وَحَدَّثَنَا أَبُو أُمَيَّةَ ، قَالَ : حَدَّثَنَا عَلِيُّ بْنُ قَادِمٍ ، قَالَ : أَخْبَرَنَا شَرِيكٌ ، عَنْ أَبِي رَبِيعَةَ عَنِ ابْنِ بُرَيْدَةَ ، عَنْ أَبِيهِ ، عَنْ عَلِيٍّ ، قَالَ : قَالَ لِي رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : " النَّظْرَةُ الأُولَى لَكَ ، وَالآخِرَةُ عَلَيْكَ " قَالُوا : فَلَمَّا حَرَّمَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وَسَلَّمَ النَّظْرَةَ الثَّانِيَةَ ، لأَنَّهَا تَكُونُ بِاخْتِيَارِ النَّاظِرِ ، وَخَالَفَ بَيْنَ حُكْمِهَا وَبَيْنَ حُكْمِ مَا قَبْلَهَا ، إِذَا كَانَتْ بِغَيْرِ اخْتِيَارٍ مِنَ النَّاظِرِ ، دَلَّ ذَلِكَ عَلَى أَنَّهُ لَيْسَ لأَحَدٍ أَنْ يَنْظُرَ إِلَى وَجْهِ الْمَرْأَةِ إِلا أَنْ يَكُونَ بَيْنَهُ وَبَيْنَهَا مِنَ النِّكَاحِ أَوِ الْحُرْمَةِ ، مَا لا يُحَرِّمُ ذَلِكَ عَلَيْهِ مِنْهَا . فَكَانَ مِنَ الْحُجَّةِ عَلَيْهِمْ فِي ذَلِكَ لأَهْلِ الْمَقَالَةِ الأُولَى ، أَنَّ الَّذِي أَبَاحَهُ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وَسَلَّمَ فِي الآثَارِ الأُوَلِ ، هُوَ النَّظَرُ لِلْخِطْبَةِ لا لِغَيْرِ ذَلِكَ ، فَذَلِكَ نَظَرٌ بِسَبَبٍ هُوَ حَلالٌ . أَلا تَرَى أَنَّ رَجُلا لَوْ نَظَرَ إِلَى وَجْهِ امْرَأَةٍ ، لا نِكَاحَ بَيْنَهُ وَبَيْنَهَا ، لِيَشْهَدَ عَلَيْهَا ، وَلِيَشْهَدَ لَهَا أَنَّ ذَلِكَ جَائِزٌ . فَكَذَلِكَ إِذَا نَظَرَ إِلَى وَجْهِهَا لِيَخْطُبَهَا ، كَانَ ذَلِكَ جَائِزًا لَهُ أَيْضًا . فَأَمَّا الْمَنْهِيُّ عَنْهُ فِي حَدِيثِ عَلِيٍّ ، وَجَرِيرٍ ، وَبُرَيْدَةَ رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُمْ ، فَذَلِكَ لِغَيْرِ الْخِطْبَةِ ، وَلِغَيْرِ مَا هُوَ حَلالٌ ، فَذَلِكَ مَكْرُوهٌ مُحَرَّمٌ . وَقَدْ رَأَيْنَاهُمْ لا يَخْتَلِفُونَ فِي نَظَرِ الرَّجُلِ إِلَى صَدْرِ الْمَرْأَةِ الأَمَةِ ، إِذَا أَرَادَ أَنْ يَبْتَاعَهَا أَنَّ ذَلِكَ لَهُ جَائِزٌ حَلالٌ ، لأَنَّهُ إِنَّمَا يَنْظُرُ إِلَى ذَلِكَ مِنْهَا ، لِيَبْتَاعَهَا لا لِغَيْرِ ذَلِكَ . وَلَوْ نَظَرَ إِلَى ذَلِكَ مِنْهَا ، لا لِيَبْتَاعَهَا ، وَلَكِنْ لِغَيْرِ ذَلِكَ ، كَانَ ذَلِكَ عَلَيْهِ حَرَامًا . فَكَذَلِكَ نَظَرُهُ إِلَى وَجْهِ الْمَرْأَةِ إِنْ كَانَ فَعَلَ ذَلِكَ لِمَعْنًى هُوَ حَلالٌ ، فَذَلِكَ غَيْرُ مَكْرُوهٍ لَهُ ، وَإِنْ كَانَ فَعَلَهُ لِمَعْنًى هُوَ عَلَيْهِ حَرَامٌ ، فَذَلِكَ مَكْرُوهٌ لَهُ ، وَإِذَا ثَبَتَ أَنَّ النَّظَرَ إِلَى وَجْهِ الْمَرْأَةِ لِيَخْطُبَهَا حَلالٌ ، خَرَجَ بِذَلِكَ حُكْمُهُ مِنْ حُكْمِ الْعَوْرَةِ ، وَلأَنَّا رَأَيْنَا مَا هُوَ عَوْرَةٌ لا يُبَاحُ لِمَنْ أَرَادَ نِكَاحَهَا النَّظَرُ إِلَيْهَا . أَلا تَرَى أَنَّ مَنْ أَرَادَ نِكَاحَ امْرَأَةٍ ، فَحَرَامٌ عَلَيْهِ النَّظَرُ إِلَى شَعْرِهَا ، وَإِلَى صَدْرِهَا ، وَإِلَى مَا هُوَ أَسْفَلَ مِنْ ذَلِكَ فِي بَدَنِهَا ، كَمَا يَحْرُمُ ذَلِكَ مِنْهَا ، عَلَى مَنْ لَمْ يُرِدْ نِكَاحَهَا . فَلَمَّا ثَبَتَ أَنَّ النَّظَرَ إِلَى وَجْهِهَا حَلالٌ لِمَنْ أَرَادَ نِكَاحَهَا ، ثَبَتَ أَنَّهُ حَلالٌ أَيْضًا لِمَنْ لَمْ يُرِدْ نِكَاحَهَا ، إِذَا كَانَ لا يَقْصِدُ بِنَظَرِهِ ذَلِكَ لِمَعْنًى هُوَ عَلَيْهِ حَرَامٌ . وَقَدْ قِيلَ فِي قَوْلِ اللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ : وَلا يُبْدِينَ زِينَتَهُنَّ إِلا مَا ظَهَرَ مِنْهَا : إِنَّ ذَلِكَ الْمُسْتَثْنَى هُوَ الْوَجْهُ وَالْكَفَّانِ ، فَقَدْ وَافَقَ مَا ذَكَرْنَا مِنْ حَدِيثِ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وَسَلَّمَ هَذَا التَّأْوِيلَ . وَمِمَّنْ ذَهَبَ إِلَى هَذَا التَّأْوِيلِ مُحَمَّدُ بْنُ الْحَسَنِ رَحْمَةُ اللَّهِ عَلَيْهِ . كَمَا حَدَّثَنَا سُلَيْمَانُ بْنُ شُعَيْبٍ بِذَلِكَ عَنْ أَبِيهِ ، عَنْ مُحَمَّدٍ . وَهَذَا كُلُّهُ قَوْلُ أَبِي حَنِيفَةَ ، وَأَبِي يُوسُفَ ، وَمُحَمَّدٍ ، رَحْمَةُ اللَّهِ عَلَيْهِمْ أَجْمَعِينَ .
الأسم | الشهرة | الرتبة |
عَلِيٍّ | علي بن أبي طالب الهاشمي / توفي في :40 | صحابي |
أَبِيهِ | بريدة بن الحصيب الأسلمي / توفي في :63 | صحابي |
ابْنِ بُرَيْدَةَ | عبد الله بن بريدة الأسلمي / ولد في :15 / توفي في :115 | ثقة |
أَبِي رَبِيعَةَ | عمر بن ربيعة الإيادي | مقبول |
شَرِيكٌ | شريك بن عبد الله القاضي | صدوق سيء الحفظ يخطئ كثيرا |
عَلِيُّ بْنُ قَادِمٍ | علي بن قادم الخزاعي / توفي في :212 | ضعيف الحديث |
أَبُو أُمَيَّةَ | محمد بن إبراهيم الخزاعي / توفي في :273 | ثقة |