حَدَّثَنَا حَدَّثَنَا إِسْحَاقُ ، عَنْ عَبْدِ الرَّزَّاقِ ، عَنْ جَعْفَرِ بْنِ سُلَيْمَانَ ، عَنْ يَزِيدَ الرِّشْكِ ، قَالَ : حَدَّثَنَا أَبُو مِجْلَزٍ ، قَالَ : كُنْتُ جَالِسًا عِنْدَ ابْنِ عُمَرَ ، قَالَ : فَقُلْتُ : يَا أَبَا عَبْدِ الرَّحْمَنِ ، آتِي الْمَدِينَةَ طَالِبَ حَاجَةٍ فَأُقِيمُ بِهَا السَّبْعَةَ الأَشْهُرِ وَالثَّمَانِيَةَ ، كَيْفَ أُصَلِّي ؟ ، قَالَ : رَكْعَتَيْنِ رَكْعَتَيْنِ " . قَالَ أَبُو بَكْرٍ : احْتَجَّ إِسْحَاقُ لِهَذِهِ الأَخْبَارِ لِلْقَوْلِ الَّذِي حَكَاهُ الْقَوْلَ الْعَاشِرَ وَاعْتَذَرَ فِي تُخَلُّفِهِ عَنِ الْقَوْلِ بِهِ ، لِمَا أَجْمَعَ عَلَيْهِ عُلَمَاءُ الأَمْصَارِ عَلَى تَوْقِيتِ وَقَّتُوهُ فِيمَا بَيْنَهُمْ ، فَكَانَ مِمَّا أَجْمَعُوا عَلَى تَوْقِيتٍ أَقَلَّ مِنْ عِشْرِينَ لَيْلَةً . وَفِيهِ قَوْلٌ حَادِيَ عَشَرَ : وَهُوَ أَنَّ الْمُسَافِرَ يُصَلِّي رَكْعَتَيْنِ رَكْعَتَيْنِ إِلا أَنْ يَقْدَمَ مِصْرًا مِنَ الأَمْصَارِ ، هَذَا قَوْلُ الْحَسَنِ الْبَصْرِيِّ . وَفِيهِ قَوْلٌ ثَانِيَ عَشَرَ : وَهُوَ قَوْلُ مَنْ فَرَّقَ بَيْنَ الْمُقَامِ لِلْخَوْفِ وَالْمُقَامِ لِغَيْرِ الْخَوْفِ ، قَالَ الشَّافِعِيُّ : فَأَشْبَهَ مَا قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مِنْ مُقَامِ الْمُهَاجِرِ ، فَلا يَأْخُذُ مُقَامَ الْمُسَافِرِ وَمَا جَاوَزَهُ كَانَ مُقَامَ الإِقَامَةِ ، وَلَيْسَ يَحْسِبُ الْيَوْمَ الَّذِي كَانَ فِيهِ سَائِرًا ثُمَّ قَدِمَ ، وَلا الْيَوْمَ الَّذِي كَانَ فِيهِ مُقِيمًا ثُمَّ سَارَ ، كَانَ غَيْرَ مُقَامِ حَرْبٍ وَلا خَوْفٍ قَصَرَ ، فَإِذَا جَاوَزَ مُقَامُهُ أَرْبَعًا أَحْبَبْتُ أَنْ يُتِمَّ ، وَإِنْ لَمْ يُتِمَّ أَعَادَ مَا صَلَّى بِالْقَصْرِ بَعْدَ الأَرْبَعِ ، وَإِنْ كَانَ لِحَرْبٍ أَوْ خَوْفِ حَرْبٍ فَإِنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَقَامَ الْفَتْحَ يُحَارِبُ هَوَازِنَ سَبْعَ عَشْرَةَ أَوْ ثَمَانِ عَشْرَةَ يَقْصُرُ ، فَإِذَا أَقَامَ الرَّجُلُ بِبَلَدٍ أَثْنَائِهِ لَيْسَ بِبَلَدٍ مُقَامُهُ لِحَرْبٍ أَوْ خَوْفِ حَرْبٍ ، أَوْ تَأَهُّبِ حَرْبٍ قَصَرَ مَا بَيْنَهُ ، وَبَيْنَ ثَمَانِ عَشْرَةَ لَيْلَةً ، فَإِذَا جَاوَزَهَا أَتَمَّ الصَّلاةَ حَتَّى يُفَارِقَ الْبَلَدَ تَارِكًا لِلْمُقَامِ بِهِ آخِذًا فِي سَفَرِهِ . وَفِيهِ قَوْلٌ ثَالِثَ عَشَرَ : رُوِيَ ذَلِكَ عَنْ رَبِيعَةَ بْنِ أَبِي عَبْدِ الرَّحْمَنِ ، قَالَ : يَفْصِلُ بَيْنَ الْحَضَرِ وَالسَّفَرِ الْيَوْمُ وَاللَّيْلَةُ ، فَمَنْ أَجْمَعَ مَسِيرَ يَوْمٍ وَلَيْلَةٍ رَوْحَتُهُ وَغُدْوَتُهُ وَوَلْجَتُهُ ، فَقَدْ أَجْمَعَ سَفَرًا فَلَهُ صَلاةُ السَّفَرِ وَرُخْصَةُ فِطْرِ الصَّوْمِ ، وَمَنْ أَجْمَعَ إِقَامَةَ يَوْمٍ وَلَيْلَةٍ صَلَّى صَلاةَ الْحَضَرِ وَعَلَيْهِ الصَّوْمُ ، وَذَلِكَ أَنَّ أَرْضَ الْمُسْلِمِينَ كُلَّهَا مَسَاكِنُ الآنَ ، الْيَوْمُ وَاللَّيْلَةُ يَجْمَعَانِ الدُّنْيَا وَيُعْقَدُ بِهِمَا الزَّمَانُ ، وَيُكْمَلُ فِيهَا الصَّلَوَاتُ كُلُّهُنَّ ، وَيَكُونُ فِيهِمَا الصَّوْمُ . وَفِيهِ قَوْلُ رَابِعَ عَشَرَ : حَكَاهُ إِسْحَاقُ بْنُ رَاهَوَيْهِ ، قَالَ إِسْحَاقُ : وَقَدْ خَالَفَ مَا وَصَفْنَا بَعْضُ الْمُتَكَلِّمِينَ ، وَقَالُوا : قَدْ مَضَتِ السُّنَّةُ مِنَ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَأَصْحَابِهِ فِي التَّقْصِيرِ لِلْمُسَافِرِ إِذَا كَانَ طَاعِنًا ، فَإِذَا وَضَعَ الْمَزَادِ وَالزَّادَ وَتَرَكَ الرَّحِيلَ ، وَأَقَامَ أَيَّامًا لِحَاجَةٍ أَوْ تِجَارَةٍ ، أَوْ نُزْهَةٍ فَهُوَ بِالْمُقِيمِ أَشْبَهُ مِنْهُ بِالْمُسَافِرِ ، فَعَلَيْهِ الإِتْمَامُ ، لأَنَّ الصَّلاةَ لا تُقْصَرُ إِلا بِأَمْرٍ مُجْتَمِعٍ ، قَالَ : وَقَدْ وَقَعَ عَلَى هَذَا الاسْمِ الإِقَامَةُ ، قَالَ إِسْحَاقُ : وَقَدْ قَالَتْ عَائِشَةُ : إِذَا وَضَعْتَ الزَّادَ وَالْمَزَادَ فَصَلِّ أَرْبَعًا . قَالَ أَبُو بَكْرٍ : احْتَجَّ بَعْضُ مَنْ رَأَى أَنْ يَقْصُرَ الْمُسَافِرُ الصَّلاةَ مَا لَمْ يَجْمَعْ مُقَامَ خَمْسَةَ عَشَرَ يَوْمًا بِظَاهِرِ حَدِيثِ عُمَرَ : صَلاةُ الْمُسَافِرِ رَكْعَتَانِ تَمَامٌ غَيْرُ قَصْرٍ عَلَى لِسَانِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ، وَيَقُولُ ابْنُ عَبَّاسٍ : فَرَضَ اللَّهُ الصَّلاةَ عَلَى لِسَانِ نَبِيِّكُمْ فِي الْحَضَرِ أَرْبَعًا وَفِي السَّفَرِ رَكْعَتَيْنِ ، قَالَ : فَكُلُّ مُسَافِرٍ فَهَذَا فَرْضُهُ ، إِلا مُسَافِرًا خَصَّهُ كِتَابٌ أَوْ سُنَّةٌ أَوْ إِجْمَاعٌ ، وَقَدْ أَجْمَعَ أَهْلُ الْعِلْمِ عَلَى أَنَّ عَلَى مَنْ عَزَمَ عَلَى مُقَامِ خَمْسَ عَشْرَةَ لَيْلَةً الإِتْمَامُ ، فَوَجَبَ عَلَى مَنْ أَقَامَ خَمْسَ عَشْرَةَ لَيْلَةً بِالإِجْمَاعِ . وَقَدِ اعْتَلَّ الْمُزَنِيُّ بِمِثْلِ هَذِهِ الْعِلَّةِ ، وَقَالَ : يُقَالُ لَهُ : يَعْنِي الشَّافِعِيَّ ، وَالْمَدَنِيَّ : أَجْمَعْتُمْ عَلَى قَصْرِ الصَّلاةِ ، ثُمَّ اخْتَلَفْتُمْ فِي الْمُقَامِ الَّذِي يُتِمُّ ، فَلا يَزِيدُ مَا اجْتَمَعْتُمْ عَلَيْهِ مِنَ الأَمْصَارِ إِلا مُقَامًا تُجْمِعُونَ عَلَيْهِ وَهُوَ خَمْسَةَ عَشَرَ يَوْمًا ، قَالَ : كَانَ ابْنُ عُمَرَ إِذَا أَرَادَ أَنْ يُقِيمَ خَمْسَةَ عَشَرَ يَوْمًا سَرَّحَ ظَهْرَهُ ، وَصَلَّى أَرْبَعًا قَالَ : فَإِنِ اعْتَلَّ الشَّافِعِيُّ بِقَوْلِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : " يُقِيمُ الْمُهَاجِرُ بِمَكَّةَ بَعْدَ قَضَاءِ نُسُكِهِ ثَلاثًا " ، قَالَ : هَذَا الْقَوْلُ أَنْ يُوجِبَ عَلَيْهِ التَّمَامَ بِأَوَّلِ صَلاةٍ مِنَ الْيَوْمِ الرَّابِعِ . قَالَ أَبُو بَكْرٍ : فَأَمَّا مَنْ قَالَ : إِنَّ مَنْ أَقَامَ عَشْرًا أَتَمَّ الصَّلاةَ ، وَمَنْ أَقَامَ أَقَلَّ مِنْ عَشْرٍ قَصَرَ ، فَحُجَّتُهُ حَدِيثُ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ ، يَقُولُ : خَرَجْنَا مَعَ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ، فَقَصَرَ الصَّلاةَ حَتَّى جَاءَ مَكَّةَ فَأَقَامَ بِهَا عَشْرًا يَقْصُرُ حَتَّى رَجَعْنَا . قَالَ أَبُو بَكْرٍ : قَوْلُ أَنَسٍ : " أَقَامَ بِهَا عَشْرًا يَقْصُرُ " يُرِيدُ مَكَّةَ وَمِنًى وَعَرَفَةَ ، خَبَرُ جَابِرٍ يَدُلُّ عَلَى ذَلِكَ .
الأسم | الشهرة | الرتبة |
ابْنِ عُمَرَ | عبد الله بن عمر العدوي / توفي في :73 | صحابي |