تفسير

رقم الحديث : 1536

وحَدَّثَنِي يُونُسُ ، قَالَ : أَخْبَرَنَا ابْنُ وَهْبٍ ، قَالَ : قَالَ ابْنُ زَيْدٍ : " وَلَكِنَّ الشَّيَاطِينَ كَفَرُوا يُعَلِّمُونَ النَّاسَ السِّحْرَ وَمَا أُنْزِلَ عَلَى الْمَلَكَيْنِ فَقَرَأَ حَتَّى بَلَغَ فَلا تَكْفُرْ سورة البقرة آية 102 ، قَالَ : الشَّيَاطِينُ وَالْمَلَكَانِ يُعَلِّمُونَ النَّاسَ السِّحْرَ " . فَمَعْنَى الآيَةِ عَلَى تَأْوِيلِ هَذَا الْقَوْلِ الَّذِي ذَكَرْنَا عَمَّنْ ذَكَرْنَاهُ عَنْهُ : وَاتَّبَعَتِ الْيَهُودُ الَّذِي تَلَتِ الشَّيَاطِينُ فِي مُلْكِ سُلَيْمَانَ الَّذِي أُنْزِلَ عَلَى الْمَلَكَيْنِ بِبَابِلَ هَارُوتَ وَمَارُوتَ ، وقال قائلو هذه المقالة : إن اللَّه أنزل السحر عَلَى هاروت وماروت ببابل ، وَهُمَا مَلَكَانِ مِنْ مَلائِكَةِ اللَّهِ ، سَنَذْكُرُ مَا رُوِيَ مِنَ الأَخْبَارِ فِي شَأْنِهِمَا بعدُ إِنْ شَاءَ اللَّهُ تَعَالَى . وَقَالُوا : إِنْ قَالَ لَنَا قَائِلٌ : وَهَلْ يَجُوزُ أَنْ يُنَزِّلَ اللَّهُ السِّحْرَ ، أَمْ هَلْ يَجُوزُ لِمَلائِكَتِهِ أَنْ تُعَلِّمَهُ النَّاسَ ؟ قُلْنَا لَهُ : إِنَّ اللَّهَ تبارك وتعالى قَدْ أَنْزَلَ الْخَيْرَ وَالشَّرَّ كُلَّهُ ، وَبَيَّنَ جَمِيعَ ذَلِكَ لِعِبَادِهِ ، فَأَوْحَاهُ إِلَى رُسُلِهِ وَأَمَرَهُمْ بِتَعْلِيمِ خَلْقِهِ وَتَعْرِيفِهِمْ مَا يَحِلُّ لَهُمْ مِمَّا يَحْرُمُ عَلَيْهِمْ ؛ وَذَلِكَ كَالزِّنَا وَالسَّرَقِ وَسَائِرِ الْمَعَاصِي الَّتِي عَرَّفَهُمُوهَا وَنَهَاهُمْ عَنْ رُكُوبِهَا ، فَالسِّحْرُ أَحَدُ تِلْكَ الْمَعَاصِي الَّتِي أَخْبَرَهُمْ بِهَا وَنَهَاهُمْ عَنِ الْعَمَلِ بِهَا ، وَقَالُوا : لَيْسَ فِي الْعِلْمِ بِالسِّحْرِ إِثْمٌ ، كَمَا لا إِثْمَ فِي الْعِلْمِ بِصَنْعَةِ الْخَمْرِ وَنَحْتِ الأَصْنَامِ وَالطَّنَابِيرِ وَالْمَلاعِبِ ، وَإِنَّمَا الإِثْمُ فِي عَمَلِهِ وَتَسْوِيَتِهِ ، قَالُوا : وَكَذَلِكَ لا إِثْمَ فِي الْعِلْمِ بِالسِّحْرِ ، وَإِنَّمَا الإِثْمُ فِي الْعَمَلِ بِهِ ، وَأَنْ يَضُرَّ بِهِ مَنْ لا يَحِلُّ ضَرُّهُ بِهِ . قَالُوا : فَلَيْسَ فِي إِنْزَالِ اللَّهِ إِيَّاهُ عَلَى الْمَلَكَيْنِ ، وَلا فِي تَعْلِيمِ الْمَلَكَيْنِ مَنْ عَلَّمَاهُ مِنَ النَّاسِ إِثْمٌ ؛ إِذْ كَانَ تَعْلِيمُهُمَا مَنْ عَلَّمَاهُ ذَلِكَ بِإِذْنِ اللَّهِ لَهُمَا بِتَعْلِيمِهِ ، بَعْدَ أَنْ يُخْبِرَاهُ بِأَنَّهُمَا فِتْنَةٌ وَيَنْهَاهُ عَنِ السِّحْرِ وَالْعَمَلِ بِهِ وَالْكُفْرِ ؛ وَإِنَّمَا الإِثْمُ عَلَى مَنْ يَتَعَلَّمُهُ مِنْهُمَا وَيَعْمَلُ بِهِ ، إِذْ كَانَ اللَّهُ تَعَالَى ذِكْرُهُ قَدْ نَهَاهُ عَنْ تَعَلُّمِهِ وَالْعَمَلَ بِهِ . قَالُوا : وَلَوْ كَانَ اللَّهُ أَبَاحَ لِبَنِي آدَمَ أَنْ يَتَعَلَّمُوا ذَلِكَ ، لَمْ يَكُنْ مَنْ تَعَلَّمَهُ حَرِجًا ، كَمَا لَمْ يَكُونَا حَرِجَيْنِ لِعِلْمِهِمَا بِهِ ؛ إِذْ كَانَ عِلْمُهُمَا بِذَلِكَ عَنْ تَنْزِيلِ اللَّهِ إِلَيْهِمَا . وَقَالَ آخَرُونَ : مَعْنَى مَا مَعْنَى الَّذِي ، وَهِيَ عَطْفٌ عَلَى مَا الأُولَى ، غَيْرَ أَنَّ الأُولَى فِي مَعْنَى السِّحْرِ ، ومعنى الآخِرَةِ فِي مَعْنَى التَّفْرِيقِ بَيْنَ الْمَرْءِ وَزَوْجِهِ ، فَتَأْوِيلُ الآيَةِ عَلَى هَذَا الْقَوْلِ : وَاتَّبَعُوا السِّحْرَ الَّذِي تَتْلُو الشَّيَاطِينُ فِي مُلْكِ سُلَيْمَانَ ، وَالتَّفْرِيقُ بَيْنَ الْمَرْءِ وَزَوْجِهِ الَّذِي أُنْزِلَ عَلَى الْمَلَكَيْنِ بِبَابِلَ هَارُوتَ وَمَارُوتَ .

الرواه :

الأسم الرتبة

Whoops, looks like something went wrong.