حَدَّثَنَا عَلِيُّ بْنُ إِسْحَاقَ ، قَالَ : " كَانَ عُبَيْدُ اللَّهِ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ طَاهِرٍ يَهْوَى جَارِيَةً مِنْ جَوَارِي الْفَرَحِيَّاتِ ، فَصَدَّتْهُ وَحَالَتْ إِلَى غَيْرِهِ وَعَلِمَ بِذَلِكَ ، فَخَافَتْ مَوْلاتُهَا عَلَى نَفْسِهَا مِنْهُ ، وَهُوَ إِذْ ذَاكَ أَمِيرٌ عَلَى مَدِينَةِ السَّلامِ ، فَأَمَرَتْ جَارِيَتَهَا أَنْ تُكْتَبَ إِلَيْهِ رُقْعَةً لَطِيفَةً تَسْتَعْطِفُهُ فِيهَا ، فَوَافَتْهُ الرُّقْعَةُ وَهُوَ مُفَكِّرٌ فِي حَالِ الْجَارِيَةِ ، فَمَا اسْتَتَمَّ قِرَاءَتَهَا حَتَّى قَالَ : قَالَتْ سَلَوْتُ عَنِ الْهَوَى فَأَجَبْتُهَا إِي وَالْمُهَيْمِنِ ذِي الْجَلالِ الْوَاحِدِ وَسَلَخْتُ حُبَّكِ مِنْ فُؤَادِي كُلَّهُ سَلْخَ النَّهَارِ مِنَ الظَّلامِ الرَّاكِدِ قَالَتْ فَعُدْ فَالْعَوْدُ أَحْمَدُ عِنْدَنَا فَأَجَبْتُهَا هَيْهَاتَ لَسْتُ بِعَائِدِ إِنِّي وَجَدَّتُكِ فِي الْهَوَى ذَوَّاقَةً لا تَصْبِرِينَ عَلَى طَعَامٍ وَاحِدِ ثُمَّ دَعَا بِدَوَاةٍ وَقِرْطَاسٍ وَكَتَبَ إِلَيْهَا : سَأَلْتُكِ بِالرَّحْمَنِ إِلا هَجَرْتِنِي فَوَاللَّهِ مَا أَمْسَيْتُ مِنِّي عَلَى ذِكْرِ أَمِيطِي الأَذَى عَمَّنْ قَلاكِ وَعَرِّضِي لِغَيْرِي بِهِ وَاسْتَرْزِقِي اللَّهَ فِي سِتْرِ فَلَوْ كُنْتِ لِي عَيْنًا إِذًا لَفَقَأْتُهَا وَلَوْ كُنْتِ لِي أُذُنًا رَمَيْتُكَ بَالْوَقْرِ وَلَوْ كُنْتِ لِي كَفًّا إِذًا لَقَطَعْتُهَا وَلَوْ كُنْتِ لِي قَلْبًا نَزَعْتُكِ مِنْ صَدْرِي فَقَدْ كُنْتُ أَبْكِي مِنْ صُدُودِكِ مَرَّةً فَبِاللَّهِ إِلا مَا صَدَدْتِ إِلَى الْحَشْرِ وَإِنِّي وَإِنْ حَنَّتْ إِلَيْكِ ضَمَائِرِي فَمَا قَدْرُ حُبِّي أَنْ يَذِلَّ لَهُ قَدْرِي . ثُمَّ أَضْرَبَ عَنْ ذِكْرِ الْجَارِيَةِ " .