حَدَّثَنَا حَدَّثَنَا الْفَضْلُ بْنُ الصَّبَّاحِ ، قَالَ : حَدَّثَنَا الْوَلِيدُ يَعْنِي ابْنَ مُسْلِمٍ ، عَنِ الأَوْزَاعِيِّ ، عَنْ يَحْيَى بْنِ أَبِي عَمْرٍو السَّيْبَانِيُّ ، أَنَّ حُذَيْفَةَ بْنَ الْيَمَانِ ، كَانَ يَقُولُ : " إِنِّي لأَعْرِفُ أَهْلَ دِينَيْنٍ ، أَهْلَ ذَيْنَكَ الدِّينَيْنَ فِي النَّارِ ، قَوْمٌ يَقُولُونَ : إِنَّ الإِيمَانَ كَلامٌ ، وَقَوْمٌ يَقُولُونَ : مَا بَالُ الصَّلَوَاتِ الْخَمْسِ ، وَإِنَّمَا هُمَا صَلاتَانِ " . وَعِلَّةُ قَائِلِي هَذِهِ الْمَقَالَةِ مِنَ الأَثَرِ : الْخَبَرُ الَّذِي ذَكَرْنَاهُ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ ، عَنْ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنَّهُ قَالَ : " إِذَا فَعَلَ ذَلِكَ ، يَعْنِي إِذَا زَنَى ، أَوْ سَرَقَ أَوْ شَرِبَ الْخَمْرَ ، نُزِعَ مِنْهُ الإِيمَانُ ، فَإِنْ تَابَ رُدَّ إِلَيْهِ " ، قَالُوا : وَمَنْ نُزِعَ مِنْهُ الإِيمَانُ فَهُوَ كَافِرٌ ؛ لأَنَّهُ لا مَنْزِلَةَ بَيْنَ الإِيمَانِ وَالْكُفْرِ . قَالُوا : وَمَنْ لَمْ يَكُنْ مِنَ الْمُكَلَّفِينَ مُؤْمِنًا فَهُوَ كَافِرٌ ، كَمَا أَنَّ مَنْ لَمْ يَكُنْ مِنْهُمْ كَافِرًا فَهُوَ مُؤْمِنٌ . قَالُوا : فَإِنْ زَعَمَ زَاعِمٌ أَنَّهُ جَائِزٌ أَنَّ يَكُونَ شَخْصٌ وَاحِدٌ مِنْ أَهْلِ التَّكْلِيفِ لا مُؤْمِنًا وَلا كَافِرًا ، قُلْنَا لَهُمْ : أَفَتُجِيزُونَ أَنْ يَكُونَ لا عَاصِيًا وَلا مُطِيعًا ، مَعَ قِيَامِ الْحُجَّةِ عَلَيْهِ ، وَارْتِفَاعِ الْمَوَانِعِ ، وَلُزُومِ الأَمْرِ وَالنَّهْيِ إِيَّاهُ ؟ قَالُوا : فَإِنْ أَجَازُوا ذَلِكَ ، خَرَجُوا مِنْ مَعْقُولِ أَهْلِ الْعَقْلِ ، وَإِنْ قَالُوا : ذَلِكَ مُحَالٌ ، لأَنَّ مَنْ قَامَتْ عَلَيْهِ حُجَّةُ اللَّهِ ، تَعَالَى ذِكْرُهُ ، بِأَمْرِهِ وَنَهْيِهِ ، فَغَيْرُ جَائِزٍ أَنْ يَكُونَ خَارِجًا مِنْ إِحْدَى الصِّفَتَيْنِ ، إِمَّا تَصْدِيقٍ أَوْ تَكْذِيبٍ ، وَطَاعَةٍ بِاجْتِنَابِهِ ، أَوْ مَعْصِيَةٍ بِإِقْدَامِهِ عَلَيْهِ ، إِذَا كَانَتِ الْمَوَانِعُ عَنْهُ زَائِلَةً . قُلْنَا لَهُ : وَكَذَلِكَ كُلُّ مَنْ قَامَتْ عَلَيْهِ حُجَّةُ اللَّهِ ، تَعَالَى ذِكْرُهُ ، بِوَحْدَانِيَّتِهِ وَشَرَائِعِهِ ، فَإِنَّهُ غَيْرُ خَارِجٍ ، مَعَ قِيَامِ الْحُجَّةِ عَلَيْهِ بِهَا ، مِنَ الإِيمَانِ أَوِ الْكُفْرِ ، قَالُوا : وَفِي إِخْبَارِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنَّ الإِيمَانَ يُنْزَعُ مِنَ الزَّانِي ، وَالسَّارِقُ وَشَارِبُ الْخَمْرِ ، وَالْمُنْتَهِبُ النُّهْبَةَ الَّتِي وَصَفَهَا حَتَّى يَتُوبَ ، الْبَيَانُ الْبَيِّنُ أَنَّهُ قَدْ أَوْجَبَ لَهُ الْكُفْرَ حَتَّى يَتُوبَ ، إِذْ كَانَ مُحَالا أَنْ يَكُونَ مَأْمُورًا مَنْهِيًّا ، غَيْرَ كَافِرٍ وَلا مُؤْمِنٍ . قَالُوا : وَفِي مُفَارَقَةِ الإِيمَانِ إِيَّاهُ ، وُجُوبُ الْكُفْرِ لَهُ ، وَاعْتَلُّوا أَيْضًا لِقَوْلِهِمْ ذَلِكَ بِعِلَلٍ كَثِيرَةٍ غَيْرَ مَا ذَكَرْنَا ، كَرِهْنَا إِطَالَةَ الْكِتَابِ بِذِكْرِهَا ، إِذْ لَمْ يَكُنْ كِتَابُنَا هَذَا مَقْصُودًا بِهِ قَصْدُ الإِبَانَةِ عَنْ مَذَاهِبِ الْمُخَالِفِينَ ، وَنَقَضُ عِلَلِ الْمُعْتَلِّينَ بِمَا لَبَّسَ عَلَيْهِمُ الشَّيْطَانُ ، بَلْ قَصْدُنَا فِيهِ ذِكْرُ الصَّحِيحِ مِنْ آثَارِ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ، وَالْبَيَانُ عَنْ مُعَانِيهِ ، عَلَى مَا شَرَطْنَا ذَلِكَ فِي مُبْتَدَئِهِ . وَقَالَ آخَرُونَ : الْمُوَحِّدُ الْمُصَدِّقُ بِمَا جَاءَ بِهِ مُحَمَّدٌ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مُؤْمِنٌ مَا لَمْ يَغْشَ كَبِيرَةً ، فَإِذَا غَشِيَهَا نُزِعَ مِنْهُ الإِيمَانُ ، فَإِذَا فَارَقَهَا عَادَ إِلَيْهِ الإِيمَانُ .
الأسم | الشهرة | الرتبة |
حُذَيْفَةَ بْنَ الْيَمَانِ | حذيفة بن اليمان العبسي | صحابي |