وحَدَّثَنِي مُوسَى بْنُ هَارُونَ ، قَالَ : حَدَّثَنَا عَمْرٌو ، قَالَ : حَدَّثَنَا أَسْبَاطٌ ، عَنِ السُّدِّيِّ : " أَنَّ اللَّهَ أَمَرَ مُوسَى أَنْ يَخْرُجَ بِبَنِي إِسْرَائِيلَ ، فَقَالَ : فَأَسْرِ بِعِبَادِي لَيْلا إِنَّكُمْ مُتَّبَعُونَ سورة الدخان آية 23 . فَخَرَجَ مُوسَى وَهَارُونُ فِي قَوْمِهِمَا ، وَأُلْقِيَ عَلَى الْقِبْطِ الْمَوْتُ ، فَمَاتَ كُلُّ بِكْرِ رَجُلٍ ، فَأَصْبَحُوا يَدْفِنُونَهُمْ ، فَشُغِلُوا عَنْ طَلَبِهِمْ حَتَّى طَلَعَتِ الشَّمْسُ ، فَذَلِكَ حِينَ يَقُولُ اللَّهُ جَلَّ وَعَزَّ : فَأَتْبَعُوهُمْ مُشْرِقِينَ سورة الشعراء آية 60 . وَكَانَ مُوسَى عَلَى سَاقَةِ بَنِي إِسْرَائِيلَ ، وَكَانَ هَارُونُ أَمَامَهُمْ يَقْدُمُهُمْ ، فَقَالَ الْمُؤْمِنُ لِمُوسَى : يَا نَبِيَّ اللَّهِ ، أَيْنَ أُمِرْتَ ؟ قَالَ : الْبَحْرَ ، فَأَرَادَ أَنْ يَقْتَحِمَ ، فَمَنَعَهُ مُوسَى ، وَخَرَجَ مُوسَى فِي سِتِّ مِائَةِ أَلْفٍ وَعِشْرِينَ أَلْفَ مُقَاتِلٍ ، لا يَعُدُّونَ ابْنَ الْعِشْرِينَ لِصِغَرِهِ ، وَلا ابْنَ السِّتِّينَ لِكِبَرِهِ ، وَإِنَّمَا عَدُّوا مَا بَيْنَ ذَلِكَ سِوَى الذُّرِّيَّةِ ، وَتَبِعَهُمْ فِرْعَوْنُ وَعَلَى مَقْدِمَتِهِ هَامَانُ فِي أَلْفِ أَلْفٍ وَسَبْعِ مِائَةِ أَلْفِ حِصَانٍ لَيْسَ فِيهَا مَادِيَانَةٌ ، يَعْنِي الأُنْثَى ، وَذَلِكَ حِينَ يَقُولُ اللَّهُ : فَأَرْسَلَ فِرْعَوْنُ فِي الْمَدَائِنِ حَاشِرِينَ { 53 } إِنَّ هَؤُلاءِ لَشِرْذِمَةٌ قَلِيلُونَ { 54 } سورة الشعراء آية 53-54 . يَعْنِي : بَنِي إِسْرَائِيلَ ، فَتَقَدَّمَ هَارُونُ ، فَضَرَبَ الْبَحْرَ ، فَأَبَى الْبَحْرُ أَنْ يَنْفَتِحَ ، وَقَالَ : مَنْ هَذَا الْجَبَّارُ الَّذِي يَضْرِبُنِي ؟ حَتَّى أَتَاهُ مُوسَى ، فَكَنَّاهُ أَبَا خَالِدٍ وَضَرَبَهُ ، فَانْفَلَقَ فَكَانَ كُلُّ فِرْقٍ كَالطَّوْدِ الْعَظِيمِ سورة الشعراء آية 63 ، يَقُولُ : كَالْجَبَلِ الْعَظِيمِ ، فَدَخَلَتْ بَنُو إِسْرَائِيلَ ، وَكَانَ فِي الْبَحْرِ اثْنَا عَشَرَ طَرِيقًا ، فِي كُلِّ طَرِيقٍ سِبْطٌ ، وَكَانَتِ الطُّرُقُ انْفَلَقَتْ بِجُدْرَانٍ ، فَقَالَ كُلُّ سِبْطٍ : قَدْ قُتِلَ أَصْحَابُنَا ، فَلَمَّا رَأَى ذَلِكَ مُوسَى ، دَعَا اللَّهَ ، فَجَعَلَهَا لَهُمْ قَنَاطِرَ كَهَيْئَةِ الطِّيقَانِ ، فَنَظَرَ آخِرُهُمْ إِلَى أَوَّلِهِمْ ، حَتَّى خَرَجُوا جَمِيعًا ، ثُمَّ دَنَا فِرْعَوْنُ وَأَصْحَابُهُ ، فَلَمَّا نَظَرَ فِرْعَوْنُ إِلَى الْبَحْرِ مُنْفَلِقًا ، قَالَ : أَلا تَرَوْنَ الْبَحْرَ فَرِقَ مِنِّي قَدِ انْفَتَحَ لِي حَتَّى أُدْرِكَ أَعْدَائِي فَأَقْتُلَهُمْ ؟ فَذَلِكَ قَوْلُ اللَّهُ جَلَّ ثَنَاؤُهُ : وَأَزْلَفْنَا ثَمَّ الآخَرِينَ سورة الشعراء آية 64 ، يَقُولُ : قَرَّبْنَا ثَمَّ الآخِرِينَ ، يَعْنِي آلَ فِرْعَوْنَ ، فَلَمَّا قَامَ فِرْعَوْنُ عَلَى أَفْوَاهِ الطُّرُقِ أَبَتْ خَيْلُهُ أَنْ تَقْتَحِمَ ، فَنَزَلَ جِبْرِيلُ عَلَيْه السَّلَام عَلَى مَادِيَانَةٌ ، فَشَامَّتِ الْحُصُنُ رِيحَ الْمَاذِيَانَةِ ، فَاقْتَحَمَتْ فِي أَثَرِهَا ، حَتَّى إِذَا هَمَّ أَوَّلُهُمْ أَنْ يَخْرُجَ وَدَخَلَ آخِرُهُمْ ، أَمَرَ الْبَحْرَ أَنْ يَأْخُذَهُمْ ، فَالْتَطَمَ عَلَيْهِمْ " .