَإِجَابَةِ ابْنِ عَمِّكَ إِلَى مَا يَدْعُوكَ إِلَيْهِ مِنَ الْحَقِّ ، فَإِنَّهُ أَسْلَمُ لَكَ فِي دُنْيَاكَ ، وَخَيْرٌ لَكَ فِي عَاقِبَةِ أَمْرِكَ ، قَالَ مُعَاوِيَةُ : وَنطل دَمَ عُثْمَانَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ ، لا وَاللَّهِ لا أَفْعَلُ ذَلِكَ أَبَدًا ، فَذَهَبَ سَعِيدُ بْنُ قَيْسٍ يَتَكَلَّمُ ، فَبَادَرَهُ شَبَثُ بْنُ رِبْعِيٍّ ، فَتَكَلَّمَ فَحَمِدَ اللَّهَ وَأَثْنَى عَلَيْهِ ، وَقَالَ : يَا مُعَاوِيَةُ ، إِنِّي قَدْ فَهِمْتُ مَا رَدَدْتَ عَلَى ابْنِ مِحْصَنٍ ، إِنَّهُ وَاللَّهِ لا يَخْفَى عَلَيْنَا مَا تَغْزُو وَمَا تَطْلُبُ ، إِنَّكَ لَمْ تَجِدْ شَيْئًا تَسْتَغْوِي بِهِ النَّاسَ ، وَتَسْتَمِيلُ بِهِ أَهْوَاءَهُمْ ، وَتَسْتَخْلِصُ بِهِ طَاعَتَهُمْ ، إِلا قَوْلَكَ : قُتِلَ إِمَامُكُمْ مَظْلُومًا ، فَنَحْنُ نَطْلُبُ بِدَمِهِ . فَاسْتَجَابَ لَهُ سُفَهَاءُ طَغَامٌ ، وَقَدْ عَلِمْنَا أَنْ قَدْ أَبْطَأْتَ عَنْهُ بِالنَّصْرِ ، وَأَحْبَبْتَ لَهُ الْقَتْلَ لِهَذِهِ الْمَنْزِلَةِ الَّتِي أَصْبَحْتَ تَطْلُبُ ، وَرُبَّ مُتَمَنٍّ أَمْرٍ وَطَالِبِهِ ، اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ يَحُولُ دُونَهُ بِقُدْرَتِهِ ، وَرُبَّمَا أُوتِيَ الْمُتَمَنِّي أُمْنِيَّتَهُ ، وَفَوْقَ أُمْنِيَّتِهِ ، وَوَاللَّهِ مَا لَكَ فِي وَاحِدَةٍ مِنْهُمَا خَيْرٌ لَئِنْ أَخْطَأْتَ مَا تَرْجُو ، إِنَّكَ لَشَرُّ الْعَرَبِ حَالا فِي ذَلِكَ ، وَلَئِنْ أَصَبْتَ مَا تَمَنَّى ، لا تُصِيبَهُ حَتَّى تَسْتَحِقَّ مِنْ رَبِّكَ صَلِيَّ النَّارِ ، فَاتَّقِ اللَّهَ يَا مُعَاوِيَةُ ، وَدَعْ مَا أَنْتَ عَلَيْهِ ، وَلا تُنَازِعِ الأَمْرَ أَهْلَهُ ، فَحَمِدَ اللَّهَ مُعَاوِيَةُ وَأَثْنَى عَلَيْهِ ، ثُمَّ قَالَ : أَمَّا بَعْدُ ، فَإِنَّ أَوَّلُ مَا عَرَفْتُ فِيهِ سَفَهَكَ وَخِفَّةَ حِلْمِكَ قَطْعُكَ عَلَى هَذَا الْحَسِيبِ الشَّرِيفِ ، سَيِّدِ قَوْمِهِ مَنْطِقَهُ ، ثُمَّ عَنَيْتَ بَعْدُ فِيمَا لا عِلْمَ لَكَ بِهِ ، فَقَدْ كَذَبْتَ وَلَوْ مِتَّ أَيُّهَا