باب الخبر الموجب قتل الثيب الزاني وقتل قاتل النفس وقتل التارك دينه المفارق للجماعه وح...


تفسير

رقم الحديث : 5372

حَدَّثَنَا أَبُو دَاوُدَ الْحَرَّانِيُّ ، قثنا أَبُو حُذَيْفَةَ ، قثنا عِكْرِمَةُ بْنُ عَمَّارٍ ، عَنْ إِيَاسِ بْنِ سَلَمَةَ ، عَنْ أَبِيهِ ، قَالَ : قَدِمْنَا الْحُدَيْبِيَةَ مَعَ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ، فَبَايَعْنَاهُ فِي أَصْلِ شَجَرَةٍ وَبَايَعْتُهُ فِي أَوَّلِ النَّاسِ ، فَلَمَّا كَانَ فِي وَسَطٍ مِنَ النَّاسِ ، قَالَ : " بَايِعْنِي يَا سَلَمَةُ " ، فَقُلْتُ : يَا نَبِيَّ اللَّهِ ، قَدْ وَاللَّهِ بَايَعْتُكَ فِي أَوَّلِ النَّاسِ ، قَالَ : " وَأَيْضًا " ، قَالَ : فَبَايَعْتُهُ ، فَرَآنِي رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَعْزَلُ لَيْسَ مَعِي جُنَّةٌ اسْتَجِنُّ بِهَا فَأَعْطَانِي دَرَقَةً ، أَوْ قَالَ : جَحَفَةً ، فَلَقِيَنِي عَمِّي عَامِرٌ ، وَهُوَ أَعْزَلُ ، فَسَأَلَنِيهَا فَأَعْطَيْتُهُ إِيَّاهَا ، فَلَمَّا كَانَ فِي آخِرِ النَّاسِ ، قَالَ لِي رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : " أَلا تُبَايعُنِي يَا سَلَمَةُ ؟ " ، فَقُلْتُ : يَا نَبِيَّ اللَّهِ ، قَدْ وَاللَّهِ بَايَعْتُكَ فِي أَوَّلِ النَّاسِ وَفِي وَسْطِهِمْ ، فَقَالَ : " وَأَيْضًا " ، فَبَايَعْتُهُ ، ثُمَّ قَالَ : " يَا سَلَمَةُ ، أَيْنَ الْجَحَفَةُ أَوِ الدَّرَقَةُ الَّتِي أَعْطَيْتُكَ ؟ " ، فَقُلْتُ : يَا نَبِيَّ اللَّهِ ، سَأَلَنِيهَا عَمِّي عَامِرٌ وَهُوَ أَعْزَلُ فَأَعْطَيْتُهُ إِيَّاهَا وآثَرْتُهُ بِهَا ، قَالَ : فَضَحِكَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ثُمَّ قَالَ : " إِنَّكَ كَالَّذِي قَالَ الأَوَّلَ : اللَّهُمَّ أَبْغِنِي حَبِيبًا هُوَ أَحَبُّ إِلَيَّ مِنْ نَفْسِي " ، قَالَ : ثُمَّ إِنَّ الْمُشْرِكِينَ مِنْ أَهْلِ مَكَّةَ وَاسُونَا الصُّلْحَ حَتَّى مَشَى بَعْضُهُمْ إِلَى بَعْضٍ وَاصْطَلَحْنَا ، قَالَ : وَكُنْتُ تَبِيعًا لِطَلْحَةَ بْنِ عُبَيْدِ اللَّهِ ، وَتَرَكْتُ أَهْلِي وَمَالِي مُهَاجِرًا إِلَى اللَّهِ وَرَسُولِهِ ، وَكُنْتُ آكُلُ مِنْ طَعَامِهِ وَأُحْسِنُ فَرَسَهُ , وَأَسْقِيهِ وَأَخْدِمُهُ ، فَأَتَيْتُ شَجَرَةً فَكَسَحْتُ شَوْكَهَا , وَاضْطَجَعْتُ فِيهَا ، فَأَتَانِي أَرْبَعَةٌ مِنَ الْمُشْرِكِينَ , فَجَعَلُوا يَقَعُونَ فِي رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ، قَالَ : فَأَبْغَضْتُهُمْ ، قَالَ : وَعَلَّقُوا أَسْلِحَتَهُمْ وَوَضَعُوا ثِيَابَهُمْ فِي الشَّجَرَةِ وَاضْطَجَعُوا فِي ظِلِّهَا ، فَأَتَيْتُ شَجَرَةً أُخْرَى , فَكَسَحْتُ شَوْكُهَا فَاضْطَجَعْتُ تَحْتَهَا فَمَا عَدَا أَخَذُوا يَنَامُونَ فَإِذَا مُنَادٍ مِنْ أَسْفَلَ الْوَادِي : يَا مَعْشَرَ الْمُهَاجِرِينَ ، قُتِلَ ابْنُ زُنَيْمٍ ، قَالَ : فَخَرَجْتُ أَشْتَدُّ بِسَيْفِي ، حَتَّى وَقَفْتُ عَلَى رُءُوسِهِمْ وَهُمْ مُضْطَجِعُونَ ، فَقُلْتُ : وَالَّذِي كَرَّمَ وَجْهَ مُحَمَّدٍ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لا يَرْفَعُ رَجُلٌ مِنْكُمْ رَأْسَهُ إِلا ضَرَبْتُ الَّذِي فِيهِ عَيْنَاهُ ، فَلَمَّا أَخَذْتُ سِلاحَهُمْ ، فَجَعَلْتُهُ ضِغْثًا فِي يَدِي ، ثُمَّ جِئْتُ بِهِمْ أَسُوقُهُمْ إِلَى رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ، وَجَاءَ عَمِّي هُوَ وَأَصْحَابٌ لَهُ بِسَبْعِينَ رَجُلا مِنْهُمْ مِكْرِزٌ رَجُلٌ مِنَ الْعَبَلاتِ مِنْ قُرَيْشٍ يَقُودُ بِهِ عَمِّي مُجَفَّفٍ عَلَى فَرَسٍ فَلَمَّا نَظَرَ إِلَيْهِمْ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ، قَالَ : " دَعُوهُمْ يَكُونُ بَدْءُ الْفُجُورِ وَثِنَاهُ مِنْهُمْ ، فَخَلاهُمْ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ، فَقَالَ اللَّهُ : وَهُوَ الَّذِي كَفَّ أَيْدِيَهُمْ عَنْكُمْ وَأَيْدِيَكُمْ عَنْهُمْ بِبَطْنِ مَكَّةَ مِنْ بَعْدِ أَنْ أَظْفَرَكُمْ عَلَيْهِمْ سورة الفتح آية 24 ، قَالَ : ثُمَّ رَجَعْنَا إِلَى الْمَدِينَةِ ، وَبَيْنَنَا وَبَيْنَ بَنِي لِحْيَانَ ، أَو بَنِي ذَكْوَانَ ، رَأْسٌ مِنَ الْمُشْرِكِينَ جَبَلٌ ، قَالَ : فَاسْتَغْفَرَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لِمَنْ رَقَى فِي هَذَا الْجَبَلِ ، قَالَ : وَمَا اسْتَغْفَرَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لأَحَدٍ قَطُّ يَخُصُّهُ إِلا اسْتُشْهِدَ ، قَالَ : فَرَقَيْتُهُ تِلْكَ اللَّيْلَةَ مَرَّتَيْنِ أَوْ ثَلاثَةً ، قَالَ : ثُمَّ قَدِمْنَا الْمَدِينَةَ فَبَعَثَ نَبِيُّ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِظَهْرِهِ إِلَى الْغَابَةِ يُنَدِّيهِ ، فَخَرَجْتُ أَنَا وَرَبَاحٌ غُلامُ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ، وَخَرَجْتُ مَعِي بِفَرَسٍ لِطَلْحَةَ بْنِ عُبَيْدِ اللَّهِ أُنَدِّيهِ ، فَلَمَّا كَانَ عِنْدَ الصُّبْحِ إِذَا عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ عُيَيْنَةَ بْنِ بَدْرٍ الْفَزَارِيُّ ، قَدْ أَغَارَ عَلَى سَرْحِ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَطَرَدَهُ ، فَذَهَبَ بِهِ ، وَقَتَلَ رَاعِيَهُ ، فَقُلْتُ : يَا رَبَاحُ ، خُذْ هَذَا الْفَرَسَ ، فَأَبْلِغْهُ طَلْحَةَ بْنَ عُبَيْدِ اللَّهِ ، وَأَخْبِرْ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنَّ الْمُشْرِكِينَ قَدْ أَغَارُوا عَلَى سَرْحِهِ ، فَقَعَدَ رَبَاحٌ عَلَى الْفَرَسِ وَقُمْتُ عَلَى أَكَمَةٍ ، وَوَجَّهْتُ وَجْهِيَ قِبَلَ الْمَدِينَةِ ، ثُمَّ نَادَيْتُ ثَلاثَ دَعَوَاتٍ : يَا صَبَاحَاهُ ، ثُمَّ أَتْبَعْتُ الْقَوْمَ فَجَعَلْتُ أَرْشُقُهُمْ بِالنَّبْلِ وَأَرْتَجِزُ أَرْمِيهِمْ ، وَأَقُولُ : أَنَا ابْنُ الأَكْوَعِ وَالْيَوْمُ يَوْمُ الرُّضَّعِ وَأَعْقِرُ بِهِمْ حَتَّى أَلْحَقَ رَجُلا مِنْهُمْ رَاكِبًا عَلَى رَحْلِهِ , فَأَصُكُّ رِجْلَهُ بِسَهْمٍ حَتَّى نَفَذَ فِي كَتِفِهِ ، فَقُلْتُ : خُذْهَا وَأَنَا ابْنُ الأَكْوَعِ وَالْيَوْمُ يَوْمُ الرُّضَّعِ قَالَ فَمَا زِلْتُ أَعْقِرُ بِهِمْ وَأَرْتَجِزُ ، فَإِذَا رَجُلٌ عَلَى فَرَسٍ ، فَجَثَمْتُ إِلَى شَجَرَةٍ فَنَثَرْتُ نَبْلِي ثُمَّ عَقَرْتُ بِهِ ، وَلا يَقْدُمُ عَلَيَّ ، قَالَ : فَمَا زَالَ ذَلِكَ شَأْنِي وَشَأْنُهُمْ حَتَّى مَا تَرَكْتُ شَيْئًا مِنْ ظَهْرِ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِلا اسْتَنْقَذْتُهُ ، وَجَعَلْتُهُ وَرَاءَ ظَهْرِي ، قَالَ : وَطَرَحُوا أَكْثَرَ مِنْ ثَلاثِينَ بُرْدَةً وَثَلاثِينَ رُمْحًا كُلُّ ذَلِكَ يَسْتَخِفُّونَ مِنِّي ، وَأَجْعَلُ عَلَيْهِ آرَامًا حَتَّى لا يَخْفَى عَلَى رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ، وَلا عَلَى أَصْحَابِهِ حَتَّى إِذَا امْتَدَّ الضُّحَى الأَكْبَرُ ، قَالَ : وَدَخَلُوا الْمَضِيقَ عَلَوْتُ الْجَبَلَ ، وَجَعَلْتُ أُرَدِّيهِمْ بِالْحِجَارَةِ إِذَا عُيَيْنَةُ بْنُ بَدْرٍ ، قَدْ جَاءَ مَدَدًا لِلْمُشْرِكِينَ فَنَزَلُوا يَتَضَحَّوْنَ ، فَأَشْرَفَ عَلَى جَبَلٍ فَأَقْعَدَ عَلَيْهِ ، فَقَالَ عُيَيْنَةُ : مَا هَذَا الَّذِي أَرَى ؟ قَالُوا : هَذَا لَقِينَا مِنْهُ الْبَرْحَ ، فَوَاللَّهِ إِنْ فَارَقَنَا بِغَلَسٍ حَتَّى اسْتَنْقَذَ كُلَّ شَيْءٍ فِي أَيْدِينَا ، فَقَالَ عُيَيْنَةُ : لَوْلا أَنَّ هَذَا يَرَى وَرَاءَهُ طَلَبًا ، لَتَرَكَكُمْ لِيَقُمْ إِلَيْهِ مَعِي مِنْكُمْ ، فَقَامَ أَرْبَعَةٌ فَسَنَدُوا إِلَيَّ فِي الْجَبَلِ ، فَلَمَّا أَسْمَعْتُهُمُ الصَّوْتَ ، قُلْتُ لَهُمْ : أَتَعْرِفُونِي ؟ قَالُوا : وَمَنْ أَنْتَ ؟ قُلْتُ : أَنَا ابْنُ الأَكْوَعِ ، وَالَّذِي كَرَّمَ وَجْهَ مُحَمَّدٍ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لا يَطْلُبُنِي رَجُلٌ مِنْكُمْ فَيُدْرِكُنِي وَلا أَطْلُبُهُ فَيَفُوتُنِي ، فَقَالَ أَحَدُهُمْ : إِنِّي أَظُنُّ ، فَوَاللَّهِ مَا بَرِحْتُ مَقْعَدِي ذَاكَ حَتَّى رَأَيْتُ فَوَارِسَ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَتَخَلَّلُونَ الشَّجَرَ ، فَإِذَا أَوَّلُهُمُ الأَخْرَمُ الأَسَدِيُّ ، وَإِذَا عَلَى إِثْرِهِ أَبُو قَتَادَةَ ، وَإِذَا عَلَى إِثْرِ أَبِي قَتَادَةَ الْمِقْدَادُ بْنُ الأَسْوَدِ الْكِنْدِيُّ ، وَوَلَّوْا مُدْبِرِينَ ، فَأَعْرَضَ الأَخْرَمُ الأَسَدِيُّ ، فَآخُذُ بِعِنَانِ فَرَسِهِ ، فَقُلْتُ : يَا أَخْرَمُ ، أَنْذِرْهُمْ ، فَإِنَّ الْقَوْمَ قَلِيلٌ خَبِيثٌ ، وَلا آمَنُهُمْ أَنْ يَقْتَطِعُوكَ حَتَّى يَلْحَقَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَأَصْحَابُهُ ، فَقَالَ : يَا سَلَمَةُ ، إِنْ كُنْتَ تُؤْمِنُ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الآخِرِ ، وَتَعْلَمُ أَنَّ الْجَنَّةَ حَقٌّ وَالنَّارَ حَقٌّ ، فَلا تَحُلْ بَيْنِي وَبَيْنَ الشَّهَادَةِ ، قَالَ : وَالتَقَى هُوَ وَعَبْدُ الرَّحْمَنِ ، فَاخْتَلَفَا ضَرْبَتَيْنِ فَقَتَلَهُ ، وَعَقَرَ عَبْدُ الرَّحْمَنِ فَرَسَهُ ، وَتَحَوَّلَ عَبْدُ الرَّحْمَنِ عَلَى فَرَسِ الأَخْرَمِ ، وَيَلْحَقُهُ أَبُو قَتَادَةَ فَارِسُ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَاخْتَلَفَا طَعْنَتَيْنِ ، فَقَتَلَهُ أَبُو قَتَادَةَ ، وَعُقِرَ بِأَبِي قَتَادَةَ فَرَسُهُ ، وَتَحَوَّلَ أَبُو قَتَادَةَ عَلَى فَرَسِ الأَخْرَمِ ، قَالَ : وَخَرَجَ الْمُشْرِكُونَ لا يَلْوُوُنَ عَلَى شَيْءٍ ، قَالَ : فَوَالَّذِي كَرَّمَ وَجْهَ مُحَمَّدٍ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِنِّي بِطَلَبِ الْخَيْلِ ، وَالرِّكَابِ ، وَالرِّجَالِ الَّذِينَ مَعَ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ حَتَّى مَا