حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ الْحُسَيْنِ ، قَالَ : ثنا أَحْمَدُ بْنُ الْمُفَضَّلِ ، قَالَ : ثنا أَسْبَاطٌ ، عَنِ السُّدِّيِّ ، قَالَ : " لَمَّا بَرَزَ رَسُولُ اللَّهِ ، صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ، يَوْمَ أُحُدٍ إِلَيْهِمْ ، يَعْنِي : إِلَى الْمُشْرِكِينَ ، أَمَرَ الرُّمَاةَ ، فَقَامُوا بِأَصْلِ الْجَبَلِ فِي وَجْهِ خَيْلِ الْمُشْرِكِينَ ، وَقَالَ : " لا تَبْرَحُوا مَكَانَكُمْ ، إِنْ رَأَيْتُمُونَا قَدْ هَزَمْنَاهُمْ ، فَإِنَّا لَنْ نَزَالَ غَالِبِينَ مَا ثَبَتُّمْ مَكَانَكُمْ " , وَأَمَّرَ عَلَيْهِمْ عَبْدَ اللَّهِ بْنَ جُبَيْرٍ ، أَخَا خَوَّاتِ بْنِ جُبَيْرٍ ، ثُمَّ شَدَّ الزُّبَيْرُ بْنُ الْعَوَّامِ ، وَالْمِقْدَادُ بْنُ الأَسْوَدِ عَلَى الْمُشْرِكِينَ فَهَزَمَاهُمْ ، وَحَمَلَ النَّبِيُّ ، صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ، وَأَصْحَابُهُ فَهَزَمُوا أَبَا سُفْيَانَ ؛ فَلَمَّا رَأَى ذَلِكَ خَالِدُ بْنُ الْوَلِيدِ ، وَهُوَ عَلَى خَيْلِ الْمُشْرِكِينَ حمَل ، فَرَمَتْهُ الرُّمَاةُ فَانْقَمَعَ ، فَلَمَّا نَظَرَ الرُّمَاةُ إِلَى رَسُولِ اللَّهِ ، صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ، وَأَصْحَابِهِ فِي جَوْفِ عَسْكَرِ الْمُشْرِكِينَ يَنْتَهِبُونَهُ ، بَادَرُوا إلى الْغَنِيمَةَ ، فَقَالَ بَعْضُهُمْ : لا نَتْرُكُ أَمْرَ رَسُولِ اللَّهِ ، صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ , فَانْطَلَقَ عَامَّتُهُمْ فَلَحِقُوا بِالْعَسْكَرِ ؛ فَلَمَّا رَأَى خَالِدٌ قِلَّةَ الرُّمَاةِ ، صَاحَ فِي خَيْلِهِ ، ثُمَّ حَمَلَ فَقَتَلَ الرُّمَاةَ ، وَحَمَلَ عَلَى أَصْحَابِ النَّبِيِّ ، صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ، فَلَمَّا رَأَى الْمُشْرِكُونَ أَنَّ خَيْلَهُمْ تُقَاتِلُ ، تَنَادَوْا ، فَشَدُّوا عَلَى الْمُسْلِمِينَ فَهَزَمُوهُمْ وَقَتَلُوهُمْ ، فَأَتَى ابْنُ قَمِئَةَ الْحَارِثِيُّ ، أَحَدُ بَنِي الْحَارِثِ بْنِ عَبْدِ مَنَافِ بْنِ كِنَانَةَ ، فَرَمَى رَسُولَ اللَّهِ ، صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ، بِحَجَرٍ فَكَسَرَ أَنْفَهُ وَرَبَاعِيَتَهُ ، وَشَجَّهُ فِي وَجْهِهِ فَأَثْقَلَهُ ، وَتَفَرَّقَ عَنْهُ أَصْحَابُهُ ، وَدَخَلَ بَعْضُهُمُ الْمَدِينَةَ ، وَانْطَلَقَ بَعْضُهُمْ فَوْقَ الْجَبَلِ إِلَى الصَّخْرَةِ ، فَقَامُوا عَلَيْهَا ، وَجَعَلَ رَسُولُ اللَّهِ ، صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ، يَدْعُو النَّاسَ : " إِلَيَّ عِبَادَ اللَّهِ ، إِلَيَّ عِبَادَ اللَّهِ " , فَاجْتَمَعَ إِلَيْهِ ثَلاثُونَ رَجُلا ، فَجَعَلُوا يَسِيرُونَ بَيْنَ يَدَيْهِ ، فَلَمْ يَقِفْ أَحَدٌ إِلا طَلْحَةُ ، وَسَهْلُ بْنُ حُنَيْفٍ ، فَحَمَاهُ طَلْحَةُ ، فَرُمِيَ بِسَهْمٍ فِي يَدِهِ , فيَبِسَتْ يَدُهُ ، وَأَقْبَلَ أُبَيُّ بْنُ خَلَفٍ الْجُمَحِيُّ ، وَقَدْ حَلَفَ لَيَقْتُلَنَّ النَّبِيَّ ، صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ، فَقَالَ النَّبِيُّ ، صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : " بَلْ أَنَا أَقْتُلُهُ " ، فَقَالَ : " يَا كَذَّابُ ، أَيْنَ تَفِرُّ مِنِّي ؟ " , فَحَمَلَ عَلَيْهِ ، فَطَعَنَهُ النَّبِيُّ ، صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ، فِي جَيْبِ الدِّرْعِ ، فَجُرِحَ جُرْحًا خَفِيفًا ، فَوَقَعَ يَخُورُ خُوَارَ الثَّوْرِ ، فَاحْتَمَلُوهُ ، وَقَالُوا : لَيْسَ بِكَ جِرَاحَةٌ فما يُجْزِعُكَ ، قَالَ : أَلَيْسَ قَالَ : " لأَقْتُلَنَّكَ ؟ " , والله لَوْ كَانَتْ لِجَمِيعِ رَبِيعَةَ ، وَمُضَرَ لَقَتَلَتْهُمْ ، فَلَمْ يَلْبَثْ إِلا يَوْمًا أَوْ بَعْضَ يَوْمٍ حَتَّى مَاتَ مِنْ ذَلِكَ الْجُرْحِ ، وَفَشَا فِي النَّاسِ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ ، صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ، قَدْ قُتِلَ ، فَقَالَ بَعْضُ أَصْحَابِ الصَّخْرَةِ : لَيْتَ لَنَا رَسُولا إِلَى عَبْدِ اللَّهِ بْنِ أُبَيٍّ ، فَيَأْخُذَ لَنَا أَمَنَةً مِنْ أَبِي سُفْيَانَ ، يَا قَوْمُ إِنَّ مُحَمَّدًا قَدْ قُتِلَ ، فَارْجِعُوا إِلَى قَوْمِكُمْ قَبْلَ أَنْ يَأْتُوكُمْ فَيَقْتُلُوكُمْ . فَقَالَ أَنَسُ بْنُ النَّضْرِ : يَا قَوْمُ ، إِنْ كَانَ مُحَمَّدٌ قَدْ قُتِلَ ، فَإِنَّ رَبَّ مُحَمَّدٍ لَمْ يُقْتَلْ ، فَقَاتِلُوا عَلَى مَا قَاتَلَ عَلَيْهِ مُحَمَّدٌ ، صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ , اللَّهُمَّ إِنِّي أَعْتَذِرُ إِلَيْكَ مِمَّا يَقُولُ هَؤُلاءِ ، وَأَبْرَأُ إِلَيْكَ مِمَّا جَاءَ بِهِ هَؤُلاءِ ، ثُمَّ شَدَّ بِسَيْفِهِ ، فَقَاتَلَ حَتَّى قُتِلَ ، رحمه الله ، ورضي عنه ، وَانْطَلَقَ رَسُولُ اللَّهِ ، صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ، يَدْعُو النَّاسَ ، حَتَّى انْتَهَى إِلَى أَصْحَابِ الصَّخْرَةِ ، فَلَمَّا رَأَوْهُ ، وَضَعَ رَجُلٌ سَهْمًا فِي قَوْسِهِ ، فَأَرَادَ أَنْ يَرْمِيَهُ ، فَقَالَ : " أَنَا رَسُولُ اللَّهِ " ، فَفَرِحُوا حِينَ وَجَدُوا رَسُولَ اللَّهِ ، صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ، حَيًّا ، وَفَرِحَ رَسُولُ اللَّهِ ، صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ، حِينَ رَأَى أَنَّ فِي أَصْحَابِهِ مَنْ يَمْتَنِعُ به ، فَلَمَّا اجْتَمَعُوا وَفِيهِمْ رَسُولُ اللَّهِ ، صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ، ذَهَبَ عَنْهُمُ الْحُزْنُ ، فَأَقْبَلُوا يَذْكُرُونَ الْفَتْحَ ، وَمَا فَاتَهُمْ مِنْهُ , وَيَذْكُرُونَ أَصْحَابَهُمُ الَّذِينَ قُتِلُوا ، فَقَالَ اللَّهُ ، عَزَّ وَجَلَّ ، لِلَّذِينَ قَالُوا : إِنَّ مُحَمَّدًا قَدْ قُتِلَ ، فَارْجِعُوا إِلَى قَوْمِكُمْ : وَمَا مُحَمَّدٌ إِلا رَسُولٌ قَدْ خَلَتْ مِنْ قَبْلِهِ الرُّسُلُ أَفَإِنْ مَاتَ أَوْ قُتِلَ انْقَلَبْتُمْ عَلَى أَعْقَابِكُمْ وَمَنْ يَنْقَلِبْ عَلَى عَقِبَيْهِ فَلَنْ يَضُرَّ اللَّهَ شَيْئًا وَسَيَجْزِي اللَّهُ الشَّاكِرِينَ سورة آل عمران آية 144 " .
الأسم | الشهرة | الرتبة |
السُّدِّيِّ | السدي الكبير | صدوق حسن الحديث |
أَسْبَاطٌ | أسباط بن نصر الهمداني | صدوق كثير الخطا يغرب |
أَحْمَدُ بْنُ الْمُفَضَّلِ | أحمد بن المفضل القرشي | صدوق يخطئ |
مُحَمَّدُ بْنُ الْحُسَيْنِ | محمد بن الحسين الحنيني / توفي في :277 | ثقة حافظ |