حَدَّثَنَا حَدَّثَنَا أَبُو كُرَيْبٍ ، قَالَ : حَدَّثَنَا عَبْدُ الْحَمِيدِ الْحِمَّانِيُّ ، قَالَ : حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ رَبِيعَةَ الْبَجَلِيُّ ، عَنْ رَافِعِ بْنِ سَلَمَةَ ، قَالَ : رَأَيْتُ عَلِيَّ بْنَ أَبِي طَالِبٍ رِضْوَانُ اللَّهِ عَلَيْهِ يَسْأَلُ النَّاسَ فِي آخِرِ يَوْمٍ مِنْ شَعْبَانَ يَقُولُ : " هَلْ رَأَيْتُمُ الْهِلالَ ؟ " . كُلَّمَا دَخَلَتْ جَمَاعَةٌ مِنَ النَّاسِ يَقُولُ : " هَلْ رَأَيْتُمُ الْهِلالَ ؟ " . بَيَانُ أَنَّ الْعَمَلَ إِنَّمَا جَرَى فِي أَوَّلِ الأَمْرِ ، وَقَدِيمِ الأَيَّامِ بِذَلِكَ ، وَذَلِكَ أَنَّ عَلِيًّا رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ إِنَّمَا اعْتَرَضَ بِالْمَسْأَلَةِ عَنْ رُؤْيَةِ الْهِلالِ الْجَمَاعَةَ مِنَ النَّاسِ بَعْدَ الْجَمَاعَةِ ، دُونَ اثْنَيْنِ عَدْلَيْنِ . قَالُوا : وَلَوْ كَانَ سَبِيلُ ذَلِكَ سَبِيلَ الشَّهَادَاتِ ، لَمَا قَصَدَ بِمَسْأَلَتِهِ عَنْ ذَلِكَ ، إِلا عَدْلَيْنِ ، أَوْ عُدُولا تَجُوزُ شَهَادَتُهُمْ عَلَى مَا شَهِدُوا عَلَيْهِ ، دُونَ كُلِّ مَنْ وَرَدَ عَلَيْهِ مِنْ جَمَاعَاتِ النَّاسِ الَّذِينَ لا يُعْرَفُونَ ، وَلا يُوقَفُ عَلَى دِيَانَاتِهِمْ وَأَمَانَتِهِمْ عَلَى مَا شَهِدُوا عَلَيْهِ . وَالصَّوَابُ مِنَ الْقَوْلِ فِي ذَلِكَ عِنْدَنَا أَنْ يُقَالَ : إِنَّ الْخَبَرَ عَنْ رُؤْيَةِ الْهِلالِ خَبَرٌ نَظِيرُ الْمَنْقُولِ عَنِ الْحُجَّةِ الَّتِي يَلْزَمُ الْعَمَلُ بِهِ مَنْ أَوْرَدَهُ عَلَيْهِ الْعَدْلُ الصَّادِقُ وَاحِدًا كَانَ الَّذِي أَوْرَدَهُ عَلَيْهِ ، أَوْ جَمَاعَةٌ ، ذَكَرًا كَانَ أَوْ أُنْثَى ، حُرًّا كَانَ أَوْ عَبْدًا ، بَعْدَ أَنْ يَكُونَ بِالصِّفَةِ الَّتِي وَصَفْنَاهَا ، وَهُوَ أَنْ يَكُونَ عَدْلا صَادِقًا لِمَا ذَكَرْنَا فِي الْخَبَرِ عَنْ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مِنْ قَبُولِهِ خَبَرَ الأَعْرَابِيِّ ، وَلِقِيَامِ الْحُجَّةِ بِوُجُوبِ الْعَمَلِ بِخَبَرِ الْوَاحِدِ الْعَدْلِ فِي الدِّينِ ، الَّتِي ذَكَرْنَاهَا فِي كِتَابِنَا الْمُسَمَّى : " لَطِيفُ الْقَوْلِ " فِي الْبَيَانِ عَنْ أُصُولِ الأَحْكَامِ الْمُغْنِيَةِ عَنْ إِعَادَتِهَا فِي هَذَا الْمَوْضِعِ . فَإِنْ ظَنَّ ظَانٌ أَنَّ الْخَبَرَ عَنْ رُؤْيَةِ الْهِلالِ مُخَالِفٌ الْخَبَرَ عَنِ الْحُجَّةِ بِرِسَالَةٍ أَدَّاهَا عَنِ اللَّهِ ، تَعَالَى ذِكْرُهُ ، إِلَيْهِ فِي شَرِيعَةٍ شَرَعَهَا ، وَفَرِيضَةٍ فَرَضَهَا عَلَى عِبَادِهِ ، مِنْ أَجْلِ أَنَّ الرَّسُولَ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِذَا بَلَّغَ رِسَالَةَ رَبِّهِ ، فَإِنَّمَا يُودِعُهَا وَيُبَلِّغُهَا مَنْ يَقُومُ مِنْ بَعْدِهِ مَقَامَ الْحُجَّةِ عَلَى مِنَ انْتَهَى إِلَيْهِ ، فِيمَا بَلَّغَهُ وَأَوْدَعَهُ ؛ لأَنَّ مَا أُمِرَ بِتَبْلِيغِهِ مِنَ الشَّرَائِعِ دِينٌ ثَابِتٌ ، وَفَرْضٌ لازِمٌ الْعِبَادَ إِلَى قِيَامِ السَّاعَةِ ، وَلَيْسَ كَذَلِكَ الْخَبَرُ عَنْ رُؤْيَةِ الْهِلالِ ، بَلِ الْمُخْبِرُ عَنْ رُؤْيَةِ الْهِلالِ غَيْرُ مَأْمُورٍ بِالإِخْبَارِ عَنْ رُؤْيَتِهِ ، وَلا أُقِيمَ خَبَرُهُ ، إِنْ أَخْبَرَ ، مَقَامَ الْحُجَّةِ ، فَكَمَا كَانَ مُخَيَّرًا فِي إِخْبَارِهِ غَيْرَهُ بِرُؤْيَتِهِ الْهِلالَ ، بَيْنَ إِخْبَارِهِ إِيَّاهُ ذَلِكَ وَتَرْكِهِ إِخْبَارَهُ ، فَكَذَلِكَ الْمُخْبَرُ خَبَرَهُ ، مُخَيَّرٌ بَيْنَ قَبُولِهِ خَبَرَهُ وَتَرْكِهِ قَبُولَهُ ، كَمَا لَمْ يَكُنْ لِمَنْ أُبْلِغَ الشَّرِيعَةَ وَأُودِعَهَا تَرْكُ إِبْلاغِهَا وَكِتْمَانُهَا ، فَكَذَلِكَ الَّذِي أَبْلَغَهُ ذَلِكَ الْمُودَعُ ، غَيْرُ مُرَخَّصٍ لَهُ فِي تَرْكِ قَبُولِهَا ، فَقَدْ ظَنَّ خَطَأً . وَذَلِكَ أَنَّ الَّذِيَ تَنْتَهِي إِلَيْهِ الشَّرِيعَةُ ، الَّتِي أَوْدَعَهَا الرَّسُولُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مَنْ أَوْدَعَهَا إِيَّاهُ ، لَنْ يَخْلُوَ مِنْ أَحَدِ أَمْرَيْنِ : إِمَّا أَنْ يَكُونَ الَّذِي أَنْهَى إِلَيْهِ ذَلِكَ وَاحِدًا ، أَوْ جَمَاعَةً فِي مَعْنَى الْوَاحِدِ ، بِأَنَّهُمْ لا يَقْطَعُونَ عُذْرَ مَنْ أَبْلَغُوهُ الشَّرِيعَةَ ، وَإِمَّا أَنْ يَكُونُوا جَمَاعَةً يَقْطَعُ خَبَرُهُمْ عُذْرَ مَنْ بَلَغَهُ ، فَإِنْ كَانَ الَّذِي أَبْلَغَهُ ذَلِكَ وَاحِدًا ، أَوْ جَمَاعَةً بِمَعْنَى الْوَاحِدِ فِي أَنَّهُمْ لا يَقْطَعُونَ عُذْرَ مَنْ أَبْلَغُوهُ الشَّرِيعَةَ ، فَإِنَّهُ إِنْ لَمْ يَكُنْ فِيهِمْ عَدْلٌ صَادِقٌ ، فَغَيْرُ لازِمِهِ الْعَمَلُ ، وَلا الْعِلْمُ بِخَبَرِهِمْ ، وَإِنْ كَانَ فِيهِمْ عَدْلٌ صَادِقٌ ، فَإِنَّمَا يُوجِبُ خَبَرُهُ الَّذِي أَبْلَغَهُ مَنْ أُبْلِغَ ذَلِكَ ، الْعَمَلَ دُونَ الْعِلْمِ ، فَقَدْ تَبَيَّنَ بِذَلِكَ أَنَّهُ لَمْ يَقُمْ فِيمَا أَدَّى مِنَ الشَّرِيعَةِ الَّتِي كَانَ أُودِعَهَا ، وَأُمِرَ بِإِبْلاغِهَا مَقَامَ الْحُجَّةِ الَّتِي أَوْدَعَهَا ذَلِكَ ، وَأَمَرَهُ بِإِبْلاغِهَا ، لأَنَّ مُودِعَ ذَلِكَ قَدْ قُطِعَ عُذْرُهُ بِلِقَاءِ الْحُجَّةِ ، وَسَمَاعِهِ الشَّرِيعَةَ مِنْهُ شِفَاهًا ، وَالَّذِي أَبْلَغَهُ ذَلِكَ الْمَأْمُورُ بِإِبْلاغِهِ إِيَّاهُ ، لَمْ يَقْطَعْ عُذْرَهُ مَجِيءُ الْمُخْبِرُ بِهِ عَنِ الْحُجَّةِ ، وَإِنَّمَا يَقْبَلُهُ مِنْهُ ، إِنْ كَانَ مِنْ أَهْلِ الصِّدْقِ ، عَلَى التَّصْدِيقِ لَهُ ، فَهُوَ نَظِيرُ الَّذِي أَخْبَرَهُ صَادِقٌ عَنْ رُؤْيَتِهِ الْهِلالَ ، فِي أَنَّهُ يَلْزَمُهُ مِنْ فَرْضِ الْعَمَلِ بِخَبَرِهِ كَمَا يَلْزَمُ مِنْ فَرْضِ الْعَمَلِ بِخَبَرِ الصَّادِقِ الْمُخْبِرِ عَنِ الْحُجَّةِ بِشَرِيعَةِ اللَّهِ ، تَعَالَى ذِكْرُهُ ، لا فَرْقَ بَيْنَ ذَلِكَ ، وَمَنْ فَرَّقَ بَيْنَهُمَا ، سُئِلَ الْبُرْهَانَ عَنِ الْفَرَقِ بَيْنَ ذَلِكَ مِنْ أَصْلٍ ، أَوْ نَظِيرٍ ، فَلَنْ يَقُولَ فِي أَحَدِهِمَا قَوْلا إِلا أُلْزِمَ فِي الآخَرِ مِثْلَهُ .
الأسم | الشهرة | الرتبة |
عَلِيَّ بْنَ أَبِي طَالِبٍ | علي بن أبي طالب الهاشمي / توفي في :40 | صحابي |