حَدَّثَنِي عَبْدُ اللَّهِ بْنُ سَعْدٍ الأُمَوِيُّ ، قَالَ : حَدَّثَنَا الْعَبَّاسُ بْنُ الْفَضْلِ ، عَنْ أَبِي عَوَانَةَ ، عَنْ وَاقِدِ بْنِ الْمُعْتَمِرِ الضَّبِّيِّ ، قَالَ : رَأَيْتُ رَجُلا يَسْعَى بَيْنَ الصَّفَا وَالْمَرْوَةِ ، وَهُوَ يَقُولُ : فَيَا حَبَّذَا سَعْيِي إِلَيْهَا مُكَاتِمًا عَلَى خُفْيَةٍ مِنْ حَاسِدٍ وَمُرَاقِبِ اللَّهِ لا أَنْسَى تَكَاتُمَنَا الْهَوَى إِذَا مَا جَلَسْنَا بَيْنَ لاحٍ وَخَاذِبِ يُخَاطِبُهَا طَرْفِي فَيَفْهَمُ طَرْفُهَا وَلَيْسَ لَنَا لَفْظٌ بِغَيْرِ الْحَوَاجِبِ فَقُلْتُ : يَا هَذَا ، وَمَا لِلَّهِ حَجَجْتَ . قَالَ : وَهَلِ الْحَجُّ إِلا لَهُ ، وَلَكِنَّهَا فَيْضَةُ صَدْرٍ ، بَحْرٌ مِنَ الْحُبِّ مَا رَكِبَ فِيهِ أَحَدٌ إِلا غَرِقَ ، فَاعْذِرْ مَنْ لَوِ ابْتُلِيتَ بِدَائِهِ عَذَرَكَ ، وَاللَّهِ يَا هَذَا ، لَقَدْ وَصَلَ إِلَى قَلْبِي مِنْ ذِكْرِ لَذَّةِ مَنْ أُحِبُّ فِي هَذَا الْمَوْضِعِ مَا لَمْ يُوصِلُهُ إِلَيْهِ شَيْءٌ مِنَ النَّعِيمِ ، وَلَوْ خُلِّدْتُ فِي نَعِيمِ الدُّنْيَا كُلِّهَا إِلَى انْقِضَائِهَا . ثُمَّ أُغْمِيَ عَلَيْهِ سَاعَةً ، ثُمَّ أَفَاقَ فَقُلْتُ : مَا أَحَلَّ بِكَ مَا أَرَى ؟ قَالَ : تَوَهَّمْتُهَا جَالِسَةً مَعِي كَعَادَتِهَا ، ثُمَّ ذَكَرْتُ بُعْدَ النَّوَى فَأَصَابَنِي مَا رَأَيْتَ هَذَا لِذِكْرِهَا عَلَى الْبُعْدِ ، فَكَيْفَ تَظُنَّنِي وَالشِّعْبُ مُلْتَئِمٌ ؟ قُلْتُ : أَظُنُّ أَكْثَرَ مِنْ هَذَا ؟ قَالَ : إِي وَاللَّهِ بِمَا لا يُحْصِيهِ إِلا الرَّبُّ تَبَارَكَ وَتَعَالَى . قُلْتُ : وَمَا يُبْكِيكَ وَهَذَا فَرَحُكَ ؟ قَالَ : أَخَافُ انْقِطَاعَ الْمُنَى قَبْلَ اللِّقَاءِ . فَعَذَرْتُهُ عَلَى الأَمْرِ ، ثُمَّ انْصَرَفْتُ وَأَنَا لَهُ رَاحِمٌ .
الأسم | الشهرة | الرتبة |