ذكر من وافق عليا رحمة الله عليه في روايته عن رسول الله صلى الله عليه وسلم فيمن غير تخ...


تفسير

رقم الحديث : 1520

حَدَّثَنِي سَلْمُ بْنُ جُنَادَةَ ، قَالَ : حَدَّثَنَا حَفْصٌ ، قَالَ : حَدَّثَنَا مِسْعَرٌ ، قَالَ أَبُو السَّائِبِ : أَحْسِبُهُ عَنِ ابْنِ عَوْنِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُتْبَةَ ، قَالَ : دَخَلْتُ مَعَ أَبِي عَلَى عُمَرَ بْنِ عَبْدِ الْعَزِيزِ ، فَخَرَجَ وَعَلَيْهِ ثَوْبٌ قَدْ كَانَ دَخَلَ فِيهِ ، فَجَعَلَ النَّاسُ يَقُولُونَ : هَذَا كَسَاكَ أَمِيرُ الْمُؤْمِنِينَ ؟ فَجَعَلَ يَمْسَحُهُ وَيَقُولُ : جَزَى اللَّهُ أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ خَيْرًا ، قَالَ : فَقَالَ لِي أَبِي : " يَا بُنَيَّ ، اتَّقِ اللَّهَ ، وَإِيَّاكَ وَالْكَذِبَ وَمَا يُشْبِهُهُ " ، وَالصَّوَابُ مِنَ الْقَوْلِ فِي ذَلِكَ عِنْدِي قَوْلُ مَنْ قَالَ : إِنَّ الْكَذِبَ الَّذِي أَذِنَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِيهِ : فِي الْحَرْبِ ، وَفِي الإِصْلاحِ بَيْنَ النَّاسِ ، وَعِنْدَ الْمَرْأَةِ تُسْتَصْلَحُ بِهِ هُوَ مَا كَانَ مِنْ تَعْرِيضٍ يُنْحَى بِهِ نَحْوَ الصِّدْقِ ، غَيْرَ أَنَّهُ مِمَّا يَحْتَمِلُ الْمَعْنَى الَّذِي فِيهِ الْخَدِيعَةُ لِلْعَدُوِّ ، إِنْ كَانَ ذَلِكَ فِي الْحَرْبِ ، أَوْ مُرَادَ السَّامِعِ إِنْ كَانَ فِي إِصْلاحٍ بَيْنَ النَّاسِ ، أَوْ مُرَادِ الْمَرْأَةِ إِنْ كَانَ ذَلِكَ فِي اسْتِصْلاحِهَا ، وَذَلِكَ كَالَّذِي ذَكَرْنَا عَنْ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مِنْ قَوْلِهِ فِي خَدِيعَةِ الْحَرْبِ لِنُعَيْمِ بْنِ مَسْعُودٍ : " فَلَعَلَّنَا أَمَرْنَاهُمْ بِذَلِكَ " ، وَكَقَوْلِ مَالِكِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ الْخَثْعَمِيِّ : إِنَّا دَارِبُونَ غَدًا دَرْبَ كَذَا ، ثُمَّ يُصْبِحُ مِنَ الْغَدِ فَيُدْرِبُ غَيْرَهُ مِنَ الدُّرُوبِ وَذَاكَ أَنَّهُ لَمَّا لَمْ يَقُلْ : إِنَّا دَارِبُونَ غَدَ يَوْمِنَا هَذَا ، فَإِنَّهُ مَتَى أَدْرَبَ بَعْدَ يَوْمِهِ فَقَدْ أَدْرَبَ غَدًا ، لأَنَّ كُلَّ مَا بَعْدَ يَوْمِهِ ذَلِكَ يُسَمَّى غَدًا ، وَكَذَلِكَ قَوْلُ مُعَاوِيَةَ بْنِ هِشَامٍ : اللَّهُمَّ انْصُرْنَا عَلَى عَمُّورِيَّةَ وَهُوَ يُرِيدُ غَيْرَهَا مِنَ الْكَذِبِ بِمَعْزِلٍ ، فَمَا كَانَ مِنْ تَعْرِيضٍ عَلَى هَذَا الْوَجْهِ ، فَإِنَّهُ جَائِزٌ لا بَأْسَ بِهِ فِي الْحَرْبِ ، وَأَمَّا الْكَذِبُ فِي اسْتِصْلاحِ الرَّجُلِ الْمَرْأَةَ ، فَمِثْلُ قَوْلِ إِبْرَاهِيمَ النَّخَعِيِّ حِينَ وَجَدَتْ عَلَيْهِ امْرَأَتُهُ بِسَبَبِ جَارِيَتِهِ : اشْهَدُوا أَنَّهَا لَهَا , وَهُوَ يُشِيرُ إِلَى الْمِرْوَحَةِ الَّتِي هِيَ فِي يَدِهِ ، كَقَوْلِهِ لَهَا : هِيَ حُرَّةٌ مِنْ غَيْرِ أَنْ يُسَمِّيَ الْجَارِيَةَ بِاسْمِهَا ، وَهُوَ يَعْنِي بِذَلِكَ امْرَأَتَهُ الْحُرَّةَ أَوْ أُخْتَهُ أَوْ غَيْرَهُمَا مِنْ نِسَائِهِ ، وَمَا أَشْبَهَ ذَلِكَ مِنَ الْكَلامِ الَّذِي يَظُنُّ السَّامِعُ غَيْرَ الَّذِي نَوَاهُ فِي نَفْسِهِ ، إِذْ كَانَ كَلامًا يَتَوَجَّهُ لِوُجُوهٍ ، وَيَحْتَمِلُ مَعَانِيَ ، وَأَمَّا مَا رُوِيَ عَنْ عُمَرَ مِنْ قَوْلِهِ لامْرَأَةِ ابْنِ عَزْرَةَ : فَلْتَكْذِبْ إِحْدَاكُنَّ وَلْتُجْمِلْ ، فَإِنَّهُ مِنْ هَذَا النَّوْعِ الَّذِي ذَكَرْتُ أَنَّهُ لا بَأْسَ بِهِ مِنَ الْمَعَارِيضِ الَّتِي كَانَ يُرَخَّصُ فِيهَا ، فَأَمَّا صَرِيحُ الْكَذِبِ ، فَذَلِكَ غَيْرُ جَائِزٍ لأَحَدٍ فِي شَيْءٍ , كَمَا قَالَ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مَسْعُودٍ : لا يَصْلُحُ الْكَذِبُ فِي جِدٍّ وَلا هَزْلٍ ، لِلأَخْبَارِ الَّتِي ذَكَرْتُهَا عَنْ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِيمَا مَضَى بِتَحْرِيمِهِ الْكَذِبَ ، وَأَمَّا قَوْلُ حُذَيْفَةَ إِذْ قَالَ لَهُ عُثْمَانُ : إِنَّهُ بَلَغَنِي عَنْكَ كَذَا وَكَذَا وَحَلِفُهُ أَنَّهُ مَا قَالَهُ ، وَقَوْلُ الأَحْنَفِ لِلَّذِي قَالَ لَهُ : لأُخْبِرَنَّ مُسَيْلِمَةَ بِمَا قُلْتَ : لَئِنْ أَخْبَرْتَهُ لأُخْبِرَنَّهُ أَنَّكَ قُلْتَهُ ثُمَّ أُلاعِنُكَ , وَمَا أَشْبَهَ ذَلِكَ ، فَإِنَّ ذَلِكَ مِنْ مَعَانِي الْكَذِبِ الَّتِي رُوِيَ عَنْ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنَّهُ أَذِنَ فِيهَا خَارِجٌ " " وَإِنَّمَا ذَلِكَ مِنْ جِنْسِ إِحْيَاءِ الرَّجُلِ نَفْسَهُ عِنْدَ الْخَوْفِ عَلَيْهَا بِبَعْضِ مَا حَرَّمَ اللَّهُ عَلَيْهِ فِي غَيْرِ حَالِ الضَّرُورَةِ ، كَالَّذِي يُضْطَرُّ إِلَى الْمَيْتَةِ ، أَوِ الدَّمِ الْمَسْفُوحِ ، أَوْ لَحْمِ الْخِنْزِيرِ ، فَيَأْكُلُ ذَلِكَ لِيُحْيِي بِهِ نَفْسَهُ ، فَكَذَلِكَ الْخَائِفُ عَلَى نَفْسِهِ مِنْ عَدُوٍّ أَوْ لِصٍّ , أَوْ غَيْرِهِمَا ، إِذَا خَافَهُ عَلَى نَفْسِهِ أَنْ يُهْلِكَهَا ، أَوْ بَعْضِ حُرَمِهِ أَنْ يَنْتَهِكَهُ ، أَوْ مَالٍ لَهُ أَنْ يَسْلُبَهُ ، فَقَالَ فِي ذَلِكَ قَوْلا مِمَّا يَرْجُو بِهِ النَّجَاةَ مِنْهُ , أَوِ السَّلامَةَ ، فَلا حَرَجَ عَلَيْهِ فِي ذَلِكَ ، وَإِنْ كَانَ مُبْطِلا فِي الَّذِي قَالَ مِنْ ذَلِكَ ، وَذَلِكَ أَنَّ اللَّهَ تَعَالَى ذِكْرُهُ قَدْ أَبَاحَ فِي حَالِ الضَّرُورَةِ لِخَلْقِهِ مَا مَنَعَ فِي غَيْرِهَا ، وَوَضَعَ عَنْهُمُ الْحَرَجَ فِي ذَلِكَ ، فَغَيْرُ آثِمٍ مَنْ كَذِبَ فِي تِلْكَ الْحَالِ لِيُنْقِذَ نَفْسَهُ مِنْ هَلَكَةٍ قَدْ أَشْفَتْ عَلَيْهَا , كَمَا غَيْرُ آثِمٍ مَنْ خَافَ عَلَيْهَا عَطَبًا لِجُوعٍ ، أَوْ عَطَشٍ قَدْ نَزَلَ بِهِ ، بِحَيْثُ لا يَقْدِرُ عَلَى دَفْعِ غَائِلَةِ ذَلِكَ إِلا بِبَعْضِ مَا حَرَّمَ اللَّهُ تَعَالَى ذِكْرُهُ : مِنْ أَكَلِ مَيْتَةٍ ، أَوْ لَحْمِ خِنْزِيرٍ ، وَمَا أَشْبَهَ ذَلِكَ مِنَ الْمُحَرَّمَاتِ ، وَسَوَاءٌ هُمَا ، لِمَنْ جَعَلْتَ لَهُ دَفْعَ الْمَكْرُوهِ عَنْ نَفْسِهِ بِالْكَذِبِ فِي الْحَالِ الَّتِي جَعَلْتَ ذَلِكَ لَهُ حَلَفَ مَعَ كَذِبِهِ أَوْ لَمْ يَحْلِفْ ، فِي أَنَّهُ لا حَرَجُ عَلَيْهِ وَلا إِثْمَ " .

الرواه :

الأسم الرتبة

Whoops, looks like something went wrong.