الأَعْرَابِيُّ الْجِلْفُ الْجَافِي فِي كُلِّ مَا ذَكَرْتَ وَوَصَفْتَ ، انْصَرِفُوا مِنْ عِنْدِي ، فَإِنَّهُ لَيْسَ بَيْنِي وَبَيْنَكُمْ إِلا السَّيْفَ . وَغَضِبَ وَخَرَجَ الْقَوْمُ ، وَشَبَثٌ يَقُولُ : أَفَعَلَيْنَا تُهَوِّلُ بِالسَّيْفِ ، أُقْسِمُ بِاللَّهِ لَيُعَجِّلَنَّ بِهَا إِلَيْكَ . فَأَتَوْا عَلِيًّا ، وَأَخْبَرُوهُ بِالَّذِي كَانَ مِنْ قَوْلِهِ ، وَذَلِكَ فِي ذِي الْحِجَّةِ ، فَأَخَذَ عَلِيٌّ يَأْمُرُ الرَّجُلَ ذَا الشَّرَفِ ، فَيَخْرُجُ مَعَهُ جَمَاعَةٌ ، وَيَخْرُجُ إِلَيْهِ مِنْ أَصْحَابِ مُعَاوِيَةَ آخَرُ مَعَهُ جَمَاعَةٌ ، فَيَقْتَتِلانِ فِي خَيْلِهِمَا وَرِجَالِهِمَا ، ثُمَّ يَنْصَرِفَانِ ، وَأَخَذُوا يَكْرَهُونَ أَنْ يَلْقَوْا بِجَمْعٍ أَهْلُ الْعِرَاقِ أَهْلَ الشَّامِ ، لِمَا يَتَخَوَّفُونَ أَنْ يَكُونَ فِي ذَلِكَ مِنَ الاسْتِئْصَالِ وَالْهَلاكِ ، فَكَانَ عَلِيٌّ يُخْرِجُ مَرَّةً الأَشْتَرَ ، وَمَرَّةً حُجْرَ بْنَ عَدِيٍّ الْكِنْدِيَّ ، وَمَرَّةً شَبَثَ بْنَ رِبْعِيٍّ ، وَمَرَّةً خَالِدَ بْنَ الْمُعَمَّرِ ، وَمَرَّةً زِيَادَ بْنَ النَّضْرِ الْحَارِثِيَّ ، وَمَرَّةً زِيَادَ بْنَ خَصَفَةَ التَّمِيمِيَّ ، وَمَرَّةً سَعِيدَ بْنَ قَيْسٍ ، وَمَرَّةً مَعْقِلَ بْنَ قَيْسٍ الرِّيَاحِيَّ ، وَمَرَّةً قَيْسَ بْنَ سَعْدٍ ، وَكَانَ أَكْثَرَ الْقَوْمِ خُرُوجًا إِلَيْهِمُ الأَشْتَرُ ، وَكَانَ مُعَاوِيَةُ يُخْرِجُ إِلَيْهِمْ عَبْدَ الرَّحْمَنِ بْنَ خَالِدٍ الْمَخْزُومِيَّ ، وَأَبَا الأَعْوَرِ السُّلَمِيَّ ، وَمَرَّةً حَبِيبَ بْنَ مَسْلَمَةَ الْفِهْرِيَّ ، وَمَرَّةً ابْنَ ذِي الْكِلاعِ الْحِمْيَرِيَّ ، وَمَرَّةً عُبَيْدَ اللَّهِ بْنَ عُمَرَ بْنِ الْخَطَّابِ ، وَمَرَّةً شُرَحْبِيلَ بْنَ الْسِمْطِ الْكِنْدِيَّ ، وَمَرَّةً حَمْزَةَ بْنَ مَالِكٍ الْهَمْدَانِيَّ ، فَاقْتَتَلُوا مِنْ ذِي الْحَجَّةِ كُلِّهَا ، وَرُبَّمَا اقْتَتَلُوا فِي الْيَوْمِ الْوَاحِدِ مَرَّتَيْنِ ، أَوَّلَهُ وَآخِرَهُ " .

الرواه :

الأسم الرتبة

Whoops, looks like something went wrong.