حَدَّثَنَا أَبُو يُوسُفَ الزُّهْرِيُّ ، قَالَ : حَدَّثَنَا الزُّبَيْرُ بْنُ بَكَّارٍ ، قَالَ : كَانَ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي عَمَّارٍ مِنْ بَنِي حَسَنِ بْنِ مُعَاوِيَةَ يَنْزِلُ بِمَكَّةَ ، وَكَانَ مِنْ عُبَّادِ أَهْلِهَا ، فَسُمِّيَ الْقَسَّ مِنْ عِبَادَتِهِ ، فَمَرَّ ذَاتَ يَوْمٍ بِسَلامَةَ وَهِيَ تُغَنِّي ، فَوَقَفَ فَسَمِعَ غِنَاءَهَا ، فَرَآهُ مَوْلاهَا ، فَدَعَاهُ إِلَى أَنْ يُدْخِلَهُ عَلَيْهَا فَأَبَى عَلَيْهِ ، فَقَالَ لَهُ : فَاقْعُدْ لِي فِي مَكَانٍ تَسْمَعُ غِنَاءَهَا وَلا تَرَاهَا ، فَفَعَلَ ، فَغَنَّتْ فَأَعْجَبَتْهُ ، فَقَالَ لَهُ مَوْلاهَا : هَلْ لَكَ أَنْ أُحَوِّلُهَا إِلَيْكَ ؟ فَامْتَنَعَ بَعْضَ الامْتِنَاعِ ، ثُمَّ أَجَابَهُ إِلَى ذَلِكَ ، فَنَظَرَ إِلَيْهَا فَأَعْجَبَتْهُ ، فَشَغَفَ بِهَا ، وَشَغَفَتْ بِهِ ، وَكَانَ ظَرِيفًا ، فَقَالَ فِيهَا : أُمَّ سَلامٍ لَوْ وَجَدْتِ مِنَ الْوَجْدِ عُشَيْرَ الَّذِي بِكُمْ أَنَا لاقى أُمَّ سَلامٍ أَنْتِ هَمِّي وَشُغْلِي وَالْعَزِيزِ الْمُهَيْمِنِ الْخَلاقِ أُمَّ سَلامٍ مَا ذَكَرْتُكِ إِلا شَرِقَتْ بِالدُّمُوعِ مِنِّي الْمَآقِي قَالَ : وَعَلِمَ بِذَلِكَ أَهْلُ مَكَّةَ ، فَسَمَّوْهَا سَلامَةَ الْقَسِّ ، فَقَالَتْ لَهُ يَوْمًا أَنَا وَاللَّهِ أُحِبُّكَ . فَقَالَ : وَأَنَا وَاللَّهِ أُحِبُّكِ . فَقَالَتْ أَنَا وَاللَّهِ أُحِبُّ أَنْ أَضَعَ فَمِي عَلَى فَمِكَ . قَالَ : وَأَنَا وَاللَّهِ أُحِبُّ ذَلِكَ . قَالَتْ : فَمَا يَمْنَعُكَ ، فَوَاللَّهِ إِنَّ الْمَوْضِعَ لَخَالٍ . فَقَالَ لَهَا : وَيْحَكِ ، " إِنِّي سَمِعْتُ اللَّهَ عَزَّ وَجَلَّ يَقُولُ : " الأَخِلاءُ يَوْمَئِذٍ بَعْضُهُمْ لِبَعْضٍ عَدُوٌّ إِلا الْمُتَّقِينَ سورة الزخرف آية 67 ، وَأَنَا وَاللَّهِ أَكْرَهُ أَنْ تَكُونَ خُلَّةُ مَا بَيْنِي وَبَيْنَكِ فِي الدُّنْيَا عَدَاوَةً يَوْمَ الْقِيَامَةِ " . ثُمَّ نَهَضَ وَعَيْنَاهُ تَذْرِفَانِ مِنْ حُبِّهَا ، وَعَادَ إِلَى الطَّرِيقَةِ الَّتِي كَانَ عَلَيْهَا مِنَ النُّسُكِ وَالْعِبَادَةِ ، فَكَانَ يَمُرُّ بَيْنَ الأَيَّامِ بِبَابِهَا فَيُرْسِلُ بِالسَّلامِ إِلَيْهَا ، فَيُقَالُ لَهُ : ادْخُلْ فَيَأْبَى ، وَمِمَّا قَالَ فِيهَا : إِنَّ سَلامَةَ الَّتِي أَفْقَدَتْنِي تَجَلُّدِي لَوْ تَرَاهَا وَالْعَوْدُ فِي حِجْرِهَا حِينَ تَبْتَدِي لجرير وَالْغَرِيضُ وَلِلْقَوْمِ مَعَبْدِي خِلْتُهُمْ تَحْتَ عُودِهَا حِينَ تَدَعُوهُ بِالْيَدِ .
الأسم | الشهرة | الرتبة |