القول في تاويل قوله تعالى فويل سورة البقرة اية


تفسير

رقم الحديث : 1305

حُدِّثْتُ عَنْ عَمَّارٍ ، قَالَ : ثنا ابْنُ أَبِي جَعْفَرٍ ، عَنْ أَبِيهِ ، عَنِ الرَّبِيعِ ، " قَوْلَهُ : بَلَى مَنْ كَسَبَ سَيِّئَةً سورة البقرة آية 81 : يَعْنِي : الشِّرْكَ " . وَإِنَّمَا قُلْنَا : إِنَّ السَّيِّئَةَ الَّتِي ذَكَرَهَا اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ أَنَّ مَنْ كَسَبَهَا وَأَحَاطَتْ بِهِ ذِنُوبُهُ ، فَهُوَ مِنْ أَهْلِ النَّارِ ، فِي هَذَا الْمَوْضِعِ ، الْمُخَلَّدِينَ فِيهَا ، إِنَّمَا عَنَى جَلَّ ذِكْرُهُ بِهَا بَعْضَ السَّيِّئَاتِ دُونَ بَعْضٍ ، وَإِنْ كَانَ ظَاهِرُهَا فِي التِّلاوَةِ عَامًّا ؛ أَنَّ اللَّهَ قَضَى عَلَى أَهْلِهَا بِالْخُلُودِ فِي النَّارِ . وَالْخُلُودُ فِي النَّارِ لأَهْلِ الْكُفْرِ بِاللَّهِ دُونَ أَهْلِ الإِيمَانِ بِهِ ؛ لِتَظَاهُرِ الأَخْبَارِ عَنْ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنَّ أَهْلَ الإِيمَانِ لا يُخَلَّدُونَ فِيهَا ، وَأَنَّ الْخُلُودَ فِي النَّارِ لأَهْلِ الْكُفْرِ بِاللَّهِ دُونَ أَهْلِ الإِيمَانِ بِهِ . وَبَعْدُ ، فَإِنَّ اللَّهَ جَلَّ ثَنَاؤُهُ قَدْ قَرَنَ بِقَوْلِهِ : بَلَى مَنْ كَسَبَ سَيِّئَةً وَأَحَاطَتْ بِهِ خَطِيئَتُهُ فَأُولَئِكَ أَصْحَابُ النَّارِ هُمْ فِيهَا خَالِدُونَ سورة البقرة آية 81 ، قَوْلُهُ : وَالَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ أُولَئِكَ أَصْحَابُ الْجَنَّةِ هُمْ فِيهَا خَالِدُونَ سورة البقرة آية 82 ، فَكَانَ مَعْلُومًا بِذَلِكَ أَنَّ الَّذِينَ لَهُمُ الْخُلُودُ فِي النَّارِ مِنْ أَهْلِ السَّيِّئَاتِ ، غَيْرُ الَّذِي لَهُمُ الْخُلُودُ فِي الْجَنَّةِ مِنْ أَهْلِ الإِيمَانِ . فَإِنْ ظَنَّ ظَانٌّ أَنَّ الَّذِينَ لَهُمُ الْخُلُودُ فِي الْجَنَّةِ مِنَ الَّذِينَ آمَنُوا هُمُ الَّذِينَ عَمِلُوا الصَّالِحَاتِ دُونَ الَّذِينَ عَمِلُوا السَّيِّئَاتِ ، فَإِنَّ فِي إِخْبَارِ اللَّهِ تَعَالَى ذِكْرُهُ بأَنَّهُ مُكَفِّرٌ ، بِاجْتِنَابِنَا كَبَائِرَ مَا نُنْهَى عَنْهُ ، سَيِّئَاتِنَا ، وَمُدْخِلُنَا الْمُدْخَلَ الْكَرِيمَ ، مَا يُنْبِئُ عَنْ صِحَّةِ مَا قُلْنَا فِي تَأْوِيلِ قَوْلِهِ : بَلَى مَنْ كَسَبَ سَيِّئَةً سورة البقرة آية 81 ، وَأَنَّ ذَلِكَ عَلَى خَاصٍّ مِنَ السَّيِّئَاتِ دُونَ عَامِّهَا . فَإِنْ قَالَ لَنَا قَائِلٌ : فَإِنَّ اللَّهَ جَلَّ ثَنَاؤُهُ إِنَّمَا ضَمِنَ لَنَا تَكْفِيرَ سَيِّئَاتِنَا بِاجْتِنَابِنَا كَبَائِرَ مَا نُنْهَى عَنْهُ ، فَمَا الدَّلالَةُ عَلَى أَنَّ الْكَبَائِرَ غَيْرُ دَاخِلَةٍ فِي قَوْلِهِ : بَلَى مَنْ كَسَبَ سَيِّئَةً سورة البقرة آية 81 ؟ قِيلَ : لَمَّا صَحَّ مِنْ أَنَّ الصَّغَائِرِ غَيْرُ دَاخِلَةٍ فِيهِ ، وَأَنَّ الْمَعْنَيَّ بِالآيَةِ خَاصٌّ دُونَ عَامٍّ ، ثَبَتَ وَصَحَّ أَنَّ الْقَضَاءَ وَالْحُكْمَ بِهَا غَيْرُ جَائِزٍ لأَحَدٍ عَلَى أَحَدٍ إِلا عَلَى مَنْ وَقَفَهُ اللَّهُ عَلَيْهِ بِدَلالَةٍ مِنْ خَبَرٍ قَاطِعٍ عُذْرَ مَنْ بَلَغَهُ ، وَقَدْ ثَبَتَ وَصَحَّ أَنَّ اللَّهَ جل ثناؤه قَدْ عَنَى بِذَلِكَ أَهْلَ الشِّرْكِ وَالْكُفْرِ بِهِ ، بِشَهَادَةِ جَمِيعِ الأُمَّةِ ، فَوَجَبَ بِذَلِكَ الْقَضَاءُ عَلَى أَنَّ أَهْلَ الشِّرْكِ وَالْكُفْرِ مِمَّنْ عَنَاهُ اللَّهُ بِالآيَةِ ، فَأَمَّا أَهْلُ الْكَبَائِرِ فَإِنَّ الأَخْبَارَ الْقَاطِعَةَ عُذْرَ مَنْ بَلَغَتْهُ قَدْ تَظَاهَرَتْ عِنْدَنَا بِأَنَّهُمْ غَيْرُ مَعْنِيِّينَ بِهَا ، وَمَنْ أَنْكَرَ ذَلِكَ مِمَّنْ دَافَعَ حُجَّةَ الأَخْبَارِ الْمُسْتَفِيضَةِ وَالأَنْبَاءِ الْمُتَظَاهِرَةِ ، فَاللازِمُ لَهُ تَرْكُ قَطْعِ الشَّهَادَةِ عَلَى أَهْلِ الْكَبَائِرِ بِالْخُلُودِ فِي النَّارِ بِهَذِهِ الآيَةِ وَنَظَائِرِهَا الَّتِي جَاءَتْ بِعُمُومِهِمْ فِي الْوَعِيدِ ، إِذْ كَانَ تَأْوِيلُ الْقُرْآنِ غَيْرَ مُدْرَكٍ إِلا بِبَيَانِ مَنْ جَعَلَ اللَّهُ إِلَيْهِ بَيَانَ الْقُرْآنِ ، وَكَانَتِ الآيَةُ فيها تَأْتِي عَامًّا فِي صِنْفِ ظَاهِرِهَا ، وَهِيَ خَاصٌّ فِي ذَلِكَ الصِّنْفِ بَاطِنُهَا . وَيُسْأَلُ مُدَافِعُو هذا الْخَبَرِ بِأَنَّ أَهْلَ الْكَبَائِرِ مِنْ أَهْلِ الاسْتِثْنَاءِ سُؤَالَنَا مُنْكِرِي رَجْمِ الزَّانِي الْمُحْصَنِ ، وَزَوَالِ فَرْضِ الصَّلاةِ عَنِ الْحَائِضِ فِي حَالِ الْحَيْضِ ، فَإِنَّ السُّؤَالَ عَلَيْهِمْ نَظِيرُ السُّؤَالِ عَلَى أُولاءِ سَوَاءٌ " .

الرواه :

الأسم الرتبة

Whoops, looks like something went wrong.