وَأَخْبَرَنَا أَبُو بَكْرٍ ، قَالَ : سَأَلْتُ أَبَا عَبْدِ اللَّهِ ، عَنْ رَجُلٍ جَلَسَ فِي بَيْتِهِ وَيَقُولُ : أَجْلِسُ وَأَصْبِرُ فِي الْبَيْتِ ، وَلا أُطْلِعُ عَلَى ذَلِكَ أَحَدًا ، وَهُوَ مِمَّنْ يَرَى أَنْ يَحْتَرِفَ ، فَقَالَ : لَوْ خَرَجَ فَاحْتَرَفَ لَكَانَ أَحَبَّ إِلَيَّ ، وَإِذَا جَلَسَ خِفْتُ أَنْ يُخْرِجَهُ جُلُوسُهُ إِلَى غَيْرِ هَذَا ، قُلْتُ : إِلَى أَيِّ شَيْءٍ يُخْرِجُهُ ؟ ، قَالَ يُخْرِجُهُ إِلَى أَنْ يَكُونَ يَتَوَقَّعُ أَنْ يُرْسَلَ إِلَيْهِ ، قُلْتُ : فَإِذَا كَانَ يُبْعَثُ إِلَيْهِ بِالشَّيْءِ فَلا يَأْخُذُ ، قَالَ : هَذَا جَيِّدٌ ، قُلْتُ لأَبِي عَبْدِ اللَّهِ : إِنَّ رَجُلا بِمَكَّةَ قَالَ : لا أَكَلْتُ شَيْئًا حَتَّى يُطْعِمُونِي ، وَدَخَلَ فِي جَبَلِ أَبِي قُبَيْسٍ ، فَجَاءَ إِلَيْهِ رَجُلانِ وَهُوَ مُتَّزِرٌ بِخِرْقَةٍ فَأَلْقُوا إِلَيْهِ قَمِيصًا ، فَلَمْ يَلْبَسْهُ ، وَأَخَذُوا يَدَيْهِ فَأَلْبَسُوهُ الْقَمِيصَ ، وَوُضِعَ بَيْنَ يَدَيْهِ شَيْءٌ فَلَمْ يَأْكُلْ ، حَتَّى وُضِعَ مِفْتَاحُ حَدِيدٍ فِي فِيهِ ، وَجَعَلُوا يَدُسُّونَ فِي فَمِهِ ، فَضَحِكَ أَبُو عَبْدِ اللَّهِ وَجَعَلَ يَعْجَبُ ، قُلْتُ لأَبِي عَبْدِ اللَّهِ : إِنَّ رَجُلا تَرَكَ الْبَيْعَ وَالشِّرَاءَ ، وَجَعَلَ عَلَى نَفْسِهِ أَنْ لا يَقَعَ فِي يَدِهِ ذَهَبٌ وَلا فِضَّةٌ ، وَتَرَكَ دُورَهُ وَلَمْ يَأْمُرْ فِيهَا بِشَيْءٍ ، وَكَانَ يَمُرُّ فِي الطَّرِيقِ ، فَإِذَا رَأَى شَيْئًا مَطْرُوحًا أَخَذَهُ مِمَّا قَدْ أُلْقِيَ ، قَالَ الْمَرُّوذِيُّ : فَقُلْتُ أَنَا لِلرَّجُلِ : أَيْشٍ حُجَّتُكَ فِي ذَا ؟ مَا أَرَى لَكَ عَلَيْهِ حُجَّةً غَيْرَ أَبِي مُعَاوِيَةَ الأَسْوَدِ ، قَالَ الرَّجُلُ : بَلَى ، أُوَيْسٌ الْقَرَنِيُّ ، كَانَ يَمُرُّ بِالْمَزَابِلِ فَيَلْقُطُ الرِّقَاعَ ، فَصَدَّقَهُ وَقَالَ : قَدْ شَدَّدَ عَلَى نَفْسِهِ ، ثُمَّ قَالَ : قَدْ جَاءَنِي نَفْسَانِ يَسْأَلُونِي عَنْ مِثْلِ ذَا ، فَقَالَ : يَمُرُّ فِي الطَّرِيقِ فَيَجِدُ الشَّيْءَ مِثْلَ الْبَقْلِ وَنَحْوِهِ ، فَقُلْتُ لَهُمْ لَوْ تَعَرَّضْتُمْ لِعَمَلٍ تَشْهِرُونَ أَنْفُسَكُمْ ، قَالُوا : وَأَيْشَ نُبَالِي مِنَ الشُّهْرَةِ ؟ .
الأسم | الشهرة | الرتبة |