القول في تاويل قوله تعالى حتى اذا فتحت ياجوج وماجوج وهم من كل حدب ينسلون سورة الانبيا...


تفسير

رقم الحديث : 22646

حَدَّثَنَا الْقَاسِمُ ، قَالَ : ثنا الْحُسَيْنُ ، قَالَ : ثنا مَخْلَدُ بْنُ حُسَيْنٍ ، عَنْ هِشَامٍ ، عَنِ الْحَسَنِ ، وَحَجَّاجٌ ، عَنْ مُبَارَكٍ ، عَنِ الْحَسَنِ : زَادَ أَحَدُهُمَا عَلَى الآخَرِ ، قَالَ : " إِنَّ أَيُّوبَ آتَاهُ اللَّهُ مَالا وَأَوْسَعَ عَلَيْهِ ، وَلَهُ مِنَ النِّسَاءِ وَالْبَقَرِ وَالْغَنَمِ وَالإِبِلِ ، وَإِنَّ عَدُوَّ اللَّهِ إِبْلِيسَ قِيلَ لَهُ : هَلْ تَقْدِرُ أَنْ تَفْتِنَ أَيُّوبَ ؟ ، قَالَ : رَبِّ إِنَّ أَيُّوبَ أَصْبَحَ فِي دُنْيَا مِنْ مَالٍ وَوَلَدٍ ، وَلا يَسْتَطِيعُ أَلا يَشْكُرَكَ ، وَلَكِنْ سَلِّطْنِي عَلَى مَالِهِ وَوَلَدِهِ , فَسَتَرَى كَيْفَ يُطِيعُنِي وَيَعْصِيكَ ، قَالَ : فَسَلَّطَهُ عَلَى مَالِهِ وَوَلَدِهِ ، قَالَ : فَكَانَ يَأْتِي بِالْمَاشِيَةِ مِنْ مَالِهِ مِنَ الْغَنَمِ فَيَحْرِقُهَا بِالنِّيرَانِ ، ثُمَّ يَأْتِي أَيُّوبَ وَهُوَ يُصَلِّي مُتَشَبِّهًا بِرَاعِي الْغَنَمِ ، فَيَقُولُ : يَا أَيُّوبُ تُصَلِّي لِرَبِّكَ ، مَا تَرَكَ اللَّهُ لَكَ مِنْ مَاشِيَتِكَ شَيْئًا مِنَ الْغَنَمِ إِلا أَحْرَقَهَا بِالنِّيرَانِ ، وَكُنْتُ نَاحِيَةً فَجِئْتُ لأُخْبِرَكَ ، قَالَ : فَيَقُولُ أَيُّوبُ : اللَّهُمَّ أَنْتَ أَعْطَيْتَ وَأَنْتَ أَخَذْتَ ، مَهْمَا تُبْقِ نَفْسِي أَحْمَدْكَ عَلَى حُسْنِ بَلائِكَ , فَلا يَقْدِرُ مِنْهُ عَلَى شَيْءٍ مِمَّا يُرِيدُ ، ثُمَّ يَأْتِي مَاشِيَتَهُ مِنَ الْبَقَرِ فَيَحْرِقُهَا بِالنِّيرَانِ ، ثُمَّ يَأْتِي أَيُّوبَ فَيَقُولُ لَهُ ذَلِكَ ، وَيَرُدُّ عَلَيْهِ أَيُّوبُ مِثْلَ ذَلِكَ ، قَالَ : وَكَذَلِكَ فَعَلَ بِالإِبِلِ حَتَّى مَا تَرَكَ لَهُ مَاشِيَةً , حَتَّى هَدَمَ الْبَيْتَ عَلَى وَلَدِهِ ، فَقَالَ : يَا أَيُّوبُ أَرْسَلَ اللَّهُ عَلَى وَلَدِكَ مَنْ هَدَمَ عَلَيْهِمُ الْبُيُوتَ ، حَتَّى هَلَكُوا ، فَيَقُولُ أَيُّوبُ مِثْلَ ذَلِكَ ، وقَالَ : رَبِّ هَذَا حِينَ أَحْسَنْتَ إِلَيَّ الإِحْسَانَ كُلَّهُ ، قَدْ كُنْتُ قَبْلَ الْيَوْمِ يَشْغَلُنِي حُبُّ الْمَالِ بِالنَّهَارِ , وَيَشْغَلُنِي حُبُّ الْوَلَدِ بِاللَّيْلِ شَفَقَةً عَلَيْهِمْ ، فَالآنَ أُفَرِّغُ سَمْعِي لك وَبَصَرِي , وَلَيْلِي وَنَهَارِي ، بِالذِّكْرِ وَالْحَمْدِ وَالتَّقْدِيسِ وَالتَّهْلِيلِ ، فَيَنْصَرِفُ عَدُوُّ اللَّهِ مِنْ عِنْدِهِ , لَمْ يُصِبْ مِنْهُ شَيْئًا مِمَّا يُرِيدُ ، قَالَ : ثُمَّ إِنَّ اللَّهَ تَبَارَكَ وَتَعَالَى قَالَ : كَيْفَ رَأَيْتَ أَيُّوبَ ؟ ، قَالَ إِبْلِيسُ : أَيُّوبُ قَدْ عَلِمَ أَنَّكَ سَتَرُدُّ عَلَيْهِ مَالَهُ وَوَلَدَهُ , وَلَكِنْ سَلِّطْنِي عَلَى جَسَدِهِ ، فَإِنْ أَصَابَهُ الضُّرُّ فِيهِ أَطَاعَنِي وَعَصَاكَ ، قَالَ : فَسُلِّطَ عَلَى جَسَدِهِ ، فَأَتَاهُ فَنَفَخَ فِيهِ نَفْخَةً , قَرِحَ مِنْ لَدُنْ قَرْنِهِ إِلَى قَدَمِهِ ، قَالَ : فَأَصَابَهُ الْبَلاءُ بَعْدَ الْبَلاءِ ، حَتَّى حُمِلَ فَوُضِعَ عَلَى مَزْبَلَةِ كُنَاسَةٍ لِبَنِي إِسْرَائِيلَ ، فَلَمْ يَبْقَ لَهُ مَالٌ وَلا وَلَدٌ وَلا صَدِيقٌ وَلا أَحَدٌ يَقْرَبُهُ غَيْرُ زَوْجَتِهِ ، صَبَرَتْ مَعَهُ تصَدَّقُ ، وَتَأْتِيهِ بِطَعَامٍ ، وَتَحْمَدُ اللَّهَ مَعَهُ إِذَا حَمِدَ ، وَأَيُّوبُ عَلَى ذَلِكَ لا يَفْتُرُ مِنْ ذِكْرِ اللَّهِ ، وَالتَّحْمِيدِ وَالثَّنَاءِ عَلَى اللَّهِ , وَالصَّبْرِ عَلَى مَا ابْتَلاهُ اللَّهُ . قَالَ الْحَسَنُ : فَصَرَخَ إِبْلِيسُ عَدُوُّ اللَّهِ صَرْخَةً جَمَعَ فِيهَا جُنُودَهُ مِنْ أَقْطَارِ الأَرْضِ جَزَعًا مِنْ صَبْرِ أَيُّوبَ , فَاجْتَمَعُوا إِلَيْهِ ، وَقَالُوا لَهُ : اجْتَمَعْنَا ، مَا حَزَبَكَ ؟ مَا أَعْيَاكَ ؟ ، قَالَ : أَعْيَانِي هَذَا الْعَبْدُ الَّذِي سَأَلْتُ رَبِّيَ أَنْ يُسَلِّطَنِي عَلَى مَالِهِ وَوَلَدِهِ , فَلَمْ أَدَعْ لَهُ مَالا وَلا وَلَدًا ، فَلَمْ يَزْدَدْ بِذَلِكَ إِلا صَبْرًا وَثَنَاءً عَلَى اللَّهِ وَتَحْمِيدًا لَهُ ، ثُمَّ سُلِّطْتُ عَلَى جَسَدِهِ فَتَرَكْتُهُ قُرْحَةً مُلْقَاةً عَلَى كُنَاسَةِ بَنِي إِسْرَائِيلَ ، لا يَقْرَبُهُ إِلا امْرَأَتُهُ ، فَقَدِ افْتُضِحْتُ بِرَبِّي ، فَاسْتَعَنْتُ بِكُمْ ، فَأَعِينُونِي عَلَيْهِ ، قَالَ : فَقَالُوا لَهُ : أَيْنَ مَكْرُكَ ؟ أَيْنَ عِلْمُكَ الَّذِي أَهْلَكْتَ بِهِ مَنْ مَضَى ؟ ، قَالَ : بَطَلَ ذَلِكَ كُلُّهُ فِي أَيُّوبَ ، فَأَشِيرُوا عَلَيَّ ، قَالُوا : نُشِيرُ عَلَيْكَ ، أَرَأَيْتَ آدَمَ حِينَ أَخْرَجْتَهُ مِنَ الْجَنَّةِ ، مِنْ أَيْنَ أَتَيْتَهُ ؟ ، قَالَ : مِنْ قِبَلِ امْرَأَتِهِ ، قَالُوا : فَشَأْنُكَ بِأَيُّوبَ مِنْ قِبَلِ امْرَأَتِهِ ، فَإِنَّهُ لا يَسْتَطِيعُ أَنْ يَعْصِيَهَا , وَلَيْسَ أَحَدٌ يَقْرَبُهُ غَيْرُهَا ، قَالَ : أَصَبْتُمْ ، فَانْطَلَقَ حَتَّى أَتَى امْرَأَتَهُ وَهِيَ تَصَدَّقُ ، فَتَمَثَّلَ لَهَا فِي صُورَةِ رَجُلٍ ، فَقَالَ : أَيْنَ بَعْلُكِ يَا أَمَةَ اللَّهِ ؟ قَالَتْ : هاهُوَ ذَاكَ يَحُكُّ قُرُوحَهُ , وَتَتَرَدَّدُ الدَّوَابُّ فِي جَسَدِهِ ، فَلَمَّا سَمِعَهَا طَمِعَ أَنْ تَكُونَ كَلِمَةَ جَزَعٍ ، فَوَقَعَ فِي صَدْرِهَا فَوَسْوَسَ إِلَيْهَا , فَذَكَّرَهَا مَا كَانَتْ فِيهِ مِنَ النِّعَمِ وَالْمَالِ وَالدَّوَابِّ ، وَذَكَّرَهَا جَمَالَ أَيُّوبَ وَشَبَابَهُ ، وَمَا هُوَ فِيهِ مِنَ الضُّرِّ ، وَأَنَّ ذَلِكَ لا يَنْقَطِعُ عَنْهُمْ أَبَدًا ، قَالَ الْحَسَنُ : فَصَرَخَتْ , فَلَمَّا صَرَخَتْ , عَلِمَ أَنْ قَدْ صَرَخَتْ وَجَزِعَتْ ، أَتَاهَا بِسَخْلَةٍ ، فَقَالَ : لِيَذْبَحْ هَذَا إِلَيَّ أَيُّوبُ وَيَبْرَأُ , قَالَ : فَجَاءَتْ تَصْرُخُ : يَا أَيُّوبُ ، يَا أَيُّوبُ ، حَتَّى مَتَى يُعَذِّبُكَ رَبُّكَ ، أَلا يَرْحَمُكَ ؟ أَيْنَ الْمَاشِيَةُ ؟ أَيْنَ الْمَالُ ؟ أَيْنَ الْوَلَدُ ؟ أَيْنَ الصَّدِيقُ ؟ أَيْنَ لَوْنُكَ الْحَسَنُ , قَدْ تَغَيَّرَ وَصَارَ مِثْلَ الرَّمَادِ ؟ أَيْنَ جِسْمُكَ الْحَسَنُ الَّذِي قَدْ بَلِيَ وَتَرَدَّدَ فِيهِ الدَّوَابُّ ؟ اذْبَحْ هَذِهِ السَّخْلَةَ وَاسْتَرِحْ ، قَالَ أَيُّوبُ : أَتَاكِ عَدُوُّ اللَّهِ فَنَفَخَ فِيكِ , فَوَجَدَ فِيكِ رِفْقًا وَأَجَبْتِهِ ، وَيْلَكِ ، أَرَأَيْتِ مَا تَبْكِينَ عَلَيْهِ مما تَذْكُرِينَ مما كُنَّا فِيهِ مِنَ الْمَالِ وَالْوَلَدِ وَالصِّحَّةِ وَالشَّبَابِ ؟ مَنْ أَعْطَانِيهِ ؟ قَالَتِ : اللَّهُ . قَالَ : فَكَمْ مَتِّعَنَا بِهِ ؟ قَالَتْ : ثَمَانِينَ سَنَةً . قَالَ : فَمُذْ كَمِ ابْتَلانَا اللَّهُ بِهَذَا الْبَلاءِ الَّذِي ابْتَلانا بِهِ ؟ قَالَتْ : مُنْذُ سَبْعِ سِنِينَ وَأَشْهُرٍ . قَالَ : وَيْلَكِ ، وَاللَّهِ مَا عَدَلْتِ وَلا أَنْصَفْتِ رَبَّكِ ، أَلا صَبَرْتِ حَتَّى نَكُونَ فِي هَذَا الْبَلاءِ الَّذِي ابْتَلانَا رَبُّنَا بِهِ ثَمَانِينَ سَنَةً كَمَا كُنَّا فِي الرَّخَاءِ ثَمَانِينَ سَنَةً ؟ وَاللَّهِ لَئِنْ شَفَانِي اللَّهُ لأَجْلِدَنَّكِ مِائَةَ جَلْدَةٍ ، هِيهِ ، أَمَرْتِينِي أَنْ أَذْبَحَ لِغَيْرِ اللَّهِ ، طَعَامُكِ وَشَرَابُكِ الَّذِي تَأْتِيَنِي بِهِ عَلَيَّ حَرَامٌ , وَأَنْ أَذُوقَ مَا تَأْتِيَنِي بِهِ بَعْدُ ، إِذْ قُلْتِ لِي هَذَا , فَاغْرُبِي عَنِّي فَلا أَرَاكِ ، فَطَرَدَهَا فَذَهَبَتْ ، فَقَالَ الشَّيْطَانُ : هَذَا قَدْ وَطَّنَ نَفْسَهُ ثَمَانِينَ سَنَةً عَلَى هَذَا الْبَلاءِ الَّذِي هُوَ فِيهِ ، فَبَاءَ بِالْغَلَبَةِ وَرَفَضَهُ . وَنَظَرَ أَيُّوبُ إِلَى امْرَأَتِهِ قَدْ طَرَدَهَا ، وَلَيْسَ عِنْدَهُ طَعَامٌ وَلا شَرَابٌ وَلا صَدِيقٌ . قَالَ الْحَسَنُ : وَمَرَّ بِهِ رَجُلانِ وَهُوَ عَلَى تِلْكَ الْحَالِ ، وَلا وَاللَّهِ مَا عَلَى ظَهْرِ الأَرْضِ يَوْمَئِذٍ أَكْرَمُ عَلَى اللَّهِ مِنْ أَيُّوبَ ، فَقَالَ أَحَدُ الرَّجُلَيْنِ لِصَاحِبِهِ : لَوْ كَانَ لِلَّهِ فِي هَذَا حَاجَةٌ ، مَا بَلَغَ بِهِ هَذَا ، فَلَمْ يَسْمَعْ أَيُّوبُ شَيْئًا كَانَ أَشَدَّ عَلَيْهِ مِنْ هَذِهِ الْكَلِمَةِ " .

الرواه :

الأسم الرتبة

Whoops, looks like something went wrong.