حَدَّثَنَا عَمْرُو بْنُ عَلِيٍّ الْبَاهِلِيُّ ، قَالَ : حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ سَوَاءٍ ، قَالَ : سَمِعْتُ خَالِدًا الْحَذَّاءَ ، يُحَدِّثُ عَنْ أَبِي قِلابَةَ ، " أَنَّهُ كَانَ يَتَّقِي الْمَجْذُومَ " . وَالصَّوَابُ مِنَ الْقَوْلِ فِي ذَلِكَ عِنْدَنَا مَا صَحَّ بِهِ الْخَبَرُ ، عَنْ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مِنْ أَنَّهُ قَالَ : " لا عَدْوَى ، وَلا طِيَرَةَ ، وَلا صَفَرَ " ، وَأَنَّهُ لا يُصِيبُ نَفْسًا إِلا مَا كَتَبَ اللَّهُ لَهَا ، وَقَضَى عَلَيْهَا فِي أُمِّ الْكِتَابِ . فَأَمَّا دُنُوُّ عَلِيلٍ مِنْ صَحِيحٍ ، أَوْ قُرْبُ سَقِيمٍ مِنْ بَرِيءٍ ، فَإِنَّهُ غَيْرُ مُوجِبٍ لِلصَّحِيحِ عِلَّةً وَسَقَمًا ، وَلَيْسَ دُنُوُّ سَقِيمٍ مِنْ ذِي الصِّحَّةِ بِأَوْلَى بِأَنْ يُوجِبَ لَهُ سَقَمًا ، مِنَ الصَّحِيحِ بِأَنْ يُوجِبَ بِدُنُوِّهِ مِنْ ذِي السَّقَمِ لِلسَّقِيمِ صِحَّةً ، غَيْرَ أَنَّ الأَمْرَ ، وَإِنْ كَانَ كَذَلِكَ ، فَإِنَّهُ غَيْرُ جَائِزٍ لِمُمْرِضٍ أَنْ يُورِدَ عَلَى مُصِحٍّ ، وَلا يَنْبَغِي لِذِي صِحَّةٍ الدُّنُوُّ مِنَ ذِي الْجُذَامِ ، وَالْعَاهَةِ الَّتِي هِيَ نَظِيرَةُ الْجُذَامِ الَّتِي يَتَكَرَّهُهَا النَّاسُ ، لا لأَنَّ ذَلِكَ حَرَامٌ ، وَلَكِنْ حِذَارًا مِنْ أَنْ يَظُنَّ الصَّحِيحُ إِنْ نَزَلَ بِهِ ذَلِكَ يَوْمًا ، أَوْ أَصَابَهُ أَنَّهُ إِنَّمَا أَصَابَهُ ذَلِكَ لِمَا كَانَ مِنْ دُنُوِّهِ مِنْهُ وَقُرْبِهِ ، أَوْ مِنْ مُؤَاكَلَتِهِ إِيَّاهُ وَمُشَارَبَتِهِ ، فَيُوجِبُ لَهُ ذَلِكَ الدُّخُولَ فِيمَا قَدْ كَانَ نَهَى عَنْهُ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ، وَأَبْطَلَهُ مِنْ أَمْرِ الْجَاهِلِيَّةِ فِي الْعَدْوَى وَالطِّيَرَةِ ، وَلَيْسَ فِي أَمْرِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِالْفِرَارِ مِنَ الْمَجْذُومِ ، كَمَا يُفَرُّ مِنَ الأَسَدِ ، خِلافٌ لأَكْلِهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مَعَهُ ، وَلا فِي إِرْسَالِهِ إِلَيْهِ وَقَدْ جَاءَ يُرِيدُ مُبَايَعَتَهُ بِأَنِ ارْجِعْ ، فَقَدْ بَايَعْنَاكَ ، وَتَرْكِهِ إِدْخَالَهُ عَلَيْهِ لِلْبَيْعَةِ ، خِلافٌ لإِدْخَالِ آخَرَ مِنْهُمْ إِلَيْهِ ، وَإِقْعَادِهِ إِيَّاهُ مَعَهُ عَلَى طَعَامِهِ ، وَمُؤَاكَلَتِهِ إِيَّاهُ ، وَلا فِي قَوْلِهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : " لا عَدْوَى " خِلافٌ لِقَوْلِهِ : " لا يُورِدُ مُمْرِضٌ عَلَى مُصِحٍّ " وَلا فِي قَوْلِهِ " لا طِيَرَةَ " ، خِلافٌ لِقَوْلِهِ : " إِنْ يَكُنِ الشُّؤْمُ فِي شَيْءٍ فَفِي ثَلاثٍ : الْمَرْأَةِ وَالدَّارِ وَالْفَرَسِ " ، وَذَلِكَ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَدْ كَانَ يَأْمُرُنَا الأَمْرَ عَلَى وَجْهِ النَّدْبِ أَحْيَانًا ، وَعَلَى وَجْهِ الإِعْلامِ وَالإِبَاحَةِ أُخْرَى ، وَعَلَى غَيْرِ ذَلِكَ مِنَ الْوجُوهِ ، ثُمَّ يَتْرُكُ فِعْلَهُ ، لِنَعْلَمَ بِذَلِكَ أَنَّ أَمْرَهُ بِهِ لَمْ يَكُنْ عَلَى وَجْهِ الإِلْزَامِ ، وَكَانَ يَنْهَى صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَنِ الشَّيْءِ عَلَى وَجْهِ التَّكَرُّهِ ، وَالتَّنَزُّهِ أَحْيَانًا ، وَعَلَى وَجْهِ التَّأْدِيبِ أُخْرَى ، وَغَيْرِ ذَلِكَ مِنَ الْوجُوهِ ، عَلَى مَا قَدْ بَيَّنَا فِي كِتَابِ الرِّسَالَةِ ، ثُمَّ يَفْعَلُهُ ، لِنَعْلَمَ أَنَّ نَهْيَهُ عَنْهُ لَمْ يَكُنْ عَلَى وَجْهِ التَّحْرِيمِ ، فَقَوْلُهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : " لا عَدْوَى ، وَلا صَفَرَ ، وَلا طِيَرَةَ " ، إِعْلامٌ مِنْهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أُمَّتَهُ أَنْ يَكُونَ لِذَلِكَ حَقِيقَةٌ ، وَنَفْيٌ مِنْهُ أَنْ يَكُونَ لَهُ صِحَّةٌ ، لا نَهْيٌ وَقَوْلُهُ صَلَّى عَلَيْهِ وَسَلَّمَ " لا يُورِدُ مُمْرِضٌ عَلَى مُصِحٍّ " ، نَهَى مِنْهُ الْمُمْرِضَ أَنْ يُورِدَ مَاشِيَتَهُ الْمَرْضَى عَلَى مَاشِيَةِ أَخِيهِ الصِّحَاحِ ، لِئَلا يُتَوَهَّمَ الْمُصِحُّ ، إِنْ مَرِضَتْ مَاشِيَتُهُ الصَّحِيحَةُ ، أَنَّ مَرَضَهَا حَدَثَ مِنْ أَجْلِ وُرُودِ الْمَرْضَى عَلَيْهَا ، فَيَكُونُ دَاخِلا بِتَوَهُّمِهِ ذَلِكَ فِي تَصْحِيحِ مَا قَدْ أَبْطَلَهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ، وَكَذَلِكَ أَمْرُهُ بِالْفِرَارِ مِنَ الْمَجْذُومِ ، مَعَ إِبْطَالِهِ الْعَدْوَى وَالصَّفَرَ ، عَلَى ذَلِكَ مِنَ الْمَعْنَى ، وَهُوَ لِئَلا يَظُنَّ الصَّحِيحُ الَّذِي قَرُبَ مِنَ الْمَجْذُومِ ، وَطَعِمَ مَعَهُ وَشَرِبَ ، إِنْ أَصَابَهُ يَوْمًا مِنَ الدَّهْرِ جُذَامٌ ، أَنَّ الَّذِي أَصَابَهُ مِنْ ذَلِكَ إِنَّمَا أَصَابَهُ مِنَ الْمَجْذُومِ لِمَا كَانَ مِنْهُ مِنْ قُرْبِهِ مِنَ الْمَجْذُومِ وَمُؤَاكَلَتِهِ إِيَّاهُ ، وَمُشَارَبَتِهِ وَأَمَّا قَوْلُهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ " إِنْ كَانَ الشُّؤْمُ فِي شَيْءٍ فَفِي الدَّارِ وَالْمَرْأَةِ وَالْفَرَسِ " فَإِنَّهُ لَمْ يُثْبِتْ بِذَلِكَ صِحَّةَ الطِّيَرَةِ ، بَلْ إِنَّمَا أَخْبَرَ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنَّ ذَلِكَ ، إِنْ كَانَ فِي شَيْءٍ فَفِي هَذِهِ الثَّلاثِ ، وَذَلِكَ إِلَى النَّفْيِ أَقْرَبُ مِنْهُ إِلَى الإِيجَابِ ، لأَنَّ قَوْلَ الْقَائِلِ : إِنْ كَانَ فِي هَذِهِ الدَّارِ أَحَدٌ فَزَيْدٌ ، غَيْرُ إِثْبَاتٍ مِنْهُ أَنَّ فِيهَا زَيْدًا ، بَلْ ذَلِكَ مِنَ النَّفْيِ أَنْ يَكُونَ فِيهَا زَيْدٌ ، أَقْرَبُ مِنْهُ إِلَى الإِثْبَاتِ أَنَّ فِيهَا زَيْدًا .
الأسم | الشهرة | الرتبة |