القول في تاويل قوله تعالى حتى اذا فتحت ياجوج وماجوج وهم من كل حدب ينسلون سورة الانبيا...


تفسير

رقم الحديث : 22640

حَدَّثَنَا ابْنُ حُمَيْدٍ ، قَالَ : ثنا سَلَمَةُ ، قَالَ : فَحَدَّثَنِي مُحَمَّدُ بْنُ إِسْحَاقَ ، قَالَ : وَكَانَ وَهْبُ بْنُ مُنَبِّهٍ ، يَقُولُ : " لَبِثَ فِي ذَلِكَ الْبَلاءِ ثَلاثَ سِنِينَ , لَمْ يَزِدْ يَوْمًا وَاحِدًا , فَلَمَّا غَلَبَهُ أَيُّوبُ فَلَمْ يَسْتَطِعْ مِنْهُ شَيْئًا ، اعْتَرَضَ امْرَأَتِهِ فِي هَيْئَةٍ لَيْسَتْ كَهَيْئَةِ بَنِي آدَمَ فِي الْعِظَمِ وَالْجِسْمِ وَالطُّولِ , عَلَى مَرْكَبٍ لَيْسَ مِنْ مَرَاكِبِ النَّاسِ ، لَهُ عِظَمٌ وَبَهَاءٌ وَجَمَالٌ لَيْسَ لَهَا ، فَقَالَ لَهَا : أَنْتِ صَاحِبَةُ أَيُّوبَ هَذَا الرَّجُلِ الْمُبْتَلَى ؟ قَالَتْ : نَعَمْ . قَالَ : هَلْ تَعْرِفِينَنِي ؟ قَالَتْ : لا . قَالَ : فَأَنَا إِلَهُ الأَرْضِ , وَأَنَا الَّذِي صَنَعْتُ بِصَاحِبِكَ مَا صَنَعْتُ ، وَذَلِكَ أَنَّهُ عَبَدَ إِلَهَ السَّمَاءِ , وَتَرَكَنِي فَأَغْضَبَنِي ، وَلَوْ سَجَدَ لِي سَجْدَةً وَاحِدَةً رَدَدْتُ عَلَيْهِ وَعَلَيْكِ كُلَّ مَا كَانَ لَكُمَا مِنْ مَالٍ وَوَلَدٍ ، فَإِنَّهُ عِنْدِي ، ثُمَّ أَرَاهَا إِيَّاهُمْ فِيمَا تَرَى بِبَطْنِ الْوَادِي الَّذِي لَقِيَهَا فِيهِ . قَالَ : وَقَدْ سَمِعْتُ أَنَّهُ إِنَّمَا قَالَ : لَوْ أَنَّ صَاحِبَكِ أَكَلَ طَعَامًا وَلَمْ يُسَمِّ عَلَيْهِ لَعُوفِيَ مِمَّا بِهِ مِنَ الْبَلاءِ ، وَاللَّهُ أَعْلَمُ . وَأَرَادَ عَدُوُّ اللَّهِ أَنْ يَأْتِيَهُ مِنْ قِبَلِهَا . فَرَجَعَتْ إِلَى أَيُّوبَ ، فَأَخْبَرَتْهُ بِمَا قَالَ لَهَا , وَمَا أَرَاهَا , قَالَ : أَقَدْ أَتَاكِ عَدُوُّ اللَّهِ لِيَفْتِنَكِ عَنْ دِينِكِ ؟ ثُمَّ أَقْسَمَ إِنِ اللَّهُ عَافَاهُ لَيَضْرِبَنَّهَا مِائَةَ ضَرْبَةٍ , فَلَمَّا طَالَ عَلَيْهِ الْبَلاءُ ، جَاءَهُ أُولَئِكَ النَّفْرُ الَّذِينَ كَانُوا مَعَهُ قَدْ آمَنُوا بِهِ وَصَدَّقُوهُ ، مَعَهُمْ فَتًى حَدِيثُ السِّنِّ , قَدْ كَانَ آمَنَ بِهِ وَصَدَّقَهُ ، فَجَلَسُوا إِلَى أَيُّوبَ , وَنَظَرُوا إِلَى مَا بِهِ مِنَ الْبَلاءِ ، فَأَعْظَمُوا ذَلِكَ , وَفَظِعُوا بِهِ ، وَبَلَغَ مِنْ أَيُّوبَ صَلَوَاتُ اللَّهِ عَلَيْهِ مَجْهُودُهُ ، وَذَلِكَ حِينَ أَرَادَ اللَّهُ أَنْ يُفَرِّجَ عَنْهُ مَا بِهِ , فَلَمَّا رَأَى أَيُّوبُ مَا أَعْظَمُوا مما أَصَابَهُ ، قَالَ : أَيْ رَبِّ , لأَيِّ شَيْءٍ خَلَقْتَنِي , وَلَوْ كُنْتَ إِذْ قَضَيْتَ عَلَيَّ الْبَلاءَ تَرَكْتَنِي فَلَمْ تَخْلُقْنِي ؟ لَيْتَنِي كُنْتُ دَمًا أَلْقَتْنِي أُمِّي . ثُمَّ ذَكَرَ نَحْوَ حَدِيثِ ابْنِ عَسْكَرٍ ، عَنْ إِسْمَاعِيلَ بْنِ عِبْدِ الْكَرِيمِ ، إِلَى : وَكَابَدُوا اللَّيْلَ ، وَاعْتَزَلُوا الْفُرُشَ ، وَانْتَظَرُوا الأَسْحَارَ , ثُمَّ زَادَ فِيهِ : أُولَئِكَ الآمِنُونَ الَّذِي لا يَخَافُونَ ، وَلا يَهْتَمُّونَ , وَلا يَحْزَنُونَ ، فَأَيْنَ عَاقِبَةُ أَمْرِكَ يَا أَيُّوبُ مِنْ عَوَاقِبِهِمْ ؟ قَالَ فَتًى حَضَرَهُمْ , وَسَمِعَ قَوْلَهُمْ , وَلَمْ يَفْطِنُوا لَهُ , وَلَمْ يَأْبَهُوا لِمَجْلِسِهِ ، وَإِنَّمَا قَيَّضَهُ اللَّهُ لَهُمْ لِمَا كَانَ مِنْ جَوْرِهِمْ فِي الْمَنْطِقِ , وَشَطَطِهِمْ ، فَأَرَادَ اللَّهُ أَنْ يُصَغِّرَ بِهِ إِلَيْهِمْ أَنْفُسَهُمْ , وَأَنْ يُسَفِّهَ بِصِغَرِهِ لَهُمْ أَحْلامَهُمْ , فَلَمَّا تَكَلَّمَ تَمَادَى فِي الْكَلامِ ، فَلَمْ يَزْدَدْ إِلا حُكْمًا . وَكَانَ الْقَوْمُ مِنْ شَأْنِهِمُ الاسْتِمَاعُ وَالْخُشُوعُ إِذَا وُعِظُوا , أَوْ ذُكِّرُوا , فَقَالَ : إِنَّكُمْ تَكَلَّمْتُمْ قَبْلِي أَيُّهَا الْكُهُولُ ، وَكُنْتُمْ أَحَقَّ بِالْكَلامِ , وَأَوْلَى بِهِ مِنِّي لِحَقِّ أَسْنَانِكُمْ ، وَلأَنَّكُمْ قد جَرَّبْتُمْ قَبْلِي , وَرَأَيْتُمْ وَعَلِمْتُمْ مَا لَمْ أَعْلَمْ , وَعَرَفْتُمْ مَا لَمْ أَعْرِفْ ، وَمَعَ ذَلِكَ قَدْ تَرَكْتُمْ مِنَ الْقَوْلِ أَحْسَنَ مِنَ الَّذِي قُلْتُمْ , وَمِنَ الرَّأْيِ أَصَوْبَ مِنَ الَّذِي رَأَيْتُمْ , وَمِنَ الأَمْرِ أَجْمَلَ مِنَ الَّذِي أَتَيْتُمْ , وَمِنَ الْمَوْعِظَةِ أَحْكَمَ مِنَ الَّذِي وَصَفْتُمْ ، وَقَدْ كَانَ لأَيُّوبَ عَلَيْكُمْ مِنَ الْحَقِّ وَالذِّمَامِ أَفْضَلُ مِنَ الَّذِي وَصَفْتُمْ ، فهَلْ تَدْرُونَ أَيُّهَا الْكُهُولُ حَقَّ مَنِ انْتَقَصْتُمْ , وَحُرْمَةَ مَنِ انْتَهَكْتُمْ , وَمَنِ الرَّجُلُ الَّذِي عِبْتُمْ وَاتَّهَمْتُمْ ؟ أَلَمْ تَعْلَمُوا أَيُّهَا الْكُهُولُ أَنَّ أَيُّوبَ نَبِيُّ اللَّهِ , وَخِيرَتُهُ وَصَفْوَتُهُ مِنْ أَهْلِ الأَرْضِ يَوْمَكُمْ هَذَا ، اخْتَارَهُ اللَّهُ لِوَحْيِهِ , وَاصْطَفَاهُ لِنَفْسِهِ , وَائْتَمَنَهُ عَلَى نُبُوَّتِهِ ، ثُمَّ لَمْ تَعْلَمُوا , وَلَمْ يُطْلِعْكُمُ اللَّهُ عَلَى أَنَّهُ سَخِطُ شَيْئًا مِنْ أَمْرِهِ مُذْ آتَاهُ مَا آتَاهُ إِلَى يَوْمِكُمْ هَذَا , وَلا عَلَى أَنَّهُ نَزَعَ مِنْهُ شَيْئًا مِنَ الْكَرَامَةِ الَّتِي أَكْرَمَهُ بِهَا مُذْ آتَاهُ مَا آتَاهُ إِلَى يَوْمِكُمْ هَذَا ، وَلا أَنَّ أَيُّوبَ غَيَّرَ الْحَقَّ فِي طُولِ مَا صَحِبْتُمُوهُ إِلَى يَوْمِكُمْ هَذَا , فَإِنْ كَانَ الْبَلاءُ هُوَ الَّذِي أَزْرَى بِهِ عِنْدَكُمْ وَوَضَعَهُ فِي أَنْفُسِكُمْ ، فَقَدْ عَلِمْتُمْ أَنَّ اللَّهَ يَبْتَلِي النَّبِيِّينَ وَالصِّدِّيقِينَ وَالشُّهَدَاءَ وَالصَّالِحِينَ , ثُمَّ لَيْسَ بَلاؤُهُ لأُولَئِكَ بِدَلِيلِ سَخَطِهِ عَلَيْهِمْ , وَلا لِهَوَانِهِ لَهُمْ ، وَلَكِنَّهَا كَرَامَةٌ , وَخِيرَةٌ لَهُمْ , وَلَوْ كَانَ أَيُّوبُ لَيْسَ مِنَ اللَّهِ بِهَذِهِ الْمَنْزِلَةِ , وَلا فِي النُّبُوَّةِ , وَلا فِي الأَثَرَةِ , وَلا فِي الْفَضِيلَةِ , وَلا فِي الْكَرَامَةِ ، إِلا أَنَّهُ أَخٌ آخَيْتُمُوهُ عَلَى وَجْهِ الصَّحَابَةِ ، لَكَانَ وهولا يَجْمُلُ بِالْحَكِيمِ أَنْ يَعْذِلَ أَخَاهُ عِنْدَ الْبَلاءِ , وَلا يُعَيِّرَهُ بِالْمُصِيبَةِ بِمَا لا يَعْلَمُ , وَهُوَ مَكْرُوبٌ حَزِينٌ ، وَلَكِنْ يَرْحَمُهُ وَيَبْكِي مَعَهُ , وَيَسْتَغْفِرُ لَهُ , وَيَحْزَنُ لِحُزْنِهِ , وَيَدُلُّهُ عَلَى مَرَاشِدِ أَمْرِهِ , وَلَيْسَ بِحَكِيمٍ , وَلا رَشِيدٍ مَنْ جَهِلَ هَذَا ، فَاللَّهَ اللَّهَ أَيُّهَا الْكُهُولُ فِي أَنْفُسِكُمْ ، قَالَ : ثُمَّ أَقْبَلَ عَلَى أَيُّوبَ عليه السلام فَقَالَ : وَقَدْ كَانَ فِي عَظَمَةِ اللَّهِ وَجَلالِهِ وَذِكْرِ الْمَوْتِ : مَا يَقْطَعُ لِسَانَكَ ، وَيَكْسِرُ قَلْبَكَ ، وَيُنْسِيكَ حُجَجَكَ ؟ أَلَمْ تَعْلَمْ يَا أَيُّوبُ أَنَّ لِلَّهِ عِبَادًا أَسْكَتَتْهُمْ خَشْيَتُهُ مِنْ غَيْرِ عِيٍّ , وَلا بَكَمٍ , وَإِنَّهُمْ لَهُمُ الْفُصَحَاءُ النُّطَقَاءُ , النُّبَلاءُ , الأَلِبَّاءُ , الْعَالِمُونَ بِاللَّهِ وَبِآيَاتِهِ ؟ وَلَكِنَّهُمْ إِذَا ذَكَرُوا عَظَمَةَ اللَّهِ انْقَطَعَتْ أَلْسِنَتُهُمْ , وَاقْشَعَرَّتْ جُلُودُهُمْ , وَانْكَسَرَتْ قُلُوبُهُمْ , وَطَاشَتْ عُقُولُهُمْ إِعْظَامًا لِلَّهِ , وَإِعْزَازًا , وَإِجْلالا ، فَإِذَا اسْتَفَاقُوا مِنْ ذَلِكَ اسْتَبَقُوا إِلَى اللَّهِ بِالأَعْمَالِ الزَّاكِيَةِ ، يَعُدُّونَ أَنْفُسَهُمْ مَعَ الظَّالِمِينَ وَالْخَاطِئِينَ ، وَإِنَّهُمْ لأَنْزَاهٌ بُرَآءُ ، مَعَ الْمُقَصِّرِينَ وَالْمُفَرِّطِينَ ، وَإِنَّهُمْ لأَكْيَاسٌ أَقْوِيَاءٌ ، وَلَكِنَّهُمْ لا يَسْتَكْثِرُونَ لِلَّهِ الْكَثِيرَ ، وَلا يَرْضَوْنَ لِلَّهِ بِالْقَلِيلِ ، وَلا يُدِلُّونَ عَلَيْهِ بِالأَعْمَالِ , فَهُمْ مُرَوَّعُونَ مُفَزَّعُونَ مُغْتَمُّونَ خَاشِعُونَ وَجِلُونَ مُسْتَكِينُونَ مُعْتَرِفُونَ مَتَى مَا رَأَيْتَهُمْ يَا أَيُّوبُ . قَالَ أَيُّوبُ : إِنَّ اللَّهَ يَزْرَعُ الْحِكْمَةَ بِالرَّحْمَةِ فِي قَلْبِ الصَّغِيرِ وَالْكَبِيرِ ، فَمَتَى نَبَتَتْ فِي الْقَلْبِ يُظْهِرُهَا اللَّهُ عَلَى اللِّسَانِ ، وَلَيْسَتْ تَكُونُ الْحِكْمَةُ مِنْ قِبَلِ السِّنِّ وَلا الشَّبِيبَةِ , وَلا طُولِ التَّجْرِبَةِ ، وَإِذَا جَعَلَ اللَّهُ الْعَبْدَ حَكِيمًا فِي الصِّبا لَمْ تَسْقُطْ مَنْزِلَتُهُ عِنْدَ الْحُكَمَاءِ وَهُمْ يَرَوْنَ عَلَيْهِ مِنَ اللَّهِ نُورَ الْكَرَامَةِ ، وَلَكِنَّكُمْ قَدْ أَعْجَبَتْكُمْ أَنْفُسُكُمْ , وَظَنَنْتُمْ أَنَّكُمْ عُوفِيتُمْ بِإِحْسَانِكُمْ ، فَهُنَالِكَ بَغَيْتُمْ وَتَعَزَّزْتُمْ ، وَلَوْ نَظَرْتُمْ فِيمَا بَيْنَكُمْ وَبَيْنَ رَبِّكُمْ ثُمَّ صَدَقْتُمْ أَنْفُسَكُمْ لَوَجَدْتُمْ لَكُمْ عُيُوبًا سَتَرَهَا اللَّهُ بِالْعَافِيَةِ الَّتِي أَلْبَسَكُمْ , وَلَكِنِّي قَدْ أَصْبَحْتُ الْيَوْمَ وَلَيْسَ لِي رَأْي , وَلا كَلامٌ مَعَكُمْ ، قَدْ كُنْتُ فِيمَا خَلا مَسْمُوعًا كَلامِي , مَعْرُوفًا حَقِّي , مُنْتَصِفًا مِنْ خَصْمِي , قَاهِرًا لِمَنْ هُوَ الْيَوْمَ يَقْهَرُنِي , مَهِيبًا مَكَانِي , وَالرِّجَالُ مَعَ ذَلِكَ يُنْصِتُونَ لِي , وَيُوَقِّرُونِي ، فَأَصْبَحْتُ الْيَوْمَ قَدِ انْقَطَعَ رَجَائِي , وَرُفِعَ حَذَرِي , وَمَلَّنِي أَهْلِي , وَعَقَّنِي أَرْحَامِي , وَتَنَكَّرَتْ لِي مَعَارِفِي , وَرَغِبَ عَنِّي صَدِيقِي , وَقَطَعَنِي أَصْحَابِي , وَكَفَرَنِي أَهْلُ بَيْتِي , وَجُحِدَتْ حُقُوقِي , وَنُسِيَتْ صَنَائِعِي ، أَصْرُخُ فَلا يُصْرِخُونَنِي , وَأَعْتَذِرُ فَلا