أَرَى غُبَارَهُمْ ، قَالَ : فَعَرَضُوا الشِّعْبَ فِيهِ مَاءٌ يُقَالُ لَهُ : ذُو قَرَدٍ يُرِيدُونَ أَنْ يَشْرَبُوا مِنْهُ وَهُمْ عِطَاشٌ ، قَالَ : فَنَظَرُوا إِلَيَّ أَعْدُو وَرَاءَهُمْ ، قَالَ : فَحَلأْتُهُمْ ، فَمَا ذَاقُوا مِنْهُ قَطْرَةً وَهُمْ عِطَاشٌ حَتَّى سُنِدُوا فِي ثَنِيَّةٍ ، يُقَالُ لَهُ : نَيْرُ ، قَالَ : وَأَلْحَقُ رَجُلا مِنْ آخِرِهِمْ عِنْدَ الثَّنِيَّةِ فَأَصْطَكُّهُ بِسَهْمٍ فِي نُغْصِ كَتِفِهِ ، فَقُلْتُ : خُذْهَا وَأَنَا ابْنُ الأَكْوَعِ وَالْيَوْمُ يَوْمُ الرُّضَّعِ قَالَ : وَاثُكْلَ أُمِّي ! أَكْوَعِيًّا بَكْرَةً ؟ فَقُلْتُ : نَعَمْ ، أَيْ عَدُوَّ نَفْسِهِ ، قَالَ : فَأَدْرَكَ فَرَسَيْنِ عَلَى الْعَقَبَةِ فَجِئْتُ بِهِمَا أَسُوقُهُمَا إِلَى رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ حَتَّى وَجَدْتُهُ عَلَى الْمَاءِ الَّذِي حَلأْتُهُمْ عَنْهُ ذُو قَرَدٍ ، وَإِذَا رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي مِائَةٍ مِنْ أَصْحَابِهِ قَدْ نَزَلُوا الْمَاءَ ، وَأَخَذُوا الإِبِلَ ، وَالْبُرُدَ ، وَكُلَّ شَيْءٍ خَلَّفْتُ وَرَائِي ، وَإِذَا بِلالٌ قَدْ أَمَرَهُ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ، فَنَحَرَ جَزُورًا مِنَ الإِبِلِ الَّذِي عَدَّيْتُ لَهُمْ ، وَإِذَا هُوَ يَشْوِي لِرَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مِنْ سَنَامِهَا وكَبِدِهَا ، قَالَ : وَجَاءَ عَمِّي عَامِرٌ بِسَطِيحَةٍ فِيهَا مَذْقَةٌ مِنْ لَبَنٍ ، وَسَطِيحَةٍ أُخْرَى فِيهَا مَاءٌ ، فَتَوَضَّأْتُ ثُمَّ صَلَّيْتُ وَشَرِبْتُ ، فَقُلْتُ : يَا رَسُولَ اللَّهِ ، خَلِّنِي فَلأَنْتَخِبُ مِنَ الْقَوْمِ مِائَةَ رَجُلٍ فَآخُذُ عَلَى الْمُشْرِكِينَ بِالْعَشْرَةِ ، فَلا يَبْقَى مِنْهُمْ رَجُلٌ ، فَضَحِكَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ حَتَّى نَظَرْتُ إِلَى نَوَاجِذِهِ فِي ضَوْءِ النَّارِ ، فَقَالَ : " أَكُنْتَ فَاعِلا يَا سَلَمَةُ ؟ " ، قُلْتُ : نَعَمْ ، وَالَّذِي كَرَّمَ وَجْهَكَ ، فَقَالَ : " إِنَّهُمُ الآنَ لَيُقْرَوْنَ بِأَرْضِ غَطَفَانَ " ، قَالَ : فَمَا بَرِحْنَا حَتَّى جَاءَ رَجُلٌ مِنْ غَطَفَانَ ، فَقَالَ : نَحَرَ لَهُمْ فُلانٌ الْغَطَفَانِيُّ جَزُورًا ، فَلَمَّا كَشَطَ جِلْدَهَا رَأَوْا غُبَارًا ، فَقَالُوا : هَذَا غُبَارُ الْقَوْمِ فَمَا خَافُوهَا وَوَلَّى