ذكر من قال ذلك وذكر بعض الروايات التي رويت عن رسول الله صلى الله عليه وسلم بتصحيحه


تفسير

رقم الحديث : 20140

حَدَّثَنِي حَدَّثَنِي عَلِيُّ بْنُ سَهْلٍ ، قَالَ : ثنا حَجَّاجٌ ، قَالَ : أَخْبَرَنَا أَبُو جَعْفَرٍ الرَّازِيُّ ، عَنِ الرَّبِيعِ بْنِ أَنَسٍ ، عَنْ أَبِي الْعَالِيَةِ الرِّيَاحِيِّ ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ ، أَوْ غَيْرِهِ شَكَّ أَبُو جَعْفَرٍ فِي قَوْلِ اللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ : " سُبْحَانَ الَّذِي أَسْرَى بِعَبْدِهِ لَيْلا مِنَ الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ إِلَى الْمَسْجِدِ الأَقْصَى الَّذِي بَارَكْنَا حَوْلَهُ لِنُرِيَهُ مِنْ آيَاتِنَا إِنَّهُ هُوَ السَّمِيعُ الْبَصِيرُ سورة الإسراء آية 1 . قَالَ : جَاءَ جِبْرِيلُ إِلَى النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَمَعَهُ مِيكَائِيلُ ، فَقَالَ جِبْرِيلُ لِمِيكَائِيلَ : ائْتِنِي بِطَسْتٍ مِنْ مَاءِ زَمْزَمَ كَيْمَا أُطَهِّرَ قَلْبَهُ وَأَشْرَحَ لَهُ صَدْرَهُ ، قَالَ : فَشَقَّ عَنْهُ بَطْنَهُ ، فَغَسَلَهُ ثَلاثَ مَرَّاتٍ ، وَاخْتَلَفَ إِلَيْهِ مِيكَائِيلُ بِثَلاثِ طِسَاسٍ مِنْ مَاءِ زَمْزَمَ ، فَشَرَحَ صَدْرَهُ ، وَنَزَعَ مَا كَانَ فِيهِ مِنْ غِلٍّ ، وَمَلأَهُ حِلْمًا وَعِلْمًا وَإِيمَانًا وَيَقِينًا وَإِسْلامًا ، وَخَتَمَ بَيْنَ كَتِفَيْهِ بِخَاتَمِ النُّبُوَّةِ ، ثُمَّ أَتَاهُ بِفَرَسٍ فَحُمِلَ عَلَيْهِ ، كُلُّ خُطْوَةٍ مِنْهُ مُنْتَهَى بَصَرِهِ أَوْ أَقْصَى بَصَرِهِ ، قَالَ : فَسَارَ وَسَارَ مَعَهُ جِبْرِيلُ عَلَيْهِ السَّلامُ ، فَأَتَى عَلَى قَوْمٍ يَزْرَعُونَ فِي يَوْمٍ وَيَحْصُدُونَ فِي يَوْمٍ ، كُلَّمَا حَصَدُوا عَادَ كَمَا كَانَ ، فَقَالَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : " يَا جِبْرِيلُ مَا هَذَا ؟ " قَالَ : هَؤُلاءِ الْمُجَاهِدُونَ فِي سَبِيلِ اللَّهِ ، تُضَاعَفُ لَهُمُ الْحَسَنَةُ بِسَبْعِ مِائَةِ ضِعْفٍ ، وَمَا أَنْفَقُوا مِنْ شَيْءٍ فَهُوَ يَخْلُفُهُ وَهُوَ خَيْرُ الرَّازِقِينَ ، ثُمَّ أَتَى عَلَى قَوْمٍ تُرْضَخُ رُءُوسُهُمْ بِالصَّخْرِ ، كُلَّمَا رُضِخَتْ عَادَتْ كَمَا كَانَتْ ، وَلا يُفَتَّرُ عَنْهُمْ مِنْ ذَلِكَ شَيْءٌ ، فَقَالَ : " مَا هَؤُلاءِ يَا جِبْرِيلُ ؟ " قَالَ : هَؤُلاءِ الَّذِينَ تَتَثَاقَلُ رُءُوسُهُمْ عَنِ الصَّلاةِ الْمَكْتُوبَةِ ، ثُمَّ أَتَى عَلَى قَوْمٍ عَلَى أَقْبَالِهِمْ رِقَاعٌ ، وَعَلَى أَدْبَارِهِمْ رِقَاعٌ ، يَسْرَحُونَ كَمَا تَسْرَحُ الإِبِلُ وَالْغَنَمُ ، وَيَأْكُلُونَ الضَّرِيعَ وَالزَّقُّومَ وَرَضَفَ جَهَنَّمَ وَحِجَارَتَهَا ، قَالَ : " مَا هَؤُلاءِ يَا جِبْرِيلُ ؟ " قَالَ : هَؤُلاءِ الَّذِينَ لا يُؤَدُّونَ صَدَقَاتِ أَمْوَالِهِمْ ، وَمَا ظَلَمَهُمُ اللَّهُ شَيْئًا ، وَمَا اللَّهُ بِظَلامٍ لِلْعَبِيدِ ، ثُمَّ أَتَى عَلَى قَوْمٍ بَيْنَ أَيْدِيهِمْ لَحْمٌ نَضِيجٌ فِي قُدُورٍ ، وَلَحْمٌ آخَرُ نَيِّئٌ قَذِرٌ خَبِيثٌ ، فَجَعَلُوا يَأْكُلُونَ مِنَ النَّيِّئِ ، وَيَدَعُونَ النَّضِيجَ الطَّيِّبَ ، فَقَالَ : " مَا هَؤُلاءِ يَا جِبْرِيلُ ؟ " قَالَ : هَذَا الرَّجُلُ مِنْ أُمَّتِكَ ، تَكُونُ عِنْدَهُ الْمَرْأَةُ الْحَلالُ الطَّيِّبُ ، فَيَأْتِي امْرَأَةً خَبِيثَةً ، فَيَبِيتُ عِنْدَهَا حَتَّى يُصْبِحَ ، وَالْمَرْأَةُ تَقُومُ مِنْ عِنْدِ زَوْجِهَا حَلالا طَيِّبًا ، فَتَأْتِي رَجُلا خَبِيثًا ، فَتَبِيتُ مَعَهُ حَتَّى تُصْبِحَ . قَالَ : ثُمَّ أَتَى عَلَى خَشَبَةٍ عَلَى الطَّرِيقِ ، لا يَمُرُّ بِهَا ثَوْبٌ إِلا شَقَّتْهُ ، وَلا شَيْءٌ إِلا خَرَقَتْهُ ، قَالَ : " مَا هَذَا يَا جِبْرِيلُ ؟ " قَالَ : هَذَا مَثَلُ أَقْوَامٍ مِنْ أُمَّتِكَ يَقْعُدُونَ عَلَى الطَّرِيقِ فَيَقْطَعُونَهُ . ثُمَّ تَلا : " وَلا تَقْعُدُوا بِكُلِّ صِرَاطٍ تُوعِدُونَ سورة الأعراف آية 86 . ثُمَّ أَتَى عَلَى رَجُلٍ قَدْ جَمَعَ حُزْمَةً عَظِيمَةً لا يَسْتَطِيعُ حَمْلَهَا ، وَهُوَ يَزِيدُ عَلَيْهَا ، فَقَالَ : " مَا هَذَا يَا جِبْرِيلُ ؟ " قَالَ : هَذَا الرَّجُلُ مِنْ أُمَّتِكَ تَكُونُ عَلَيْهِ أَمَانَاتُ النَّاسِ لا يَقْدِرُ عَلَى أَدَائِهَا ، وَهُوَ يُرِيدُ أَنْ يَحْمِلَ عَلَيْهَا . ثُمَّ أَتَى عَلَى قَوْمٍ تُقْرَضُ أَلْسِنَتُهُمْ وَشِفَاهُهُمْ بِمَقَارِيضَ مِنْ حَدِيدٍ ، كُلَّمَا قُرِضَتْ عَادَتْ كَمَا كَانَتْ لا يُفَتَّرُ عَنْهُمْ مِنْ ذَلِكَ شَيْءٌ ، قَالَ : " مَا هَؤُلاءِ يَا جِبْرِيلُ ؟ " قَالَ : هَؤُلاءِ خُطَبَاءُ الْفِتْنَةِ . ثُمَّ أَتَى عَلَى جُحْرٍ صَغِيرٍ يَخْرُجُ مِنْهُ ثَوْرٌ عَظِيمٌ ، فَجَعَلَ الثَّوْرُ يُرِيدُ أَنْ يَرْجِعَ مِنْ حَيْثُ خَرَجَ فَلا يَسْتَطِيعُ ، فَقَالَ : " مَا هَذَا يَا جِبْرِيلُ ؟ " قَالَ : هَذَا الرَّجُلُ يَتَكَلَّمُ بِالْكَلِمَةِ الْعَظِيمَةِ ، ثُمَّ يَنْدَمُ عَلَيْهَا ، فَلا يَسْتَطِيعُ أَنْ يَرُدَّهَا . ثُمَّ أَتَى عَلَى وَادٍ ، فَوَجَدَ رِيحًا طَيِّبَةً بَارِدَةً ، وَرِيحَ الْمِسْكِ ، وَسَمِعَ صَوْتًا ، فَقَالَ : " يَا جِبْرِيلُ مَا هَذِهِ الرِّيحُ الطَّيِّبَةُ الْبَارِدَةُ رِيحُ الْمِسْكِ ؟ وَمَا هَذَا الصَّوْتُ ؟ " قَالَ : هَذَا صَوْتُ الْجَنَّةِ ، تَقُولُ : يَا رَبِّ ، آتِنِي مَا وَعَدْتَنِي ، فَقَدْ كَثُرَتْ غُرَفِي ، وَإِسْتَبْرَقِي وَحَرِيرِي ، وَسُنْدُسِي وَعَبْقَرِيِّي ، وَلُؤْلُؤِي وَمَرْجَانِي ، وَفِضَّتِي وَذَهَبِي ، وَأَكْوَابِي وَصِحَافِي وَأَبَارِيقِي ، وَفَوَاكِهِي وَنَخْلِي وَرُمَّانِي ، وَلِبَنِي وَخَمْرِي ، فَآتِنِي مَا وَعَدْتَنِي ، فَقَالَ : لَكِ كُلُّ مُسْلِمٍ وَمَسْلَمَةٍ ، وَمُؤْمِنٍ وَمُؤْمِنَةٍ ، وَمَنْ آمَنَ بِي وَبِرُسُلِي ، وَعَمِلَ صَالِحًا وَلَمْ يُشْرِكْ بِي ، وَلَمْ يَتَّخِذْ مِنْ دُونِي أَنْدَادًا ، وَمَنْ خَشِيَنِي فَهُوَ آمِنٌ ، وَمَنْ سَأَلَنِي أَعْطَيْتُهُ ، وَمَنْ أَقْرَضَنِي جَزَيْتُهُ ، وَمَنْ تَوَكَّلَ عَلَيَّ كَفَيْتُهُ ، إِنِّي أَنَا اللَّهُ لا إِلَهَ إِلا أَنَا ، لا أُخْلِفُ الْمِيعَادَ ، وَقَدْ أَفْلَحَ الْمُؤْمِنُونَ ، وَتَبَارَكَ اللَّهُ أَحْسَنُ الْخَالِقِينَ ، قَالَتْ : قَدْ رَضِيتُ . ثُمَّ أَتَى عَلَى وَادٍ فَسَمِعَ صَوْتًا مُنْكَرًا ، وَوَجَدَ رِيحًا مُنْتِنَةً ، فَقَالَ : مَا هَذِهِ الرِّيحُ يَا جِبْرِيلُ وَمَا هَذَا الصَّوْتُ ؟ " قَالَ : هَذَا صَوْتُ جَهَنَّمَ ، تَقُولُ : يَا رَبِّ آتِنِي مَا وَعَدْتَنِي ، فَقَدْ كَثُرَتْ سَلاسِلِي وَأَغْلالِي ، وَسَعِيرِي وَجَحِيمِي ، وَضَرِيعِي وَغَسَّاقِي ، وَعَذَابِي وَعِقَابِي ، وَقَدْ بَعُدَ قَعْرِي ، وَاشْتَدَّ حَرِّي ، فَآتِنِي مَا وَعَدْتَنِي ، قَالَ : لَكِ كُلُّ مُشْرِكٍ وَمُشْرِكَةٍ ، وَكَافِرٍ وَكافرةٍ ، وَكُلُّ خَبِيثٍ وَخَبِيثَةٍ ، وَكُلُّ جُبَارٍ لا يُؤْمِنُ بِيَوْمِ الْحِسَابِ ، قَالَتْ : قَدْ رَضِيتُ . قَالَ : ثُمَّ سَارَ حَتَّى أَتَى بَيْتَ الْمَقْدِسِ ، فَنَزَلَ فَرَبَطَ فَرَسَهُ إِلَى صَخْرَةٍ ، ثُمَّ دَخَلَ فَصَلَّى مَعَ الْمَلائِكَةِ ، فَلَمَّا قَضَيْتُ الصَّلاةَ . قَالُوا : يَا جِبْرِيلُ مَنْ هَذَا مَعَكَ ؟ قَالَ : مُحَمَّدٌ ، فَقَالُوا : أَوَقَدْ أُرْسِلَ مُحَمَّدٌ ؟ قَالَ : نَعَمْ ، قَالُوا : حَيَّاهُ اللَّهُ مِنْ أَخٍ وَمِنْ خَلِيفَةٍ ، فَنِعْمَ الأَخُ وَنِعْمَ الْخَلِيفَةُ ، وَنِعْمَ الْمَجِيءُ جَاءَ ، قَالَ : ثُمَّ لَقِيَ أَرْوَاحَ الأَنْبِيَاءِ فَأَثْنَوْا عَلَى رَبِّهِمْ ، فَقَالَ إِبْرَاهِيمُ : الْحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِي اتَّخَذَنِي خَلِيلا . وَأَعْطَانِي مُلْكًا عَظِيمًا ، وَجَعَلَنِي أُمَّةً قَانِتًا لِلَّهِ يُؤْتَمُّ بِي ، وَأَنْقَذَنِي مِنَ النَّارِ ، وَجَعَلَهَا عَلَيَّ بَرْدًا وَسَلامًا ، ثُمَّ إِنَّ مُوسَى أَثْنَى عَلَى رَبِّهِ ، فَقَالَ : الْحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِي كَلَّمَنِي تَكْلِيمًا ، وَجَعَلَ هَلاكَ آلِ فِرْعَوْنَ وَنَجَاةَ بَنِي إِسْرَائِيلَ عَلَى يَدَيَّ ، وَجَعَلَ مِنْ أُمَّتِي قَوْمًا يَهْدُونَ بِالْحَقِّ وَبِهِ يَعْدِلُونَ ، ثُمَّ إِنَّ دَاوُدَ عَلَيْهِ السَّلامُ أَثْنَى عَلَى رَبِّهِ ، فَقَالَ : الْحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِي جَعَلَ لِي مُلْكًا عَظِيمًا وَعَلَّمَنِي الزَّبُورَ ، وَأَلانَ لِيَ الْحَدِيدَ ، وَسَخَّرَ لِيَ الْجِبَالَ يُسَبِّحْنَ وَالطَّيْرَ ، وَأَعْطَانِي الْحِكْمَةَ وَفَصْلَ الْخِطَابِ ، ثُمَّ إِنَّ سُلَيْمَانَ أَثْنَى عَلَى رَبِّهِ ، فَقَالَ : الْحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِي سَخَّرَ لِيَ الرِّيَاحَ ، وَسَخَّرَ لِيَ الشَّيَاطِينَ ، يَعْمَلُونَ لِي مَا شِئْتُ مِنْ مَحَارِيبَ وَتَمَاثِيلَ وَجِفَانٍ كَالْجَوَابِ ، وَقُدُورٍ رَاسِيَاتٍ ، وَعَلَّمَنِي مَنْطِقَ الطَّيْرِ ، وَآتَانِي مِنْ كُلِّ شَيْءٍ فَضْلا ، وَسَخَّرَ لِي جُنُودَ الشَّيَاطِينِ وَالإِنْسِ وَالطَّيْرِ ، وَفَضَّلَنِي عَلَى كَثِيرٍ مِنْ عِبَادِهِ الْمُؤْمِنِينَ ، وَآتَانِي مُلْكًا عَظِيمًا لا يَنْبَغِي لأَحَدٍ مِنْ بَعْدِي ، وَجَعَلَ مُلْكِي مُلْكًا طَيِّبًا لَيْسَ عَلَيَّ فِيهِ حِسَابٌ . ثُمَّ إِنَّ عِيسَى عَلَيْهِ السَّلامُ أَثْنَى عَلَى رَبِّهِ ، فَقَالَ : الْحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِي جَعَلَنِي كَلِمَتَهُ وَجَعَلَ مَثَلِي مَثَلَ آدَمَ خَلَقَهُ مِنْ تُرَابٍ ، ثُمَّ قَالَ لَهُ : كُنْ فَيَكُونُ ، وَعَلَّمَنِي الْكِتَابَ وَالْحِكْمَةَ وَالتَّوْرَاةَ وَالإِنْجِيلَ ، وَجَعَلَنِي أَخْلُقُ مِنَ الطِّينِ كَهَيْئَةِ الطَّيْرِ ، فَأَنْفُخُ فِيهِ فَيَكُونُ طَيْرًا بِإِذْنِ اللَّهِ ، وَجَعَلَنِي أُبْرِئُ الأَكْمَهَ وَالأَبْرَصَ ، وَأُحْيِي الْمَوْتَى بِإِذْنِ اللَّهِ ، وَرَفَعَنِي وَطَهَّرني ، وَأَعَاذَنِي وَأُمِّي مِنَ الشَّيْطَانِ الرَّجِيمِ ، فَلَمْ يَكُنْ لِلشَّيْطَانِ عَلَيْنَا سَبِيلٌ ، قَالَ : ثُمَّ إِنَّ مُحَمَّدًا صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَثْنَى عَلَى رَبِّهِ ، فَقَالَ : " كُلُّكُمْ أَثْنَى عَلَى رَبِّهِ ، وَأَنَا مُثْنٍ عَلَى رَبِّي " ، فَقَالَ : " الْحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِي أَرْسَلَنِي رَحْمَةً لِلْعَالَمِينَ ، وَكَافَّةً لِلنَّاسِ بَشِيرًا وَنَذِيرًا ، وَأَنْزَلَ عَلَيَّ الْفُرْقَانَ فِيهِ تِبْيَانُ كُلِّ شَيْءٍ ، وَجَعَلَ أُمَّتِي خَيْرَ أُمَّةٍ أُخْرِجَتْ لِلنَّاسِ ، وَجَعَلَ أُمَّتِي وَسَطًا ، وَجَعَلَ أُمَّتِي هُمُ الأَوَّلِينَ وَهُمُ الآخِرِينَ ، وَشَرَحَ لِي صَدْرِي ، وَوَضَعَ عَنِّي وِزْرِي وَرَفَعَ لِي ذِكْرِي ، وَجَعَلَنِي فَاتِحًا خَاتَمًا " ، قَالَ إِبْرَاهِيمُ : بِهَذَا فَضَلَكُمْ مُحَمَّدٌ ، قَالَ أَبُو جَعْفَرٍ وَهُوَ الرَّازِيُّ : خَاتَمُ النُّبُوَّةِ ، وَفَاتِحٌ بِالشَّفَاعَةِ يَوْمَ الْقِيَامَةِ ، ثُمَّ أُتِيَ إِلَيْهِ بِآنِيَةٍ ثَلاثَةٍ مُغَطَّاةٍ أَفْوَاهُهَا ، فَأُتِيَ بِإِنَاءٍ مِنْهَا فِيهِ مَاءٌ ، فَقِيلَ : اشْرَبْ ، فَشَرِبَ مِنْهُ يَسِيرًا ، ثُمَّ دَفَعَ إِلَيْهِ إِنَاءً آخَرَ فِيهِ لَبَنٌ ، فَقِيلَ لَهُ : اشْرَبْ ، فَشَرِبَ مِنْهُ حَتَّى رَوِيَ ، ثُمَّ دَفَعَ إِلَيْهِ إِنَاءً آخَرَ فِيهِ خَمْرٌ ، فَقِيلَ لَهُ : اشْرَبْ ، فَقَالَ : " لا أُرِيدُهُ ، قَدْ رَوِيتُ " ، فَقَالَ لَهُ جِبْرِيلُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : أَمَا إِنَّهَا سَتُحَرَّمُ عَلَى أُمَّتِكَ ، وَلَوْ شَرِبْتَ مِنْهَا لَمْ يَتَّبِعْكَ مِنْ أُمَّتِكَ إِلا قَلِيلٌ ، ثُمَّ صَعِدَ بِهِ إِلَى السَّمَاءِ ، فَاسْتَفْتَحَ ، فَقِيلَ : مَنْ هَذَا ، يَا جِبْرِيلُ ؟ فَقَالَ : مُحَمَّدٌ ، قَالُوا : وَقَدْ أُرْسِلَ إِلَيْهِ ؟ قَالَ : نَعَمْ ، قَالُوا : حَيَّاهُ اللَّهُ مِنْ أَخٍ وَمِنْ خَلِيفَةٍ ، فَنِعْمَ الأَخُ ، وَنِعْمَ الْخَلِيفَةُ ، وَنِعْمَ الْمَجِيءُ جَاءَ ، فَدَخَلَ فَإِذَا هُوَ بِرَجُلٍ تَامِّ الْخَلْقِ لَمْ يَنْقُصْ مِنْ خَلْقِهِ شَيْءٌ ، كَمَا يَنْقُصُ مِنْ خَلْقِ النَّاسِ ، عَلَى يَمِينِهِ بَابٌ يَخْرُجُ مِنْهُ رِيحٌ طَيِّبَةٌ ، وَعَنْ شِمَالِهِ بَابٌ يَخْرُجُ مِنْهُ رِيحٌ خَبِيثَةٌ ، إِذَا نَظَرَ إِلَى الْبَابِ الَّذِي عَنْ يَمِينِهِ ضَحِكَ وَاسْتَبْشَرَ ، وَإِذَا نَظَرَ إِلَى الْبَابِ الَّذِي عَنْ شِمَالِهِ بَكَى وَحَزِنَ ، فَقُلْتُ : " يَا جِبْرِيلُ مَنْ هَذَا الشَّيْخُ التَّامُّ الْخَلْقِ الَّذِي لَمْ يَنْقُصْ مِنْ خَلْقِهِ شَيْءٌ ، وَمَا هَذَانِ الْبَابَانِ ؟ " قَالَ : هَذَا أَبُوكَ آدَمُ ، وَهَذَا الْبَابُ الَّذِي عَنْ يَمِينِهِ بَابُ الْجَنَّةِ ، إِذَا نَظَرَ إِلَى مَنْ يَدْخُلُهُ مِنْ ذُرِّيَّتِهِ ضَحِكَ وَاسْتَبْشَرَ ، وَالْبَابُ الَّذِي عَنْ شِمَالِهِ بَابُ جَهَنَّمَ ، إِذَا نَظَرَ إِلَى مَنْ يَدْخُلُهُ مِنْ ذُرِّيَّتِهِ بَكَى وَحَزِنَ ، ثُمَّ صَعِدَ بِهِ جِبْرِيلُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِلَى السَّمَاءِ الثَّانِيَةِ ، فَاسْتَفْتَحَ ، فَقِيلَ : مَنْ هَذَا مَعَكَ ؟ قَالَ : مُحَمَّدٌ رَسُولُ اللَّهِ ، فَقَالُوا : وَقَدْ أُرْسِلَ مُحَمَّدٌ ؟ قَالَ : نَعَمْ ، قَالُوا : حَيَّاهُ اللَّهُ مِنْ أَخٍ وَمِنْ خَلِيفَةٍ ، فَنِعْمَ الأَخُ ، وَنِعْمَ الْخَلِيفَةُ ، وَنِعْمَ الْمَجِيءُ جَاءَ ، قَالَ : فَإِذَا هُوَ بِشَابَّيْنِ ، فَقَالَ : " يَا جِبْرِيلُ مَنْ هَذَانِ الشَّابَّانِ ؟ " قَالَ : هَذَا عِيسَى ابْنُ مَرْيَمَ ، وَيَحْيَى بْنُ زَكَرِيَّا ، ابْنَا الْخَالَةِ . قَالَ : فَصَعِدَ بِهِ إِلَى السَّمَاءِ الثَّالِثَةِ ، فَاسْتَفْتَحَ ، فَقَالُوا : مَنْ هَذَا ؟ قَالَ : جِبْرِيلُ ، قَالُوا : وَمَنْ مَعَكَ ؟ قَالَ : مُحَمَّدٌ ، قَالُوا : أَوَقَدْ أُرْسِلَ ؟ قَالَ : نَعَمْ ، قَالُوا : حَيَّاهُ اللَّهُ مِنْ أَخٍ وَمِنْ خَلِيفَةٍ ، فَنِعْمَ الأَخُ ، وَنِعْمَ الْخَلِيفَةُ ، وَنِعْمَ الْمَجِيءُ جَاءَ ، قَالَ : فَدَخَلَ فَإِذَا هُوَ بِرَجُلٍ قَدْ فُضِّلَ عَلَى النَّاسِ كُلِّهِمْ فِي الْحُسْنِ كَمَا فُضِّلَ الْقَمَرُ لَيْلَةَ الْبَدْرِ عَلَى سَائِرِ الْكَوَاكِبِ ، قَالَ : " مَنْ هَذَا يَا جِبْرِيلُ الَّذِي فُضِّلَ عَلَى النَّاسِ فِي الْحُسْنِ ؟ " قَالَ : هَذَا أَخُوكَ يُوسُفُ ، ثُمَّ صَعِدَ بِهِ إِلَى السَّمَاءِ الرَّابِعَةِ ، فَاسْتَفْتَحَ ، فَقِيلَ : مَنْ هَذَا ؟ قَالَ : جِبْرِيلُ ، قَالُوا : وَمَنْ مَعَكَ ؟ قَالَ : مُحَمَّدٌ ، قَالُوا : أَوَقَدْ أُرْسِلَ ؟ قَالَ : نَعَمْ ، قَالُوا : حَيَّاهُ اللَّهُ مِنْ أَخٍ وَمِنْ خَلِيفَةٍ ، فَنِعْمَ الأَخُ ، وَنِعْمَ الْخَلِيفَةُ ، وَنِعْمَ الْمَجِيءُ جَاءَ ، قَالَ : فَدَخَلَ ، فَإِذَا هُوَ بِرَجُلٍ ، قَالَ : " مَنْ هَذَا يَا جِبْرِيلُ ؟ " قَالَ : هَذَا إِدْرِيسُ رَفَعَهُ اللَّهُ مَكَانًا عَلِيًّا . ثُمَّ صَعِدَ بِهِ إِلَى السَّمَاءِ الْخَامِسَةِ ، فَاسْتَفْتَحَ ، فَقَالُوا : مَنْ هَذَا ؟ فَقَالَ : جِبْرِيلُ ، قَالُوا : وَمَنْ مَعَكَ ؟ قَالَ : مُحَمَّدٌ ، قَالُوا : أَوَقَدْ أُرْسِلَ ؟ قَالَ : نَعَمْ ، قَالُوا : حَيَّاهُ اللَّهُ مِنْ أَخٍ وَمِنْ خَلِيفَةٍ ، فَنِعْمَ الأَخُ ، وَنِعْمَ الْخَلِيفَةُ ، وَنِعْمَ الْمَجِيءُ جَاءَ ، ثُمَّ دَخَلَ فَإِذَا هُوَ بِرَجُلٍ جَالِسٍ وَحَوْلَهُ قَوْمٌ يَقُصُّ عَلَيْهِمْ ، قَالَ : " مَنْ هَذَا يَا جِبْرِيلُ وَمَنْ هَؤُلاءِ الَّذِينَ حَوْلَهُ ؟ " قَالَ : هَذَا هَارُونُ الْمُحَبَّبُ فِي قَوْمِهِ ، وَهَؤُلاءِ بَنُو إِسْرَائِيلَ ، ثُمَّ صَعِدَ بِهِ إِلَى السَّمَاءِ السَّادِسَةِ ، فَاسْتَفْتَحَ ، فَقِيلَ لَهُ : مَنْ هَذَا ؟ قَالَ : جِبْرِيلُ ، قَالُوا : وَمَنْ مَعَكَ ؟ قَالَ : مُحَمَّدٌ ، قَالُوا : أَوَقَدْ أُرْسِلَ ؟ قَالَ : نَعَمْ ، قَالُوا : حَيَّاهُ اللَّهُ مِنْ أَخٍ وَمِنْ خَلِيفَةٍ ، فَنِعْمَ الأَخُ ، وَنِعْمَ الْخَلِيفَةُ ، وَنِعْمَ الْمَجِيءُ جَاءَ ، فَإِذَا هُوَ بِرَجُلٍ جَالِسٍ ، فَجَاوَزَهُ ، فَبَكَى الرَّجُلُ ، فَقَالَ : " يَا جِبْرِيلُ مَنْ هَذَا ؟ " قَالَ : مُوسَى ، قَالَ : " فَمَا بَالُهُ يَبْكِي ؟ " قَالَ : تَزْعُمُ بَنُو إِسْرَائِيلَ أَنِّي أَكْرَمُ بَنِي آدَمَ عَلَى اللَّهِ ، وَهَذَا رَجُلٌ مِنْ بَنِي آدَمَ قَدْ خَلَفَنِي فِي دُنْيَا ، وَأَنَا فِي أُخْرَى ، فَلَوْ أَنَّهُ بِنَفْسِهِ لَمْ أُبَالِ ، وَلَكِنْ مَعَ كُلِّ نَبِيٍّ أُمَّتُهُ ، قَالَ : ثُمَّ صَعِدَ بِهِ إِلَى السَّمَاءِ السَّابِعَةِ ، فَاسْتَفْتَحَ ، فَقِيلَ لَهُ : مَنْ هَذَا ؟ قَالَ : جِبْرِيلُ ، قِيلَ : وَمَنْ مَعَكَ ؟ قَالَ : مُحَمَّدٌ ، قَالُوا : أَوَقَدْ أُرْسِلَ ؟ قَالَ : نَعَمْ ، قَالُوا : حَيَّاهُ اللَّهُ مِنْ أَخٍ وَمِنْ خَلِيفَةٍ ، فَنِعْمَ الأَخُ ، وَنِعْمَ الْخَلِيفَةُ ، وَنِعْمَ الْمَجِيءُ جَاءَ ، قَالَ : فَدَخَلَ فَإِذَا هُوَ بِرَجُلٍ أَشْمَطَ جَالِسٍ عِنْدَ بَابِ الْجَنَّةِ عَلَى كُرْسِيٍّ ، وَعِنْدَهُ قَوْمٌ جُلُوسٌ بِيضُ الْوُجُوهِ ، أَمْثَالُ الْقَرَاطِيسِ ، وَقَوْمٌ فِي أَلْوَانِهِمْ شَيْءٌ ، فَقَامَ هَؤُلاءِ الَّذِينَ فِي أَلْوَانِهِمْ شَيْءٌ ، فَدَخَلُوا نَهْرًا فَاغْتَسِلُوا فِيهِ ، فَخَرَجُوا وَقَدْ خَلَصَ مِنْ أَلْوَانِهِمْ شَيْءٌ ، ثُمَّ دَخَلُوا نَهْرًا آخَرَ ، فَاغْتَسَلُوا فِيهِ ، فَخَرَجُوا وَقَدْ خَلُصَ مِنْ أَلْوَانِهِمْ شَيْءٌ ، ثُمَّ دَخَلُوا نَهْرًا آخَرَ فَاغْتَسَلُوا فِيهِ ، فَخَرَجُوا وَقَدْ خَلَصَ مِنْ أَلْوَانِهِمْ ، فَصَارَتْ مِثْلَ أَلْوَانِ أَصْحَابِهِمْ ، فَجَاءُوا فَجَلَسُوا إِلَى أَصْحَابِهِمْ ، فَقَالَ : " يَا جِبْرِيلُ مَنْ هَذَا الأَشْمَطُ ، ثُمَّ مَنْ هَؤُلاءِ الْبِيضُ وُجُوهُهُمْ ، وَمَنْ هَؤُلاءِ الَّذِينَ فِي أَلْوَانِهِمْ شَيْءٌ ، وَمَا هَذِهِ الأَنْهَارُ الَّتِي دَخَلُوا ، فَجَاءُوا وَقَدْ صَفَتْ أَلْوَانُهُمْ ؟ " قَالَ : هَذَا أَبُوكَ إِبْرَاهِيمُ أَوَّلُ مَنْ شَمِطَ عَلَى الأَرْضِ ، وَأَمَّا هَؤُلاءِ الْبِيضُ الْوُجُوهِ : فَقَوْمٌ لَمْ يَلْبِسُوا إِيمَانَهُمْ بِظُلْمٍ ، وَأَمَّا هَؤُلاءِ الَّذِينَ فِي أَلْوَانِهِمْ شَيْءٌ ، فَقَوْمٌ خَلَطُوا عَمَلا صَالِحًا وَآخَرَ سَيِّئًا ، فَتَابُوا ، فَتَابَ اللَّهُ عَلَيْهِمْ ، وَأَمَّا الأَنْهَارُ : فَأَوَّلُهَا رَحْمَةُ اللَّهِ ، وَثَانِيهَا : نِعْمَةُ اللَّهِ ، وَالثَّالِثُ : سَقَاهُمْ رَبُّهُمْ شَرَابًا طَهُورًا . قَالَ : ثُمَّ انْتَهَى إِلَى السِّدْرَةِ ، فَقِيلَ لَهُ : هَذِهِ السِّدْرَةُ يَنْتَهِي إِلَيْهَا كُلُّ أَحَدٍ خَلا مِنْ أُمَّتِكَ عَلَى سُنَّتِكَ ، فَإِذَا هِيَ شَجَرَةٌ يَخْرُجُ مِنْ أَصْلِهَا أَنْهَارٌ مِنْ مَاءٍ غَيْرِ آسِنٍ ، وَأَنْهَارٌ مِنْ لَبَنٍ لَمْ يَتَغَيَّرْ طَعْمُهُ ، وَأَنْهَارٌ مِنْ خَمْرٍ لَذَّةٍ لِلشَّارِبِينَ ، وَأَنْهَارٌ مِنْ عَسَلٍ مُصَفًّى ، وَهِيَ شَجَرَةٌ يَسِيرُ الرَّاكِبُ فِي ظِلِّهَا سَبْعِينَ عَامًا لا يَقْطَعُهَا ، وَالْوَرَقَةُ مِنْهَا مُغَطِّيَةٌ لِلأُمَّةِ كُلِّهَا ، قَالَ : فَغَشِيَهَا نُورُ الْخَلاقِ عَزَّ وَجَلَّ ، وَغَشِيَتْهَا الْمَلائِكَةُ أَمْثَالُ الْغِرْبَانِ حِينَ يَقَعْنَ عَلَى الشَّجَرَةِ ، قَالَ : فَكَلَّمَهُ عِنْدَ ذَلِكَ ، فَقَالَ لَهُ : سَلْ ، فَقَالَ : " اتَّخَذْتَ إِبْرَاهِيمَ خَلِيلا ، وَأَعْطَيْتَهُ مُلْكًا عَظِيمًا ، وَكَلَّمْتَ مُوسَى تَكْلِيمًا ، وَأَعْطَيْتَ دَاوُدَ مُلْكًا عَظِيمًا ، وَأَلَنْتَ لَهُ الْحَدِيدَ ، وَسَخَّرْتَ لَهُ الْجِبَالَ ، وَأَعْطَيْتَ سُلَيْمَانَ مُلْكًا عَظِيمًا ، وَسَخَّرْتَ لَهُ الْجِنَّ وَالإِنْسَ وَالشَّيَاطِينَ ، وَسَخَّرْتَ لَهُ الرِّيَاحَ ، وَأَعْطَيْتَهُ مُلْكًا لا يَنْبَغِي لأَحَدٍ مِنْ بَعْدِهِ ، وَعَلَّمْتَ عِيسَى التَّوْرَاةَ وَالإِنْجِيلَ ، وَجَعَلْتَهُ يُبْرِئُ الأَكْمَهَ وَالأَبْرَصَ ، وَيُحْيِي الْمَوْتَى بِإِذْنِ اللَّهِ ، وَأَعَذْتَهُ وَأُمَّهُ مِنَ الشَّيْطَانِ الرَّجِيمِ ، فَلَمْ يَكُنْ لِلشَّيْطَانِ عَلَيْهِمَا سَبِيلٌ " . فَقَالَ لَهُ رَبُّهُ : قَدِ اتَّخَذْتُكَ خَلِيلا ، وَهُوَ مَكْتُوبٌ فِي التَّوْرَاةِ : حَبِيبُ اللَّهِ ، وَأَرْسَلْتُكَ إِلَى النَّاسِ كَافَّةً بَشِيرًا وَنَذِيرًا ، وَشَرَحْتُ لَكَ صَدْرَكَ ، وَوَضَعْتُ عَنْكَ وِزْرَكَ ، وَرَفَعْتُ لَكَ ذِكْرَكَ ، فَلا أُذْكَرُ إِلا ذُكِرْتَ مَعِي ، وَجَعَلْتُ أُمَّتَكَ أُمَّةً وَسَطًا ، وَجَعَلْتُ أُمَّتَكَ هُمُ الأَوَّلِينَ وَهُمُ الآخِرِينَ ، وَجَعَلْتُ أُمَّتَكَ لا تَجُوزُ لَهُمْ خُطْبَةٌ حَتَّى يَشْهَدُوا أَنَّكَ عَبْدِي وَرَسُولِي ، وَجَعَلْتُ مِنْ أُمَّتِكَ أَقْوَامًا قُلُوبُهُمْ أَنَاجِيلُهُمْ ، وَجَعَلْتُكَ أَوَّلَ النَّبِيِّينَ خَلْقًا ، وَآخِرَهُمْ بَعْثًا ، وَأَوَّلَهُمْ يُقْضَى لَهُ ، وَأَعْطَيْتُكَ سَبْعًا مِنَ الْمَثَانِي ، لَمْ يُعْطَهَا نَبِيُّ قَبْلَكَ ، وَأَعْطَيْتُكَ الْكَوْثَرَ ، وَأَعْطَيْتُكَ ثَمَانِيَةَ أَسْهُمٍ : الإِسْلامَ ، وَالْهِجْرَةَ ، وَالْجِهَادَ ، وَالصَّدَقَةَ ، وَالصَّلاةَ ، وَصَوْمَ رَمَضَانَ ، وَالأَمْرَ بِالْمَعْرُوفِ ، وَالنَّهْيَ عَنِ الْمُنْكَرِ ، وَجَعَلْتُكَ فَاتِحًا وَخَاتِمًا ، فَقَالَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : " فَضَّلَنِي رَبِّي بِسِتٍّ : أَعْطَانِي فَوَاتِحَ الْكَلِمِ وَخَوَاتِيمَهُ ، وَجَوَامِعَ الْحَدِيثِ ، وَأَرْسَلَنِي إِلَى النَّاسِ كَافَّةً بَشِيرًا وَنَذِيرًا ، وَقَذَفَ فِي قُلُوبِ عَدُوِّي الرُّعْبَ مِنْ مَسِيرَةِ شَهْرٍ ، وَأُحِلَّتْ لِيَ الْغَنَائِمُ وَلَمْ تَحِلَّ لأَحَدٍ قَبْلِي ، وَجُعِلَتْ لِيَ الأَرْضُ كُلُّهَا طَهُورًا وَمَسْجِدًا ، قَالَ : وَفَرَضَ عَلَيَّ خَمْسِينَ صَلاةً " ، فَلَمَّا رَجَعَ إِلَى مُوسَى ، قَالَ : بِمَ أُمِرْتَ يَا مُحَمَّدُ ، قَالَ : " بِخَمْسِينَ صَلاةً " ، قَالَ : ارْجِعْ إِلَى رَبِّكَ فَاسْأَلْهُ التَّخْفِيفَ ، فَإِنَّ أُمَّتَكَ أَضْعَفُ الأُمَمِ ، فَقَدْ لَقِيتُ مِنْ بَنِي إِسْرَائِيلَ شِدَّةً ، قَالَ : فَرَجَعَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِلَى رَبِّهِ فَسَأَلَهُ التَّخْفِيفَ ، فَوَضَعَ عَنْهُ عَشْرًا ، ثُمَّ رَجَعَ إِلَى مُوسَى ، فَقَالَ : بِكَمْ أُمِرْتَ ؟ قَالَ : " بِأَرْبَعِينَ " ، قَالَ : ارْجِعْ إِلَى رَبِّكَ فَاسْأَلْهُ التَّخْفِيفَ ، فَإِنَّ أُمَّتَكَ أَضْعَفُ الأُمَمِ ، وَقَدْ لَقِيتُ مِنْ بَنِي إِسْرَائِيلَ شِدَّةً ، قَالَ : فَرَجَعَ إِلَى رَبِّهِ ، فَسَأَلَهُ التَّخْفِيفَ ، فَوَضَعَ عَنْهُ عَشْرًا ، فَرَجَعَ إِلَى مُوسَى ، فَقَالَ : بِكَمْ أُمِرْتَ ؟ قَالَ : " أُمِرْتُ بِثَلاثِينَ " ، فَقَالَ لَهُ مُوسَى : ارْجِعْ إِلَى رَبِّكَ فَاسْأَلْهُ التَّخْفِيفَ ، فَإِنَّ أُمَّتَكَ أَضْعَفُ الأُمَمِ ، وَقَدْ لَقِيتُ مِنْ بَنِي إِسْرَائِيلَ شِدَّةً ، قَالَ : فَرَجَعَ إِلَى رَبِّهِ فَسَأَلَهُ التَّخْفِيفَ ، فَوَضَعَ عَنْهُ عَشْرًا ، فَرَجَعَ إِلَى مُوسَى ، فَقَالَ : بِكَمْ أُمِرْتَ ؟ قَالَ : " بِعِشْرِينَ " ، قَالَ : ارْجِعْ إِلَى رَبِّكَ فَاسْأَلْهُ التَّخْفِيفَ ، فَإِنَّ أُمَّتَكَ أَضْعَفُ الأُمَمِ ، وَقَدْ لَقِيتُ مِنْ بَنِي إِسْرَائِيلَ شِدَّةً ، قَالَ : فَرَجَعَ إِلَى رَبِّهِ فَسَأَلَهُ التَّخْفِيفَ ، فَوَضَعَ عَنْهُ عَشْرًا ، فَرَجَعَ إِلَى مُوسَى ، فَقَالَ : بِكَمْ أُمِرْتَ ؟ قَالَ : " بِعَشْرٍ " ، قَالَ : ارْجِعْ إِلَى رَبِّكَ فَاسْأَلْهُ التَّخْفِيفَ ، فَإِنَّ أُمَّتَكَ أَضْعَفُ الأُمَمِ ، وَقَدْ لَقِيتُ مِنْ بَنِي إِسْرَائِيلَ شِدَّةً ، قَالَ : فَرَجَعَ عَلَى حَيَاءٍ إِلَى رَبِّهِ فَسَأَلَهُ التَّخْفِيفَ ، فَوَضَعَ عَنْهُ خَمْسًا ، فَرَجَعَ إِلَى مُوسَى ، فَقَالَ : بِكَمْ أُمِرْتَ ؟ قَالَ : " بِخَمْسٍ " ، قَالَ : ارْجِعْ إِلَى رَبِّكَ فَاسْأَلْهُ التَّخْفِيفَ ، فَإِنَّ أُمَّتَكَ أَضْعَفُ الأُمَمِ ، وَقَدْ لَقِيتُ مِنْ بَنِي إِسْرَائِيلَ شِدَّةً ، قَالَ : " قَدْ رَجَعْتُ إِلَى رَبِّي حَتَّى اسْتَحْيَيْتُ فَمَا أَنَا رَاجِعٌ إِلَيْهِ " ، فَقِيلَ لَهُ : أَمَا إِنَّكَ كَمَا صَبَّرْتَ نَفْسَكَ عَلَى خَمْسِ صَلَوَاتٍ فَإِنَّهُنَّ يَجْزِينَ عَنْكَ خَمْسِينَ صَلاةً ، فَإِنَّ كُلَّ حَسَنَةٍ بِعَشْرِ أَمْثَالِهَا ، قَالَ : فَرَضِيَ مُحَمَّدٌ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كُلَّ الرِّضَا ، فَكَانَ مُوسَى أَشَدَّهُمْ عَلَيْهِ حِينَ مَرَّ بِهِ ، وَخَيْرَهُمْ لَهُ حِينَ رَجَعَ إِلَيْهِ .

الرواه :

الأسم الرتبة
أَبِي هُرَيْرَةَ

صحابي

أَبِي الْعَالِيَةِ الرِّيَاحِيِّ

ثقة

الرَّبِيعِ بْنِ أَنَسٍ

صدوق حسن الحديث

أَبُو جَعْفَرٍ الرَّازِيُّ

مقبول

حَجَّاجٌ

ثقة ثبت

عَلِيُّ بْنُ سَهْلٍ

ثقة

Whoops, looks like something went wrong.