يَعْذُرُونَنِي ، وَإِنَّ قَضَاءَهُ هُوَ الَّذِي أَذَلَّنِي , وَأَقْمَأَنِي , وَأَخْسَأَنِي ، وَإِنَّ سُلْطَانَهُ هُوَ الَّذِي أَسْقَمَنِي , وَأَنْحَلَ جِسْمِي . وَلَوْ أَنَّ رَبِّيَ نَزَعَ الْهَيْبَةَ الَّتِي فِي صَدْرِي , وَأَطْلَقَ لِسَانِي حَتَّى أَتَكَلَّمَ بِمِلْءِ فَمِي ، ثُمَّ كَانَ يَنْبَغِي لِلْعَبْدِ أن يُحَاجَّ عَنْ نَفْسِهِ ، لَرَجَوْتُ أَنْ يُعَافِيَنِي عِنْدَ ذَلِكَ مما بِي , وَلَكِنَّهُ أَلْقَانِي , وَتَعَالَى عَنِّي ، فَهُوَ يَرَانِي وَلا أَرَاهُ ، وَيَسْمَعُنِي وَلا أَسْمَعُهُ , لا نَظَرَ إِلَيَّ فَرَحِمَنِي ، وَلا دَنَا مِنِّي وَلا أَدْنَانِي فَأُدْلِيَ بِعُذْرِي , وَأَتَكَلَّمَ بِبَرَاءَتِي , وَأُخَاصِمَ عَنْ نَفْسِي ، لَمَّا قَالَ ذَلِكَ أَيُّوبُ وَأَصْحَابُهُ عِنْدَهُ ، أَظَلَّهُ غَمَامٌ حَتَّى ظَنَّ أَصْحَابُهُ أَنَّهُ عَذَابٌ ، ثُمَّ نُودِيَ مِنْهُ : يَا أَيُّوبُ ، إِنَّ اللَّهَ يَقُولُ : هَأَنَذَا قَدْ دَنَوْتُ مِنْكَ ، وَلَمْ أَزَلْ مِنْكَ قَرِيبًا ، فَقُمْ فَأَدْلِ بِعُذْرِكَ الَّذِي زَعَمْتَ ، وَتَكَلَّمْ بِبَرَاءَتِكَ , وَخَاصِمْ عَنْ نَفْسِكَ ، وَاشْدُدْ إِزَارَكَ ، ثُمَّ ذَكَرَ نَحْوَ حَدِيثِ ابْنِ عَسْكَرٍ ، عَنْ إِسْمَاعِيلَ ، إِلَى آخِرِهِ ، وَزَادَ فِيهِ : وَرَحْمَتِي سَبَقَتْ غَضَبِي ، فَارْكُضْ بِرِجْلِكَ , هَذَا مُغْتَسَلٌ بَارِدٌ , وَشَرَابٌ فِيهِ شِفَاؤُكَ ، وَقَدْ وَهَبْتُ لَكَ أَهْلَكَ , وَمِثْلَهُمْ مَعَهُمْ , وَمَالَكَ وَمِثْلَهُ مَعَهُ . وَزَعَمُوا : وَمِثْلَهُ مَعَهُ لِتَكُونَ لِمَنْ خَلْفَكَ آيَةً ، وَلِتَكُونَ عِبْرَةً لأَهْلِ الْبَلاءِ , وَعَزَاءً لِلصَّابِرِينَ ، فَرَكَضَ بِرِجْلِهِ ، فَانْفَجَرَتْ لَهُ عَيْنٌ ، فَدَخَلَ فِيهَا فَاغْتَسَلَ ، فَأَذْهَبَ اللَّهُ عَنْهُ كُلَّ مَا كَانَ بِهِ مِنَ الْبَلاءِ . ثُمَّ خَرَجَ فَجَلَسَ ، وَأَقْبَلَتِ امْرَأَتُهُ تَلْتَمِسُهُ فِي مَضْجَعِهِ ، فَلَمْ تَجِدْهُ ، فَقَامَتْ كَالْوَالِهَةِ مُتَلَدِّدَةً ، ثُمَّ قَالَتْ : يَا عَبْدَ اللَّهِ ، هَلْ لَكَ عِلْمٌ بِالرَّجُلِ الْمُبْتَلَى الَّذِي كَانَ هَهُنَا ؟ قَالَ : لا , ثُمَّ تَبَسَّمَ ، فَعَرَفَتْهُ بِمَضْحَكِهِ ، فَاعْتَنَقَتْهُ " .

الرواه :

الأسم الرتبة

Whoops, looks like something went wrong.