باب المقدار الذي يعطى كل مسكين من الطعام والكفارات


تفسير

رقم الحديث : 3049

حَدَّثَنَا حَدَّثَنَا عَلِيُّ بْنُ شَيْبَةَ قَالَ : ثنا يَزِيدُ بْنُ هَارُونَ ، قَالَ : أَخْبَرَنَا سُفْيَانُ ، عَنِ ابْنِ أَبِي نَجِيحٍ ، عَنْ مُجَاهِدٍ ، قَالَ : كَانَ زَيْدُ بْنُ ثَابِتٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ يَقُولُ : " الْمُكَاتَبُ عَبْدٌ ، مَا بَقِيَ عَلَيْهِ شَيْءٌ مِنْ كِتَابَتِهِ " . وَكَانَ جَابِرُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ يَقُولُ : " شُرُوطُهُمْ جَائِزَةٌ فِيمَا بَيْنَهُمْ " . فَلَمَّا كَانُوا قَدِ اخْتَلَفُوا فِي ذَلِكَ ، كَمَا ذَكَرْنَا ، وَكُلٌّ قَدْ أَجْمَعَ أَنَّ الْمُكَاتَبَ لا يَعْتِقُ بِعَقْدِ الْمُكَاتَبَةِ ، وَإِنَّمَا يَعْتِقُ بِحَالٍ ثَانِيَةٍ فَقَالَ بَعْضُهُمْ : تِلْكَ الْحَالُ هِيَ أَدَاءُ جَمِيعِ الْمُكَاتَبَةِ وَقَالَ بَعْضُهُمْ : هِيَ أَدَاءُ بَعْضِ الْمُكَاتَبَةِ ، وَقَالَ بَعْضُهُمْ : يَعْتِقُ مِنْهُ بِقَدْرِ مَا أَدَّى مِنْ مَالِ الْمُكَاتَبَةِ . ثَبَتَ أَنَّ حُكْمَ ذَلِكَ قَدْ خَرَجَ مِنْ حُكْمِ الْمُعْتَقِ عَلَى مَالٍ ، لأَنَّ الْمُعْتَقَ عَلَى مَالٍ ، يَعْتِقُ بِالْقَوْلِ قَبْلَ أَنْ يُؤَدِّيَ شَيْئًا ، وَالْمُكَاتَبَ لَيْسَ كَذَلِكَ ، لإِجْمَاعِهِمْ عَلَى مَا ذَكَرْنَا . فَلَمَّا ثَبَتَ أَنَّ الْمُكَاتَبَ لا يَسْتَحِقُّ الْعَتَاقَ بِعَقْدِ الْمُكَاتَبَةِ ، وَإِنَّمَا يَسْتَحِقُّهُ بِحَالٍ ثَانِيَةٍ ، نَظَرْنَا فِي ذَلِكَ ، وَفِي سَائِرِ الأَشْيَاءِ الَّتِي لا تَجِبُ بِالْعُقُودِ ، وَإِنَّمَا تَجِبُ بِحَالٍ أُخْرَى بَعْدَهَا ، كَيْفَ حُكْمُهَا ؟ . فَرَأَيْنَا الرَّجُلَ يَبِيعُ الرَّجُلَ الْعَبْدَ بِأَلْفِ دِرْهَمٍ ، فَلا يَجِبُ لِلْمُشْتَرِي قَبْضُ الْعَبْدِ بِنَفْسِ الْعَقْدِ ، حَتَّى يُؤَدِّيَ جَمِيعَ الثَّمَنِ وَلا يَكُونُ لَهُ قَبْضُ بَعْضِ الْعَبْدِ بِأَدَائِهِ بَعْضَ الثَّمَنِ ، وَكَذَلِكَ الأَشْيَاءُ الَّتِي هِيَ مَحْبُوسَةٌ بِغَيْرِهَا ، مِثْلُ الرَّهْنِ الْمَحْبُوسِ بِالدَّيْنِ ، فَكُلٌّ قَدْ أَجْمَعَ أَنَّ الرَّاهِنَ لَوْ قَضَى الْمُرْتَهِنَ بَعْضَ الدَّيْنِ ، فَأَرَادَ أَنْ يَأْخُذَ الرَّهْنَ ، أَوْ بَعْضَهُ بِقَدْرِ مَا أَدَّى مِنَ الدَّيْنِ ، لَمْ يَكُنْ لَهُ ذَلِكَ إِلا بِأَدَائِهِ جَمِيعَ الدَّيْنِ . فَكَانَ هَذَا حُكْمَ الأَشْيَاءِ الَّتِي تُمْلَكُ بِأَشْيَاءَ إِذَا وَجَبَ احْتِبَاسُهَا ، فَإِنَّمَا تُحْبَسُ حَتَّى يُؤْخَذَ جَمِيعُ مَا جُعِلَ بَدَلا مِنْهَا . فَلَمَّا خَرَجَ الْمُكَاتَبُ مِنْ أَنْ يَكُونَ فِي حُكْمِ الْمُعْتَقِ عَلَى الْمَالِ الَّذِي يَعْتِقُ بِالْعَقْدِ ، لا بِحَالٍ ثَانِيَةٍ ، وَثَبَتَ أَنَّهُ فِي حُكْمِ مَنْ يُحْبَسُ لأَدَاءِ شَيْءٍ ثَبَتَ أَنَّ حُكْمَهُ فِي الْمُكَاتَبَةِ وَفِي احْتِبَاسِ الْمَوْلَى إِيَّاهُ ، كَحُكْمِ الْمَبِيعِ فِي احْتِبَاسِ الْبَائِعِ إِيَّاهُ . فَكَمَا كَانَ الْمُشْتَرِي غَيْرَ قَادِرٍ عَلَى أَخْذِهِ إِلا بَعْدَ أَدَاءِ جَمِيعِ الثَّمَنِ ، كَانَ كَذَلِكَ الْمُكَاتَبُ أَيْضًا غَيْرَ قَادِرٍ عَلَى أَخْذِ شَيْءٍ مِنْ رَقَبَتِهِ ، مِنْ مِلْكِ الْمَوْلَى إِلا بِأَدَاءِ جَمِيعِ الْمُكَاتَبَةِ . فَثَبَتَ بِمَا ذَكَرْنَا قَوْلُ الَّذِينَ قَالُوا : لا يَعْتِقُ مِنَ الْمُكَاتَبِ شَيْءٌ إِلا بِأَدَاءِ جَمِيعِ الْمُكَاتَبَةِ ، وَهُوَ قَوْلُ أَبِي حَنِيفَةَ ، وَأَبِي يُوسُفَ ، وَمُحَمَّدٍ ، رَحْمَةُ اللَّهِ عَلَيْهِمْ أَجْمَعِينَ .

الرواه :

الأسم الرتبة
زَيْدُ بْنُ ثَابِتٍ

صحابي

Whoops, looks like something went wrong.