الْقَوْمُ ، فَلَمَّا أَصْبَحْنَا أَعْطَانِي رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ سَهْمَ الْفَارِسِ وَالرَّاجِلِ جَمِيعًا ، قَالَ : وَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : " كَانَ خَيْرَ فُرْسَانِنَا الْيَوْمَ : أَبُو قَتَادَةَ ، وَخَيْرَ رَجَّالَتِنَا : سَلَمَةُ " ، قَالَ : ثُمَّ أَرْدَفَنِي نَبِيُّ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ رَاجِعِينَ إِلَى الْمَدِينَةِ عَلَى نَاقَتِهِ الْعَضْبَاءِ ، فَلَمَّا كَانَ بَيْنَنَا وَبَيْنَ الْمَدِينَةِ ضَحْوَةً ، وَفِينَا رَجُلٌ مِنَ الأَنْصَارِ لا يَسْبِقُ عَدُوًّا ، قَالَ : هَلْ مِنْ مُسَابِقٍ إِلَى الْمَدِينَةِ ، أَلا مِنْ مُسَابِقٍ فَأَعَادَهَا مِرَارًا وَأَنَا سَاكِتٌ ، ثُمَّ قُلْتُ لَهُ : مَا تُكْرِمُ كَرِيمًا ، وَلا تَهَابُ شَرِيفًا ، فَقَالَ : لا إِلا أَنْ يَكُونَ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ، قُلْتُ : يَا رَسُولَ اللَّهِ ، ذَرْنِي بِأَبِي أَنْتَ وَأُمِّي لأُسَابِقَ الرَّجُلَ ، قَالَ : " إِنْ شِئْتَ " ، فَقُلْتُ : اذْهَبْ إِلَيْكَ ، فَخَرَجَ يَشْتَدُّ وأَطْفُرُ عَنِ النَّاقَةِ ، ثُمَّ أَعْدُو فَرَبَطْتُ عَلَيْهِ شَرَفًا أَوْ شَرَفَيْنِ ، فَسَأَلْتُهُ مَا رَبَطْتَ ؟ فَقَالَ : اسْتَبْقَيْتُ نَفْسِي ، ثُمَّ إِنِّي عَدَوْتُ عَدْوَتِي حَتَّى أَلْحَقَهُ وَأَصُكُّ بَيْنَ كَتِفَيْهِ ، فَقُلْتُ : سَبَقْتُكَ وَاللَّهِ ، قَالَ : فَنَظَرَ إِلَيَّ فَضَحِكَ ، وَقَالَ : إِنِّي أَظُنُّ ، قَالَ : حَتَّى وَرَدَ الْمَدِينَةَ فَمَا لَبِثْنَا إِلا ثَلاثَ لَيَالٍ ، حَتَّى خَرَجْنَا إِلَى خَيْبَرَ ، فَجَعَلَ عَمِّي عَامِرٌ يَرْتَجِزُ بِالْقَوْمِ ، وَهُوَ يَسُوقُ بِهِمْ ، وَهُوَ يَقُولُ : وَاللَّهِ لَوْلا اللَّهُ مَا اهْتَدَيْنَا وَلا تَصَدَّقْنَا وَلا صَلَّيْنَا وَنَحْنُ عَنْ فَضْلِكَ مَا اسْتَغْنَيْنَا فَثَبِّتِ الأَقْدَامَ إِنْ لاقَيْنَا وَأَنْزِلَنْ سَكِينَةً عَلَيْنَا إِنَّ الَّذِينَ كَفَرُوا بَغَوْا عَلَيْنَا إِذَا أَرَادُوا فِتْنَةً أَبَيْنَا فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : " مَنْ هَذَا ؟ " ، فَقُلْتُ : عَمِّي عَامِرٌ يَا نَبِيَّ اللَّهِ ، فَقَالَ : " غَفَرَ لَكَ رَبُّكَ " ، فَقَالَ عُمَرُ وَهُوَ فِي أَوَّلِ الْقَوْمِ : يَا نَبِيَّ اللَّهِ ، لَوْمَا مَتَّعْتَنَا بِعَامِرٍ ، وَمَا اسْتَغْفَرَ لإِنْسَانٍ قَطُّ يَخُصُّهُ إِلا اسْتُشْهِدَ ، فَلَمَّا قَدِمْنَا خَيْبَرَ خَرَجَ مَرْحَبٌ يَخْطِرُ بِسَيْفِهِ يَقُولُ : قَدْ عَلِمَتْ خَيْبَرُ أَنِّي مَرْحَبُ شَاكِ السِّلاحِ بَطَلٌ مُجَرَّبُ إِذَا الْحُرُوبُ أَقْبَلَتْ تَلَهَّبُ فَبَرَزَ عَامِرٌ ، فَقَالَ : قَدْ عَلِمَتْ خَيْبَرُ أَنِّي عَامِرٌ شَاكِ السِّلاحِ بَطَلٌ مُغَامِرُ اخْتَلَفَا ضَرْبَتَيْنِ فَوَقَعَ سَيْفُ مَرْحَبٍ فِي تُرْسِ عَامِرٍ ، وَذَهَبَ عَامِرٌ يَسْفُلُ لَهُ ، فَرَجَعَ سَيْفُهُ عَلَى نَفْسِهِ ، فَكَانَتْ فِيهِ نَفْسُهُ ، قَالَ : فَمَا مَرَرْتُ عَلَى نَفَرٍ مِنْ أَصْحَابِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِلا وَهُمْ يَقُولُونَ : بَطَلَ عَمَلُ عَامِرٍ ، قَتَلَ نَفْسَهُ ، فَأَتَيْتُ نَبِيَّ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَبْكِي ، فَقُلْتُ : أَبَطَلَ عَمَلُ عَامِرٍ ؟ فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : " مَنْ قَالَ ذَلِكَ ؟ " ، فَقُلْتُ : نَفَرٌ مِنْ أَصْحَابِكَ ، فَقَالَ : " كَذَبَ مَنْ قَالَ ذَلِكَ ؟ بَلْ لَهُ أَجْرُهُ مَرَّتَيْنِ " ، ثُمَّ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : " لأُعْطِيَنَّ الرَّايَةَ رَجُلا يُحِبُّ اللَّهَ وَرَسُولَهُ وَيُحِبُّهُ اللَّهُ وَرَسُولُهُ " ، فَدَنَا لَهَا النَّاسُ ، قَالَ : فَأَرْسَلَنِي رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِلَى عَلِيِّ بْنِ أَبِي طَالِبٍ فَجِئْتُ بِهِ أَقُودُهُ وَهُوَ أَرْمَدُ فَبَزَقَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي عَيْنَيْهِ ، فَبَرَأَ ، وَأَعْطَاهُ الرَّايَةَ ، فَخَرَجَ مَرْحَبٌ يَخْطُرُ بِسَيْفِهِ ، وَيَقُولُ : قَدْ عَلِمَتْ خَيْبَرُ أَنِّي مَرْحَبُ شَاكِ السِّلاحِ بَطَلٌ مُجَرَّبُ إِذَا الْحُرُوبُ أَقْبَلَتْ تَلَهَّبُ فَقَالَ عَلِيُّ بْنُ أَبِي طَالِبٍ : أَنَا الَّذِي سَمَّتْنِي أُمِّي حَيْدَرَهْ كَلَيْثِ غَابَاتٍ كَرِيهِ الْمَنْظَرَهْ أُوفِيهِمْ بِالصَّاعِ كَيْلَ السَّنْدَرَهْ فَفَلَقَ رَأْسَ مَرْحَبٍ بِالسَّيْفِ وَكَانَ الْفَتْحُ عَلَى يَدَيْهِ .

الرواه :

الأسم الرتبة
أَبِيهِ

صحابي

إِيَاسِ بْنِ سَلَمَةَ

ثقة

عِكْرِمَةُ بْنُ عَمَّارٍ

صدوق يغلط

أَبُو حُذَيْفَةَ

صدوق سيء الحفظ

أَبُو دَاوُدَ الْحَرَّانِيُّ

ثقة حافظ

Whoops, looks like something went wrong.