عن السدي ، قال : " اجتمعت قريش ، فقالوا : إن محمدًا رجل حلو اللسان ، إذا كلمه الرجل ذهب بعقله ، فانظروا أناسًا من أشرافكم المعدودين المعروفة أنسابهم ، فابعثوهم في كل طريق من طرق مكة على رأس كل ليلة أو ليلتين ، فمن جاء يريده فردوه عنه ، فخرج ناس منهم في كل طريق ، فكان إذا أقبل الرجل وافدًا لقومه ينظر ما يقول محمد ، فينزل بهم ، قالوا له : أنا فلان ابن فلان ، فيعرفه بنسبه ، ويقول : أنا أخبرك عن محمد ، فلا يريد أن يعني إليه ، هو رجل كذاب ، لم يتبعه على أمره إلا السفهاء والعبيد ومن لا خير فيه ، وأما شيوخ قومه وخيارهم ، فمفارقون له فيرجع أحدهم ، فذلك قوله : وَإِذَا قِيلَ لَهُمْ مَاذَا أَنْزَلَ رَبُّكُمْ قَالُوا أَسَاطِيرُ الأَوَّلِينَ سورة النحل آية 24 ، فإذا كان الوافد ممن عزم الله له على الرشاد ، فقالوا له مثل ذلك في محمد ، قال : بئس الوافد أنا لقومي إن كنت جئت ، حتى إذا بلغت إلا مسيرة يوم ، رجعت قبل أن ألقى هذا الرجل ، وأنظر ما يقول وآتي قومي ببيان أمره ، فيدخل مكة فيلقى المؤمنين فيسألهم : ماذا يقول محمد ؟ فيقولون : خَيْرًا لِلَّذِينَ أَحْسَنُوا فِي هَذِهِ الدُّنْيَا حَسَنَةٌ سورة النحل آية 30 ، يقول : قال : وَلَدَارُ الآخِرَةِ خَيْرٌ سورة النحل آية 30 ، وهي الجنة " .