حَدَّثَنَا ابْنُ حُمَيْدٍ ، قَالَ : حَدَّثَنَا هَارُونُ بْنُ الْمُغِيرَةِ , عَنْ إِسْمَاعِيلَ ، عَنِ الْحَارِثِ , وَابْنِ شُبْرُمَةَ : فِيمَنْ قَامَتْ دَابَّتُهُ فِي الطَّرِيقِ ، فَخَلَّى عَنْهَا ، فَأَخَذَهَا رَجُلٌ ، فَأَنْفَقَ عَلَيْهَا حَتَّى بَرَأَتْ ، ثُمَّ جَاءَ صَاحِبُهَا ، قَالا : " يُعْطِي النَّفَقَةَ ، وَيَأْخُذُ دَابَّتَهُ " . وَالصَّوَابُ مِنَ الْقَوْلِ فِي ذَلِكَ عِنْدَنَا مَا قَالَ الأَوْزَاعِيُّ ، مِنْ أَنَّ صَاحِبَ الدَّابَّةِ إِنْ أَنْكَرَ أَنْ يَكُونَ تَرْكُهُ إِيَّاهَا كَانَ عَلَى وَجْهِ التَّمْلِيكِ لِمَنْ أَخَذَهَا ، وَالْعَزْمِ مِنْهُ عَلَى أَلا يَرْتَجِعَهَا مِنْ آخِذِهَا ، فَإِنَّ الْقَوْلَ قَوْلُهُ مَعَ يَمِينِهِ ، وَحُكِمَ لَهُ بِأَخْذِهَا مِمَّنْ كَانَتْ فِي يَدِهِ ، وَلَمْ يَلْزَمْهُ غُرْمُ مَا أَنْفَقَ عَلَيْهَا الآخِذُ ، فَأَمَّا فِيمَا بَيْنَهُ وَبَيْنَ اللَّهِ ، فَإِنَّهُ حَرَامٌ عَلَيْهِ ارْتِجَاعُهَا ، فَأَمَّا حُكْمُنَا بِهَا لَهُ ، وَتَصْيِيُرنَا الْقَوْلَ فِي ذَلِكَ قَوْلُهُ مَعَ يَمِينِهِ ، بَعْدَ أَنْ يُثْبِتَ أَنَّ الدَّابَّةَ لَهُ ، وَأَنَّهُ الَّذِي خَلاهَا حَيْثُ خَلاهَا ، فَلَمَّا بَيَّنَا قَبْلُ : مِنْ أَنَّ مِلْكَ مَالِكٍ لا يَزُولُ عَنْ مِلْكِهِ إِلا بِإِزَالَتِهِ إِيَّاهُ عَنْهُ ، أَوْ بِحُكْمِ اللَّهِ بِزَوَالِهِ ، وَلَمْ يُزِلْهُ صَاحِبُهُ بِمَا يَزُولُ بِهِ الإِمْلاكُ ، وَلا وَرَدَ بِزَوَالِ مِلْكِهِ عَنْهُ إِذَا كَانَ الأَمْرُ كَذَاكَ ، خَبَرٌ يُوجِبُ زَوَالَهُ عَنْهُ عَنْ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ، وَلا قَامَتْ بِهِ حُجَّةٌ مِنْ أَصْلٍ أَوْ نَظِيرٍ ، وَأَمَّا تَرْكُنَا تَغْرِيمَهُ النَّفَقَةَ الَّتِي أَنْفَقَهَا عَلَيْهَا الآخِذُ ، فَلأَنَّ الآخِذَ أَنْفَقَ ذَلِكَ بِغَيْرِ أَمْرِ رَبِّ الدَّابَّةِ ، فَهُوَ مُتَبَرِّعٌ بِهَا ، وَغَيْرُ جَائِزٍ لَهُ الرُّجُوعُ بِمَا تَبَرَّعَ بِهِ مِنْ ذَلِكَ عَلَى رَبِّ الدَّابَّةِ .
الأسم | الشهرة | الرتبة |