قال : حدثني حجاجٌ ، عن أبي معشرٍ ، عن محمدِ بن كعبٍ القُرَظيِّ ، قال : وحدثني عبدة المروزي ، عن عبد الله بن المباركِ ، عن عمَر بن أبي ليلى ، قال : سمعتُ محمدَ بنَ كعبٍ ، زاد أحدُهما على صاحبه قال : محمدُ بنُ كعبٍ : بلَغني ، أو ذُكر لي ، " أن أهلَ النارِ استغاثوا بالخزنةِ : ادْعُوا رَبَّكُمْ يُخَفِّفْ عَنَّا يَوْمًا مِنَ الْعَذَابِ سورة غافر آية 49 . فردوا عليهم ما قال الله : فلما أيسُوا نادوا : يا مالك ، وهو عليهم ، وله مجلسٌ في وَسَطِها ، وجسورٌ تمرُّ عليه ملائكةُ العذابِ ، فهو يَرى أقصاها كما يَرى أدناها ، فقالوا : يَا مَالِكُ لِيَقْضِ عَلَيْنَا رَبُّكَ سورة الزخرف آية 77 . سألوا الموتَ ، فمكث لا يجيبهم ثمانين ألف سنةٍ من سِني الآخرةِ ، أو كما قال : ثم لحظ إليهم ، فقال : إِنَّكُمْ مَاكِثُونَ سورة الزخرف آية 77 . فلما سمعوا ذلك ، قالوا : فاصبروا ، فلعل الصبر ينفعنا كما صبر أهل الدنيا عَلَى طاعة الله ، قَالَ : فصبروا ، فطالَ صبرُهم ، فنادوا : سَوَاءٌ عَلَيْنَا أَجَزِعْنَا أَمْ صَبَرْنَا مَا لَنَا مِنْ مَحِيصٍ سورة إبراهيم آية 21 . أي : منجًى . فقام إبليسُ عندَ ذلك فخطبهم ، فقال : إِنَّ اللَّهَ وَعَدَكُمْ وَعْدَ الْحَقِّ وَوَعَدْتُكُمْ فَأَخْلَفْتُكُمْ وَمَا كَانَ لِي عَلَيْكُمْ مِنْ سُلْطَانٍ سورة إبراهيم آية 22 . فلما سمعوا مقالته ، مقتوا أنفسهم ، قال : فنودوا : لَمَقْتُ اللَّهِ أَكْبَرُ مِنْ مَقْتِكُمْ أَنْفُسَكُمْ إِذْ تُدْعَوْنَ إِلَى الإِيمَانِ فَتَكْفُرُونَ { 10 } قَالُوا رَبَّنَا أَمَتَّنَا سورة غافر آية 10-11 الآية . قال : فيجيبُهم اللهُ فيها : ذَلِكُمْ بِأَنَّهُ إِذَا دُعِيَ اللَّهُ وَحْدَهُ كَفَرْتُمْ وَإِنْ يُشْرَكْ بِهِ تُؤْمِنُوا فَالْحُكْمُ لِلَّهِ الْعَلِيِّ الْكَبِيرِ سورة غافر آية 12 . قال : فيقولون : ما أيسنا بعدُ . قال : ثم دعوا مرةً أخرى ، فيقولون : رَبَّنَا أَبْصَرْنَا وَسَمِعْنَا فَارْجِعْنَا نَعْمَلْ صَالِحًا إِنَّا مُوقِنُونَ سورة السجدة آية 12 . قال : فيقولُ الربُّ تبارك وتعالى : وَلَوْ شِئْنَا لآتَيْنَا كُلَّ نَفْسٍ هُدَاهَا سورة السجدة آية 13 . يقول الربُّ : لو شئتُ لهديتُ الناسَ جميعًا ، فلم يختلفْ منهم أحدٌ ، وَلَكِنْ حَقَّ الْقَوْلُ مِنِّي لأَمْلأَنَّ جَهَنَّمَ مِنَ الْجِنَّةِ وَالنَّاسِ أَجْمَعِينَ { 13 } فَذُوقُوا بِمَا نَسِيتُمْ لِقَاءَ يَوْمِكُمْ هَذَا سورة السجدة آية 13-14 . يَقُولُ : بما تركتم أن تعملوا ليومكم هذا ، إِنَّا نَسِينَاكُمْ سورة السجدة آية 14 أي : تركناكم ، وَذُوقُوا عَذَابَ الْخُلْدِ بِمَا كُنْتُمْ تَعْمَلُونَ سورة السجدة آية 14 . قال : فيقولون : ما أَيسنا بعدُ . قال : فيدْعون مرةً أخرى : رَبَّنَا أَخِّرْنَا إِلَى أَجَلٍ قَرِيبٍ نُجِبْ دَعْوَتَكَ وَنَتَّبِعِ الرُّسُلَ سورة إبراهيم آية 44 . فيقول : أَوَلَمْ تَكُونُوا أَقْسَمْتُمْ مِنْ قَبْلُ مَا لَكُمْ مِنْ زَوَالٍ { 44 } وَسَكَنْتُمْ فِي مَسَاكِنِ الَّذِينَ ظَلَمُوا أَنْفُسَهُمْ سورة إبراهيم آية 44-45 الآية . قال : فيقولون : ما أيسنا بعدُ . قال : فيدْعون مرةً أخرى : رَبَّنَا أَخْرِجْنَا نَعْمَلْ صَالِحًا غَيْرَ الَّذِي كُنَّا نَعْمَلُ سورة فاطر آية 37 . قال : فيقولُ : أَوَلَمْ نُعَمِّرْكُمْ مَا يَتَذَكَّرُ فِيهِ مَنْ تَذَكَّرَ إلى نَصِيرٍ سورة فاطر آية 37 . ثم مكث عنهم ما شاء اللهُ ، ثم ناداهم : أَلَمْ تَكُنْ آيَاتِي تُتْلَى عَلَيْكُمْ فَكُنْتُمْ بِهَا تُكَذِّبُونَ سورة المؤمنون آية 105 . فلما سمعوا ذلك قالوا : الآنَ يرحمنا ، فقالوا عندَ ذلك : رَبَّنَا غَلَبَتْ عَلَيْنَا شِقْوَتُنَا سورة المؤمنون آية 106 أي : الكتابُ الذي كتب علينا ، وَكُنَّا قَوْمًا ضَالِّينَ { 106 } رَبَّنَا أَخْرِجْنَا مِنْهَا سورة المؤمنون آية 106-107 الآية . فقال عند ذلك : اخْسَئُوا فِيهَا وَلا تُكَلِّمُونِ سورة المؤمنون آية 108 . قال : ولا تتكلمونَ فيها أبدًا . فانقطع عند ذلك الدعاءُ والرجاءُ منهم ، وأقبل بعضهم ينبحُ في وجهِ بعضٍ ، فأطبقت عليهم " ، عبد الله بنُ المبارك في حديثه : فحدثني الأزهر بن أبي الأزهرِ ، أنه قال : " فذلك قولُه : هَذَا يَوْمُ لا يَنْطِقُونَ { 35 } وَلا يُؤْذَنُ لَهُمْ فَيَعْتَذِرُونَ { 36 } سورة المرسلات آية 35-36 .