كتاب الطهارة ذكر كتاب فرض الطهارة


تفسير

رقم الحديث : 15

وَكَانَ وَكَانَ يَقُولُ فِي هَذِهِ الآيَةِ : " أَوْ لامَسْتُمُ النِّسَاءَ سورة النساء آية 43 ، قَالَ : هُوَ الْغَمْزُ " . وَمِمَّنْ رَأَى أَنَّ فِيَ الْقُبْلَةِ الْوُضُوءَ : الزُّهْرِيُّ ، وَعَطَاءُ بْنُ السَّائِبِ ، وَمَكْحُولٌ ، وَالشَّعْبِيُّ ، وَالنَّخَعِيُّ ، وَيَحْيَى الأَنْصَارِيُّ ، وَزَيْدُ بْنُ أَسْلَمَ ، وَرَبِيعَةُ بْنُ أَبِي عَبْدِ الرَّحْمَنِ ، وَالأَوْزَاعِيُّ ، وَسَعِيدُ بْنُ عَبْدِ الْعَزِيزِ ، وَالشَّافِعِيُّ . وَفِيهِ قَوْلٌ ثَانٍ : وَهُوَ أَنْ لا وُضُوءَ فِي الْقُبْلَةِ ، كَذَلِكَ قَالَ : ابْنُ عَبَّاسٍ ، وَطَاوُسٌ ، وَالْحَسَنُ ، وَمَسْرُوقٌ ، وَعَطَاءُ بْنُ أَبِي رَبَاحٍ . وَفِيهِ قَوْلٌ ثَالِثٌ : وَهُوَ أَنَّ إِيجَابَ الْوُضُوءِ عَلَى مَنْ قَبَّلَ لِشَهْوَةٍ ، وَإِسْقَاطُهُ عَمَّنْ قَبَّلَ لِرَحْمَةٍ ، أَوْ بِغَيْرِ شَهْوَةٍ ، هَذَا قَوْلُ : النَّخَعِيِّ وَالشَّعْبِيِّ ، وَالْحَكَمِ ، وَحَمَّادٍ ، وَبِهِ قَال : مَالِكُ بْنُ أَنَسٍ ، وَسُفْيَانُ الثَّوْرِيُّ ، وَأَحْمَدُ بْنُ حَنْبَلٍ ، وَإِسْحَاقُ بْنُ رَاهَوَيْهِ . وَفِي الْمَسْأَلَةِ قَوْلٌ رَابِعٌ : وَهُوَ أَنَّ الرَّجُلَ إِذَا قَبَّلَ امْرَأَتَهُ لِشَهْوَةٍ ، أَوْ لَمَسَهَا لِشَهْوَةٍ ، أَوْ لَمَسَ فَرْجَهَا لِشَهْوَةٍ لَمْ يَنْقُضْ وُضُوءُهُ ، فَإِنْ بَاشَرَهَا لِشَهْوَةٍ ، وَلَيْسَ بَيْنَهُمَا ثَوْبٌ نَقَضَ وُضُوءُهُ ، وَعَلَيْهِ أَنْ يُعِيدَ الْوُضُوءَ ، هَذَا قَوْلُ النُّعْمَانِ ، وَيَعْقُوبَ ، وَقَالَ مُحَمَّدٌ : لا وُضُوءَ عَلَيْهِ حَتَّى يَخْرُجَ مِنْهُ مَذْيٌ ، أَوْ غَيْرُهُ . وَفِيهِ قَوْلٌ خَامِسٌ : رُوِيَ عَنْ عَطَاءٍ وَهُوَ : إِنْ قَبَّلَ حَلالا ، فَلا إِعَادَةَ عَلَيْهِ ، وَإِنْ قَبَّلَ حَرَامًا أَعَادَ الْوُضُوءَ . قَالَ أَبُو بَكْرٍ : وَقَدِ احْتَجَّ بَعْضُ مَنْ يُوجِبُ اللَّمْسَ ، وَالْقُبْلَةَ الْوُضُوءَ بِظَاهِرِ قَوْلِهِ : أَوْ لامَسْتُمُ النِّسَاءَ سورة النساء آية 43 . قَالَ : جَائِزٌ أَنْ يُقَالَ لِمَنْ قَبَّلَ امْرَأَتَهُ ، أَوْ لَمَسَهَا بِيَدِهِ : قَدْ لَمَسَ فُلانٌ زَوْجَتُهُ ، وَيَدُلُّ عَلَى أَنَّ اللَّمْسَ قَدْ يَكُونُ بِالْيَدِ ، قَوْلُهُ تَعَالَى : فَلَمَسُوهُ بِأَيْدِيهِمْ سورة الأنعام آية 7 ، وَنَهَى النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَنِ الْمُلامَسَةِ وَهِيَ لَمْسُ الرَّجُلِ الثَّوْبَ بِيَدِهِ ، فَظَاهِرُ الْكِتَابِ ، وَالسُّنَّةِ ، وَاللُّغَةِ تَدُلُّ عَلَى أَنَّ اللَّمْسَ يَكُونُ بِالْيَدِ ، وَغَيْرِه . وَقَالَ الشَّافِعِيُّ بَعْدَ أَنْ تَلا الآيَةَ قَالَ : فَأَشْبَهَ أَنْ يَكُونَ أَوْجَبَ الْوُضُوءَ مِنَ الْغَائِطِ ، وَأَوْجَبَهُ مِنَ الْمُلامَسَةِ ، وَإِنَّمَا ذَكَرَهَا مَوْصُولَةً بِالْغَائِطِ بَعْدَ ذِكْرِهِ بِالْجَنَابَةِ ، فَأَشْبَهْتِ الْمُلامَسَةُ أَنْ يَكُونَ اللَّمْسُ بِالْيَدِ ، وَالْقُبْلَةِ غَيْرَ الْجَنَابَةَ . وَاحْتَجَّ بَعْضُ مَنْ يُخَالِفُهُمْ فَقَالَ : جَائِزٌ فِي اللُّغَةِ أَنْ يُقَالَ لِمَنْ لَمَسَ امْرَأَتَهُ بِيَدِهِ : قَدْ لَمَسَهَا ، وَلَكِنَّ الْمُلامَسَةَ الَّتِي ذَكَرَهَا اللَّهُ فِي قَوْلِهِ : أَوْ لامَسْتُمُ النِّسَاءَ سورة النساء آية 43 الْجِمَاعُ الْمُوجِبُ لِلْجَنَابَةِ دُونَ غَيْرِهِ ، اسْتَدْلَلْنَا عَلَى ذَلِكَ بِكِتَابِ اللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ ، وَبِالْخَبَرِ عَنْ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ، وَبِالنَّظَرِ ، فَأَمَّا الْكِتَابُ الَّذِي يَدُلُّ عَلَى مَعْنَى مَا ذَكَرْنَاهُ ، فَقَوْلُهُ : يَأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِذَا قُمْتُمْ إِلَى الصَّلاةِ سورة المائدة آية 6 يَعْنِي وَقَدْ أَحْدَثْتُمْ قَبْلَ ذَلِكَ فَاغْسِلُوا وُجُوهَكُمْ سورة المائدة آية 6 ، فَأَوْجَبَ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ غَسَلَ الأَعْضَاءِ الَّتِي ذَكَرَهَا بِالْمَاءِ ، ثُمَّ قَالَ : وَإِنْ كُنْتُمْ جُنُبًا فَاطَّهَّرُوا سورة المائدة آية 6 يُرِيدُ الاغْتِسَالَ بِالْمَاءِ ، فَأَوْجَبَ الْوُضُوءَ مِنَ الأَحْدَاثِ ، وَالاغْتِسَالَ بِالْمَاءِ مِنَ الْجَنَابَةِ ، ثُمَّ قَالَ : وَإِنْ كُنْتُمْ مَرْضَى أَوْ عَلَى سَفَرٍ أَوْ جَاءَ أَحَدٌ مِنْكُمْ مِنَ الْغَائِطِ أَوْ لامَسْتُمُ النِّسَاءَ سورة النساء آية 43 يُرِيدُ الْجِمَاعَ الَّذِي يُوجِبُ الْجَنَابَةَ فَلَمْ تَجِدُوا مَاءً سورة النساء آية 43 تَتَوَضَّئُونَ بِهِ مِنَ الْغَائِطِ ، أَوْ تَغْتَسِلُونَ بِهِ مِنَ الْجَنَابَةِ كَمَا أَمَرْتُكُمْ بِهِ فِي أَوَّلِ الآيَةِ فَتَيَمَّمُوا سورة النساء آية 43 ، فَإِنَّمَا أَوْجَبَ فِي آخِرِ الآيَةِ التَّيَمُّمَ عَلَى مَا كَانَ أَوْجَبَ عَلَيْهِ الْوُضُوءَ ، وَالاغْتِسَالَ بِالْمَاءِ فِي أَوَّلِهَا ، فَأَمَّا قَوْلُ مَنْ قَالَ : إِنَّ اللَّهَ تَعَالَى لَمَّا ذَكَرَ طَهَارَةَ الْجُنُبِ فِي أَوَّلِ الآيَةِ ، ثُمَّ ذَكَرَ الْمُلامَسَةَ فِي آخِرِ الآيَةِ مَوْصُولا بِالْغَائِطِ اسْتَدْلَلْنَا بِذَلِكَ عَلَى أَنَّهَا غَيْرُ الْجَنَابَةِ ، فَإِنَّمَا كَانَ يَكُونُ مَا قَالُوا دَلِيلا لَوْ كَانَ أَوْجَبَ عَلَى الْمُلامِسِ فِي آخِرِ الآيَةِ الطَّهَارَةَ الَّتِي أَوْجَبَهَا عَلَى الْجُنُبِ فِي أَوَّلِهَا ، فَكَانَ يَكُونُ حِينَئِذٍ ذَلِكَ دَلِيلا عَلَى أَنَّ اللَّمْسَ غَيْرَ الْجَنَابَةِ ، لأَنَّهُ قَدْ أَوْجَبَ الطَّهَارَةَ مِنَ الْجَنَابَةِ فِي أَوَّلِ الآيَةِ ، فَلَمْ يَكُنْ إِعَادَةُ إِيجَابِ الطَّهَارَةِ مِنْهَا فِي آخِرِهَا مَعْنَى يَصِحُّ ، وَلَكِنَّهُ إِنَّمَا أَوْجَبَ عَلَيْهِ فِي أَوَّلِ الآيَةِ الاغْتِسَالَ بِالْمَاءِ ، وَأَوْجَبَ عَلَيْهِ فِي آخِرِهَا التَّيَمُّمَ بَدَلا مِنَ الْمَاءِ ، إِذَا كَانَ مُسَافِرًا لا يَجِدُ الْمَاءَ ، أَوْ مَرِيضًا ، فَهَذَا الْمَعْنَى أَصَحُّ وَأَبَيْنُ ، وَاللَّهُ أَعْلَمُ . وَاحْتَجَّ بَعْضُهُمْ عَلَيْهِ بِحَدِيثِ عَائِشَةَ .

الرواه :

الأسم الرتبة

Whoops, looks like something went wrong.