وحَدَّثَنِي الْمُثَنَّى ، قَالَ : حدثَنَا أَبُو حُذَيْفَةَ ، قَالَ : حدثَنَا شِبْلٌ ، عَنِ ابْنِ أَبِي نَجِيحٍ ، عَنْ مُجَاهِدٍ : " أَمَّا شَأْنُ هَارُوتَ وَمَارُوتَ ، فَإِنَّ الْمَلائِكَةَ عَجِبَتْ مِنْ ظُلْمِ بَنِي آدَمَ ، وَقَدْ جَاءَتْهُمُ الرُّسُلُ وَالْكُتُبُ وَالْبَيِّنَاتُ ، فَقَالَ لَهُمْ رَبُّهُمُ : اخْتَارُوا مِنْكُمْ مَلَكَيْنِ أُنْزِلُهُمَا يَحْكُمَانِ فِي الأَرْضِ بَيْنَ بَنِي آدَمَ . فَاخْتَارُوا ، فلم يألوا ، هَارُوتَ وَمَارُوتَ . فَقَالَ لَهُمَا حِينَ أَنْزَلَهُمَا : أعَجِبْتُمَا مِنْ بَنِي آدَمَ وَمِنْ ظُلْمِهِمْ وَمَعْصِيَتِهِمْ ، وَإِنَّمَا تَأْتِيهِمُ الرُّسُلُ وَالْكُتُبُ مِنْ وَرَاءِ وَرَاءَ ؟ ! وَأَنْتُمَا لَيْسَ بَيْنِي وَبَيْنَكُمَا رَسُولٌ ، فَافْعَلا كَذَا وَكَذَا ، وَدَعَا كَذَا وَكَذَا ، فَأَمَرَهُمَا بِأَمْرٍ وَنَهَاهُمَا ، ثُمَّ نَزَلا عَلَى ذَلِكَ لَيْسَ أَحَدٌ أَطْوَعُ لِلَّهِ مِنْهُمَا ، فَحَكَمَا فَعَدَلا ، فَكَانَا يَحْكُمَانِ النَّهَارَ بَيْنَ بَنِي آدَمَ ، فَإِذَا أَمْسَيَا عَرَجَا وَكَانَا مَعَ الْمَلائِكَةِ ، وَيَنْزِلانِ حِينَ يُصْبِحَانِ فَيَحْكُمَانِ فَيَعْدِلانِ ، حَتَّى أُنْزِلَتْ عَلَيْهِمَا الزُّهَرَةُ فِي أَحْسَنِ صُورَةِ امْرَأَةٍ تُخَاصِمُ ، فَقَضَيَا عَلَيْهَا ، فَلَمَّا قَامَتْ وَجَدَ كُلُّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا فِي نَفْسِهِ ، فَقَالَ أَحَدُهُمَا لِصَاحِبِهِ : وَجَدْتَ مِثْلَ مَا وَجَدْتُ ؟ قَالَ : نَعَمْ ، فَبَعَثَا إِلَيْهَا أَنِ ائْتِينَا نَقْضِ لَكِ ، فَلَمَّا رَجَعَتْ ، قَالا لَهَا ، وَقَضَيَا لَهَا : ائْتِينَا ، فَأَتَتْهُمَا ، فَتكَشَفَا لَهَا عَنْ عَوْرَتِهِمَا ، وَإِنَّمَا كَانَتْ شَهْوَتُهُمَا فِي أَنْفُسِهِمَا وَلَمْ يَكُونَا كَبَنِي آدَمَ فِي شَهْوَةِ النِّسَاءِ وَلَذَّتِهَا ، فَلَمَّا بَلَغَا ذَلِكَ وَاسْتَحَلاهُ وَافْتُتِنَا ، طَارَتِ الزُّهَرَةُ فَرَجَعَتْ حَيْثُ كَانَتْ ، فَلَمَّا أَمْسَيَا عَرَجَا فَزُجِرَا فَلَمْ يُؤَذَنْ لَهُمَا ، وَلَمْ تَحْمِلْهُمَا أَجْنِحَتُهُمَا ؛ فَاسْتَغَاثَا بِرَجُلٍ مِنْ بَنِي آدَمَ ، فَأَتَيَاهُ ، فَقَالا : ادْعُ لَنَا رَبَّكَ ، فَقَالَ : كَيْفَ يَشْفَعُ أَهْلُ الأَرْضِ لأَهْلِ السَّمَاءِ ؟ قَالا : سَمِعْنَا رَبَّكَ يَذْكُرُكَ بِخَيْرٍ فِي السَّمَاءِ ، فَوَعَدَهُمَا يَوْمًا وَغَدَا يَدْعُو لَهُمَا ، فَدَعَا لَهُمَا فَاسْتُجِيبَ لَهُ ، فَخُيِّرَا بَيْنَ عَذَابِ الدُّنْيَا وَعَذَابِ الآخِرَةِ ، فَنَظَرَ أَحَدُهُمَا إِلَى صَاحِبِهِ ، فَقَالا : ألا تعْلَمُ أَنَّ أَفواجَ عَذَابِ اللَّهِ فِي الآخِرَةِ كَذَا وَكَذَا فِي الْخُلْدِ ، وَمَعَ الدُّنْيَا سَبْعَ مَرَّاتٍ مِثْلَهَا ، فَأُمِرَا أَنْ يَنْزِلا بِبَابِلَ ، فَثَمَّ عَذَابُهُمَا ، وَزُعِمَ أَنَّهُمَا مُعَلَّقَانِ فِي الْحَدِيدِ مَطْوِيَّانِ ، يَصطَفِقَانِ بِأَجْنِحَتِهِمَا " .