ذكر خبر من اخبار عكرمة عن ابن عباس عن النبي صلى الله عليه وسلم


تفسير

رقم الحديث : 2732

حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ الْحَسَنِ ، قَالَ : حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ الزُّبَيْرِ ، قَالَ : حَدَّثَنَا حَكَّامُ بْنُ سَلْمٍ ، عَنْ أَبِي سِنَانٍ ، عَنْ عَمْرِو بْنِ مُرَّةَ ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ عَلِيٍّ ، قَالَ : قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : " الإِيمَانُ قَوْلٌ وَعَمَلٌ ، وَلا يَسْتَقِيمُ هَذَا إِلا بِهَذَا ، وَلا هَذَا إِلا بِهَذَا " . فَأَخْبَرَ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنَّ اسْمَ الإِيمَانِ الْمُطْلَقِ إِنَّمَا هُوَ لِلْمَعْرِفَةِ بِالْقَلْبِ ، وَالإِقْرَارِ بِاللِّسَانِ ، وَالْعَمَلِ بِالْجَوَارِحِ دُونَ بَعْضِ ذَلِكَ . وَأَمَّا مِنَ النَّظَرِ مِمَّا لا يَدْفَعُ صِحَّتَهُ ذُو فِطْرَةٍ صَحِيحَةٍ ، وَذَلِكَ الشِّهَادَةُ لِقَوْلِ قَائِلٍ قَالَ قَوْلا أَوْ وَعَدَ عِدَةً ، ثُمَّ أَنْجَزَ وَعْدَهُ ، وَحَقَّقَ بِالْفِعْلِ قَوْلَهُ : صَدَّقَ فُلانٌ قَوْلَهُ بِفِعْلِهِ . وَلا يَدْفَعُ مَعَ ذَلِكَ ذُو مَعْرِفَةٍ بِكَلامِ الْعَرَبِ ، صِحَّةَ الْقَوْلِ بِأَنَّ الإِيمَانَ التَّصْدِيقُ ، فَإِذَا كَانَ الإِيمَانُ فِي كَلامِهَا التَّصْدِيقَ ، وَالتَّصْدِيقُ يَكُونُ بِالْقَلْبِ وَاللِّسَانِ َالْجَوَارِحِ ، وَكَانَ تَصْدِيقُ الْقَلْبِ الْعَزْمَ وَالإِذْعَانَ ، وَتَصْدِيقُ اللِّسَانِ الإِقْرَارَ ، وَتَصْدِيقُ الْجَوَارِحِ السَّعْيَ وَالْعَمَلَ ، كَانَ الْمَعْنَى الَّذِي بِهِ يَسْتَحِقُّ الْعَبْدُ الْمَدْحَ وَالْوِلايَةَ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ هُوَ إِتْيَانُهُ بِهَذِهِ الْمَعَانِي الثَّلاثَةِ . وَذَلِكَ أَنَّهُ لا خِلافَ بَيْنَ الْجَمِيعِ أَنَّهُ لَوْ أَقَرَّ وَعَمِلَ عَلَى غَيْرِ عِلْمٍ مِنْهُ وَمَعْرِفَةٍ بِرَبِّهِ أَنَّهُ لا يَسْتَحِقُّ اسْمَ مُؤْمِنٌ ، وَأَنَّهُ لَوْ عَرَفَ وَعَلِمَ وَجَحَدَ بِلِسَانِهِ ، وَكَذَّبَ وَأَنْكَرَ مَا عَرَفَ مِنْ تَوْحِيدِ رَبِّهِ أَنَّهُ غَيْرُ مُسْتَحِقٍّ اسْمَ مُؤْمِنٍ . فَإِذْ كَانَ ذَلِكَ كَذَلِكَ ، وَكَانَ صَحِيحًا أَنَّهُ غَيْرُ مُسْتَحِقٍّ غَيْرُ الْمُقِرِّ اسْمَ مُؤْمِنٌ ، وَلا الْمُقِرُّ غَيْرُ الْعَارِفِ مُسْتَحِقٌّ ذَلِكَ ، كَانَ كَذَلِكَ غَيْرَ مُسْتَحِقٍّ ذَلِكَ بِالإِطْلاقِ ، الْعَارِفُ الْمُقِرُّ غَيْرُ الْعَامِلِ ، إِذْ كَانَ ذَلِكَ أَحَدَ مَعَانِي الإِيمَانِ الَّتِي بِوُجُودِ جَمِيعِهَا فِي الإِنْسَانِ يَسْتَحِقُّ اسْمَ مُؤْمِنٍ بِالإِطْلاقِ . فَإِنْ قَالَ قَائِلٌ : فَإِنَّا لا نَزْعُمُ أَنَّ الْعَمَلَ مِنَ الإِيمَانِ ، فَنَجْعَلُهُ مِنْ شَرَائِطِهِ الَّتِي لا يَسْتَحِقُّ الْمُؤْمِنُ أَنْ يُسَمَّى مُؤْمِنًا إِلا بِهَا . قِيلَ لَهُ : إِنْ كَانَ مِنَ الْقَائِلِينَ أَنَّ الإِيمَانَ قَوْلٌ ، وَلا سَلَّمَ لَكَ أَنَّ الْقَوْلَ مِنَ الإِيمَانِ ، فَيَجْعَلُهُ مِنْ شَرَائِطِهِ الَّتِي لا يَسْتَحِقُّ أَنْ يُسَمَّى الْمُؤْمِنُ مُؤْمِنًا إِلا بِهَا . فَإِنْ قَالَ : إِنَّ ذَلِكَ وَإِنْ كَانَ كَذَلِكَ ، فَإِنَّ الْعَرَبَ لا تَعْرِفُ فِي مَنْطِقِهَا الإِيمَانَ إِلا التَّصْدِيقَ ، وَاسْتَشْهَدَ لِقِيلِهِ ذَلِكَ بِقَوْلِ اللَّهِ تَعَالَى ذِكْرُهُ ، مُخْبِرًا عَنْ قَوْلِ إِخْوَةِ يُوسُفَ لأَبِيهِمْ يَعْقُوبَ صَلَوَاتُ اللَّهُ عَلَيْهِمْ : وَمَا أَنْتَ بِمُؤْمِنٍ لَنَا وَلَوْ كُنَّا صَادِقِينَ سورة يوسف آية 17 وَمَا أَشْبَهَ ذَلِكَ مِنَ الشَّوَاهِدِ . قِيلَ لَهُ : فَإِنَّ التَّصْدِيقَ هُوَ الإِيمَانُ ، أَفَرَأَيْتُمْ إِنْ صَدَّقَ وَهُوَ غَيْرُ عَارِفٍ بِحَقِيقَةِ صِحَّةِ مَا صَدَّقَ ، أَمُؤْمِنٌ هُوَ بِالإِطْلاقِ ؟ فَإِنْ قَالَ : نَعَمْ ، أَوْجَبَ اسْمَ الإِيمَانِ لِكُلِّ مَنْ لا يَعْرِفُ رَبَّهُ بِقَلْبِهِ ، وَلِكُلِّ مِنِ اعْتَقَدَ بِقَلْبِهِ أَنَّ اللَّهَ ثَالِثُ ثَلاثَةٍ بِالإِطْلاقِ عَلَى الْحَقِيقَةِ ، وَذَلِكَ خِلافُ نَصِّ حُكْمِ اللَّهِ فِي خَلْقِهِ ، وَذَلِكَ أَنَّ اللَّهَ تَبَارَكَ وَتَعَالَى سَمَّى مَنْ قَالَ بِلِسَانِهِ مِثْلَ قَوْلِ الْمُؤْمِنِينَ بِأَلْسِنَتِهِمْ ، وَهُوَ مُعْتَقِدٌ بِقَلْبِهِ خِلافَهُ مُنَافِقًا ، فَقَالَ لِنَبِيِّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : إِذَا جَاءَكَ الْمُنَافِقُونَ قَالُوا نَشْهَدُ إِنَّكَ لَرَسُولُ اللَّهِ وَاللَّهُ يَعْلَمُ إِنَّكَ لَرَسُولُهُ وَاللَّهُ يَشْهَدُ إِنَّ الْمُنَافِقِينَ لَكَاذِبُونَ سورة المنافقون آية 1 ، فَكَذَّبَهُمُ اللَّهُ جَلَّ ثَنَاؤُهُ فِي دَعْوَاهُمْ مَا ادَّعَوْا أَنَّهُمْ يَشْهَدُونَ ، إِذْ كَانَتْ قُلُوبُهُمْ مُنْطَوِيَةً عَلَى خِلافِ مَا أَبْدَتْهُ أَلْسِنَتُهُمْ . وَإِنْ قَالَ : بَلْ هُوَ غَيْرُ مُؤْمِنٌ حَتَّى يُصَدِّقَ بِالْقَوْلِ مَا هُوَ مُعْتَقِدٌ حَقِيقَةً بِقَلْبِهِ . قِيلَ : فَقَدْ تَرَكْتَ قَوْلَكَ : إِنَّ الإِيمَانَ هُوَ التَّصْدِيقُ بِالْقَوْلِ ، وَالإِقْرَارُ بِاللِّسَانِ ، وَخَالَفْتَ مَا ادَّعَيْتَ فِي قَوْلِ اللَّهِ تَعَالَى ذِكْرُهُ : وَمَا أَنْتَ بِمُؤْمِنٍ لَنَا وَلَوْ كُنَّا صَادِقِينَ سورة يوسف آية 17 مِنَ التَّأْوِيلِ . وَقِيلَ لَهُ : فَإِذَا كَانَ التَّصْدِيقُ بِالْقَلْبِ ، وَمَعْرِفَةُ الرَّبِّ بِهِ مِنَ الإِيمَانِ الَّذِي لا يَسْتَحِقُّ أَحَدٌ عِنْدَكَ اسْمَ الإِيمَانِ إِلا بِإِتْيَانِهِ بِهِمَا ، وَالْمَعْرِفَةُ لا شَكَّ أَنَّهَا مِنْ مَعْنَى الإِقْرَارِ بِاللِّسَانِ بِمَعْزِلٍ ، فَمَا أَنْكَرْتَ أَنْ يَكُونَ الْعَمَلُ بِسَائِرِ الْجَوَارِحِ الَّذِي هُوَ لِلَّهَ طَاعَةً مِنْ مَعَانِي الإِيمَانِ الَّتِي لا يَسْتَحِقُّ أَحَدٌ التَّسْمِيَةَ بِأَنَّهُ مُؤْمِنٌ إِلا بِإِتْيَانِهِ بِهِ ، مَعَ التَّصْدِيقِ بِاللِّسَانِ ، وَالْمَعْرِفَةِ بِالْقَلْبِ ، وَهَلْ بَيْنَكَ وَبَيْنَ مَنْ قَالَ : إِنَّمَا الإِيمَانُ الإِقْرَارُ بِاللِّسَانِ ، وَالْعَمَلُ بِالْجَوَارِحِ ، دُونَ الْمَعْرِفَةِ بِالْقَلْبِ ، أَوْ قَالَ : إِنَّهُ الْعَمَلُ بِالْجَوَارِحِ وَالْمَعْرِفَةُ بِالْقَلْبِ ، دُونَ الإِقْرَارِ بِاللِّسَانِ فَرْقٌ ، فَلَنْ يَقُولَ فِي شَيْءٍ مِنْ ذَلِكَ قَوْلا إِلا أُلْزِمَ فِي الآخِرِ مِثْلَهُ . وَأَمَّا الَّذِينَ قَالُوا : إِنَّ الإِقْرَارَ وَالْعَمَلَ هُوَ الإِيمَانُ دُونَ الْمَعْرِفَةِ بِالْقَلْبِ ، وَالَّذِينَ قَالُوا : إِنَّ الْمَعْرِفَةَ بِالْقَلْبِ هِيَ الإِيمَانُ دُونَ الإِقْرَارِ بِاللِّسَانِ وَالْعَمَلِ بِالْجَوَارِحِ ، وَالَّذِينَ قَالُوا : إِنَّ الإِيمَانَ هُوَ الإِقْرَارُ دُونَ الْمَعْرِفَةِ وَالْعَمَلِ ، فَإِنَّ لِلْبَيَانِ عَنْ خَطَأِ قَوْلِهِمْ كِتَابًا يُفْرَدُ إِنْ شَاءَ اللَّهُ ، إِذْ كَانَ كِتَابُنَا هَذَا مَخْصُوصًا بِالْبَيَانِ عَنْ آثَارِ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَلَى مَذَاهِبِ السَّلَفِ مِنْ أَهْلِ النَّقْلِ دُونَ أَقْوَالِ أَهْلِ الْجَدَلِ ، وَكَانَتْ هَذِهِ الْمَذَاهِبُ الثَّلاثَةُ الأُخَرُ مِنْ مَذَاهِبِ أَهْلِ الْجَدَلِ .

الرواه :

الأسم الرتبة
مُحَمَّدِ بْنِ عَلِيٍّ

ثقة

عَمْرِو بْنِ مُرَّةَ

ثقة

أَبِي سِنَانٍ

ثقة ثبت

حَكَّامُ بْنُ سَلْمٍ

ثقة

عَبْدُ اللَّهِ بْنُ الزُّبَيْرِ

ثقة حافظ أجل أصحاب ابن عيينة

أَحْمَدُ بْنُ الْحَسَنِ

ثقة حافظ

Whoops, looks like something went wrong.