اختلف أهل التأويل فِي المرافق ، هل هي من اليد الواجب غسلها أم لَا ؟ بعد إجماع جميعهم على أن غسل اليد إليها واجب . فَقَالَ مَالِكُ بْنُ أَنَسٍ وَسُئِلَ عَنْ قَوْلِ اللَّهِ : فَاغْسِلُوا وُجُوهَكُمْ وَأَيْدِيَكُمْ إِلَى الْمَرَافِقِ سورة المائدة آية 6 ، أَتَرَى أَنْ يُخْلِفَ الْمِرْفَقَيْنِ فِي الْوُضُوءِ ؟ قَالَ : الَّذِي أَمَرَ بِهِ أَنْ يَبْلُغَ الْمِرْفَقَيْنِ ، قَالَ تَبَارَكَ وَتَعَالَى : فَاغْسِلُوا وُجُوهَكُمْ سورة المائدة آية 6 يذهب هَذَا يَغْسِلُ خَلْفَهُ ، فَقِيلَ لَهُ : فَإِنَّمَا يَغْسِلُ إِلَى الْمِرْفَقَيْنِ وَالْكَعْبَيْنِ لا يُجَاوِزُهُمَا ؟ فَقَالَ : لا أَدْرِي مَا لا يُجَاوِزُهُمَا ، أَمَّا الَّذِي أُمِرَ بِهِ أَنْ يَبْلُغَ بِهِ فَهَذَا ، إِلَى الْمِرْفَقَيْنِ وَالْكَعْبَيْنِ . حَدَّثَنَا يُونُسُ ، عَنْ أَشْهَبَ عَنهُ وَقَالَ الشَّافِعِيُّ : لَمْ أَعْلَمْ مُخَالِفًا فِي أَنَّ الْمَرَافِقَ فِيمَا يُغْسَلُ ، كَأَنَّهُ يَذْهَبُ إِلَى أَنَّ مَعْنَاهَا : فَاغْسِلُوا وُجُوهَكُمْ وَأَيْدِيَكُمْ إِلَى أَنْ تُغْسَلَ الْمَرَافِقُ . حَدَّثَنَا بِذَلِكَ عَنْهُ الرَّبِيعُ ، وَقَالَ آخَرُونَ : إِنَّمَا أَوْجَبَ اللَّهُ بِقَوْلِهِ : وَأَيْدِيَكُمْ إِلَى الْمَرَافِقِ سورة المائدة آية 6 ، غَسْلَ الْيَدَيْنِ إِلَى الْمِرْفَقَيْنِ ، فَالْمِرْفَقَانِ غَايَةٌ لِمَا أَوْجَبَ اللَّهُ غَسْلَهُ مِنْ آخِرِ الْيَدِ ، وَالْغَايَةُ غَيْرُ دَاخِلَةٍ فِي الْحَدِّ ، كَمَا غَيْرُ دَاخِلٍ اللَّيْلُ فِيمَا أَوْجَبَ اللَّهُ تَعَالَى عَلَى عِبَادِهِ مِنَ الصَّوْمِ بِقَوْلِهِ : ثُمَّ أَتِمُّوا الصِّيَامَ إِلَى اللَّيْلِ سورة البقرة آية 187 ؛ لأَنَّ اللَّيْلَ غَايَةٌ لِصَوْمِ الصَّائِمِ ، إِذَا بَلَغَهُ فَقَدْ قَضَى مَا عَلَيْهِ قَالُوا : فَكَذَلِكَ الْمَرَافِقُ فِي قَوْلِهِ : فَاغْسِلُوا وُجُوهَكُمْ وَأَيْدِيَكُمْ إِلَى الْمَرَافِقِ سورة المائدة آية 6 ، غَايَةٌ لِمَا أَوْجَبَ اللَّهُ غَسْلَهُ مِنَ الْيَدِ .