عَنِ السُّدِّيِّ ، رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ ، قَالَ : " كَانَ أَهْلُ سَبَأٍ أُعْطُوا مَا لَمْ يُعْطَهْ أَحَدٌ مِنْ أَهْلِ زَمَانِهِمْ ، فَكَانَتِ الْمَرْأَةُ عَلَى رَأْسِهَا الْمَكْتَلُ فَتُرِيدُ حَاجَتَهَا ، فَلَا تَبْلُغَ مَكَانُهَا الَّذِي تُرِيدُ حَتَّى يَمْتلِأَ مِكْتَلَهَا مِنْ أَنْوَاعِ الْفَاكِهَةِ ، فَأَجْمَعُوا ذَلِكَ فَكَذَّبُوا رُسُلَهُمْ ، وَقَدْ كَانَ السَّيْلُ يَأْتِيهِمْ مِنْ مَسِيرَةِ عَشَرَةِ أَيَّامٍ حَتَّى يَسْتَقِرَّ فِي وَادِيهِمْ ، فَيُجْمَعُ الْمَاءُ مِنْ تِلْكَ السُّيُولِ وَالْجِبَالِ فِي ذَلِكَ الْوَادِي ، وَكَانَ قَدْ حَفَرُوهُ بِمُسَنَّاةٍ وَهُمْ يُسَمُّونَ الْمُسَنَّاةَ عَرِمٌ ، وَكَانَ يَفْتَحُونَ إِذَا شَاءُوا مِنْ ذَلِكَ الْمَاءِ ، فَيَسْقُونَ جِنَانَهُمْ إِذَا شَاءُوا ، فَلَمَّا غَضِبَ اللَّهُ عَلَيْهِمْ ، وَأَذِنَ فِي هَلَاكِهِمْ ، دَخَلَ رَجُلٌ إِلَى جَنَّتِهِ ، وَهُوَ عُمَرُ بْنُ عَامِرٍ فِيمَا بَلَغَنَا ، وَكَانَ كَاهِنًا فَنَظَرَ إِلَى جرزة تَنْقُلُ أَوْلَادُهَا مِنْ بَطْنِ الْوَادِي إِلَى أَعْلَى الْجَبَلِ ، فَقَالَ : مَا نَقَلَتْ هَذِهِ أَوْلَادَهَا مِنْ هَا هُنَا إِلَّا وَقَدْ حَضَرَ أَهْلَ هَذِهِ الْبِلَادِ عَذَابٌ ، وَيُقَدَّرُ أَنَّهَا خَرَقَتْ ذَلِكَ الْعَرِمَ فَلُقِّبَتْ لَقَبًا ، فَسَالَ ذَلِكَ اللَّقَبُ مَاءً إِلَى جَنَّتِهِ ، فَأَمَرَ عُمَرُ بْنُ عَامِرٍ بِذَلِكَ اللَّقَبِ فَسُدَّ فَأَصْبَحَ وَقَدِ انْفَجَرَ بِأَعْظَمِ مَا كَانَ ، فَأَمَرَ بِهِ أَيْضًا فَسُدَّ ، ثُمَّ انْفَجَرَ بِأَعْظَمِ مَا كَانَ ، فَلَمَّا رَأَى ذَلِكَ دَعَا ابْنَ أَخِيهِ ، فَقَالَ : إِذْ أَنَا جَلَسْتُ الْعَشَيَّةَ فَجِئْ نَادِي قَوْمِي فَائْتِنِي فَقُلْ : عَلَامَ تَحْبِسُ عَلَيَّ مَالِي ؟ فَإِنِّي سَأَقُولُ : لَيْسَ لَكَ عِنْدِي مَالٌ وَلَا تَرَكَ أَبُوكَ شَيْئًا ، وَإِنَّكَ لَكَاذِبٌ ، فَإِذَا أَنَا كَذَّبْتُكَ فَكَذِّبْنِي ، وَارْدُدْ عَلَيَّ مِثْلَ مَا قُلْتُ لَكَ ، فَإِذَا فَعَلْتَ ذَلِكَ فَإِنِّي سَأَشْتُمَكَ ، فَاشْتُمْنِي ، فَإِذَا أَنْتَ شَتَمْتَنِي لَطَمْتُكَ ، فَإِذَا أَنَا لَطَمْتُكَ فَقُمْ فَالْطُمْنِي ، قَالَ : مَا كُنْتُ لِأَسْتَقْبِلَكَ بِذَلِكَ يَا عَمُّ ، قَالَ : بَلَى ، فَافْعَلْ ، فَإِنِّي أُرِيدُ بِهَا صَلَاحَكَ ، وَصَلَاحَ أَهْلِ بَيْتِكَ ، فَقَالَ الْفَتَى : نَعَمْ ، حَيْثُ عَرَفَ هُوَ عَمُّهُ ، فَجَاءَ فَقَالَ : مَا أَمَرَ بِهِ حَتَّى لَطَمَهُ ، فَتَنَاوَلَهُ الْفَتَى فَلَطَمَهُ ، قَالَ الشَّيْخُ : يَا مَعْشَرَ بَنِي فِلَانٍ أُلْطَمُ فِيكُمْ ؟ لَا سَكَنْتُ فِي بَلَدٍ لَطَمَنِي فِيهِ فُلَانٌ أَبَدًا ، لَمْ يبتاع مِنِّي فَلَمَّا عَرَفَ الْقَوْمُ مِنْهُ الْجِدَّ أَعْطَوْهُ ، فَنَظَرَ إِلَى أَفْضَلِهِمْ عَطِيَّةً ، فَأَوْجَبَ لَهُ الْبَيْعَ ، فَدَعَا بِالْمَالِ فَنَقَدَهُ ، وَتَحَمَّلَ هُوَ وَبَنُوهُ مِنْ لَيْلَتِهِ ، فَتَفَرَّقُوا " .