سمعْتُ الْمُبَرِّدَ ، يَقُولُ : يُرْوَى عَنْ جَعْفَرِ بْنِ سُلَيْمَانَ الضُّبَعِيِّ ، قَالَ : " كُنْتُ لا أَكَادُ أَمُرُّ فِي طَرِيقٍ إِلا وَمَعِي الأَلْوَاحُ فَحَجَجْتُ ، فَرَأَيْتُ أَعْرَابِيًّا يَقُومُ حَتَّى قَامَ بِحِذَاءِ الْكَعْبَةِ ، ثُمَّ قَالَ : تَفَهَّمُوا عني تحفظوا مَقَالَتِي ، ثُمَّ رَفَعَ صَوْتَهُ يُنْشِدُ : أَلا مَا بَالُ عَيْنِي قَدْ عَصَتْنِي وَقَلْبِي قَدْ أَبَى إِلا الْحَنِينَا وَنَفْسِي مَا تَزَالُ الدَّهْرَ تَصْبُو كَأَنَّ بِهَا لِمَا تَلْقَى جُنُونَا أُحِبُّ الْغَانِيَاتِ وَلَيْسَ قَلْبِي بِسَالٍ مَا بَقِيَتُ وَمَا بَقِينَا وَجَمُلَ ما علِمْتُ قَرِينَ سُوءٍ تُمَنِّينَا وَتُمْطِلُنَا الدُّيُونَا فَرَآنِي وَأَنَا كَسْلانُ ، فَقَالَ : هَذَا الْخُسْرَانُ مُبِينٌ ، أَتَفْعَلُ مِثْلَ هَذَا فِي مِثْلِ هَذَا الْمَوْضِعِ ؟ فَقُلْتُ : بَلِ الْخُسْرَانُ مَا أَنْتَ فِيهِ ، فَقَالَ : أَنَا مَعْذُورٌ ، أَنَا مَسْلُوبُ الْعَقْلِ ، جِئْتُ مُسْتَجِيرًا بَرَبِّ هَذَا الْبَيْتِ لِمَا أَجِدُ بِقَلْبِي ، وَأَنْتَ مَسْلُوبُ الدِّينِ ، تَكْتُبُ بَلايَا الْعَاشِقِينَ مُؤْثِرًا لَهَا فِي هَذَا الْمَوْضِعِ ، لا قَدَّسَ اللَّهُ رُوحَكَ " .