ذَكَرَ هِشَامُ بْنُ مُحَمَّدٍ ، عَنْ ذَكَرَ هِشَامُ بْنُ مُحَمَّدٍ ، عَنْ أَبِي مِخْنَفٍ ، أَنَّ فُضَيْلَ بْنَ خَدِيجٍ حَدَّثَهُ ، عَنْ عُبَيْدَةَ بْنِ عَمْرٍو ، وَإِسْمَاعِيلَ بْنِ كَثِيرٍ مِنْ بَنِي هِنْدٍ أَنَّ أَصْحَابَ سُلَيْمَانَ بْنِ صُرَدٍ لَمَّا قَدِمُوا كَتَبَ إِلَيْهِمُ الْمُخْتَارُ : أَمَّا بَعْدُ ؛ فَإِنَّ اللَّهَ أَعْظَمَ لَكُمُ الأَجْرَ ، وَحَطَّ عَنْكُمُ الْوِزْرَ بِمُفَارَقَةِ الْقَاسِطِينَ وَجِهَادِ الْمُحِلِّينَ ، إِنَّكُمْ لَمْ تُنْفِقُوا نَفَقَةً ، وَلَمْ تَقْطَعُوا عُقْبَةً ، وَلَمْ تَخْطُوا خُطْوَةً إِلَّا رَفَعَ اللَّهُ لَكُمْ بِهَا دَرَجَةً ، وَكَتَبَ لَكُمْ بِهَا حَسَنَةً إِلَى مَا لا يُحْصِيهِ إِلَّا اللَّهُ مِنَ التَّضْعِيفِ ، فَأَبْشِرُوا ، فَإِنِّي لو قَدْ خَرَجْتُ إِلَيْكُمْ قَدْ جَرَّدْتُ فِيمَا بَيْنَ الْمَشْرِقِ وَالْمَغْرِبِ فِي عَدُوِّكُمُ السَّيْفَ بِإِذْنِ اللَّهِ ، فَجَعَلْتُهُمْ بِإِذْنِ اللَّهِ رُكَامًا ، وَقَتَلْتُهُمْ فَذًّا وَتُؤَامًا ، فَرَحَّبَ اللَّهُ بِمَنْ قَارَبَ مِنْكُمْ وَاهْتَدَى وَلا يُبْعِدُ اللَّهُ إِلَّا مَنْ عَصَى وَأَبَى ، وَالسَّلامُ يَا أَهْلَ الْهُدَى . فَجَاءَهُمْ بِهَذَا الْكِتَابِ سَيْحَانُ بْنُ عَمْرٍو مِنْ بَنِي لَيْثٍ مِنْ عَبْدِ الْقَيْسِ ، قَدْ أَدْخَلَهُ فِي قُلُنْسُوَتِهِ ، فِيمَا بَيْنَ الظِّهَارَةِ وَالْبِطَانَةِ ، فَأَتَى بِالْكِتَابِ رِفَاعَةَ بْنَ شَدَّادٍ ، وَالْمُثَنَّى بْنَ مَخْرَبَةَ الْعَبْدِيَّ ، وَسَعْدَ بْنَ حُذَيْفَةَ بْنِ الْيَمَانِ ، وَيَزِيدَ بْنَ أَنَسٍ ، وَأَحْمَرَ بْنَ شُمَيْطٍ الأَحْمَسِيَّ ، وَعَبْدَ اللَّهِ بْنَ شَدَّادٍ الْبَجْلِيَّ ، وَعَبْدَ اللَّهِ بْنَ كَامِلٍ ، فَقَرَأَ عَلَيْهِمُ الْكِتَابَ فَبَعَثُوا إِلَيْهِ ابْنَ كَامِلٍ ، فَقَالُوا : قُلْ لَهُ : قَدْ قَرَأْنَا الْكِتَابَ وَنَحْنُ حَيْثُ يَسُرُّكَ ، فَإِنْ شِئْتَ أَنْ نَأْتِيَكَ حَتَّى نُخْرِجَكَ فَعَلْنَا ، فَأَتَاهُ فَدَخَلَ عَلَيْهِ السِّجْنَ ، فَأَخْبَرَهُ بِمَا أُرْسِلَ إِلَيْهِ بِهِ ، فُسَرَّ بِاجْتِمَاعِ الشِّيعَةِ لَهُ ، وَقَالَ لَهُمْ لا تُرِيدُوا هَذَا ، فَإِنِّي أَخْرُجُ فِي أَيَّامِي هَذِهِ ، قَالَ : وَكَانَ الْمُخْتَارُ قَدْ بَعَثَ غُلامًا ، يُدْعَى : زُرَبْيًا ، إِلَى عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُمَرَ بْنِ الْخَطَّابِ ، وَكَتَبَ إِلَيْهِ : أَمَّا بَعْدُ ؛ فَإِنِّي قَدْ حُبِسْتُ مَظْلُومًا ، وَظَنَّ بِيَ الْوُلَاةُ ظُنُونًا كَاذِبَةً ، فَاكْتُبْ فِيَّ ، يَرْحَمُكَ اللَّهُ ، إِلَى هَذَيْنِ الظَّالِمَيْنِ كِتَابًا لَطِيفًا ؛ عَسَى اللَّهَ أَنْ يُخَلِّصَنِي مِنْ أَيْدِيهِمَا بِلُطْفِكَ وَبَرَكَتِكَ وَبِمَنِّكَ ، وَالسَّلامُ عَلَيْكَ . فَكَتَبَ إِلَيْهِمَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ عُمَرَ : أَمَّا بَعْدُ ؛ فَقَدْ عَلِمْتُمَا الَّذِي بَيْنِي وَبَيْنَ الْمُخْتَارِ بْنِ أَبِي عُبَيْدٍ مِنَ الصَّهْرِ ، والَّذِي بَيْنِي وَبَيْنَكُمَا مِنَ الْوُدِّ ، فَأَقْسَمْتُ عَلَيْكُمَا بِحَقِّ مَا بَيْنِي وَبَيْنَكُمَا ، لَمَا خَلَّيْتُمَا سَبِيلَهُ حِينَ تَنْظُرَانِ فِي كِتَابِي هَذَا ، وَالسَّلَامُ عَلَيْكُمَا وَرَحْمَةُ اللَّهِ . فَلَمَّا أَتَى عَبْدَ اللَّهِ بْنَ يَزِيدَ وَإِبْرَاهِيمَ بْنَ مُحَمَّدِ بْنِ طَلْحَةَ كِتَابُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُمَرَ دَعَوَا لِلْمُخْتَارِ بِكُفَلَاءَ يَضْمَنُونَهُ بِنَفْسِهِ ، فَأَتَاهُ أُنَاسٌ مِنْ أَصْحَابِهِ كَثِيرٌ ، فَقَالَ يَزِيدُ بْنُ الْحَارِثِ بْنِ يَزِيدَ بْنِ رُؤَيْمٍ لِعَبْدِ اللَّهِ بْنِ يَزِيدَ : مَا تَصْنَعُ بِضَمَانِ هَؤُلاءِ كُلِّهِمْ ؟ ضَمِّنْهُ عَشَرَةً مِنْهُمْ أَشْرَافًا مَعْرُوفِينَ ، وَدَعْ سَائِرَهُمْ ، فَفَعَلَ ذَلِكَ ، فَلَمَّا ضَمِنُوهُ دَعَا بِهِ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ يَزِيدَ وَإِبْرَاهِيمُ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ طَلْحَةَ ، فَحَلَّفَاهُ بِاللَّهِ الَّذِي لا إِلَهَ إِلَّا هُوَ ، عَالِمِ الْغَيْبِ وَالشَّهَادَةِ ، الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ ، لا يَبْغِيهِمَا غَائِلَةً ، وَلا يَخرُجُ عَلَيْهِمَا مَا كَانَ لَهُمَا سُلْطَانٌ ، فَإِنْ هُوَ فَعَلَ فَعَلَيْهِ أَلْفُ بَدَنَةٍ يَنْحَرُهَا لَدَى رَتَاجِ الْكَعْبَةِ وَمَمَالِيكُهُ كُلُّهُمْ ، ذَكَرُهُمْ وَأُنْثَاهُمْ ، أَحْرَارٌ ، فَحَلَفَ لَهُمَا بِذَلِكَ ثُمَّ خَرَجَ ، فَجَاءَ دَارَهُ فَنَزَلَهَا " . قَالَ أَبُو مِخْنَفٍ فَحَدَّثَنِي يَحْيَى بْنُ أَبِي عِيسَى ، عَنْ حُمَيْدِ بْنِ مُسْلِمٍ ، قَالَ : سَمِعْتُ الْمُخْتَارَ بَعْدَ ذَلِكَ يَقُولُ : قَاتَلَهُمُ اللَّهُ ، مَا أَحْمَقَهُمْ حِينَ يَرَوْنَ أَنِّي أَفِي لَهُمْ بِأَيْمَانِهِمْ هَذِهِ ، أَمَّا حَلِفِي لَهُمْ بِاللَّهِ ؛ فَإِنَّهُ يَنْبَغِي لِي إِذَا حَلَفْتُ عَلَى يَمِينٍ فَرَأَيْتُ مَا هُوَ خَيْرٌ مِنْهَا أَنْ أَدَعَ مَا حَلَفْتُ عَلَيْهِ ، وَآتِيَ الَّذِي هُوَ خَيْرٌ وَأُكَفِّرَ يَمِينِي ، وَخُرُوجِي عَلَيْهِمْ خَيْرٌ مِنْ كَفِّي عَنْهُمْ ، وَأَمَّا هَدْيُ أَلْفِ بَدَنَةٍ ؛ فَهُوَ أَهْوَنُ عَلَيَّ مِنْ بَصْقَةٍ وَمَا ثَمَنُ أَلْفِ بَدَنَةٍ فَيَهُولُنِي ، وَأَمَّا عِتْقُ مَمَالِيكِي ، فَوَاللَّهِ لَوَدِدْتُ أَنَّهُ قَدِ اسْتَتَبَّ لِي أَمْرِي ، ثُمَّ لَمْ أَمْلِكْ مَمْلُوكًا أَبَدًا ، قَالَ : وَلَمَّا نَزَلَ الْمُخْتَارُ دَارَهُ عِنْدَ خُرُوجِهِ مِنَ السِّجْنِ اخْتَلَفَ إِلَيْهِ الشِّيعَةُ وَاجْتَمَعَتْ عَلَيْهِ ، وَاتَّفَقَ رَأْيُهَا عَلَى الرِّضَا بِهِ ، وَكَانَ الَّذِي يُبَايِعُ لَهُ النَّاسَ وَهُوَ فِي السِّجْنِ خَمْسَةُ نَفَرٍ : السَّائِبُ بْنُ مَالِكٍ الأَشْعَرِيُّ ، وَيَزِيدُ بْنُ أَنَسٍ ، وَأَحْمَرُ بْنُ شُمَيْطٍ ، وَرِفَاعَةُ بْنُ شَدَّادٍ الْفِتْيَانِيُّ ، وَعَبْدُ اللَّهِ بْنُ شَدَّادٍ الْجُشَمِيُّ ، قَالَ : فَلَمْ يَزَلْ أَصْحَابُهُ يَكْثُرُونَ وَأَمْرُهُ يَقْوَى وَيَشْتَدُّ ، حَتَّى عَزَلَ ابْنُ الزُّبَيْرِ عَبْدَ اللَّهِ بْنَ يَزِيدَ ، وَإِبْرَاهِيمَ بْنَ مُحَمَّدٍ ، وَبَعَثَ عَبْدَ اللَّهِ بْنَ مُطِيعٍ عَلَى عَمَلِهِمَا إِلَى الْكُوفَةِ . قَالَ أَبُو مِخْنَفٍ : فَحَدَّثَنِي الصَّقْعَبُ بْنُ زُهَيْرٍ ، عَنْ عُمَرَ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ الْحَارِثِ بْنِ هِشَامٍ ، قَالَ : دَعَا ابْنُ الزُّبَيْرِ عَبْدَ اللَّهِ بْنَ مُطِيعٍ أَخَا بَنِي عَدِيِّ بْنِ كَعْبٍ ، وَالْحَارِثَ بْنَ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ أَبِي رَبِيعَةَ الْمَخْزُومِيَّ ، فَبَعَثَ عَبْدَ اللَّهِ بْنَ مُطِيعٍ عَلَى الْكُوفَةِ ، وَبَعَثَ الْحَارِثَ بْنَ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ أَبِي رَبِيعَةَ عَلَى الْبَصْرَةِ ، قَالَ : فَبَلَغَ ذَلِكَ بَحِيرَ بْنَ رَيْسَانَ الْحِمْيَرِيَّ ، فَلَقِيَهُمَا ، فَقَالَ لَهُمَا : يَا هَذَانِ ، إِنَّ الْقَمَرَ اللَّيْلَةَ بِالنَّاطِحِ فَلا تَسِيرَا ، فَأَمَّا ابْنُ أَبِي رَبِيعَةَ فَأَطَاعَهُ ، فَأَقَامَ يَسِيرًا ، ثُمَّ شَخَصَ إِلَى عَمَلِهِ فَسَلِمَ ، وَأَمَّا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مُطِيعٍ فَقَالَ لَهُ : وَهَلْ نَطْلُبُ إِلَّا النَّطْحَ ؟ قَالَ : فَلَقِيَ وَاللَّهِ نَطْحًا وَبَطْحًا ، قَالَ : يَقُولُ عُمَرُ : وَالْبَلاءُ مُوَكَّلٌ بِالْقَوْلِ .
الأسم | الشهرة | الرتبة |