القول في تاويل قوله تعالى حتى اذا فتحت ياجوج وماجوج وهم من كل حدب ينسلون سورة الانبيا...


تفسير

رقم الحديث : 22638

حَدَّثَنَا ابْنُ حُمَيْدٍ ، قَالَ : ثنا سَلمَةُ ، قَالَ : ثني مُحَمَّدُ بْنُ إِسْحَاقَ ، عَمَّنْ لا يَتَّهِمُ ، عَنْ وَهْبِ بْنِ مُنَبِّهٍ الْيَمَانِيِّ ، وَغَيْرِهِ مِنْ أَهْلِ الْكُتُبِ الأُوُلِ ، " أَنَّهُ كَانَ مِنْ حَدِيثِ أَيُّوبَ أَنَّهُ كَانَ رَجُلا مِنَ الرُّومِ ، وَكَانَ اللَّهُ قَدِ اصْطَفَاهُ وَنَبَّأَهُ ، وَابْتَلاهُ فِي الْغِنَى بِكَثْرَةِ الْوَلَدِ وَالْمَالِ ، وَبَسَطَ عَلَيْهِ مِنَ الدُّنْيَا فَوَسَّعَ عَلَيْهِ فِي الرِّزْقِ . وَكَانَتْ لَهُ الْبَثَنِيَّةُ مِنْ أَرْضِ الشَّامِ ، أَعْلاهَا وَأَسْفَلُهَا , وَسَهْلُهَا وَجَبَلُهَا . وَكَانَ لَهُ فِيهَا مِنْ أَصْنَافِ الْمَالِ كُلِّهِ ، مِنَ الإِبِلِ وَالْبَقَرِ وَالْغَنَمِ وَالْخَيْلِ وَالْحَمِيرِ مَا لا يَكُونُ لِلرَّجُلِ أَفْضَلُ مِنْهُ فِي الْعِدَّةِ وَالْكَثْرَةِ . وَكَانَ اللَّهُ قَدْ أَعْطَاهُ أَهْلا وَوَلَدًا مِنْ رِجَالٍ وَنِسَاءٍ . وَكَانَ بَرًّا تَقِيًّا رَحِيمًا بِالْمَسَاكِينِ ، يُطْعِمُ الْمَسَاكِينَ , وَيَحْمِلُ الأَرَامِلَ , وَيَكْفُلُ الأَيْتَامَ , وَيُكْرِمُ الضَّيْفَ , وَيُبَلِّغُ ابْنَ السَّبِيلِ . وَكَانَ شَاكِرًا لأَنْعُمِ اللَّهِ عَلَيْهِ , مُؤَدِّيًا لَحَقِّ اللَّهِ فِي الْغِنَى , قَدِ امْتَنَعَ مِنْ عَدُوِّ اللَّهِ إِبْلِيسَ أَنْ يُصِيبَ مِنْهُ مَا أَصَابَ مِنْ أَهْلِ الْغِنَى مِنَ الْعِزَّةِ وَالْغَفْلَةِ , وَالسَّهْوِ , وَالتَّشَاغُلِ عَنْ أَمْرِ اللَّهِ بِمَا هُوَ فِيهِ مِنَ الدُّنْيَا . وَكَانَ مَعَهُ ثَلاثَةٌ قَدْ آمَنُوا بِهِ , وَصَدَّقُوهُ , وَعَرَفُوا فَضْلَ مَا أَعْطَاهُ اللَّهُ عَلَى مَنْ سِوَاهُ ، مِنْهُمْ رَجُلٌ مِنْ أَهْلِ الْيَمَنِ يُقَالُ لَهُ : أَلِيفَزُ ، وَرَجُلانِ مِنْ أَهْلِ بِلادِهِ يُقَالُ لأَحَدِهِمَا : صَوْفَرُ ، وَلِلآخَرِ : بِلْدَدُ ، وَكَانُوا مِنْ بِلادِهِ كُهُولا . وَكَانَ لإِبْلِيسَ عَدُوِّ اللَّهِ مَنْزِلٌ مِنَ السَّمَاءِ السَّابِعَةِ , يَقَعُ بِهِ كُلَّ سَنَةٍ مَوْقِعًا يَسْأَلُ فِيهِ , فَصَعِدَ إِلَى السَّمَاءِ فِي ذَلِكَ الْيَوْمِ الَّذِي كَانَ يَصْعَدُ فِيهِ ، فَقَالَ اللَّهُ لَهُ أَوْ قِيلَ لَهُ عَنِ اللَّهِ : هَلْ قَدَرْتَ مِنْ أَيُّوبَ عَبْدِي عَلَى شَيْءٍ ؟ قَالَ : أَيْ رَبِّ , وَكَيْفَ أَقْدِرُ مِنْهُ عَلَى شَيْءٍ ؟ وإِنَّمَا ابْتَلَيْتَهُ بِالرَّخَاءِ وَالنِّعْمَةِ وَالسَّعَةِ وَالْعَافِيَةِ ، وَأَعْطَيْتَهُ الأَهْلَ وَالْمَالَ وَالْوَلَدَ وَالْغِنَى وَالْعَافِيَةَ فِي جَسَدِهِ وَأَهْلِهِ وَمَالِهِ ، فَمَا لَهُ لا يَشْكُرُكَ , ويَعَبُدُكَ , وَيُطِيعُكَ , وَقَدْ صَنَعْتَ ذَلِكَ بِهِ ؟ لَوِ ابْتَلَيْتَهُ بِنَزْعِ مَا أَعْطَيْتَهُ لحَالَ عَمَّا كَانَ عَلَيْهِ مِنْ شُكْرِكَ , وَلَتَرَكَ عِبَادَتَكَ ، وَلَخَرَجَ مِنْ طَاعَتِكَ إِلَى غَيْرِهَا ، أَوْ كَمَا قَالَ عَدُوُّ اللَّهِ . فَقَالَ : قَدْ سَلَّطْتُكَ عَلَى أَهْلِهِ وَمَالِهِ ، وَكَانَ اللَّهُ هُوَ أَعْلَمَ بِهِ ، وَلَمْ يُسَلِّطْهُ عَلَيْهِ إِلا رَحْمَةً , لَيُعْظِمَ لَهُ الثَّوَابَ بِالَّذِي يُصِيبُهُ مِنَ الْبَلاءِ ، وَلِيَجْعَلَهُ عِبْرَةً لِلصَّابِرِينَ , وَذِكْرَى لِلْعَابِدِينَ فِي كُلِّ بَلاءٍ نَزَلَ بِهِمْ ، لِيَأتَسُوا بِهِ ، وَلِيَرْجُوا مِنْ عَاقِبَةِ الصَّبْرِ فِي عَرَضِ الدُّنْيَا ثَوَابَ الآخِرَةِ وَمَا صَنَع اللَّهُ بِأَيُّوبَ . فَانْحَطَّ عَدُوُّ اللَّهِ سَرِيعًا ، فَجَمَعَ عَفَارِيتَ الْجِنِّ وَمَرَدَةَ الشَّيَاطِينِ مِنْ جُنُودِهِ ، فَقَالَ : إِنِّي قَدْ سُلِّطْتُ عَلَى أَهْلِ أَيُّوبَ وَمَالِهِ ، فَمَاذَا عَلَيْكُمْ ؟ فَقَالَ قَائِلٌ مِنْهُمْ : أَكُونُ إِعْصَارًا فِيهِ نَارٌ ، فَلا أَمُرُّ بِشَيْءٍ مِنْ مَالِهِ إِلا أَهْلَكْتُهُ , قَالَ : أَنْتَ وَذَاكَ . فَخَرَجَ حَتَّى أَتَى إِبِلَهُ ، فَأَحْرَقَهَا وَرُعَاتَهَا جَمِيعًا . ثُمَّ جَاءَ عَدُوُّ اللَّهِ إِلَى أَيُّوبَ فِي صُورَةِ قَيِّمِهِ عَلَيْهَا وَهُوَ فِي مُصَلًّى , فَقَالَ : يَا أَيُّوبُ , أَقْبَلَتْ نَارٌ حَتَّى غَشِيَتْ إِبِلَكَ فَأَحْرَقَتْهَا وَمَنْ فِيهَا غَيْرِي ، فَجِئْتُكَ أُخْبِرُكَ ذَلِكَ . فَعَرَفَهُ أَيُّوبُ ، فَقَالَ : الْحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِي هُوَ أَعْطَاهَا , وَهُوَ أَخَذَهَا , الَّذِي أَخْرَجَكَ مِنْهَا كَمَا يَخْرُجُ الزُّوَانُ مِنَ الْحَبِّ النَّقِيِّ . ثُمَّ انْصَرَفَ عَنْهُ ، فَجَعَلَ يُصِيبُ مَالَهُ مَالا مَالا , حَتَّى مَرَّ عَلَى آخِرِهِ ، كُلَّمَا انْتَهَى إِلَيْهِ هَلاكُ مَالٍ مِنْ مَالِهِ حَمِدَ اللَّهَ , وَأَحْسَنَ عَلَيْهِ الثَّنَاءَ , وَرَضِيَ بِالْقَضَاءِ ، وَوَطَّنَ نَفْسَهُ للصَّبِرِ عَلَى الْبَلاءِ . حَتَّى إِذَا لَمْ يَبْقَ لَهُ مَالٌ أَتَى أَهْلَهُ وَوَلَدَهُ ، وَهُمْ فِي قَصْرٍ لَهُمْ مَعَهُمْ حَظِيَّاتُهُمْ , وَخُدَّامُهُمْ ، فَتَمَثَّلَ رِيحًا عَاصِفًا ، فَاحْتَمَلَ الْقَصْرَ مِنْ نَوَاحِيهِ , فَأَلْقَاهُ عَلَى أَهْلِهِ وَوَلَدِهِ ، فَشَدَخَهُمْ تَحْتَهُ . ثُمَّ أَتَاهُ فِي صُورَةِ قَهْرَمَانِهِ عَلَيْهِمْ ، قَدْ شُدِخَ وَجْهُهُ ، فَقَالَ : يَا أَيُّوبُ , قَدْ أَتَتْ رِيحٌ عَاصِفٌ ، فَاحْتَمَلَتِ الْقَصْرَ مِنْ نَوَاحِيهِ , ثُمَّ أَلْقَتْهُ عَلَى أَهْلِكَ وَوَلَدِكَ , فَشَدَخَهُمْ غَيْرِي ، فَجِئْتُكَ أُخْبِرُكَ ذَلِكَ . فَلَمْ يَجْزَعْ عَلَى شَيْءٍ أَصَابَهُ جَزَعَهُ عَلَى أَهْلِهِ وَوَلَدِهِ ، وَأَخَذَ تُرَابًا فَوَضَعَهُ عَلَى رَأْسِهِ ، ثُمَّ قَالَ : لَيْتَ أُمِّي لَمْ تَلِدْنِي , وَلَمْ أَكُ شَيْئًا ، وَسُرَّ بِهَا عَدُوُّ اللَّهِ مِنْهُ , فَأُصْعِدَ إِلَى السَّمَاءِ جَذِلا . وَرَاجَعَ أَيُّوبُ التَّوْبَةَ مَا قَالَ ، فَحَمِدَ اللَّهَ ، فَسَبَقَتْ تَوْبَتُهُ عَدُوَّ اللَّهِ إِلَى اللَّهِ , فَلَمَّا جَاءَ وَذَكَرَ مَا صَنَعَ ، قِيلَ لَهُ : قَدْ سَبَقَتْكَ تَوْبَتُهُ إِلَى اللَّهِ وَمُرَاجَعَتُهُ . قَالَ : أَيْ رَبِّ , فَسَلِّطْنِي عَلَى جَسَدِهِ ، قَالَ : قَدْ سَلَّطْتُكَ عَلَى جَسَدِهِ إِلا عَلَى لِسَانِهِ وَقَلْبِهِ وَنَفْسِهِ وَسَمْعِهِ وَبَصَرِهِ . فَأَقْبَلَ إِلَيْهِ عَدُوُّ اللَّهِ وَهُوَ سَاجِدٌ ، فَنَفَخَ فِي جَسَدِهِ نَفْخَةً أَشْعَلَ مَا بَيْنَ قَرْنِهِ إِلَى قَدَمِهِ كَحَرِيقِ النَّارِ ، ثُمَّ خَرَجَ فِي جَسَدِهِ ثَآلِيلُ كَأَلْيَاتِ الْغَنَمِ ، فَحَكَّ بِأَظْفَارِهِ حَتَّى ذَهَبَتْ ، ثُمَّ بِالْفَخَّارِ وَالْحِجَارَةِ حَتَّى تَسَاقَطَ لَحْمُهُ ، فَلَمْ يَبْقَ مِنْهُ إِلا الْعُرُوقُ وَالْعَصَبُ وَالْعِظَامُ ، عَيْنَاهُ تَجُولانِ فِي رَأْسِهِ لِلنَّظَرِ , وَقَلبهُ لِلْعَقْلِ ، وَلَمْ يَخْلُصْ إِلَى شَيْءٍ مِنْ حَشْوِ الْبَطْنِ ؛ لأَنَّهُ لا بَقَاءَ لِلنَّفَسِ إِلا بِهَا ، فَهُوَ يَأْكُلُ وَيَشْرَبُ عَلَى الْتِوَاءٍ مِنْ حَشْوَتِهِ ، فَمَكَثَ كَذَلِكَ مَا شَاءَ اللَّهُ أَنْ يَمْكُثَ " .

الرواه :

الأسم الرتبة

Whoops, looks like something went wrong.