يكره وطء الامة المشركة


تفسير

رقم الحديث : 257

حَدَّثَنِي هِشَامُ بْنُ عُرْوَةَ , عَنْ أَبِيهِ ، وَحَدَّثَنِي مُحَمَّدُ بْنُ إِسْحَاقَ , وَالْكَلْبِيُّ زَادَ بَعْضُهُمْ عَلَى بَعْضٍ فِي الْحَدِيثِ ، " أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ خَرَجَ إِلَى الْحُدَيْبِيَةِ فِي رَمَضَانَ ، وَكَانَتِ الْحُدَيْبِيَةُ فِي شَوَّالَ ، حَتَّى إِذَا كَانَ بِعَسَفَانَ لَقِيَهُ رِجَالٌ مِنْ بَنِي كَعْبٍ ، فَقَالُوا : يَا رَسُولَ اللَّهِ إِنَّا تَرَكْنَا قُرَيْشًا قَدْ جَمَعَتْ أَحَابِيشَهَا تُطْعِمُهُمُ الْخَزِيرَ , يُرِيدُونَ أَنْ يَصُدُّوكَ عَنِ الْبَيْتِ . فَخَرَجَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ حَتَّى إِذَا بَرَزَ مِنْ عَسَفَانَ لَقِيَهُمْ خَالِدُ بْنُ الْوَلِيدِ طَلِيعَةً لِقُرَيْشٍ , فَاسْتَقْبَلَهُمْ عَلَى الطَّرِيقِ , فَأَخَذَ بِهِمْ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بَيْنَ سَرْوَعَتَيْنِ وَمَالَ عَنْ سَنَنِ الطَّرِيقِ حَتَّى نَزَلَ الْغَمِيمَ ، فَلَمَّا نَزَلَ الْغَمِيمَ تَشَهَّدَ فَحَمَدَ اللَّهَ وَأَثْنَى عَلَيْهِ بِمَا هُوَ أَهْلَهُ , ثُمَّ قَالَ : أَمَّا بَعْدُ فَإِنَّ قُرَيْشًا قَدْ جَمَعَتْ أَحَابِيشَهَا تُطْعِمُهُمُ الْخَزِيرَ , يُرِيدُونَ أَنْ يَصُدُّونَا عَنِ الْبَيْتِ فَأَشِيرُوا عَلَيَّ مَا تَرَوْنَ ، أَتَرَوْنَ أَنْ نَعْمِدَ إِلَى الرَّأْسِ يَعْنِي أَهْلَ مَكَّةَ , أَوْ نَعْمِدَ إِلَى الَّذِينَ أَعَانُوهُمْ فَنَخْلُفُهُمْ إِلَى نِسَائِهِمْ وَصِبْيَانِهِمْ , فَإِنْ جَلَسُوا جَلَسُوا مَهْزُومِينَ مَوْتُورِينَ ، وَإِنْ طَلَبُونَا طَلَبُوا طَلَبًا مُدَانِيًا ضَعِيفًا فَأَخْزَاهُمُ اللَّهُ , فَقَالَ أَبُو بَكْرٍ : نَرَى يَا رَسُولَ اللَّهِ أَنْ نَعْمِدَ إِلَى الرَّأْسِ يَعْنِي أَهْلَ مَكَّةَ , فَإِنَّ اللَّهَ جَلَّ ثَنَاؤُهُ نَاصِرُكَ ، وَإِنَّ اللَّهَ مُعِينُكَ ، وَإِنَّ اللَّهَ مُظْهِرُكَ . وَقَالَ الْمِقْدَادُ : إِنَّا وَاللَّهِ لا نَقُولُ كَمَا قَالَتْ بَنُو إِسْرَائِيلَ لِنَبِيِّهَا : اذْهَبْ أَنْتَ وَرَبُّكَ فَقَاتِلا إِنَّا هَهُنَا قَاعِدُونَ وَلَكِنِ اذْهَبْ أَنْتَ وَرَبُّكَ فَقَاتِلا إِنَّا مَعَكُمَا مُقَاتِلُونَ . فَخَرَجَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ حَتَّى إِذَا غَشِيَ الْحَرَمَ , وَدَخَلَ أَنْصَابَهُ بَرَكَتْ نَاقَتُهُ الْجَدْعَاءُ , فَقَالَ النَّاسُ : خَلأتْ . فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : مَا خَلأتْ وَمَا الْخَلاءُ بِعَادَتِهَا وَلَكِنْ حَبَسَهَا حَابِسُ الْفِيلِ عَنْ مَكَّةَ ، لا تَدْعُونِي قُرَيْشٌ إِلَى تَعْظِيمِ الْمَحَارِمِ فَيَسْبِقُونِي إِلَيْهِ ، هَلُمُّوا هَهُنَا لأَصْحَابِهِ وَأَخَذَ ذَاتَ الْيَمِينِ فَسَلَكَ ثَنِيَّةً تُدْعَى ذَاتَ الْحَنْظَلِ حَتَّى الْحُدَيْبِيَةَ ، فَلَمَّا نَزَلَ اسْتَقَى النَّاسُ مِنْ بِئْرٍ فَنَزَفَتْ وَلَمْ تَقُمْ بِهِمْ ، فَشَكَوْا ذَلِكَ إِلَيْهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَأَعْطَاهُمْ سَهْمًا مِنْ كِنَانَتِهِ , فَقَالَ : أَغِزُّوهُ فِيهَا . فَغَزُّوهُ فَجَاشَتْ وَطَمِيَ مَاؤُهَا حَتَّى ضَرَبَ النَّاسُ عَنْهُ بِالْعَطَنِ ، فَلَمَّا سَمِعَتْ بِهِ قُرَيْشٌ أَرْسَلُوا إِلَيْهِ أَخَا بَنِي الْحِلْسِ , وَكَانَ مِنْ قَوْمٍ يُعَظِّمُونَ الْهَدْيَ فَلَمَّا رَآهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ , قَالَ : هَذَا ابْنُ الْحِلْسِ وَهُوَ مِنْ قَوْمٍ يُعَظِّمُونَ الْهَدْيَ حَتَّى يَرَاهُ . فَلَمَّا نَظَرَ إِلَى الْهَدْيِ فِي قَلائِدِهِ لَمْ يُكَلِّمَهُمْ كَلِمَةً وَاحِدَةً , وَرَجَعَ مِنْ مَكَانِهِ إِلَى قُرَيْشٍ , فَقَالَ : أَتَى الْقَوْمُ بِالْهَدْيِ وَالْقَلائِدِ فَعَظُمَ عَلَيْهِمْ ، وَحَذَّرَهُمْ , قَالَ فَشَتَمُوهُ وَجَبَهُوهُ , وَقَالُوا : إِنَّمَا أَنْتَ أَعْرَابِيٌّ جِلْفٌ لا عِلْمَ لَكَ ، وَلَسْنَا نَعْجَبُ مِنْكَ ، وَإِنَّمَا نَعْجَبُ مِنْ أَنْفُسِنَا حَيْثُ أَرْسَلْنَاكَ . ثُمَّ قَالُوا لِعُرْوَةَ بْنِ مَسْعُودٍ الثَّقَفِيِّ : انْطَلِقْ إِلَى مُحَمَّدَ وَلا نُؤْتَى مِنْ قِبَلِ رَأْيِكَ . فَسَارَ إِلَيْهِ عُرْوَةُ فَلَمَّا لَقِيَهُ , قَالَ : يَا مُحَمَّدُ ، جَمَعْتَ أَوْبَاشَ النَّاسِ ثُمَّ سِرْتَ بِهِمْ إِلَى عِتْرَتِكَ وَبَيْضَتِكَ الَّتِي تَفَلَّقَتْ عَنْكَ لِتُبِيدَ خَضْرَاءَهُمْ . تَعْلَمُ أَنِّي قَدْ جِئْتُكَ مِنْ عِنْدِ كَعْبِ بْنِ لُؤَيٍّ , وَعَامِرِ بْنِ لُؤَيٍّ , قَدْ لَبِسُوا جُلُودَ النُّمُورِ عِنْدَ الْعُوذِ الْمَطَافِيلِ , يُقْسِمُونَ بِاللَّهِ لا تَعْرِضُ لَهُمْ خُطَّةً إِلا عَرَضُوا لَكَ أَمَرَّ مِنْهَا ، فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : إِنَّا لَمْ نَأْتِ لِقِتَالٍ ، وَلَكِنْ أَرَدْنَا أَنْ نَقْضِيَ عُمْرَتَنَا ، وَنَنْحَرَ هَدْيَنَا ، فَهَلْ لَكَ أَنْ تَأْتِي قَوْمَكَ فَإِنَّهُمْ أَهْلِي ، وَإِنَّ الْحَرْبَ قَدْ أَخَافَتْهُمْ ، وَإِنَّهُ لا خَيْرَ لَهُمْ أَنْ تَأْكُلَ الْحَرْبُ مِنْهُمْ إِلا مَا قَدْ أَكَلَتْ ، فَيَجْعَلُونَ بَيْنِي وَبَيْنَهُمْ مُدَّةً يَزِيدُ فِيهَا نَسْلُهُمْ , وَيُؤْمَنُ فِيهَا شَرُّهُمْ , وَيُخَلُّوا بَيْنِي وَبَيْنَ الْبَيْتِ فَنَقْضِي عُمْرَتَنَا , وَنَنْحَرُ هَدْيَنَا ، وَيُخَلُّوا بَيْنِي وَبَيْنَ النَّاسِ ، فَإِنْ أَصَابُونِي فَذَلِكَ الَّذِي يُرِيدُونَ , وَإِنْ أَظْهَرَنِي اللَّهُ عَلَيْهِمُ اخْتَارُوا لأَنْفُسِهِمْ : إِمَّا قَاتَلُوا مُعْدِينَ , وَإِمَّا دَخَلُوا فِي السِّلْمِ وَافِرِينَ ، فَإِنِّي وَاللَّهِ لأُقَاتِلَنَّ عَلَى هَذَا الأَمْرَ الأَحْمَرَ وَالأَسْوَدَ حَتَّى يَمْضِيَ أَمْرُ اللَّهِ , أَوْ تَنْفَرِدَ سَالِفَتِي فَلَمَّا سَمِعَ عُرْوَةُ مَقَالَتَهُ رَجَعَ إِلَى قُرَيْشٍ , فَقَالَ : تَعْلَمُونَ أَنَّكُمْ أَخْوَالِي وَعَشِيرَتِي وَأَحَبَّ النَّاسِ إِلَيَّ ، وَلَقَدِ اسْتَنْفَرْتُ لَكُمُ النَّاسَ فِي الْمَجَامِعِ فَلَمَّا لَمْ يَنْصُرُوكُمْ أَتَيْتُكُمْ بِأَهْلِي حَتَّى سَكَنْتُ بَيْنَ أَظْهُرِكُمْ إِرَادَةَ أَنْ أُوَاسِيكُمْ . تَعْلَمُنَّ مَا أُحِبُّ الْحَيَاةَ بَعْدَكُمْ ، وَتَعْلَمُنَّ أَنِّي قَدْ رَأَيْتُ الْعُظَمَاءَ وَقَدْ قَدِمْتُ عَلَى الْمُلُوكِ ، فَأُقْسِمُ بِاللَّهِ أَنِّي مَا رَأَيْتُ مَلِكًا وَلا عَظِيمًا أَعْظَمَ فِي أَصْحَابِهِ مِنْ مُحَمَّدٍ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِنَّ مِنْهُمْ رَجُلٌ يَتَكَلَّمُ حَتَّى يَسْتَأْذِنَهُ فِي الْكَلامِ , فَإِنْ أَذِنَ لَهُ تَكَلَّمَ وَإِنْ لَمْ يَأْذَنْ لَهُ سَكَتَ ، ثُمَّ إِنَّهُ لَيَتَوَضَّأُ فَيَبْتَدِرُونَ وَضُوءَهُ يَصُبُّونَهُ عَلَى رُءُوسِهِمْ يَتَّخِذُونَهُ حَنَانًا , قَالَ : فَلَمَّا سَمِعُوا مَقَالَةَ عُرْوَةَ أَرْسَلُوا إِلَيْهِ سُهَيْلَ بْنَ عَمْرٍو , وَمُكْرِزَ بْنَ حَفْصٍ , فَقَالُوا : انْطَلِقَا إِلَى مُحَمَّدٍ فَإِنْ أَعْطَاكُمَا مَا ذَكَرَهُ لِعُرْوَةَ فَقَاضِيَاهُ عَلَى أَنْ يَرْجِعَ عَنَّا عَامَهُ هَذَا وَلا يَخْلُصَ إِلَى الْبَيْتِ حَتَّى يَسْمَعَ مَنْ سَمِعَ مِنَ الْعَرَبِ بِسَيْرِهِ أَنَا قَدْ صَدَدْنَاهُ . فَأَتَيَاهُ فَذَكَرَا لَهُ ذَلِكَ ، فَأَعْطَاهُمَا , وَقَالَ : " اكْتُبُوا : ( بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ ) فَقَالا : لا وَاللَّهِ لا نَكْتُبُ هَذَا أَبَدًا . فَقَالَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : فَكَيْفَ نَكْتُبُ ؟ فَقَالا : اكْتُبْ بِاسْمِكَ اللَّهُمَّ . فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : وَهَذِهِ حَسَنَةً اكْتُبُوهَا , فَكَتَبُوهَا . ثُمَّ قَالَ : اكْتُبُوا : هَذَا مَا تَقَاضَى عَلَيْهِ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ , فَقَالُوا : وَاللَّهِ مَا نَخْتَلِفُ إِلا فِي هَذَا , قَالَ : فَكَيْفَ ؟ قَالُوا : اكْتُبِ اسْمَكَ وَاسْمَ أَبِيكَ : مُحَمَّدَ بْنَ عَبْدِ اللَّهِ , قَالَ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : وَهَذِهِ حَسَنَةً اكْتُبُوهَا , فَكَتَبُوهَا فَكَانَ فِي شَرْطِهِمْ أَنَّ بَيْنَنَا الْعَيْبَةَ الْمَكْفُوفَةَ ، وَأَنَّهُ لا أَغْلالَ وَلا أَسْلالَ ، وَأَنَّهُ مَنْ أَتَاكُمْ مِنَّا رَدَدْتُمُوهُ عَلَيْنَا , وَمَنْ أَتَانَا مِنْكُمْ لَمْ نَرُدُّهُ عَلَيْكُمْ . فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : مَنْ دَخَلَ مَعِي فَلَهُ مِثْلُ شَرْطِي , وَقَالَتْ قُرَيْشٌ : مَنْ دَخَلَ مَعَنَا فَلَهُ مِثْلُ شَرْطِنَا . فَقَالَتْ بَنُو كَعْبٍ : وَنَحْنُ مَعَكَ يَا رَسُولَ اللَّهِ . وَقَالَتْ بَنُو بَكْرٍ : نَحْنُ مَعَ قُرَيْشٍ . فَبَيْنَمَا هُمْ فِي الْكِتَابِ إِذْ جَاءَ أَبُو جَنْدَلِ بْنِ سُهَيْلٍ بْنِ عَمْرٍو أَحَدُ بَنِي عَامِرِ بْنِ لُؤَيٍّ وَهُوَ مُوَثَّقٌ بِالْحَدِيدِ مُسْلِمًا , قَدِ انْفَلَتَ مِنْهُمْ إِلَى رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ، فَلَمَّا رَآهُ الْمُسْلِمُونَ , قَالُوا : اللَّهُمَّ أَبُو جَنْدَلٍ , فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : هُوَ لِي , وَقَالَ أَبُوهُ سُهَيْلٌ وَهُوَ الَّذِي كَانَ يُقَاوِلُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ , قَدْ لَجَّتِ الْقَضِيَّةُ بَيْنِي وَبَيْنِكَ قَبْلَ أَنْ يَأْتِيكَ هَذَا فَهُوَ لِي ، فَانْظُرُوا فِي الْكِتَابِ فَنَظَرُوا فَوَجَدُوهُ لِسُهَيْلٍ ، فَرَدُّوهُ إِلَيْهِ ، فَنَادَى أَبُو جَنْدَلٍ : يَا رَسُولَ اللَّهِ ، يَا مَعْشَرَ الْمُسْلِمِينَ أَتَرُدُّونَنِي إِلَى الْمُشْرِكِينَ يَفْتِنُونِي فِي دِينِي ؟ فَقَالَ لَهُ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : يَا أَبَا جَنْدَلٍ قَدْ لَجَّتِ الْقَضِيَّةُ بَيْنَنَا وَبَيْنَهُمْ وَلا يَصْلُحُ لَنَا الْغَدْرُ ، وَاللَّهُ جَاعِلٌ لَكَ وَلِمَنْ مَعَكَ مِنَ الْمُسْتَضْعَفِينَ فَرَجًا وَمَخْرَجًا , فَقَالَ عُمَرُ : يَا أَبَا جَنْدَلٍ ، هَذَا السَّيْفُ وَإِنَّمَا هُوَ رَجُلٌ وَأَنْتَ رَجُلٌ . فَقَالَ سُهَيْلٌ : أَعَنْتَ عَلَيَّ يَا عُمَرُ ، فَقَالَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لِسُهَيْلٍ : هَبْهُ لِي , قَالَ : لا , قَالَ : فَأَجِرْهُ لِي , قَالَ : لا , قَالَ مُكْرِزٌ : قَدْ أَجَرْتُهُ لَكَ يَا مُحَمَّدُ وَلَنْ يَهِيجَ : قَالَ : فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : يَا أَيُّهَا النَّاسُ انْحَرُوا وَاحْلِقُوا وَأَحِلُّوا , قَالَ : فمَا قَامَ رَجُلٌ مِنَ النَّاسِ . ثُمَّ أعَادَهَا ، فَمَا قَامَ أَحَدٌ ، قَالَ : وَدَخَلَهُمْ مِنْ ذَلِكَ أَمْرٌ عَظِيمٌ , قَالَ : فَدَخَلَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَلَى أُمِّ سَلَمَةَ , فَقَالَ : مَا رَأَيْتِ مَا دَخَلَ عَلَى النَّاسِ ؟ فَقَالَتْ : يَا رَسُولَ اللَّهِ اذْهَبْ فَانْحَرْ هَدْيَكَ وَاحْلِقْ وَأَحِلَّ ، فَإِنَّ النَّاسَ سَيَحِلُّونَ , قَالَ فَفَعَلَ . فَنَحَرَ النَّاسُ وَحَلَقُوا وَأَحَلُّوا ثُمَّ انْصَرَفَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ، فَلَمَّا قَدِمَ الْمَدِينَةَ أَتَاهُ أَبُو بَصِيرٍ ، رَجُلٌ مِنْ قُرَيْشٍ مُسْلِمًا ، فَبَعَثَتْ قُرَيْشٌ فِي طَلَبِهِ رَجُلَيْنِ ، فَدَفَعَهُ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِلَيْهِمَا وَقَالَ لَهُ نَحْوًا مِمَّا قَالَ لأَبِي جَنْدَلٍ ، فَخَرَجَا بِهِ حَتَّى انْتَهَيَا بِهِ إِلَى ذِي الْحُلَيْفَةِ , فَقَالَ لأَحَدِهِمَا : أَصَارِمٌ سَيْفُكَ هَذَا يَا أَخَا بَنِي عَامِرٍ ؟ قَالَ : نَعَمْ , قَالَ : فَأَنْظُرُ إِلَيْهِ ؟ قَالَ : نَعَمْ , قَالَ : فَاخْتَرَطَهُ ثُمَّ عَلاهُ بِهِ حَتَّى قَتَلَهُ . وَخَرَجَ صَاحِبُهُ هَارِبًا . وَأَقْبَلَ أَبُو بَصِيرٍ حَتَّى وَقَفَ عَلَى رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : ثُمَّ قَالَ : قَدْ وَفَّيْتُ ذِمَّتَكَ وَأَدَّى اللَّهُ عَنْكَ ، وَقَدِ امْتَنَعْتُ بِدِينِي أَنْ يَفْتِنُونِي . فَقَالَ لَهُ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : وَيْلُ أُمِّهِ مِحَشُّ حَرْبٍ لَوْ كَانَ لَهُ رِجَالٌ . فَخَرَجَ أَبُو بَصِيرٍ حَتَّى نَزَلَ بِذِي الْحُلَيْفَةِ ، فَجَعَلَ كُلُّ مَنْ أَسْلَمَ مِنْ أَهْلِ مَكَّةَ يَأْتِيهِ فَيَنْضَمَّ إِلَيْهِ حَتَّى صَارَ مَعَهُ سَبْعُونَ رَجُلا . وَكَانَ يَقْطَعُ الطَّرِيقَ عَلَى تُجَّارِ قُرَيْشٍ وَعَلَى غَيْرِهِمْ ، حَتَّى كَتَبَتْ قُرَيْشٌ إِلَى رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَسْأَلُوهُ بِأَرْحَامِهِمْ أَنْ يَقْبَلَهُمْ فَلا حَاجَةَ لَهُمْ فِيهِمْ ، فَقَبِلَهُمْ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ . ثُمَّ هَاجَرَتِ النِّسَاءُ فِي هَذِهِ الْهُدْنَةِ وَحَكَمَ اللَّهُ فِيهِمْ وَأَنْزَلَ : إِذَا جَاءَكُمُ الْمُؤْمِنَاتُ مُهَاجِرَاتٍ سورة الممتحنة آية 10 الآيَةَ فَأُمِرُوا أَنْ يَرُدُّوا الأَصْدِقَةَ عَلَى أَزْوَاجِهِنَّ . فَلَمْ تَنْزِلِ الْهُدْنَةُ حَتَّى وَقَعَ بَيْنَ بَنِي كَعْبٍ وَبَيْنَ بَنِي بَكْرٍ قِتَالٌ ، فَكَانَتْ بَنُو بَكْرٍ مِمَّنْ دَخَلَ مَعَ قُرَيْشٍ فِي صُلْحِهَا وَمُوَادَعَتِهَا ، فَأَمَدَّتْ قُرَيْشٌ بَنِي بَكْرٍ بِسِلاحٍ وَطَعَامٍ وَظَلَّلَتْ عَلَيْهِمْ حَتَّى ظَهَرَتْ بَنُو بَكْرٍ عَلَى بَنِي كَعْبٍ وَقَتَلُوا فِيهِمْ ، فَخَافَتْ قُرَيْشٌ أَنْ يَكُونُوا قَدْ نَقَضُوا ، فَقَالُوا لأَبِي سُفْيَانَ : اذْهَبْ إِلَى مُحَمَّدٍ فَأَجِدَّ الْحِلْفَ وَأَصْلِحْ بَيْنَ النَّاسِ . فَانْطَلَقَ أَبُو سُفْيَانَ حَتَّى قَدِمَ الْمَدِينَةَ ، فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : قَدْ جَاءَكُمْ أَبُو سُفْيَان وَسَيَرْجِعُ رَاضِيًا بِغَيْرِ حَاجَةٍ " فَأَتَى أَبَا بَكْرٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ فَقَالَ : يَا أَبَا بَكْرٍ , أَجِدَّ الْحِلْفَ وَأَصْلِحْ بَيْنَ النَّاسِ . " فَقَالَ أَبُو بَكْرٍ : لَيْسَ الأَمْرُ إِلَيَّ , الأَمْرُ إِلَى اللَّهِ وَإِلَى رَسُولِهِ . ثُمَّ أَتَى عُمَرَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ , فَقَالَ لَهُ نَحْوًا مِمَّا قَالَ لأَبِي بَكْرٍ ، فَقَالَ عُمَرُ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ : أَنْقُضُكُمْ ، فَمَا كَانَ مِنْهُ جَدِيدًا فَأَبْلاهُ اللَّهُ ، وَمَا كَانَ مِنْهُ شَدِيدًا فَقَطَعَهُ اللَّهُ , قَالَ : فَقَالَ أَبُو سُفْيَانَ مَا رَأَيْتُ كَالْيَوْمِ شَاهَدْتُ عَشِيرَةً لَيْسَ مِنْ قَوْمٍ ظَلَّلُوا عَلَى قَوْمٍ وَأَمَدُّوهُمْ بِسِلاحٍ وَطَعَامٍ أَنْ يَكُونُوا نَقَضُوا . ثُمَّ أَتَى فَاطِمَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا , فَقَالَ : هَلْ لَكِ يَا فَاطِمَةُ فِي أَمْرٍ تَسُودِينَ فِي نِسَاءِ قَوْمِكِ ؟ ثُمَّ ذَكَرَ لَهَا نَحْوًا مِمَّا ذَكَرَهُ لأَبِي بَكْرٍ ، فَقَالَتْ : لَيْسَ الأَمْرُ إِلَيَّ الأَمْرُ إِلَى اللَّهِ وَإِلَى رَسُولِهِ ، ثُمَّ أَتَى عَلِيًّا رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ , فَقَالَ لَهُ نَحْوًا مِمَّا قَالَهُ لأَبِي بَكْرٍ . فَقَالَ لَهُ عَلِيٌّ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ : مَا رَأَيْتُ كَالْيَوْمِ رَجُلا أَضَلَّ ، أَنْتَ سَيِّدُ النَّاسِ فَأَجِدَّ الْحِلْفَ وَأَصْلِحْ بَيْنَ النَّاسِ , قَالَ : فَضَرَبَ إِحْدَى يَدَيْهِ عَلَى الأُخْرَى وَقَالَ : قَدْ أَجْرَتِ النَّاسُ بَعْضُهُمْ مِنْ بَعْضٍ . ثُمَّ مَضَى حَتَّى قَدِمَ عَلَى أَهْلِ مَكَّةَ فَأَخْبَرَهُمْ بِمَا صَنَعَ ، فَقَالُوا : وَاللَّهِ مَا رَأَيْنَا كَالْيَوْمِ وَافِدًا قَدِمَ ، وَاللَّهِ مَا أَتَيْتَنَا بِحَرْبٍ فَنَحْذَرَ ، وَلا بِصُلْحٍ فَنَأْمَنَ ، ارْجِعْ , قَالَ : وَقَدِمَ وَافِدُ بَنِي كَعْبٍ عَلَى رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَأَخْبَرهُ بِمَا صَنَعَتْ قُرَيْشٌ وَبِمَعُونَتِهَا لِبَنِي بَكْرٍ وَدَعَاهُ إِلَى النُّصْرَةِ وَأَنْشَدَ : لاهُمَّ إِنِّي نَاشِدٌ مُحَمَّدَا حِلْفَ أَبِينَا وَأَبِيهِ الأَتْلَدَا وَوَالِدًا كُنَّا وَكُنْتَ وَلَدَا ثَمَّةَ أَسْلَمْنَا فَلَمْ نَنْزِعْ يَدَا إِنَّ قُرَيْشًا أَخْلَفُوكَ الْمَوْعِدَا وَنَقَضُوا مِيثَاقَكَ الْمُؤَكَّدَا وَزَعَمُوا أَنْ لَسْتَ تَدْعُو أَحَدَا فَهُمْ أَذَلُّ وَأَقَلُّ عَدَدَا هُمْ بَيَّتُونَا بِالْوَتِيرِ هُجَّدَا وَقَتَّلُونَا رُكَّعًا وَسُجَّدَا وَجَعَلُوا لِي فِي كَدَاءٍ رَصَدَا فَانْصُرْنَا رَسُولَ اللَّهِ نَصْرًا عَتَدَا وَابْعَثْ جُنُودَ اللَّهِ تَأْتِي مَدَدَا فِي فَيْلَقٍ كَالْبَحْرِ يَأْتِي مُزْبِدَا فِيهِمْ رَسُولُ اللَّهِ قَدْ تَجَرَّدَا إِنْ سِيمَ خَسْفًا وَجْهُهُ تَرَبَّدَا قَالَ : وَمَرَّتْ سَحَابَةٌ فَأَرْعَدَتْ . فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : إِنَّ هَذِهِ لَتُرْعِدُ بِنَصْرِ بَنِي كَعْبٍ . ثُمَّ قَالَ لِعَائِشَةَ : جَهِّزِينِي وَلا تُعْلِمِينَ بِذَلِكَ أَحَدًا . فَدَخَلَ عَلَيْهَا أَبُو بَكْرٍ فَأَنْكَرَ بَعْضَ شَأْنِهَا ، فَقَالَ : مَا هَذَا ؟ فَقَالَتْ أَمَرَنِي رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنْ أُجَهِّزَهُ , قَالَ : إِلَى أَيْنَ ؟ قَالَتْ : إِلَى مَكَّةَ , قَالَ : وَاللَّهِ مَا انْقَضَتِ الْهُدْنَةُ بَيْنَنَا وَبَيْنَهُمْ بَعْدُ . قَالَ فَجَاءَ أَبُو بَكْرٍ إِلَى رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَذَكَرَ ذَلِكَ لَهُ ، فَقَالَ لَهُ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : إِنَّهُمْ أَوَّلُ مَنْ غَدَرَ ثُمَّ أَمَرَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِالطَّرُقِ فَحُبِسَتْ . ثُمَّ خَرَجَ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يُرِيدُ مَكَّةَ وَالْمُسْلِمُونَ مَعَهُ ، فَفَتَحَهَا اللَّهُ عَلَيْهِ , قَالَ : وَقَدْ كَانَ الْعَبَّاسُ بْنُ عَبْدِ الْمُطَّلِبِ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ , قَالَ : يَا رَسُولَ اللَّهِ , لَوْ أَذِنْتَ لِي فَأَتَيْتُ أَهْلَ مَكَّةَ فَدَعَوْتُهُمْ وَأَمَّنْتُهُمْ ؟ قَالَ : وَهَذَا بَعْدَ أَنْ شَارَفَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مَكَّةَ ، وَوَجَّهَ الزُّبَيْرَ مِنْ قِبَلِ أَعْلاهَا , وَخَالِدًا مِنْ قِبَلِ أَسْفَلِهَا , قَالَ : فَأَذِنَ لَهُ ، فَرَكِبَ الْعَبَّاسُ بَغْلَةَ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ الشَّهْبَاءَ وَانْطَلَقَ . فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : رُدُّوا عَلَيَّ أَبِي ، رُدُّوا عَليَّ أَبِي ، وَإِنَّ عَمَّ الرَّجُلِ صِنْوَ أَبِيهِ ، إِنِّي أَخَافُ أَنْ تَفْعَلَ بِهِ قُرَيْشٌ مَا فَعَلَتْ بِابْنِ مَسْعُودٍ دَعَاهُمْ إِلَى اللَّهِ فَقَتَلُوهُ ، أَمَا وَاللَّهِ لَئِنْ رَكِبُوهَا مِنْهُ لأَضْرِمَنَّهَا عَلَيْهِمْ نَارًا فَانْطَلَقَ الْعَبَّاسُ حَتَّى قَدِمَ مَكَّةَ ، فَقَالَ : يَا أَهْلَ مَكَّة أَسْلِمُوا تَسْلَمُوا فَقَدِ اسْتُبْطِنْتُمْ بِأَشْهَبَ بَازِلٍ ، هَذَا الزُّبَيْرُ مِنْ قِبَلِ أَعْلَى مَكَّةَ ، وَهَذَا خَالِدٌ مِنْ قِبَلِ أَسْفَلَ مَكَّةَ ، مَنْ أَلْقَى سِلاحَهُ فَهُوَ آمِنٌ " .

الرواه :

الأسم الرتبة
وَالْكَلْبِيُّ

متهم بالكذب

مُحَمَّدُ بْنُ إِسْحَاقَ

صدوق مدلس

أَبِيهِ

ثقة فقيه مشهور

هِشَامُ بْنُ عُرْوَةَ

ثقة إمام في الحديث

Whoops, looks like something went wrong.