حَدَّثَنِي يَعْقُوبُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ ، قَالَ : ثَنَا هُشَيْمٌ ، قَالَ : أَخْبَرَنَا مُجَالِدٌ ، عَنِ الشَّعْبِيِّ ، قَالَ : الأَشُدُّ : الْحُلُمُ إِذَا كُتِبَتْ لَهُ الْحَسَنَاتُ ، وَكُتِبَتْ عَلَيْهِ السَّيِّئَاتُ . وَقَدْ بَيَّنَّا فِيمَا مَضَى الأَشُدَّ جَمْعَ شَدٍّ ، وَأَنَّهُ تَنَاهِي قُوَّتِهِ وَاسْتِوَائِهِ وَإِذَا كَانَ ذَلِكَ كَذَلِكَ ، كَانَ الثَّلاثُ وَالثَّلاثُونَ بِهِ أَشْبَهَ مِنَ الْحُلُمِ ؛ لأَنَّ الْمَرْءَ لا يَبْلُغُ فِي حَالِ حُلُمِهِ كَمَالَ قُوَاهُ ، وَنِهَايَةَ شِدَّتِهِ ، فَإِنَّ الْعَرَبَ إِذَا ذَكَرَتْ مِثْلَ هَذَا مِنَ الْكَلامِ ، فَعَطَفَتْ بِبَعْضٍ عَلَى بَعْضٍ جَعَلَتْ كِلا الْوَقْتَيْنِ قَرِيبًا أَحَدُهُمَا مِنْ صَاحِبِهِ ، كَمَا قَالَ جَلَّ ثَنَاؤُهُ : إِنَّ رَبَّكَ يَعْلَمُ أَنَّكَ تَقُومُ أَدْنَى مِنْ ثُلُثَيِ اللَّيْلِ وَنِصْفَهُ سورة المزمل آية 20 وَلا تَكَادُ تَقُولُ : أَنَا أَعْلَمُ أَنَّكَ تَقُومُ قَرِيبًا مِنْ سَاعَةٍ مِنَ اللَّيْلِ وَكُلَّهُ ، وَلا أَخَذْتُ قَلِيلا مِنْ مَالٍ أَوْ كُلَّهُ ، وَلَكِنْ تَقُولُ : أَخَذْتُ عَامَّةَ مَالِي أَوْ كُلَّهُ ، فَكَذَلِكَ ذَلِكَ فِي قَوْلِهِ : حَتَّى إِذَا بَلَغَ أَشُدَّهُ وَبَلَغَ أَرْبَعِينَ سَنَةً سورة الأحقاف آية 15 لا شَكَّ أَنَّ نَسَقَ الأَرْبَعِينَ عَلَى الثَّلاثِ وَالثَّلاثِينَ أَحْسَنُ وَأَشْبَهُ ، إِذْ كَانَ يُرَادُ بِذَلِكَ تَقْرِيبُ أَحَدِهِمَا مِنَ الآخَرِ مِنَ النَّسَقِ عَلَى الْخَمْسَ عَشْرَةَ أَوِ الثَّمَانَ عَشْرَةَ . .