نا أَحْمَدُ بْنُ الْمِقْدَامِ ، ثنا مُلازِمُ بْنُ عَمْرٍو ، حَدَّثَنِي جَدِّي عَبْدُ اللَّهِ بْنُ بَدْرٍ ، عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ عَلِيِّ بْنِ شَيْبَانَ ، عَنْ أَبِيهِ عَلِيِّ بْنِ شَيْبَانَ ، وَكَانَ أَحَدَ الْوَفْدِ ، قَالَ : صَلَّيْنَا خَلْفَهُ يَعْنِي النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ، فَقَضَى نَبِيُّ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ الصَّلاةَ ، فَرَأَى رَجُلا فَرْدًا يُصَلِّي خَلْفَ الصَّفِّ ، فَوَقَفَ عَلَيْهِ نَبِيُّ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ حَتَّى قَضَى صَلاتَهُ ، ثُمَّ قَالَ لَهُ : " اسْتَقْبِلْ صَلاتَكَ ، فَلا صَلاةَ لِفَرْدٍ خَلْفَ الصَّفِّ " . قَالَ أَبُو بَكْرٍ : وَفِي أَخْبَارِ وَابِصَةَ بْنِ مَعْبَدٍ : رَأَى رَجُلا صَلَّى خَلْفَ الصَّفِّ وَحْدَهُ ، فَأَمَرَهُ أَنْ يُعِيدَ الصَّلاةَ . وَاحْتَجَّ بَعْضُ أَصْحَابِنَا وَبَعْضُ مَنْ قَالَ بِمَذْهَبِ الْعِرَاقِيِّينَ فِي إِجَازَةِ صَلاةِ الْمَأْمُومِ خَلْفَ الصَّفِّ وَحْدَهُ بِمَا هُوَ بَعِيدُ الشَّبَهِ مِنْ هَذِهِ الْمَسْأَلَةِ ، احْتَجُّوا بِخَبَرِ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ " أَنَّهُ صَلَّى وَامْرَأَةٌ خَلْفَ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ، فَجَعَلَهُ عَنْ يَمِينِهِ ، وَالْمَرْأَةَ خَلْفَ ذَلِكَ " ، فَقَالُوا : إِذَا جَازَ لِلْمَرْأَةِ أَنْ تَقُومَ خَلْفَ الصَّفِّ وَحْدَهَا ، جَازَ صَلاةُ الْمُصَلِّي خَلْفَ الصَّفِّ وَحْدَهُ ! وَهَذَا الاحْتِجَاجُ عِنْدِي غَلَطٌ ؛ لأَنَّ سُنَّةَ الْمَرْأَةِ أَنْ تَقُومَ خَلْفَ الصَّفِّ وَحْدَهَا إِذَا لَمْ تَكُنْ مَعَهَا امْرَأَةٌ أُخْرَى ، وَغَيْرُ جَائِزٍ لَهَا أَنْ تَقُومَ بِحِذَاءِ الإِمَامِ ، وَلا فِي الصَّفِّ مَعَ الرِّجَالِ ، وَالْمَأْمُومُ مِنَ الرِّجَالِ إِنْ كَانَ وَاحِدًا ، فَسُنَّتُهُ أَنْ يَقُومَ عَنْ يَمِينِ إِمَامِهِ ، وَإِنْ كَانُوا جَمَاعَةً قَامُوا فِي صَفٍّ خَلْفَ الإِمَامِ ، حَتَّى يَكْمُلَ الصَّفُّ الأَوَّلُ ، وَلَمْ يَجُزْ لِلرَّجُلِ أَنْ يَقُومَ خَلْفَ الإِمَامِ وَالْمَأْمُومُ وَاحِدٌ ، وَلا خِلافَ بَيْنَ أَهْلِ الْعِلْمِ أَنَّ هَذَا الْفِعْلَ لَوْ فَعَلَهُ فَاعِلٌ ، فَقَامَ خَلْفَ إِمَامٍ ، وَمَأْمُومٍ قَدْ قَامَ عَنْ يَمِينِهِ ، خِلافُ سُنَّةِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ، وَإِنْ كَانُوا قَدِ اخْتَلَفُوا فِي إِيجَابِ إِعَادَةِ الصَّلاةِ ، وَالْمَرْأَةُ إِذَا قَامَتْ خَلْفَ الصَّفِّ وَلا امْرَأَةَ مَعَهَا وَلا نِسْوَةَ فَاعِلَةٌ مَا أُمِرَتْ بِهِ ، وَمَا هُوَ سُنَّتُهَا فِي الْقِيَامِ . وَالرَّجُلُ إِذَا قَامَ فِي الصَّفِّ وَحْدَهُ فَاعِلٌ مَا لَيْسَ مِنْ سُنَّتِهِ ، إِذْ سُنَّتُهُ أَنْ يَدْخُلَ الصَّفَّ فَيَصْطَفَّ مَعَ الْمَأْمُومِينَ ، فَكَيْفَ يَكُونُ أَنْ يُشَبَّهَ مَا زُجِرَ الْمَأْمُومُ عَنْهُ مِمَّا هُوَ خِلافُ سُنَّتِهِ فِي الْقِيَامِ ، بِفِعْلِ امْرَأَةٍ فَعَلَتْ مَا أُمِرَتْ بِهِ ، مِمَّا هُوَ سُنَّتُهَا فِي الْقِيَامِ خَلْفَ الصَّفِّ وَحْدَهَا ؟ فَالْمُشَبِّهُ الْمَنْهِيَّ عَنْهُ بِالْمَأْمُورِ بِهِ مُغَفَّلٌ بَيِّنُ الْغَفْلَةِ ، مُشَبِّهٌ بَيْنَ فِعْلَيْنِ مُتَضَادَّيْنِ ، إِذْ هُوَ مُشَبِّهٌ مَنْهِيًّا عَنْهُ بِمَأَمْورٍ بِهِ . فَتَدَبَّرُوا هَذِهِ اللَّفْظَةَ يَبِنْ لَكُمْ بِتَوْفِيقِ خَالِقِنَا حُجَّةُ مَا ذَكَرْنَا . وَزَعَمَ مُخَالِفُونَا مِنَ الْعِرَاقِيِّينَ فِي هَذِهِ الْمَسْأَلَةِ أَنَّ الْمَرْأَةَ لَوْ قَامَتْ فِي الصَّفِّ مَعَ الرِّجَالِ حَيْثُ أُمِرَ الرَّجُلُ أَنْ يَقُومَ ، أَفْسَدَتْ صَلاةَ مَنْ عَنْ يَمِينِهَا ، وَمَنْ عَنْ شِمَالِهَا ، وَالْمُصَلِّي خَلْفَهَا ، وَالرَّجُلُ مَأْمُورٌ عِنْدَهُمْ أَنْ يَقُومَ فِي الصَّفِّ مَعَ الرِّجَالِ ، فَكَيْفَ يُشَبَّهُ فِعْلُ امْرَأَةٍ لَوْ فَعَلَتْ أَفْسَدَتْ صَلاةَ ثَلاثَةٍ مِنَ الْمُصَلِّينَ ، بِفِعْلِ مَنْ هُوَ مَأْمُورٌ بِفِعْلِهِ ؟ إِذَا فَعَلَهُ لا يُفْسِدُ فِعْلُهُ صَلاةَ أَحَدٍ .
الأسم | الشهرة | الرتبة |
عَلِيِّ بْنِ شَيْبَانَ | علي بن شيبان السحيمى | صحابي |
عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ عَلِيِّ بْنِ شَيْبَانَ | عبد الرحمن بن علي الحنفي | ثقة |
عَبْدُ اللَّهِ بْنُ بَدْرٍ | عبد الله بن بدر السميعي | ثقة |
مُلازِمُ بْنُ عَمْرٍو | ملازم بن عمرو الحنفي | ثقة |
أَحْمَدُ بْنُ الْمِقْدَامِ | أحمد بن المقدام العجلي | ثقة |