ذكر اختلاف اهل العلم في التمسح بالمنديل بعد الوضوء والغسل


تفسير

رقم الحديث : 415

حَدَّثَنَا حَدَّثَنَا إِسْمَاعِيلُ ، ثنا أَبُو بَكْرٍ ، ثنا حَفْصُ بْنُ غِيَاثٍ ، عَنِ ابْنِ جُرَيْجٍ ، عَنْ سُلَيْمَانَ الأَحْوَلِ ، عَنْ مُجَاهِدٍ ، قَالَ : قَالَ عَبْدُ اللَّهِ : " لا بَأْسَ أَنْ تَبْدَأَ بِرِجْلَيْكَ " ، فَذَكَرَهُ . وَمِمَّنْ رَأَى تَقْدِيمَ الأَعْضَاءِ بَعْضُهَا عَلَى بَعْضٍ جَائِزًا عَطَاءُ بْنُ أَبِي رَبَاحٍ ، وَالْحَسَنُ الْبَصْرِيُّ ، وَسَعِيدُ بْنُ الْمُسَيِّبِ ، وَقَدْ رُوِّينَا فِي هَذَا الْبَابِ عَنْ : عَلِيِّ بْنِ أَبِي طَالِبٍ ، وَعَطَاءٍ ، وَالنَّخَعِيِّ ، وَالْحَسَنِ ، وَمَكْحُولٍ ، وَالزُّهْرِيِّ ، وَالأَوْزَاعِيِّ فِيمَنْ نَسِيَ مَسْحَ رَأْسِهِ فَوَجَدَ فِي لِحْيَتِهِ بَلَلا ، قَالُوا : يَمْسَحُ رَأْسَهُ وَيَسْتَقْبِلُ الصَّلاةَ ، وَلَمْ يَأْمُرُوهُ بِإِعَادَةِ غَسْلِ الرِّجْلَيْنِ ، وَفِي قَوْلِ الثَّوْرِيِّ ، وَأَصْحَابِ الرَّأْيِ ، إِذَا نَسِيَ الْمَسْحَ مَسَحَ وَأَعَادَ الصَّلاةَ ، وَلَمْ يُعِدِ الْوُضُوءَ وَكَانَ مَالِكٌ يَقُولُ فِيمَنْ غَسَلَ ذِرَاعَيْهِ قَبْلَ وَجْهِهِ ، ثُمَّ صَلَّى : لا إِعَادَةَ عَلَيْهِ ، وَقَالَتْ طَائِفَةٌ : مَنْ قَدَّمَ عُضْوًا عَلَى عُضْوٍ ، فَعَلَيْهِ أَنْ يُعِيدَ حَتَّى يَغْسِلَهُ فِي مَوْضِعِهِ ، هَكَذَا قَالَ الشَّافِعِيُّ ، وَبِهِ قَالَ أَحْمَدُ بْنُ حَنْبَلٍ ، وَإِسْحَاقُ ، وَأَبُو عُبَيْدٍ ، وَأَبُو ثَوْرٍ ، وَاحْتَجَّ الشَّافِعِيُّ بِقَوْلِ اللَّهِ تَبَارَكَ وَتَعَالَى : إِنَّ الصَّفَا وَالْمَرْوَةَ مِنْ شَعَائِرِ اللَّهِ سورة البقرة آية 158 ، وَبِأَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لَمَّا أَرَادَ الصَّفَا ، قَالَ : " نَبْدَأُ بِمَا بَدَأَ اللَّهُ بِهِ " . قَالَ الشَّافِعِيُّ : وَلَمْ أَعْلَمْ مُخَالِفًا أَنَّهُ إِنْ بَدَأَ بِالْمَرْوَةِ قَبْلَ الصَّفَا أَلْغَى طَوَافًا حَتَّى يَكُونَ بَدْؤُهُ بِالصَّفَا ، قَالَ : وَكَمَا قُلْنَا فِي الْجِمَارِ إِنْ بَدَأَ بِالآخِرَةِ قَبْلَ الأُولَى أَعَادَ ، فَكَانَ الْوُضُوءُ فِي هَذَا الْمَعْنَى ، وَأَوْكَدَ مِنْ بَعْضِهِ عِنْدِي ، قَالَ أَبُو بَكْرٍ : وَقَدْ عَارَضَ الشَّافِعِيُّ بَعْضَ أَصْحَابِنَا ، فَقَالَ : أَمَّا الصَّفَا وَالْمَرْوَةُ فَقَدِ اخْتُلِفَ فِي وُجُوبِهِ ، فَلْيَشْتَغِلْ مَنْ جَعَلَ أَحَدَهُمَا قِيَاسًا عَلَى الآخَرِ بِإِثْبَاتِ فَرْضِ الصَّفَا وَالْمَرْوَةِ ، فَإِذَا ثَبَتَ ذَلِكَ مَنَعَهُ قَوْلُهُ لا يُقَاسُ أَصْلٌ عَلَى أَصْلٍ أَنْ يَجْعَلَ أَحَدَهُمَا قِيَاسًا عَلَى الآخَرِ ، فَأَمَّا أَنْ يَجْعَلَ مَا لَمْ يَثْبُتْ فَرْضُهُ ، وَقَدِ اخْتَلَفَ النَّاسُ فِي وُجُوبِهِ ، أَصْلا يُقَاسُ عَلَيْهِ الْمَسَائِلُ ، فَغَيْرُ جَائِز كَانَ أَنَسُ بْنُ مَالِكٍ ، وَعَبْدُ اللَّهِ بْنُ الزُّبَيْرِ ، وَجَمَاعَةٌ لا يَرَوْنَهُ فَرْضًا ، قَالُوا : بَلْ هُوَ تَطَوُّعٌ ، قَالَ أَبُو بَكْرٍ : وَقَدْ ذَكَرْتُ اخْتِلافَ النَّاسِ فِي هَذَا الْبَابِ فِي كِتَابِ الْمَنَاسِكِ ، وَأَمَّا تَقْدِيمُ جَمْرَةٍ عَلَى جَمْرَةٍ ، فَقَدِ اخْتُلِفَ فِيهِ فَكَانَ عَطَاءٌ يَقُولُ : لَوْ أَنَّ رَجُلا بَدَأَ بِجَمْرَةِ الْعَقَبَةِ ، فَرَمَى قَبْلَ الْجَمْرَتَيْنِ ، ثُمَّ رَمَى الْجَمْرَتَيْنِ بَعْدَهَا أَجْزَأَهُ ، وَقَالَ الْحَسَنُ فِي رَجُلٍ رَمَى جَمْرَةً قَبْلَ الأُخْرَى لا يُعِيدُ رَمْيَهَا ، وَهَذَا أَيْضًا لَيْسَ بِأَصْلٍ مُجْمَعٍ عَلَيْهِ ، فَيُقَاسُ عَلَيْهِ مَا كَانَ مِنْ نَوْعِهِ ، وَيُمْنَعُ قَوْلُهُ لا يُقَاسُ أَصْلٌ عَلَى أَصْلٍ أَنْ يَجْعَلَ مَسَائِلَ الْوُضُوءِ قِيَاسًا عَلَى مَسَائِلِ الْمَنَاسِكِ ، فَكَيْفَ وَهُوَ مُخْتَلِفٌ فِيهِ ، قَالَ : وَلا خِلافَ بَيْنَ أَهْلِ اللُّغَةِ أَنَّ مَنْ قَدَّمَ غَسْلَ يَدَيْهِ عَلَى وَجْهِهِ وَرِجْلَيْهِ ، فَقَالَ قَائِلٌ : إِنَّ فُلانًا غَسَلَ وَجْهَهُ وَيَدَيْهِ وَرِجْلَيْهِ أَنَّهُ صَادِقٌ ، قَالَ : وَلَوْ أَنَّ إِمَامًا أَمَرَ رَجُلا أَنْ يَدْعُوَ زَيْدًا أَوْ عَمْرًا ، فَبَدَأَ بِعَمْرٍو فَدَعَاهُ ، ثُمَّ دَعَا زَيْدًا أَنَّهُ غَيْرُ عَاصٍ ، وَقَدْ بَدَأَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِغَسْلِ الْيُمْنَى قَبْلَ الْيُسْرَى ، وَقَدْ أَجْمَعَ أَهْلُ الْعِلْمِ عَلَى أَنَّ مَنْ بَدَأَ بِالْيُسْرَى عَلَى الْيُمْنَى أَنَّهُ لا إِعَادَةَ عَلَيْهِ وَغَيْرُ جَائِزٍ إِذْ سَهَا الْمَرْءُ ، فَقَدَّمَ عُضْوًا عَلَى عُضْوٍ سَاهِيًا أَنْ يَبْطُلَ عَمَلُهُ بِغَيْرِ حُجَّةٍ ، وَقَدْ رُفِعَ السَّهْوُ وَالنِّسْيَانُ عَنْ بَنِي آدَمَ فِي كَثِيرٍ مِنْ أَحْكَامِهِمْ مِنْ ذَلِكَ تَرْكُ إِبْطَالِ صَوْمِ مَنْ أَكَلَ فِيهِ نَاسِيًا وَصَلاةِ مَنْ تَكَلَّمَ فِيهَا ، وَهُوَ سَاهٍ ، فَكَانَ أَحَقُّ النَّاسِ أَنْ لا يُرَى عَلَى مَنْ قَدَّمَ عُضْوًا عَلَى عُضْوٍ شَيْئًا مَنْ كَانَ هَذَا مَذْهَبَهُ فِي الصَّوْمِ وَالصَّلاةِ .

الرواه :

الأسم الرتبة
عَبْدُ اللَّهِ

صحابي

Whoops, looks like something went wrong.