حَدَّثَنَا أَبُو سَعِيدِ بْنُ يَحْيَى بْنِ سَعِيدٍ الْقَطَّانُ ، ثنا عِيسَى بْنُ حُمَيْدٍ الرَّاسِبِيُّ ، ثنا كَثِيرٌ الْكُوفِيُّ ، ثنا مُجَاهِدٌ أَبُو الْحَجَّاجِ قَالَ : " كَانَ قَبْلَ أَنْ يُبْعَثَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ امْرَأَةٌ وَكَانَ لَهَا أَجِيرٌ ، فَوَلَدَتِ الْمَرْأَةُ ، فَقَالَتْ : لأَجِيرِهَا انْطَلِقْ فَاقْتَبِسْ لِي نَارًا ، فَانْطَلَقَ الأَجِيرُ ، فَإِذَا هُوَ بِرَجُلَيْنِ قَائِمَيْنِ عَلَى الْبَابِ ، فَقَالَ أَحَدُهُمَا لِصَاحِبِهِ : مَا وَلَدَتْ ؟ فَقَالَ : وَلَدَتْ جَارِيَةً . فَقَالَ أَحَدُهُمَا لِصَاحِبِهِ : لا تَمُوتُ هَذِهِ الْجَارِيَةُ حَتَّى تَزْنِي بِمِائَةٍ ، وَيَتَزَوَّجُهَا الأَجِيرُ ، وَيَكُونُ مَوْتُهَا بِعَنْكَبُوتٍ ، فَقَالَ الأَجِيرُ : أَمَا وَاللَّهِ لأُكَذِّبَنَّ حَدِيثَكُمَا ، فَرَمَى بِمَا فِي يَدِهِ ، وَأَخَذَ السِّكِّينَ فَشَحَذَهَا وَقَالَ : أَلا تَرَانِي أَتَزَوَّجُهَا بَعْدَ مَا تَزْنِي بِمِائَةٍ . قَالَ : فَسَمِعْتُ مُجَاهِدًا يَقُولُ : فَفَرَى كَبِدَهَا وَرَمَى بِالسِّكِّينِ وَظَنَّ أَنَّهُ قَدْ قَتَلَهَا ، فَصَاحَتِ الصَّبِيَّةُ ، فَقَامَتْ أُمُّهَا فَرَأَتْ بَطْنَهَا قَدْ شُقَّ فَخَاطَتْهُ وَدَاوَتْهُ حَتَّى بَرِئَتْ ، وَرَكِبَ الأَجِيرُ رَأْسَهُ ، فَلَبِثَ مَا شَاءَ اللَّهُ أَنْ يَلْبَثَ وَأَصَابَ الأَجِيرُ مَالا ، فَأَرَادَ أَنْ يَطْلُعَ أَرْضَهُ فَيَنْظُرَ مَنْ مَاتَ مِنْهُمْ وَمَنْ بَقِيَ ، فَأَقْبَلَ حَتَّى نَزَلَ عَلَى الْعَجُوزِ ، وَقَالَ لِلْعَجُوزِ : ابْغِي لِي أَحْسَنَ امْرَأَةٍ فِي الْبَلَدِ فَأُصِيبَ مِنْهَا وَأُعْطِيَهَا . فَانْطَلَقَتِ الْعَجُوزُ إِلَى تِلْكَ الْمَرْأَةِ وَهِيَ أَحْسَنُ جَارِيَةٍ فِي الْبَلَدِ ، فَدَعَتْهَا إِلَى الرَّجُلِ ، وَقَالَتْ : تُصِيبِينَ مِنْهُ مَعْرُوفًا ، فَأَبَتْ عَلَيْهَا وَقَالَتْ : إِنَّهُ قَدْ كَانَ ذَاكَ مِنِّي فِيمَا مَضَى ، فَأَمَّا الْيَوْمَ فَقَدْ بَدَا لِي أَلا أَفْعَلَ ، فَرَجَعَتْ إِلَى الرَّجُلِ فَأَخْبَرَتْهُ ، فَقَالَ : فَاخْطُبِيهَا عَلَيَّ ، فَخَطَبَهَا وَتَزَوَّجَهَا فَأُعْجِبَ بِهَا ، فَلَمَّا أَنَسَ إِلَيْهَا حَدَّثَهَا حَدِيثَهُ ، فَقَالَتْ : وَاللَّهِ لَئِنْ كُنْتَ صَادِقًا ، لَقَدْ حَدَّثَتْنِي أُمِّي حَدِيثَكَ وَإِنِّي لِتِلْكَ الْجَارِيَةُ . قَالَ : أَنْتِ ؟ قَالَتْ : أَنَا . قَالَ : وَاللَّهِ لَئِنْ كُنْتِ أَنْتِ إِنَّ بِكِ لَعَلامَةً لا تَخْفَى ، فَكَشَفَتْ بَطْنَهَا ، فَإِذَا هُوَ بِأَثَرِ السِّكِّينِ ، فَقَالَ : صَدَقَنِي وَاللَّهِ الرَّجُلانِ وَاللَّهِ لَقَدْ زَنَيْتِ بِمِائَةٍ ، وَإِنِّي أَنَا الأَجِيرُ ، وَلَقَدْ تَزَوَّجْتُكِ ، وَلَتَكُونَنَّ الثَّالِثَةُ ، وَلَيَكُونَنَّ مَوْتُكَ بِعَنْكَبُوتٍ ، وَقَالَتْ : وَاللَّهِ لَقَدْ كَانَ ذَاكَ مِنِّي ، وَلَكِنْ لا أَدْرِي أَوْ أَقَلَّ أَوْ أَكْثَرَ ، فَقَالَ : وَاللَّهِ مَا نَقَصَ وَاحِدًا وَلا زَادَ وَاحِدًا ، ثُمَّ انْطَلَقَ إِلَى نَاحِيَةِ الْقَرْيَةِ فَبَنَى فِيهِ مَخَافَةَ الْعَنْكَبُوتِ ، فَلَبِثَ مَا شَاءَ اللَّهُ أَنْ يَلْبَثَ حَتَّى إِذَا جَاءَ الأَجَلُ ذَهَبَ يَنْظُرُ فَإِذَا هُوَ الْعَنْكَبُوتُ فِي سَقْفِ الْبَيْتِ ، وَهِيَ إِلَى جَنْبِهِ ، فَقَالَ : وَاللَّهِ إِنِّي لأَرَى الْعَنْكَبُوتَ فِي سَقْفِ الْبَيْتِ ، فَقَالَتْ : هَذِهِ الَّتِي تَزْعُمُونَ أَنَّهَا تَقْتُلُنِي ، وَاللَّهِ لأَقْتُلَنَّهَا قَبْلَ أَنْ تَقْتُلَنِي ، فَقَامَ الرَّجُلُ ، فَزَالَهَا وَأَلْقَاهَا ، فَقَالَتْ : وَاللَّهِ لا يَقْتُلُهَا أَحَدٌ غَيْرِي ، فَوَضَعَتْ إِصْبَعَهَا عَلَيْهاِ ، فَشَدَخَتْهَا فَطَارَ السُّمُّ حَتَّى وَقَعَ بَيْنَ الظُّفُرِ وَاللَّحْمِ فَاسْوَدَّتْ رِجْلُهَا فَمَاتَتْ ، وَأَنْزَلَ اللَّهُ تَعَالَى عَلَى نَبِيِّهِ حِينَ بُعِثَ : أَيْنَمَا تَكُونُوا يُدْرِكْكُمُ الْمَوْتُ وَلَوْ كُنْتُمْ فِي بُرُوجٍ مُشَيَّدَةٍ سورة النساء آية 78 " .