وَأَخْبَرَنَا أَبُو بَكْرٍ الْمَرُّوذِيُّ ، قَالَ : رَأَيْتُ أَبَا عَبْدِ الرَّحِيمِ الْجُوزَجَانِيَّ عِنْدَ أَبِي عَبْدِ اللَّهِ ، وَقَدْ كَانَ ذَكَرَهُ أَبُو عَبْدِ اللَّهِ ، فَقَالَ : كَانَ أَبُوهُ مُرْجِئًا ، أَوْ قَالَ : صَاحِبَ رَأْيٍ ، وَأَمَّا عَبْدُ الرَّحِيمِ ، فَأَثْنَى عَلَيْهِ ، وَقَدْ كَانَ كَتَبَ إِلَى أَبِي عَبْدِ اللَّهِ مِنْ خُرَاسَانَ يَسْأَلُهُ عَنِ الإِيمَانِ . قَالَ أَبُو بَكْرٍ الْمَرُّوذِيُّ فَحَدَّثَنِي أَبُو عَلِيٍّ الْحُسَيْنُ بْنُ حَامِدٍ النَّيْسَابُورِيُّ ، قَالَ : سَمِعْتُ أَبَا عَبْدِ الرَّحِيمِ الْجُوزَجَانِيُّ يَقُولُ : كَتَبْتُ إِلَى أَبِي عَبْدِ اللَّهِ أَحْمَدُ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ حَنْبَلٍ ، " أَسْأَلُهُ فِيمَا كَانُوا يَحْتَجُّونَ بِبَلَدِنَا ، قَوْمٌ مِنَ الْمُرْجِئَةِ وَغَيْرِهِمْ مِنْ أَهْلِ الْبِدَعِ ، قَالَ : فَأَجَابَنِي فِي ذَلِكَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ : بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ ، أَحْسَنَ اللَّهُ إِلَيْنَا وَإِلَيْكَ فِي الأُمُورِ كُلِّهَا ، وَسَلَّمَكَ وَإِيَّانَا مِنْ كُلِّ سُوءٍ بِرَحْمَتِهِ " . وَأَخْبَرَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنِ عُبَيْدِ اللَّهِ الطَّرَسُوسِيُّ ، قَالَ : ثنا مُحَمَّدُ بْنُ حَاتِمٍ الْمَرْوَزِيُّ ، قَالَ : ثنا أَبُو عَبْدِ الرَّحِيمِ مُحَمَّدُ بْنُ أَحْمَدَ بْنِ الْجَرَّاحِ الْجُوزَجَانِيُّ ، قَالَ : كَتَبَ إِلَيَّ أَحْمَدُ بْنُ حَنْبَلٍ : " أَحْسَنَ اللَّهُ إِلَيْنَا وَإِلَيْكَ فِي الأُمُورِ كُلِّهَا ، وَسَلَّمَكَ وَإِيَّانَا مِنْ كُلِّ سُوءٍ بِرَحْمَتِهِ ، وَاتَّفَقَا مِنْ هَاهُنَا ، أَتَانِي كِتَابُكَ تَذْكُرُ فِيهِ مَا يُذْكَرُ مِنَ احْتِجَاجِ مَنِ احْتَجَّ مِنَ الْمُرْجِئَةِ ، وَاعْلَمْ رَحِمَكَ اللَّهُ أَنَّ الْخُصُومَةَ فِي الدِّينِ لَيْسَتْ مِنْ طَرِيقِ أَهْلِ السُّنَّةِ ، وَأَنَّ تَأْوِيلَ مَنْ تَأَوَّلَ الْقُرْآنَ بِلا سُنَّةٍ تَدُلُّ عَلَى مَعْنَاهَا أَوْ مَعْنَى مَا أَرَادَ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ أَوْ أَثَرٍ ، قَالَ الْمَرُّوذِيُّ : أَوْ أَثَرٍ عَنْ أَصْحَابِ الرَّسُولِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ، وَيُعْرَفُ ذَلِكَ بِمَا جَاءَ عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَوْ عَنْ أَصْحَابِهِ ، فَهُمْ شَاهَدُوا النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ، وَشَهِدُوا تَنْزِيلَهُ ، وَمَا قَصَّهُ لَهُ الْقُرْآنُ ، وَمَا عُنِيَ بِهِ ، وَمَا أَرَادَ بِهِ ، وَخَاصٌّ هُوَ أَوْ عَامٌّ ، فَأَمَّا مَنْ تَأَوَّلَهُ عَلَى ظَاهِرٍ بِلا دَلالَةٍ مِنْ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَلا أَحَدٍ مِنْ أَصْحَابِهِ ، فَهَذَا تَأْوِيلُ أَهْلِ الْبِدَعِ ، لأَنَّ الآيَةَ قَدْ تَكُونُ خَاصَّةً وَيَكُونُ حُكْمُهَا حُكْمًا عَامَّا ، وَيَكُونُ ظَاهِرُهَا عَلَى الْعُمُومِ ، فَإِنَّمَا قَصَدَتْ لِشَيْءٍ بِعَيْنِهِ ، وَرَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ الْمُعَبِّرُ عَنْ كِتَابِ اللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ ، وَمَا أَرَادَ وَأَصْحَابُهُ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمُ أَعْلَمُ بِذَلِكَ مِنَّا لِمُشَاهَدَتِهِمُ الأَمْرَ وَمَا أُرِيدَ بِذَلِكَ ، فَقَدْ تَكُونُ الآيَةُ خَاصَّةً ، مِثْلَ قَوْلِهِ : يُوصِيكُمُ اللَّهُ فِي أَوْلادِكُمْ لِلذَّكَرِ مِثْلُ حَظِّ الأُنْثَيَيْنِ وَظَاهِرُهَا عَلَى الْعُمُومِ ، وَإِنَّ مَنْ وَقَعَ عَلَيْهِ اسْمُ الْوَلَدِ فَلَهُ مَا فَرَضَ اللَّهُ تَبَارَكَ وَتَعَالَى ، فَجَاءَتْ سُنَّةُ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنْ لا يَرِثُ مُسْلِمٌ كَافِرًا ، وَرُوِي عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَلَيْسَ بِالثَّبْتِ إِلا أَنَّهُ عَنْ أَصْحَابِهِ أَنَّهُمْ لَمْ يُوَرِّثُوا قَاتِلا ، فَكَانَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ هُوَ الْمُعَبِّرُ عَنِ الْكِتَابِ أَنَّ الآيَةَ إِنَّمَا قَصَدَتْ لِلْمُسْلِمِ لا لِلْكَافِرِ ، وَمَنْ حَمَلَهَا عَلَى ظَاهِرِهَا لَزِمَهُ أَنْ يُوَرِّثَ مَنْ وَقَعَ عَلَيْهِ اسْمُ الْوَلَدِ كَافِرًا كَانَ أَوْ قَاتِلا ، فَكَذَلِكَ أَحْكَامُ الْمَوَارِيثِ مِنَ الأَبَوَيْنِ وَغَيْرُ ذَلِكَ ، مَعَ آيٍ كَثِيرٍ يَطُولُ بِهِ الْكِتَابُ ، وَإِنَّمَا اسْتَعْمَلَتِ الأُمَّةُ السُّنَّةَ مِنَ النَّبِيِّ عَلَيْهِ السَّلامُ وَمِنْ أَصْحَابِهِ ، إِلا مَنْ دَفَعَ ذَلِكَ مِنْ أَهْلِ الْبِدَعِ وَالْخَوَارِجِ وَمَا يُشْبِهُهُمْ ، فَقَدْ رَأَيْتَ إِلَى مَا قَدْ خَرَجُوا ، وَأَمَّا مَنْ زَعَمَ أَنَّ الإِيمَانَ الإِقْرَارُ ، فَمَا يَقُولُ فِي الْمَعْرِفَةِ ؟ هَلْ تَحْتَاجُ إِلَى الْمَعْرِفَةِ مَعَ الإِقْرَارِ ؟ وَهَلْ يَحْتَاجُ إِلَى أَنْ يَكُونَ مُصَدِّقًا بِمَا أَقَرَّ ، قَالَ مُحَمَّدُ بْنُ حَاتِمٍ : وَهَلْ يَحْتَاجُ أَنْ يَكُونَ مُصَدِّقًا بِمَا عَرَفَ ؟ ، فَإِنْ زَعَمَ أَنَّهُ يَحْتَاجُ إِلَى الْمَعْرِفَةِ مَعَ الإِقْرَارِ ، فَقَدْ زَعَمَ أَنَّهُ مِنْ شَيْئَيْنِ وَإِنْ زَعَمَ أَنَّهُ يَحْتَاجُ أَنْ يَكُونَ مُقِرًّا وَمُصَدِّقًا بِمَا عَرَفَ ، فَهُوَ مِنْ ثَلاثَةِ أَشْيَاءَ ، فَإِنْ جَحَدَ وَقَالَ : لا يَحْتَاجُ إِلَى الْمَعْرِفَةِ وَالتَّصْدِيقِ ، فَقَدْ قَالَ عَظِيمًا ، فَكَذَلِكَ الْعَمَلُ مَعَ هَذِهِ الأَشْيَاءِ ، وَقَدْ سَأَلَ وَفْدُ عَبْدِ الْقَيْسِ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَنِ الإِيمَانِ ، فَقَالَ : " شَهَادَةُ أَنْ لا إِلَهَ إِلا اللَّهُ ، وَأَنَّ مُحَمَّدًا رَسُولُ اللَّهِ ، وَإِقَامَةُ الصَّلاةِ ، وَإِيتَاءُ الزَّكَاةِ ، وَصَوْمُ رَمَضَانَ ، وَأَنْ تُعْطُوا الْخُمُسَ مِنَ الْمَغْنَمِ " ، فَجَعَلَ ذَلِكَ كُلَّهُ مِنَ الإِيمَانِ .
الأسم | الشهرة | الرتبة |
أَبِي عَبْدِ اللَّهِ أَحْمَدُ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ حَنْبَلٍ | أحمد بن حنبل الشيباني | ثقة حافظ فقيه حجة |
أَحْمَدُ بْنُ حَنْبَلٍ | أحمد بن حنبل الشيباني | ثقة حافظ فقيه حجة |
أَبَا عَبْدِ الرَّحِيمِ الْجُوزَجَانِيُّ | محمد بن أحمد الجوزجاني / توفي في :245 | ثقة |
أَبُو عَبْدِ الرَّحِيمِ مُحَمَّدُ بْنُ أَحْمَدَ بْنِ الْجَرَّاحِ الْجُوزَجَانِيُّ | محمد بن أحمد الجوزجاني / توفي في :245 | ثقة |
مُحَمَّدُ بْنُ حَاتِمٍ الْمَرْوَزِيُّ | محمد بن حاتم المروزي | ثقة |
أَبُو عَلِيٍّ الْحُسَيْنُ بْنُ حَامِدٍ النَّيْسَابُورِيُّ | الحسن بن حامد النيسابوري | مجهول الحال |
أَبُو بَكْرٍ الْمَرُّوذِيُّ | أحمد بن محمد البغدادي | ثقة |
عَبْدُ اللَّهِ بْنِ عُبَيْدِ اللَّهِ الطَّرَسُوسِيُّ | عبد الله بن عبيد الله الطرسوسي | مجهول الحال |