أَخْبَرَنَا أَبُو الْحَسَنِ ، أَنَا أَبُو مُحَمَّدٍ ، ثَنا َأَحْمَدُ بْنُ سَلَمَةَ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ النَّيْسَابُورِيُّ ، قَالَ : قَالَ أَبُو بَكْرٍ مُحَمَّدُ بْنُ إِدْرِيسَ وَرَّاقُ الْحُمَيْدِيِّ : سَمِعْتُ الْحُمَيْدِيَّ ، يَقُولُ : قَالَ مُحَمَّدُ بْنُ إِدْرِيسَ الشَّافِعِيُّ : " خَرَجْتُ إِلَى الْيَمَنِ فِي طَلَبِ كُتُبِ الْفِرَاسَةِ ، حَتَّى كَتَبْتُهَا وَجَمَعْتُهَا ، ثُمَّ لَمَّا حَانَ انْصِرَافِي ، مَرَرْتُ عَلَى رَجُلٍ فِي طَرِيقِي وَهُوَ مُحْتَبٍ بِفِنَاءِ دَارِهِ ، أَزْرَقَ الْعَيْنَيْنِ ، نَاتِئِ الْجَبْهَةِ ، سِنَاطٍ ، فَقُلْتُ لَهُ : هَلْ مِنْ مَنْزِلٍ ؟ فَقَالَ : نَعَمْ . قَالَ الشَّافِعِيُّ : وَهَذَا النَّعْتُ أَخْبَثُ مَا يَكُونُ فِي الْفِرَاسَةِ فَأَنْزَلَنِي ، فَرَأَيْتُ أَكْرَمَ رَجُلٍ ، بَعَثَ إِلَيَّ بِعَشَاءٍ وَطِيبٍ ، وَعَلَفٍ لِدَابَّتِي ، وَفِرَاشٍ وَلِحَافٍ ، فَجَعَلْتُ أَتَقَلَّبُ اللَّيْلَ أَجْمَعَ مَا أَصْنَعُ بِهَذِهِ الْكُتُبِ ؟ إِذْ رَأَيْتُ هَذَا النَّعْتَ فِي هَذَا الرَّجُلِ ، فَرَأَيْتُ أَكْرَمَ رَجُلٍ ، فَقُلْتُ : أَرْمِي بِهَذِهِ الْكُتُبِ " . فَلَمَّا أَصْبَحْتُ ، قُلْتُ لِلْغُلامِ : أَسْرِجْ ، فَأَسْرَجَ ، فَرَكِبْتُ وَمَرَرْتُ عَلَيْهِ ، وَقُلْتُ لَهُ : إِذَا قَدِمْتَ مَكَّةَ وَمَرَرْتَ بِذِي طُوًى ، فَسَلْ عَنْ مَنْزِلِ مُحَمَّدِ بْنِ إِدْرِيسَ الشَّافِعِيِّ . فَقَالَ لِيَ الرَّجُلُ : أَمَولًى لأَبِيكَ أَنَا ؟ ! قُلْتُ : لا . قَالَ : فَهَلْ كَانَتْ لَكَ عِنْدِي نِعْمَةٌ ؟ ! فَقُلْتُ : لا . فَقَالَ : أَيْنَ مَا تَكَلَّفْتُ لَكَ الْبَارِحَةَ ؟ قُلْتُ : وَمَا هُوَ ؟ . قَالَ : اشْتَرَيْتُ لَكَ طَعَامًا بِدِرْهَمَيْنِ ، وَإِدَامًا بِكَذَا ، وَعِطْرًا بِثَلاثَةِ دَرَاهِمَ ، وَعَلَفًا لِدَابَّتِكَ بِدِرْهَمَيْنِ ، وَكِرَاءُ الْفِرَاشِ وَاللِّحَافِ دِرْهَمَانِ . قَالَ : قُلْتُ : يَا غُلامُ أَعْطِهِ ، فَهَلْ بَقِيَ مِنْ شَيْءٍ . قَالَ : كِرَاءُ الْمَنْزِلِ ، فَإِنِّي وَسَّعْتُ عَلَيْكَ ، وَضَيَّقْتُ عَلَى نَفْسِي ، قَالَ الشَّافِعِيُّ : فَغَبَطْتُ نَفْسِي بِتِلْكَ الْكُتُبِ ، فَقُلْتُ لَهُ بَعْدَ ذَلِكَ : هَلْ بَقِيَ مِنْ شَيْءٍ ؟ قَالَ : امْضِ ، أَخْزَاكَ اللَّهُ ، فَمَا رَأَيْتُ قَطُّ شَرًّا مِنْكَ .
الأسم | الشهرة | الرتبة |